كانت قناعتي، وإلى عهد قريب، أن الشعر العراقي الحديث رهين صوت السيّاب وجيله الريادي. وكنت أستنكف عن قراءة أي شيء من هذا الشعر بعد السياب قائلاً لنفسي: لا أريد أن أسمع الصدى، بل الصوت بالذات. لعلّي كنت مأخوذاً جداً بصوت ذلك الجيل من الرواّد حتى لم أعد أستطيع سماع غيره. وكنت أدافع عن هذا الرأي بحماس شديد لدى أي لقاء مع أي شاعر من شعراء العراق، لأنني مدرك بأن الإنزياح عن الأباء، ومهما كان بسيطاً، ليس بتلك السهولة التي نتصور، ولا سيما إذا كان ما قدّمه الأباء أُريد له أن يكون بدوره انزياحاً ولو ضعيفاً عن سابقيهم. أضف إلى أنني كنت مأخوذاً بمقولة سائدة، وربما لا تزال، مفادها أن الشعر، كل الشعر، هو ما يرتكز على نبرة غنائية، مصائبـية، كارثية، بكائية، ندابة، لا عمل لها إلاّ الوقوف على ما في هذا العالم من نقاط خراب ودمار، وإلا تصيّد اللحظات السوداوية أو التحريض ضد أو مع، نبرة لا تسم الشعر العراقي وحده، بل الشعر العربي الحديث كله. ومردُّ ذلك في نظري هو تأثير الرؤى الدينية التي تصبغ بصبغتها السوداء جميع مناحي الثقافة العربية والإسلامية، وهذا ما سوف أعرّج عليه مهاجماً في ما يأتي من هذه المقدمة.
بسبب هذه النبرة وذلك اللون ، تلك الرائحة وذلك الطعم، كنت أصاب بالاكتئاب والاختناق عند قراءة الشعر، وصرت أبتعد بالتدريج عن قراءة أي شيء، شعراً كان أو لا، يدفعني باتجاه الحزن أو الموت. وكنت أنا بالذات مورّطاً في كتابة نصوص شعرية قوامها مضغ الآلام والسوداويات مضغاً معاداً حتى لم أعد أرى، وبشكل يومي، أية بسمة في أي مكان: اختفت الابتسامات في الداخل، فلم أعد أرى في الخارج إلا الكوارث. ولا أدري كيف انتبهت، وأنا في الأرخبيل الياباني، إلى أن الميتافيزيقيا والتجريد العالي والفوق ـ أرضية، إلى أنَّ التوحيدية، إلى أن النزعة الذهنية، هي المسؤولة جميعاً عن هذا القول الشعري السوداوي، ليس داخل الشعر العراقي فحسب، بل وداخل الشعر العربي برمته، وداخل شعر وإبداعات جميع مناطق التوحيد في العالم. فأي شيء يمكن أن توحي به أعمال ت. س. إليوت من "الأرض الخراب" إلى "الرجال الجوف" مروراً بغيرها، إن لم يكن الاكتئاب والتشاؤم. وليلاحظ القارئ جيداً عناوين المجموعات الشعرية الريادية كيف لا تتحدث أو لا تشير إلا إلى الكآبات والخرابات والأحزان. إن جرداً بسيطاً لعناوين مجموعات وقصائد شعرائنا الكبار والصغار اليوم سوف يصيب بالدوخة والدوار ويدفع القارئ إلى زاوية داخل بيته أو داخل ذاته، حيث لا ضوء ولا فرح ولا ابتهاج: إنها دعوة إلى النفور من الأرض، أمنا الأولى والأخيرة، والحقد عليها.
