تعيش قصة حب مع الخط العربي، لأنها تجد فيه حرية مفتوحة ومرونة طبيعية، سحبتها إلى عالم صوفي بين القصيدة وفن الخط، من خلال نص مهم مثل «منطق الطير» لفريد الدين العطار، الذي عملت عليه لما يقارب العام، كمشروع للحصول على رسالة الماجستير من جامعة سانت مارتنز في المملكة المتحدة. فرح بهبهاني ليست مجرد امرأة بهواية فنية، بل إنها تجعل من تخطيط وتصميم النصوص بالخطوط العربية، أسلوبا لحياتها وإبداعاتها المتتالية.
تعرفت بهبهاني لأول مرة على أساليب الخط العربي قبل ثلاث سنوات، حين التقت بالخطاط السوري خالد الساعي في «المرسم الحر» لتشعر على الفور بأنها تريد لفن الخط أن يرتبط بها، حيث تدربت على يد الساعي لفترات قصيرة ثم اختارت قصيدة تعتمد على نص «منطق الطير» للفارسي فريد الدين العطار، وهي قصيدة تعود للقرن الثاني عشر، حيث خطتها بهبهاني بخط «جالي ديوان» وهو الأسلوب الأول الذي تعلمته، ووجدت فيه قدرة على خلق خطوط غير متناهية، ورسم رمز الطير المهم في النص.
وكانت رسالة الماجستير نقطة البداية لبهبهاني كمصممة غرافيك، حيث انطلقت في تجربتها كطالبة كان مطلوبا منها تقديم عمل جديد بشكل أسبوعي، وتركه لزملائها وأساتذتها للحصول على ملاحظاتهم التي وصفتها بأنها طريقة رائعة للتعلم، خاصة أن تعدد الأعمال عرفها على أساليب وأفكار وهوايات مختلفة ومتعددة. وبررت بهبهاني اختيارها لـ «منطق الطير» كعمل للتخرج في أنها قصة بإمكانها أن تساعد على اكتشاف اللغة المرئية للعربية، وبأنها أعجبت بالقصة وأسلوب صياغتها وأفكارها، وهو أول نص صوفي قرأته في حياتها. واعتبرت الفنانة رمز الطير من أهم الأشياء التي اعتمدت عليها في مشروعها، خاصة أن كل طير يمثل طبيعة إنسانية معينة حيث صممت صورا للطيور وخطت أسماءها بطريقة مرتبطة بمعاني القصة.
وتؤكد بهبهاني على أن في الفن مساحة تعينها بشكل شخصي، إذ إنها تعبر من خلاله عن هوية شرقية مركبة وجميلة، بإمكانها أن تقدمها للعالم للتعبير عنها «كحلقة وصل بين الغرب والشرق» على حد تعبيرها. كما تشير إلى أن الفن الإسلامي مصدر إلهام لأعمالها، لأنه يحتوي على الكثير من الأساليب الموجودة في فني العمارة والخط، وبالتالي فإنها وجدت فيه قدرة على إثراء أعمالها وتطويرا للغتها المرئية تجاه الأشياء.
وتطمح الفنانة إلى إحياء هذه الفنون القديمة وتوظيفها بشكل متجدد وفعال، حيث عملت في البداية من خلال مشاركتين في مسابقات لفنون الخط على تقديم تصاميم قوية ومعبرة، وذلك من خلال صياغة جديدة للخطوط وأشكالها بأسلوب حديث، هو امتداد للأساليب القديمة لهذا الفن. وفي عمل «حياة بأحرف» قامت بهبهاني بتصميم أحرف بخط السمبلي بأحجام صغيرة وكبيرة وتركها للآخرين بحيث يستخدمونها ليصمموا أشكالا معينة منها، أما عمل «الفن في أشكال هندسية» فكان تصميما متعدد الأوجه يعتمد على حرفي الفاء والنون (فن) ويعبر عن الروح الشرق أوسطية.
وتقول بهبهاني إن فن الخط استطاع أن يمنحها الطريقة الصحيحة لاكتشاف الثقافة الشرقية التي تحمل عوالم جمالية مختلفة، وهو أمر غاب عنها قبل سنوات الجامعة، خاصة أنها لم تعش في الشرق الأوسط أغلب سنوات حياتها، إلا أنها من خلال تجربتها اكتشفت حبها للهوية الشرقية وتمسكها بها باعتبارها مادة فنية تعبر عن ذاتها، وتعكس الإرث الذي يمثل جزءاً منها. كما تتمنى بهبهاني أن تقوم باصدار نسخة عربية من كتابها الذي احتوى «منطق الطير» وتخطيطاتها والذي صدر عن دار ثيمز وهدسون الإنجليزية التي تعتبر من أهم الدور المتخصصة في نشر الكتب الفنية.
وتعمل بهبهاني حالياً على مشروع لاستخدام تصاميمها لمنطق الطير في فيلم للرسوم المتحركة، وهو مشروع بدأته في ديسمبر الماضي، وتتمنى أن تنهيه في فترة الصيف المقبل، بالاشتراك مع تقني متخصص في الرسوم المتحركة، وهو أمر يمثل لها الكثير، لأنها تعتقد بأنه يعكس سلاسة ومرونة تصاميمها القابلة للاستخدام في هكذا مشروع.
أوان 1- 10- 2009