صلاح الحمداني
وفي أقصى طفولتي
مرآة تعبر النّهار
وصحراء تطلُّ من داخلي.
جميع الأسلحة ممكنة إلاّ سلاح
القيل والقال
الذي لا يصيب وجهاً لوجه.
والكلب ينبح نفس النّهار
ثم اصطحب المكان في حقيبته ومضى.
تتسابق الهموم وتغلِّف الضحكات:
كتاب مهمل منذ عزّ الطفولة
فوق رفِّ الرجولة.
ثمة مطرٌ متعفنٌ في جيوبي
ومدن قاحلةٌ تبلل الطيف مثلَ حبلى مسلولة
تلمس القيء الأجرب كلوطيين يتهامسون
على الأرصفة الرّمادية.
كيف حال الدار؟
وحقيبتك التي لم تسافر إلا مرة واحدة
مركونة اليوم في المطبخ
تنتظر ركلة الرّحيل
أحد صباحات تموز آنذاك
كان والدي يضع كرسياً أمام الدّار
يحدّ الشفر، يضعني فوق الكرسي.
والمشاحيف لن تطفو فوق جلد البحر
وماء الخليج
دمٌ يتدحرج كالصخور.
رأيتُ أجداداً يحفرون قبور بعضهم
بلا حياء،
ويحصدون الحقد والرذيلة،
وآباءً ينتعلون جلد أطفالهم.
رأيتُ شاعراً مستطيلاً يطرق باب الصحراء
منعزلاً مع أفياء نيق
متجذرة في كفوف الرّمال
رأيتُ حجاب الحروب
يغطي خجل الله
الذي يتنزه في أرواح الفقراء.
يشرف العمر على مقبرة
وتشرق الشمس في كأس
ولم يبق في حنجرة الديك شيء يقلق فيه النّهار.