بسبب الميتافيزيقيا والعقلية التوحيدية، وبسبب أشياء أخرى، سوف يكشفها القارئ فيما بعد، اتسمت اللغة الشعرية ، لدى الرواد ولدى تابعيهم ، وفي قسمها الأعظم بالمجازية المفرطة، وبنزعة ذهنية مغالية، أو باللغوية اللغوية: لغة لغوية، أي بعيدة عن نبض التجربة المتحققة، وعن رائحة الأرض، وكلُّ ذلك بحجة أن الشعر ملاذ وخلاص من "إكراهات" الواقع، أي من "إكراهات" الأرض، أمنا الأولى والأخيرة. صار الشعر نوعاً من التماهي مع السماء "الطاهرة"، هروباً من مشكلات الأرض، الأرض "العاهرة"، صار حنيناً إلى سماء "فقدناها" بسبب "خطيئة"، أي صار مثل النص الديني دعوة إلى كشف "عورات وعيوب" الأرض والقدح بها، ودعوة إلى تمجيد "الغيب"، أي السماء،وتظهير "المحاسن والميزات" : الأرض بهذا المنظار هي الجحيم والسماء هي الجنة، أي نقيضان لا يلتقيان إلا بإذن الغيب. عندما تأخذ المخيلة ـ كأميرة الشاعر التوحيدي الواحدة ـ بتصوير الأرض تصويراً بشعاً، وتقديمها على أساس أنها المكان الوحيد للآلام والعذابات والأحزان والتعاسات والمتاهات، وعلى أساس أن الغيب هو الخلاص وهو النقيض، فذلك كله بفعلٍ من العقل التوحيدي والثقافة الميتافيزيقية ، إنها وراء هذه الصورة المشوهة. إن صورة الأرض التي يمكن استخلاصها من مجمل الشعر العربي الحديث والقديم ـ باستثناء الشعر الجاهلي ـ هي صورة مشوهة بلا جدال. فالعقل التوحيدي لا عمل له سوى التأفف والشكوى من الشروط الأرضية، وبالتالي سوى تشويه الجميل على الأرض وعدم رؤيته أو النظر إليه. وداخل إطار هذا العقل، يتموضع العقل الأيديولوجي الذي لعب ولا يزال دوراً مباشراً في تدمير شعوب وكائنات أرضية توهم حزبها الحاكم الوحيد بأنه ألحد وأقصى الدين ـ أي العقل التوحيدي ـ من على الساحة، أي توهم أنه أقصى شيئاً غريباً عنه، مزعجاً، مخرباً، عائقاً أمام التقدم والحضارة، دون أن يدري بأنه يحل محله تماماً ويمارس جميع أدواره لكن بصبيانية مرعبة، لا لشيء إلا لأنه من الطبيعة ذاتها. فالأحزاب الشيوعية التي حكمت توهمت أنها ، وإذ "تكفر" بالدين وتبعده عن السلطة ـ سوف تعيد للإنسان إنسانيته وللأرض أرضيتها، أي جمالهما المادي المحسوس أو قيمتهما المادية المحسوسة التي كان الدين قد أهدرهما، توهمت أنها تدعو إلى حب هذه الأرض والتعلق بها، والواقع حدث شيء من هذا، لكن يا للفظاعة! حدث بشكل جاهلي متخلف، بشكل همجي: أقصيت الأرثوذكسية الدينية ذات المفاهيم العريقة لتحل محلها الأرثوذكسية الشيوعية ذات المفاهيم "الفتية" كي لا أقول المراهقة، التي تدعى النضوج، والمسلوخة أساساً عن جلد ومنطق الأرثوذكسية الدينية، لكن بطريقة غير إرادية توهم وتوحي بالاختلاف عمقاً، والواقع عكس ذلك، لأن العقل التوحيدي لا يترك أبناءه وأحفاده ينسلخون عنه هكذا دون أن يكون قد فعل فعله في أعماق لا وعيهم. أشير هنا إلى هذه القضية لأقول بأن الإلحاد الذي أشيع عن الشيوعية والشيوعيين، ليس إلحاداً بالمعنى المعرفي بل هو إلحادٌ نكاية بالدين. ولذلك فشلت الشيوعية في انتقالها إلى الحضارة والحداثة وارتد غالبية الشيوعيين إلى يوم الأحد وإلى يوم الجمعة، أي إلى الدين بصيغته التقليدية المعروفة. الإلحاد المعرفي مقام من المقامات الحديثة التي يصعب الوصول إليها على صعيد الفرد وعلى صعيد الأمة، الإلحاد المعرفي ليس نفياً مطلقاً للسماء، بل هو مشروع للحوار معها، هو مشروع للاعتراف بالأرض والإنسان، للاعتراف بقيمة الأرض والإنسان مقابل ازدراء الدين والأيديولوجيا لهما. ولا أعرف من وصل إلى هذا المقام ، مقام الإلحاد المعرفي، بعد نزول الديانات السماوية وطغيان العقل التوحيدي سوى نيتشه الذي قاد ولا يزال الحضارة الحديثة إلى ما هي عليه اليوم.
إذا كنت قد توقفتُ قليلاً عند هذا الأمر الذي ربما يبدو للبعض أن لا علاقة له بالشعر ـ والحالة ليست كذلك في نظري ـ ، فذلك لكي أهمس قليلاً في آذان الأصدقاء، أن وراء انتاج القصيدة، لا توجد انفعالات وعواطف ومشاعر هكذا بريئة من أية خلفية معرفية إرادية أو غير إرادية، أو مستقلة عن البنيان المعرفي والثقافي للشاعر داخل محيطه الاجتماعي المصاغ معرفياً وثقافياً على مدى مئات السنين. فمثلاً، إن الإيمان الواعي ـ أو غير الواعي في حالة شاعر يدّعي الإلحاد ـ بأن هذه الأرض هي دار فناء وجسر عبور إلى الدار الآخرة، دار البقاء والخلود، يترتب عليه إنتاج نص شعري ـ أو غير شعري ـ ليس فيه سوى السوداويات والكآبات والبكاء على المصير البائس للإنسان فوق هذه الأرض، أمــّنا الأولى والأخيرة، يترتب عليه إنتاج قصيدة هجائية للأرض وما عليها ، أي قصيدة لا ترى إلا الخرابات والكوارث في كل ما يحيط بنا. وعليه يندفع الشعر باتجاه الرسولية والنبوة: يريد أن يكون رسولاً ، نبياً مخلــصّاً، منقذاً، فيعدّد مساوئ الأرض ومساوئ الإنسان والحياة في هذه الدنيا، داعياً إلى الإيمان بالغيب والسماء والمستقبل. وهكذا ينقضُ على الحاضرـ اسم آخر للأرض ـ بأفعاله وصفاته داخل القصيدة حتى لا يعود يرى أي ضوء أو جمال. ولا شك أن السيّاب وجيل السيّاب غارقون، بوعي أو دون وعي، حتى الآباط في هذه الاعتقادات. ولذلك جاءت لغتهم ورؤاهم نسجاً على غرار النصوص الدينية، وجاءت مليئة بالأفكار والأيديولوجيات.
