الأولى-
مَلاك
مولايَ حضرةَ الملاكِ،
منذ فترةٍ أنا العبدُ الضعيف
أحلمُ فيكَ غائبا وحاضرا
خارجَ قضبانِ الزمان،
كيف للخارجِ قبلَ لحظةٍ من رَحْمهِ
أنْ يَلمسَ الضياءَ،
دونَ غيبةٍ وأنْ يَُقبلَ الحبيبَ دونَ حضورْ
مولايَ أمسِ كنتُ بينَ الحُلْمِ واليقظةْ
لثمتُ هالتينِ كان قُرْبَهما
خلا الظلالَ نبعُ كوثرٍ
بالكائناتِ طافحُ مجراهُ
مولايَ أيها الملاكُ في عِزّهِ
أأنتَ مِنْ ظلالهِ للتوّ خارجٌ،
أأنتَ مِنْ شُروقهِ،
أأنتَ مِنْ تَلامُسِ الظِلالِ والغياب؟
يا مالكا هذا الضياءَ ثم هذه الظلال
أكان للأمطارِ والرعودِ والبروقِِ كلُّ ذي الفضاءات
وكلُّ هذه وتلكَ لكْ؟
وكلَّ ما لا يُلْمَسُ
ما لا يُرى ويُسْمَعُ
لكننا نُحِسّهُ
أُقبّلُ البهاءَ فيكَ والغسقْ
أأنتَ مِنْ عَليائهِ
وأنا مِنَ المُنْحَدَرِ؟
أأنتَ من عليائه والمُنَحَدَرْ؟
أترى نُتُوءَ الحجرِ العالق بين الشفّتين
والرّيشةَ المُنْغَمِِسَةْ
في لَوْزةِ الشاعر والقصيدة؟
مولايَ حضرةَ الملاك
مودتي مشفوعة
بقبلة منّي على ختم الحياةْ.
وارسو في 24 نيسان 2010
الثانية-
أثرُ الوردة
عزيزتي الوردة،
محروسة بالربيع إلى الأبدْ.
قال لي إيوانُكِ الذي اهتدتْ إليه الحدائقُ،
في غفلة من أحابيلِ بني الفانية
مِمّنْ أضاعوا النهرَ والبَنَفْسَجْ
الزهرَ ومُشْتقاتِ الفرحْ
مِمَنْ شَقُوا ولم يَتْعَبُوا في ابتكار الخديعة
ماثلةً في الحافر المعلق بالباب
يكفي الورودَ شعاعُ الفجر أو حمرةُ الشفق.
لسنا بأحفاد الملائكة
بَلى،
نتشبّثُ بالروح كما لو أنها الماءُ والهواءُ
في مملكة الذاكرة المُثَقّبة
عزيزتي يا الوردةُ الخالدة
بتاجكِ المُصْطفى
إذْ عمّدكِ العسجدُ والخضرة والحمرة القانية
في يوم زفافكِ البريء للطبيعة
قال لي الربيعُ قبل أن تكوني تاجَ الفتوة والكهولة
قبل أن تُعلنَ الصدفةُ اشتقاقَ لهفتي وانثيالي تحت كاحليكِ
إنك لا تُشبهين سواكِ
وإنّ كلَّ حبة رمل تقتفي أثركْ
عزيزتي المبجلة
لا، لستُ إلهَ الشمسِ لا،
ولم تَكُنْ بيدي عصا الراعي
لكِ السحرُ الجليلُ راعيا
وقبلةٌ مِنّي على هذا الأثرْ
for ever
وارسو في 21 نيسان 2010
الثالثة-
الأصدقاء الملثمون
أحبّتي الأفاضلَ المنهمكين في قراءة الطالع وما كانتْ مُشَفّرةً
خطوطُهُ على هوامش الغيابِ أو في "ظاهر اليد"ِ
أتقرأونَ حقا كلّ ما تُخْفي العواصفُ والقمرُ الذئبيُّ في عزّ الليالي؟
ثم تكتبون لي:
تحية إليك أيها الجميلُ شاعرا ومبدعا
وتكتبون ما لا تقرأون - أحبّتي الملثّمينَ - بما أنجزه الإيميلُ اللعينُ
دون رقابة. أحبّتي المُجدّدينَ في العواطف والثناء
كالمانويةِّ في مواجهة المَواتِ
لا تُؤمنوا بما يُقال خارجَ الضمير أو ممالك الكلمات
أحبتي الملثمينَ إلى لقاء عابر أكثر دفئا من رسالةٍ مُفخّخة.
شَفّرْتُ منذ فترة بريديَ الوحيدَ حتى أصْبَحَتْ عبارتي
شحيحةً وصورتي لا يُمكنُ التقاطُها من خارجِ القصيدة.
وارسو في 25 نيسان 2010
جريدة المدى (1971)
10/05/2010