شاكر لعيبي
في تجاعيده التي تقطر في حرارة تموز
نهضت الأفعى بثوبها المبقع إلى وسطه اللدن
قامت الشموس محطومة القلب إلى استقباله.
ثمة انتظارات عودة البّحارة الشتائية
أمام نار الكانون،
ثمة لحيته المخضلة بالندى من الوقوف
وحيداً في العراء.
تقدَّم أيها الجريء،
هب الزهرة رجفة الحنظل
هب الوقت هيئة الفقاعة.
ولا شيء سوى شجيرات تسند ظهورنا اللّدنة
البركات تحيط بجباهنا المتعرقة
البحيرات تتوقف قرب ظلالنا
بلغطٍ عالٍ.
لا شيء في البرية سوى الخبيزة المفتوحة
تحلم تحت زرقة شديدة الوطأة،
رمت الرّيح جورب الجارية الملطخ بالحناء بعيداً،
وبعيداً رمت حزام الأمير
المحلّى بالمسامير.
أمة مهاجرة تحت نشيد المطر
ذئبها في البوادي
وأويقاتها السعيدة اربعاءات رمادية
لا شيء، لاشيء...
وكنّا ننحدر من القرى الكردية، ومن تصاوير الإمام علي، من بساتين الكرادة، ونتسلل من ثقوب العباءات وأغطية الكرادلة ودشاديش الأهوار، ونتمشى من بثور القيظ إلى أشجار الألب.
واحداً، واحداً،
يجرِّب النّجارون العرش الذي يصرخ
الطاووس في حشوه
من زرع الشجرة الوحيدة وسط الحانوت؟
الريش يتناثر من معركتك السماوية
على أجساد العذراوات،
ليس طلسمك سوى شفة غليظة ملوثة
بقشرة رمان أعجمي.
باب لن يكفي لمرور الدجاجة الحمقاء الطالعة منه لعملها الصباحي،
باب عالٍ يقود إلى العراء.
هذه الأرض يقطينة تتدحرج في ملاسة الماء والطين
شرقها جنازة تشيعها الغريبات
وغربها حقل من الياسمين.
لماذا، أيّها الغائب...
تشبِّه قلامة ظفرك الغائب بالهلال
أيُّها الغائب...
في الوسط تنام القطة وحيدة
الأصابع المستدقة ثابتة في النور
وشجرة العضاة ثابتة في التراب الذي ما زال يغور.
ثمة الضفدعة بعينيها الرخوتين
تقفز بين سيقان نباتاتٍ،
ثمة الطين والشمس اللذين يجعلان الحائط قائماً
أيتها الأنثى التي يحرق نعناعها
شفاهنا الغليظة،
نحن الأخوة الذين نبث في هوائيات الكون أشجاننا.
لعاب النحلة ومخاط الأولاد وشعاع الشمس
الإشارات الغريبة،
كلُّ مرّة إشاراتك الغريبة.
ما زال الذكر والأنثى يتناوبان السَّهر
على البيضة المتململة في القن
سرقا قطعة من السَّماء وخبآها في الجرّة.