.... وإذا كان هناك انزياح خفيف بعد السيّاب وجيل السيّاب، فأعتقد انه بدا خجولاً مع شاعر مثل سعدي يوسف، لكنه اتضح مع الأجيال التالية لسعدي ولا سيما عبر النصوص الواردة في هذا الكتاب. إن كتاباً يحمل عنوان "ديوان الشعر العربي المعاصر أو الجديد ـ العراق" كان عليه أن يحتوي بين طياته مختارات ـ مقتطفات من أعمال الشعراء الرواد الذين أسسوا للشعر الحديث في العراق كالسيّاب والبياتي والحيدري وسعدي يوسف، ومن أعمال غيرهم الذين أكــنُّ لهم أيضاً الكثير من المودة والتقدير. فأنا قد التقيت غالبية هؤلاء الشعراء مراراً وتبادلنا أطراف الحديث حول أشياء متعددة لها علاقة بالشعر وبغير الشعر. والحقيقة، لا أعرف بالضبط لماذا لم أختر من أعمال هؤلاء الرواد أي شيء ليكون داخل هذا الديوان... لعلي قلت في داخلي إن ما كتبه هؤلاء تنطبق عليه، أو تقترب منه جداً، مواصفات العقل التوحيدي بالمعنى المعرفي لهذا العقل، أو لعلي خفت من أن تأكل أسماؤهم كامل الديوان فيقال: وفي الديوان توجد أسماء فلان وفلان من الشعراء الكبار، فيكونوا هم أبطال الديوان وأنا الذي سعيت بكلِّ ما أستطيع كي لا يكون هناك أي بطل في هذا المشروع سوى المغامرة.
..... وشيئاً فشيئاً بدأت بكسر الحاجز النفسي ورحت أطالع ما تكتبه الأجيال الجديدة التالية على السيّاب وسعدي وغيرهم، فإذا بي أقع على ما كنت أنتظره وأبحث عنه من ذاك النسيج الذي يشبع رغبتي الجمالية، ويلبي ندائي الداخلي في البحث عن الجديد الطري، كما يرد وصفه في الصفحات القادمة. طبعاً هناك شعراء آخرون كثر، ومن أجيال مختلفة، أعرفهم بالاسم وقد قرأت أعمالهم أو بعضها، ولم أستطع للأسف الشديد، أن أختار أي شيء مما أبحث عنه. وهذا لا يعني في أية حال، الإلغاء أو الإقصاء. ويظل هؤلاء الذين لم ترد أسماؤهم جزءاً أساسياً من المشهد الشعري العراقي والعربي، سواء ذكرتهم أو لم أذكرهم. أما أنا فقد أردت من وراء هذه المختارات وهذا المشروع التعبير عن وجهة نظر أخرى في تناول الشعر والشعرية... ثم لماذا العراق أولاً؟ لا لشيء خاص أو محدد، إلا أنه كان لابد من بداية لهذا المشروع ـ المغامرة. لكن والحق يقال أنني عندما أطلقت الفكرة بين الأصدقاء وعبــّرت عن رغبتي هذه تجمعت لدي كمية وافرة من أعمال الشعراء العراقيين تتيح أن يكون العراق أولاَ. وإلى ذلك كله، يستطيع القارئ ، أي قارئ، ولا سيما إذا كان مهتماً بالشعر، أن يدرك لماذا العراق أولاً.
