محمد مظلوم
أمّا أنا، فلدي ـ إليك ـ نصف عنوان من هؤلاء
ونصف من أولئك،
فإلي أين أوجِّه رسائلي؟
ها أنت تشبح من فوق ظلال
أبنائك النائمين
لتسطو على امرأتك وتنجب
منها زوجة لي.
وها أنا
لا أسمي أحداً
كي لا يرتدَّ لي اسمي.
كان صوتك يتدحرج في منحدرات
غامضة وهو يلقي عليَّ
وصية الكامنين له في منعطف صغير.
في المستشفيات، كم نَافَستْني عليهم
والتقطت صورة أخيرةً لهم
ولم تترك لي نسخة عنها!
أتعقب ضاحيةً من مجانين فرّوا إلى داخلي
وأترقب عيني كي أتعرف عليهم:
على الهاربين من الحرب..
أيتها الأيام
على أي جسر سيعبر ظلك المثلوم
وفي أي خريف يحتشد القمر؟
أحلم، في هذه السنة
أن نحلم معاً،
أن يمتدَّ النبيذ إلى آخر السنة.
كنّا نتبول على ظلال بعضنا
وها بعد أرض مرَّ فوقها القطار
ظلالنا جفّت تماماً.
لا أدري،
لماذا يذبل أسبوعك في المحطات
عندما يأكل الغرباء مسدساتهم وينامون؟
ولم أزل بطلاً يتداول سيرته أشياعٌ
كذابون يحتجبون خلفي،
وكلّما التفتُّ التفَّتْ أسماؤهم بدماء كنيتي.
حتى أساتذتي الذين تركوني على مقعد الدرس
رأيتهم في المنافي
وقد نشروا جلودهم فوق الجبال.
دراجات رجولية تمرُّ بنا
إلى مواعيد خارج المدينة،
نركض خلفها،
طرف الدشاديش بين أسناننا.
هو ذا جيلنا يا سعدي
أخذنا حقائبنا إلى الحرب وعدنا
مبتسمين للنساء في ساحة الميدان.
أتذكر النساء اللّواتي تعرين أمامي امرأة امرأة
غير أني
لا أتذكر من عريتهن بيدي.
أنا مسرعٌ في اتجاه الذي يُعدُّ لي وليمته
غير منتبهٍ
لسحّاب بنطالي الذي يثرثر منذ الصباح!
أنا، فقط،
أغسل أسناني كي أقبِّل الله
دون كلام بائتٍ في فمي.
أرمي بنردي هازّاً كتفيّ من الضحك
ومتكئاً على أحدٍ
يحاول الظهور معي في الصورة.
في كلِّ أرض لي جثةٌ
من فجر سومر عندما...
إلى الحروب التي تزوجت أصدقائي
هل تركنا الأبطال وحيدين في السينما
وعدنا إلى بيوتنا منشغلين
بصنع أسلحة وأعداء ننافسهم في الشوارع.
يتركني اللّيلُ ـ فجأة ـ وحيداً
فأرى عن يميني طفلاً أسميه أخي
وفي اللّيل يتركاني وحيداً.
الكلُّ مخطئون
كلاعبي تنسٍ يستغفرون الله، أو
كآباءٍ مسجونين يلتحقون بالمزاد.
أعدكَ أيُّها البريد أن أصل
كأمطار ضالةٍ
ولا أمضي إلى آخر النّهار