أسلفتُ أَنْ لا علاقة لنا، نحن أولاد الحداثة الجديدة، حداثة الفرح والابتهاج، بالمطولات الشعرية لأننا نحترم القارئ بحق، ونريده أن يشارك في القراءة والكتابة. لذلك نوجز في القول الشعري، ونميل إلى "ماقلَّ ودلَّ" ـ كما يقول أسلافنا الذين نكنُّ لهم التقدير والاحترام ـ باعتباره الأقرب إلى الشعر وروحه. أماّ المطولات، فتقوم على ازدراء القارئ إذ تريد أن تقول كلَّ شيء، وتفصح عن كلِّ شيء منكرةً أن يكون لدى هذا القارئ أدنى طاقة على التخيل وإكمال الموحى به. إننا وبهذه اللقطات الشعرية، بهذه الأخبار الشعرية، نريد أن نوقظ ـ نوقظ فقط ـ خيال القارئ نريد أن ننقر على بوابة شعوره الجمالي، ونحن على يقين أنه يستطيع إكمال المشهد وتذوق الحالة. نريد له أن يشاركنا مشاركة فعّالة، نريده أن يكون إلى جانبنا، لا تابعاً منفعلاً يلهث داخل نص طويل راكضاً من جملة إلى جملة، ومن استعارة إلى أخرى، حتى يصاب بالإعياء فيستسلم للقرف من "الشعر"، ومن هذا التقليد الطاعن بالقدامة والإفلاس. لا نريد أن نكتشف له، بل نريد أن يكتشف معنا، لا نريد أن نعبِّر عن آماله وآلامه ـ كما تقول التقاليد ـ بل نريد أن نتدرب على التعبير معاً، نريده قارئاً ـ كاتباً وليس وعاءً نصبُّ فيه وعليه حبر مطولاتنا حتى يتأكسد ويموت: بهذه الروح وهذا المعنى نقول إن القصائد الطويلة طاغيات مستبدة لا تترك حرية للقراءة، وبهذا المعنى نقول إن الموجزات الشعرية ديموقراطية تمنح حرية كاملة. * لكي نكتشف الواقع، ونتعرف على "الحقيقة"، ونعرِّي "الوهم"، ونصل إلى الجمال، لا نحتاج إلى أكثر من "جرّة قلم"، إلى أكثر من نقطة حبر، ولا نحتاج إلى أكثر من حبّةِ "تواضع" أمام العالم وأشيائه. لكي نرى الشَّمس، كلَّ الشمس، لا نحتاج إلى أكثر من كوة صغيرة في الجدار. لكي نقول الشعر، كلّ الشعر، لا نحتاج إلى أكثر من بضعة أسطر وإلى أكثر من عدة كلمات، لا نحتاج إلى أن تصير البحار مداداً والأشجار أقلاماً، قطعاً لا نحتاج إلى ذلك!!، والشعر أيضاً لا يحتاج إلى ذلك، وأنتم، أيها القارئ، لا تحتاجون إلى ذلك!!
ما يقترب من السخرية إلى حدود الجد، ما يعرف الاستهزاء بجدية، وما يعرف كيف يقلب الأدوار بين الأشياء بسرعة تبدو خلبية، هو الذي ابتسمت له وأنزلته في دياري وبين أصدقائي. * لم تعنني كثيراً مسألة الوزن، ولا مسألة النثر، لقد خرجت على هذين القطبين منذ زمن بعيد، ورحت أتقصى الأحمال الشفافة، والأقوال الشعرية بصيغها المتواجدة في هذا الديوان. صحيح أنني أميل إلى قصيدة النثر، لكن ليست الطويلة قطعاً: وتبدو لي طويلة عندما تتجاوز أربعة أو خمسة أسطر، فكيف إذا وصلت إلى صفحة أو إلى ديوان كامل!!.
هذا الديوان هو ديوان الأقوال الشعرية الجديدة، ولا أريد أن أستخدم كلمة قصائد: لندع هذه الكلمة ترتاح قليلاً من فعل الإشارة والتسمية والدلالة، مع أنني لم أبخل في استخدامها داخل السياق.
إذا تعربش العرب، ونقاد العرب، بكلمة أو بمصطلح، يالطيف!! يصيرون مثل اللّصقة الأجنبية فوق جرح وطني، أو مثل الذباب الوطني فوق قطعة حلوى مستوردة: وهذه هي حالتهم مع كلمة "قصيدة"، أو مع كلمة "قصائد"، أو مع تعريف الشعر والشعرية. والأمر نفسه ينطبق على جميع الشعوب المتخلفة التي توقفت عقولها عن التفكير والإبداع.
ليس هذا الديوان للمنابر والصياح والتشبير أمام آلاف النّاس المحتشدين في مدرج كبير، أو في ملعب لكرة القدم، أو في صالة للسينما، وليس فيه قول شعري واحد يستدعي "التصفيق" الذي تستجديه قصيدة موزونة، بل هو وما فيه مدرسة لرفع القبعات بكلِّ حبور وغبطة وهدوء، هو للابتسامات الداخلية، هو لافترار الشفاه قليلاً، لكن بدهشة عازبة وعذراء، بدهشةٍ لم تُسْتَخدم من قبل. * ما قد يـبدو تافهاً من وجهة نظر تقليدية سائدة، ما يبدو غير شعري في نظر ناقد عربي مطروح في السوق، ما يبدو أنه ليس من ذرية التوحيد و التوحيدين، أي ما يبدو أنه وثني مؤمن، هو الذي فرشت له بياض هذا الكتاب...
ما يبدو أنه غير أخلاقي من وجهة نظر رجالات الدّين والأئمة، أئمة الأحزاب والجوامع، ما يبدو أنه مخالف لمكونات هؤلاء ولقيمهم الجمالية والثقافية، ما يبدو أنه من اللحومات المحرّمة، ما يبدو أنه "مذبوح" ذبحاً غير شرعي، ما يبدو أنه ليس على قياس، هو الذي أقمت له ركناً في نواحي هذا الكتاب... * ما بدا أنه يلتقط، أو التقط، الأشياء التي تمتاز بجاذبية خاصة، بإثارة خاصة، وفي الوقت نفسه تبدو غير ذات جدوى في هذا الوجود، أي فارغة من أي معنى وعبثية، مابدا أنه يعبِّر عن هذا العبثي الضروري للحياة وفي الحياة: عبثي لكنه واحد ـ وهنا امتيازه الخاص ـ من مكونات الوجود البشري وغيره، هو الذي نذرت له بعض الحبر واخترته صديقاً داخل هذا الكتاب... * هل أدعو أصدقائي، جميع أصدقائي، إلى الإيمان بتعدد الآلهة وترك التوحيد والتوحيدية، أي العودة إلى حالة الإيمان الأول، ذلك الإيمان البدائي بوجود آلهة غير محدودي العدد، ذلك الإيمان الديموقراطي الذي عادت إليه أختنا أوروبا في جميع المجالات فأنقذت أبناءها من توحيد القرون الوسطى الظلامي، بتعبـير أخر، هل أدعو أصدقائي إلى الكفر بغيب لا عمل له سوى الحطّ من هذه الدنيا الجميلة والحطّ من قيمة الإنسان!!.
لا أقدِّم في هذا الديوان قصيدة نثر تقليدية ولا قصيدة تفعيلة تقليدية، ما أقدِّمه هو أقوال شعرية، لها صفات متعددة هي الشعر.
ثمَّ لا يوجد شاعر واحد يستولي عل روح الديوان ويرتفع مثل برج عالٍ ليقول إنه الشاعر الوحيد، إنه اللا يُنافَس واللايُبارز. أقصيتُ هذه المفاهيم السماوية، الغيبية: لا أمير للشعراء، ولا يوجد بينهم من هو عبد وآخر أمير، لا نرفع راية التناقض. العبد والأمير يتكاملان ولا يتناقضان. والجميل نجده عند هذا وذاك على السواء. والكائن البشري مخلوق شعري، حيوان شعري، حيوان ناطق بالشعر. هذا هو "المبدأ" الذي يحكمني منذ الأساس، ولو استطعت الوصول إلى جميع ما قاله النّاس، لوجدت عند كلِّ واحد أقوالاً شعرية تستحق أن تكون إلى جانب هذه الأقوال. إذ لا يوجد شخص لم ينطق بقول شعري في لحظات حياته المتعددة والمختلفة. لذلك قلت وأقول إن الشعر ليس حكراً على محترفيه وعلى قضاته، كما تشاء غالبيـتهم، بل هو مبثوث منثور في الهواء والمياه وفي كلِّ ما يحيط بنا، وهو لازم وضروري لكلِّ كائن بشري، ولولا وجوده بهذه الطريقة لتوقف الوجود عن الوجود: حتى ألد أعداء الشعر ـ أو الذين يتصورون أنهم كذلك ـ يعيشون حياتهم على طريقة الشعر، أو بطريقة شاعرية، وإلاّ لماتوا منذ الولادة. وأستغرب كيف للبعض أن يتأفف من كثرة الشعراء، ومن أن الموازين انعدمت ولم يعد بإمكاننا ضبط الأمور الشعرية، مع أن كلّ شيء واضح ولا نحتاج إلى أكثر حبة نكران للذات كي نرى ونحكم.
في هذا الديوان شعراء احترفوا القول الشعري واختاروه قدراً على ما يبدو ومصيراً، أو على الأقل اختاروه جزءاً هاماً في حياتهم وفي وجودهم. وقد نثرت ما اخترته من أقوالهم الشعرية نثراً ديمقراطياً، فلا أحد يحتلُّ لوحده حيز صفحة كاملة، بل يشترك الجميع في ملء الحيز والمكان، يتناوبون في الظهور وفي القعود، في الإلقاء وفي الإصغاء، ويشتركون في قول الجميل وصياغته، كلٌّ على حسابه الخاص وعلى مسئوليته.
إذا كانت لهذا الديوان بداية واضحة ومحددة، فالأمر ليس كذلك بالنسبة إلى النهاية، أي قد يصل حجمه إلى مئات الآلاف من الصفحات، فيما لو قيض لي، أو لمن يريد أن يتابع هذا العمل، الوصول إلى كلِّ ما كتب من الشعر الحديث خلال القرن العشرين، وإلى كلِّ ما سوف يكتب مستقبلاً. فالقضية بالنسبة لي هي محاولة فتح الباب على جانب آخر وعلى حساسية أخرى، هي دقة جرس أولى لسلسلة من دقات الأجراس القادمة، هي خطوة أولى لمشروع شعري مفتوح لجميع الحالات والأقوال الجميلة، دون حظر فضائي على أحد: والدّار واسعةٌ، واسعةٌ وتتسع للجميع.
إن كلَّ ما وصلت إليه، أخذتُ منه قولاً أو أكثر. لم أهمل عملاً اعتقدت فيه شيئاً يخدم هذه الرؤيا في صناعة مختارات مماثلة. وكان من الضروري البدء في المشروع دون انتظار الوصول إلى جميع/ أو إلى أكبر عدد ممكن من/ الأعمال الشعرية. أي كان من الضروري تقديم الأمثلة والنماذج لما أراه من الشعر. لذلك فإن هذا الديوان بحجمه هذا ليس أكثر من: على سبيل المثال لا الحصر. وعليه، فالباب مفتوحٌ مفتوحٌ لكثير من الشعراء القادمين الذين لابدَّ من الوصول إليهم في منافيهم أو في قبورهم. * في كلِّ قول من هؤلاء الأقوال الشعرية، يوجد تحالف، تجاور بين لفظتين أو أكثر، وهذا التحالف ـ التجاور هو ما يشكِّل جمالية المقطع، جمالية المشهد، هو ما يجعله ـ من وجهة نظري ـ ممتعاً، جذاباً، وهو الذي أوقفني بالتحديد، أي هو الذي رأيت فيه دقة جرس مسموعة، ولمست فيه ضربة شاعر واعٍ لما يقول. * عزيزي القارئ، افتح هذا الديوان واقرأ حيث تشاء ومن حيث تشاء، واقرأ هذه المقدمة من حيث تشاء: من الأول إلى الأخير، أو بالعكس، أو ابدأ من الوسط، افعل ما تريد، فأنت في كلِّ صفحة، سوف تجد نفسك مستقلاً ومن دون ضغط ما سبق أو ما لحق.
في المرحلة الأولى أخذت الأقوال الشعرية من نصوصها كما هي ودون تغيير في التسلسل والترتيب، لكن وفي مرحلة ثانية وأخيرة، لا أعرف إلى أي حدّ ابتعدت بترتيب الأسطر عن وضعها الأصلي: خنتُ الأصل قليلاً أو كثيراً، لكن لم أضف كلمة واحدة إلاّ "في" أو "على" أو ما شابه من هذه الأحرف. وعليه فأنا أقدِّم اعتذاراً رسمياً وصادقاً لأي شاعر خضع قول من أقواله لهذا الأمر. وإذا كان ذلك يضايقه، ولا يقبل اعتذاري، فإنني أتعهد بإعادة أقواله المختارة إلى نصوصها الأم في الطبعات اللاحقة. والذي دفعني إلى هذه "اللمسة" التعديلية، صوتي الخاص في قراءة الأشياء، ورغبتي الصريحة في إبراز ما اعتبرته "ضربة معلم" إبرازاً يفصح عن الحسّ الجديد إزاء العالم، وبشيء من المغامرة في التدخل وإعادة كتابة المكتوب أو إعادة ترتيبه.
لا أعرف بالضبط منذ متى بدأ حبي للصيغ الشعرية الموجزة بهذا الطريقة، أو بغيرها مما يكون على شكل بيت شعري تقليدي. لعلَّ بذرة هذا الحب وهذا الميل، تكمن في ما يسميه أجدادنا بـ"بيت القصيد". كنت، ولا أزال، أتبرم بالمطولات فلا أستطيع حفظ أكثر من بيت القصيد ذاك، أو حفظ بيتين معه على الأكثر، وكنت ولا أزال أشعر بالاكتفاء الروحي وإشباع حاجتي الجمالية من وراء ذلك. أنشد، أردد، أغني بيت القصيد ذاك، ثم أشرد بعيداً لأرى عالماً كاملاً بذاته، لتنكتب قصيدة أخرى من دون حروف أو كلمات، وكنت أشعر ـ ولا أزال ـ أن باقي القصيدة وباقي الأبيات، ركام لا يضير إذا أهملته وكأنه لم يكن. هذه واحدة من فلسفات تذوق الشعر، وأعتقد أن "العقل" الشعري التوحيدي السائد سوف يرفع أحكامه وسلاسله ليحتج بشكل أو بآخر. ثمَّ تعزّز هذا الميل وهذا الحب في داخلي عندما اكتشفت، وأنا مقيم في الأرخبيل الياباني، أن تراث اليابان الشعري والفني بكامله يرتكز على الصيغ القصيرة والموجزة إيجازاً يصل حدَّ الصمت أو البياض أو الفراغ. ورحت أتعلم من هذا الإيجاز وهذا الصمت حتى لم أعد أتذوق شيئاً إلاّ من خلالهما. كما رحت أعمل على أدواتي في قول الشعر والكتابة ضمن هذا الإطار، فلم أعد أكتب سوى "المقطوعات" أو سوى الموجزات، أو سوى الأخبار الشعرية. وقد أنجزت على هذا الصعيد عدة أعمال شعرية أذكر منها: "الشعراء يلتقطون الحصى"، "يوميات طالب متقاعد"، "تثاؤبٌ حديث جداً..."، "شارع الألبسة الجاهزة"، ولا يزال الحبل على الجرّار كما نقول بإحدى العاميات العربية. ثم أعدت صياغة ديوان "متون القول" استناداً إلى هذه الخبرة. وقد كان هذا الديوان عبارة عن أربع مجموعات شعرية مكتوبة كلّها بروح تراثية وبنَفَسٍ ذهني خالص لا علاقة له بخبرتي اليومية، ولا بأشيائي التي أعيشها: رميت كلَّ شيء إلى البحر، وأحرقت هذه المراكب في قول الشعر، أحرقتها بلا أسف ولا ندم ومن دخانها صنعت مراكبي الجديدة، لأن القطيعة بالكامل الكامل مستحيلة، وليتني، ليتني أستطيعها. لكنني، وبسبب هذه الاستحالة، فتحت نوافذي وأبوابي للرياح الغريـبة، لرياحٍ تعلّمني الهبوب الجديد، لرياح تدفع جسدي وأعضائي في اتجاه مرافئ أخرى لا أعرفها، لرياح تخلطني بالحداثة وسلالتها: فنحن أولاد الحداثة الجديدة، حداثة الفرح والابتهاج، ننفعل ونتفاعل حيث نحن في المكان والزَّمان، ننفتح ونتفاتح في فضاء بلا أبواب ولا جدران، لسنا قويقعات تنغلقُ على ذاتها وعلى "أصالتها" خوفاً من "التلوث" بثقافة الآخرين، ولسنا حيطاناً لا يخترقها رقي المكان الذي نحن فيه: نختلطُ فنؤثر ونتأثر، نعيش مع أو بين فنأخذ صادقين ويؤخذ منا، نتأثر بما نعيش ونعرف أننا تأثرنا ونقول إننا تأثرنا. أبوتنا ليست في جهة واحدة، بل هي في جميع الجهات، ليست عربية خالصة، ولا نريدها ويستحيل أن تكون كذلك حتى لو أردناها، لأن "الصفاء" المزعوم، و"الأصالة النقية" من جميع "الشوائب" وما شابه من هذه الخطابات الخلّبية، أمور لم يعد لها معنى، أو هي كذلك في الجوهر والأساس ... نحن أقوام الحداثة الجديدة، حداثة الفرح والابتهاج، لا نعيش في مجتمعات ديمقراطية متقدمة، ثم نعود إلى قرانا وأحيائنا لنحتمي بالعوائل والعشائر والطوائف، أو لنعزز منطق التخلف هذا، ولا نعيش "الصرعات" الثقافية والموديلات الشعرية والحضارية، ثم نظل على السطح، نزن ما نكتب من شعر، ونزن بميزان الرهبان والشيوخ ما نخط ونقول: كيف للأصدقاء، بعض الأصدقاء، أن يعيش في بلدان التقدم والحضارة، بلدان الديمقراطية والحرية ولا يتأثر بها، ثم يعود وكأنه لم يبرح زقاق الطفولة، كيف لهذا البعض أن يقرأ كتاباً أو يعيش تجربة، أو يكتشف تراثاً شعرياً مختلفاً عن تراثه، ثم بعد كلِّ هذا لا يتأثر ولا يتغير!! ألهذا الحد، أنتم خائفون على دمكم من دماء الآخرين يا أصدقاء!!
من العادات العربية السائدة، فيما يخص تقديم مختارات شعرية، هو العمل على آثار الموتى، وليس أي موتى، بل الموتى "الكبار" الذين كانوا قد تكرّسوا بصفتهم من الشعراء "الكبار". ولم يُعن إلاّ نادراً جداً بأسماء أخرى "أقل" أهمية، على الرّغم من أننا نستطيع أن نجد في أعمالها جماليات قولية متميزة ومختلفة، مراهقة وناضجة، هذا كي لا نقول تفوق مالدى "الكبار" أو تتوازى معه في الشعر، لا يوجد كبير أو صغير، لا معنى لهذه المفاهيم المكرورة لدرجة الغثيان. في الشعر، يكفي أن نقول مرّة واحدة قولاً شعرياً كي ننضاف إلى القائمة. نعم، إلى هذا الحد، وإلى هذه الدرجة يتسع صدر الشعر، يتسع ليصير فضاء لأي فضاء من الجمال. وعليه، فإنَّ القارئ سوف يجد في هذا الكتاب أسماء معروفة وأخرى غير معروفة، أسماء احترفت وأخرى لا تزال في طريق الاحتراف، لكن لكلِّ اسم عمل شعري واحد أو أكثر، مطبوع أو في طريقه إلى ذلك. والغالبية العظمى لا تزال على قيد الحياة وفي عزّ الفتوة والشباب، ولا تزال تكتب وتعطي، فهل ينبغي أن ننتظر موت كلِّ اسم كي "نكتشف" "اكتمال" تجربته، وكي نرفع بالتالي راية الاحتفاء به!! من جهتي، لم ولن انتظر، وقد اكتشفتُ لدى كلِّ اسم موجود هنا، الاكتمال الحق لمجموعة من الأقوال الشعرية، فأثبتها احتفاءً بها وبصاحبها، واحتفاء بالشعر الجديد.
مما لاشك فيه أن العمل على الأموات أريح للأعصاب من العمل على الأحياء وأسهل طريقاً. ولا سيما إذا كانوا موتى القرون الغابرة. لكن نحن، أقوام الحداثة الجديدة، حداثة الفرح والابتهاج، علمتنا الأقدام على السير فوق ما يبدو أنه ليس طريقاً، فوق ما يبدو أنه طريق غير سالكة. قد يزعل بعض الأحياء لأنه وضع بهذا الشكل، أو لأنه لم يوضع أساساً، ثم ينهال بالشتائم على العمل وعلى صاحبه. أعرف هذا النوع من "الأحياء" وقد حسبت حسابه جيداً، لكنني أعرف نوعاً آخر سوف يستقبل هذا العمل ويضعه في ركن من أركان عقيدته أو منزله، وسوف يقيم له نهارات من الحب والاحتفاء، لا لشيء إلاّ لمعرفته بأنه فرد من أفراد الحداثة الجديدة، حداثة الفرح والابتهاج. وهذا هو الّذي أخذته في اعتباري، وحسبت حسابه جيداً أيضاً وأكثر من الآخر، وهو الذي دفعني إلى هذه المغامرة وهذا السير.
من بين جميع الأسماء الموجودة في هذا الديوان، لا أعرف معرفة شخصية سوى عدة أسماء لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة. وغالبية الأسماء الأخرى، قرأت لها هنا وهناك فتعرفت عليها، واخترت من أعمالها ما اخترت. كان البحث عن الشعر هو الدافع الوحيد. ولو حدث ووصلت إلى أعمال أخرى لأسماء أخرى، لوقع اختياري على شيء منها بالتأكيد. لذلك قلت وأعيد القول إن هذا الديوان ليس أكثر من: على سبيل المثال لا الحصر. وهنا أريد أن أسجل شكراً خاصاً للأصدقاء الشعراء الذين ساهموا جدياً في وصولي إلى الكثير من المجموعات الشعرية، وأذكر منهم: الصديق الشاعر محمد مظلوم والصديق الشاعر خالد المعالي. والصديق الشاعر كريم عيد.
يشاء هذا العمل أن يغطي، وبهذه الصيغة الذاتية جداً في تناول الشعر والشعرية، العالم العربي كاملاً. سوف يكون لكلِّ منطقة عربية ـ أو لكلِّ بلد عربي وذلك حسب حجم المادة ـ جزء خاص، كتاب خاص يحتفي بالأسماء الشعرية ، يحتفي بالشعر وبالمغامرة الشعرية، بعيداً عن أية اعتبارات أخرى. وهكذا سوف يكون داخل المكتبة العربية ديوان ذو لون جديد، ذو نكهة جديدة، ديوان رايته الديمقراطية الشعرية والجمالية العلمانية: أي جمالية منفصلة بمقاييسها عن مقاييس الجمالية السياسية والدينية، جمالية شعرية ميزانها الأول الصياغات التي أفرزتها التجربة الحياتية لهذا الشاعر أو ذاك، جمالية ترشح بعرق الحواس الخمس، جمالية غير ذهنية بالتأكيد، جمالية تمشي على قدميها ويصافحها الجميع. الجزء الثاني، أو الكتاب الثاني، من هذا الديوان سوف يكون خاصاً بشعراء الخليج المحدثين تحديداً، كما هو الحال في هذا الجزء الخاص بالعراق. وليس لهذا الترتيب أية نبرة تفضيلية: كل ما هناك أن المادة توفرت قبل غيرها بحكم ظروف ذاتية وخاصة.
ولا بدَّ أن هذه الظروف سوف تتوفر هي أيضاً وتوصلني إلى نتاجات الشعراء في البلدان الأخرى. محمد عضيمة طوكيو ـ دمشق تموز ـ آب 1999
|