منذ أن سقط من عين الله
ثعباناً صغيراً بلحية زرقاء وبفستانِ
ساتانٍ مُكَشكَشٍ.
والبحرُ يحبو بمراهقته بين شوارع
وسيقان وكؤوس وبواخر وغسالات
ومواشي وحقول عينية.
نقطة
لأول مرة رأيتُ البحر مضطجعاً في الصحراء.
كان يلهثُ ..
وكنت وقتها مع جدي على ظهر
حصانهِ الطويل كعمود كهرباء.
ومشى الحيوانُ بنا حتى دخلنا مياهً
لنغيب.
هامش
كنتُ آنذاك ..
بمخيلة قليلة الفاكهة.
وكان البحرُ لحماً سائلاً في خيال ذئبٍ
بين ثيابي.
كنا ننمو معاً في تلك الغابات العامرة
بالافتراس.
هو يقومُ بتربية الأنهار والبط وفراخ الحيتان
والأعشاب وجرائم القرش.
وأنا أحملُ جبالَ المرجان للمطاحن العملاقة
مُؤججاً جيمس براون على كبرياء الصوت
في لحظة الجلجلة.
نقطة
هل أنا مع البحر.
هل هو معي على هذا الكرسيّ
المرتفعِ كتلٍ من الزعفران.
هل هو مغنيتي قرب البيست ،
وكلانا يجري طلباً للصخبِ في الأرواح.
هل هو راقصةٌ طويلةُ الخصر في المربع الأول
للجهاد في النكاح.
البحر الذي تركَ نفسهُ في مصب نفسهِ
ويرقص طويلاُ مع فتيات الكابوريا
و أزلام الكركند.
الوجوه ترتطمُ بالوجوه.
والشررُ يرتفعُ .
هامش
الآن..
الآن..
الآن..
وبعد الروزنامة الضخمة للسنوات الضوئية،
مازال البحرُ يتمتع بالأعاصير على موائدي
الافتراضية.
يأتي عازباً.
يأتي ثرثاراً.
يأتي مستوحشاً.
يدون مذكراته عن القرش في مقاهي
النفوس العميقة.
نقطة:
البحر..دافعُ ضرائبي في اللوحات.
البحر..الملهى التراجيدي خالق الشموس
والسردين والأساطير النائمة على وسائد
الحواري.
البحر..
لم ينم في حضن امرأة طويلاً .
لم تأخذهُ قيلولةٌ على سرير أو في محطة بنزين
أو تحت غلاف رواية.
ترك أعضائه سائلة في الهواء دون بمبرز
ولا أكياس قش.
أصبح مراهقاً في الكرز والبط والبتولا
ينمو مع النساء على ظهور اليخوت كالطحالب .
ويجرب حظه بمدخرات الغرقى في آخر
نقاط المحيط.
البحر:وهو يربطُ عقلَهُ بمهبّ الريح
البحر: وهو يشعلُ بلسانهِ لمبات الصواعق.
البحر:وهو يدفع جيمس كاميرون ليقصم ظهر
تايتانيك من أجل تلمس نهدي كيت وينسلت
في لقطة مليئة بجراثيم الحمى وغبار النجوم.
هامش:
والبحر..وذات يوم
وجد الكتابةَ في جوفهِ منجماً
فهربَ من حصونه وقصوره وعلبهِ .
مغادراً مائه في الاقيانوس.
هل فعل كل ذلك من أجل تصفح الصحارى
في أعين الأرانب .
أم تراه مرهقاً من الإقامة في مدافن
الزجاج
وصار رحالة في النار والزنجبيل .
نقطة:
البحر
مرآةٌ كثيرةُ الخصائص.
يجلسُ أمامي ويستعيدُ مياههُ
من عيوني.
البحر
وهو يُدخنُ البواخرَ وجذورَ البيرة ونساء
جبر علوان بعيداً عن الملابس الداخلية
وسلسلة جبال الأنديز .
هامش:
البحر
لا يبدو التعبُ عليه.
لكن شاشتهُ متقدمةُ بالسنّ.
وثمة قراصنة بين طبقات الريح
يخرجون منه بأعين ممتلئة بأنفلونزا
الذهب.
يرمون شباكاً ضخمة للإيقاع بالمراكب
تاركين الحيتان الزرق على سلالمَ
في آخر نوتة المراثي.
وهي تنشد شيئاً عن معادن الجنس
وتلك البحيرات التي أهلكها تاريخُ
الترابِ السّام.
البحر وهو يتذكر هروبه من الجيش.
البحر وهو ينزل دّرج المرأة بتهور ويقع.
البحر وهو يهيجُ شمساً زرقاءَ مستطيلة
من مرارة البوارج وديناميت الصيادين.
سوف يمضي مع البط البرّي في عطلة
قد تدوم في الطوفان.
نقطة:
كأن لا جنوبَ في بلاد الشمال.
أيها المعتكفُ في سطرٍ
من القرميد .
ماذا ستفعل
إذا ما خرج البحرُ عليكَ من كأسكَ.
أتهيمُ مع جرادهُ الايروسي ،
لتطلقُ في لحمهِ أصابعكَ في منتهى الحنان.
أم ستركب موجةً منه وتمضي مُتقداً
بقماشٍ من ضباب.
لا نوافذ إلا من ورق .
الأحلامُ أسماك نافقة.
والهواءُ بخارٌ داكنٌ في رئات طيور تأتي
من مدافن مواسم الهجرة.
فأينك الآن يا عماد جنيدي ..
وكان البحرُ بين يديكَ ببرونةً تمزجُ
فيها غيومَ الأسئلة بالكحول .
كم ذبُلت في اللاذقية شريداً .
وكم جالستَ جبال جبلةَ وحيداً
في مقهى البستان أو السويس .
أهو زمانُ انفراط حديد الندامى هن
وهناك.
ولا سرير بعدها.
ولا باص بعدها.
الزجاجاتُ قاحلاتٌ،
والخمورُ في العنقاء.
أينك الشاعرُ القيامي بابا الصعاليك.
جذعُك طريحٌ وما من لمسة موجٍ .
كيف بعتَ الآلهةَ والنسوانَ وكراسيّ الأدلجة
وفضتَ بماء الشعر حتى أعالي الجنون.
الوقتُ فاسدٌ..
وساعة اليد رملٌ وثعابين.
قاعةُ النفس فارغةٌ..
أيها الرامبو الأوغاريتي .
لست وحدك لوحة تالفة على الساحل
السوري.
هل تذكرتَ سفنَ أرواد.
ستنهضُ فيكَ بعيداً عن الصدأ
والحطام.
هامش:
البحر النقطة.
هائجة بمراهقتها على السبورة.
البحر النطفةُ.
ماثلة للاغتصاب في لحظة الملاحة.
البحر القطرة.
يجمعها من شتاتهِ تلميذٌ ويدخلُ حانةً
في الإسطرلاب.
البحر..
وفوق الفقرات الإستراتيجية لعموده الفقري
الرياحُ ستائرٌ بغشاء وهمي.
طيورُ الغاق تتلألأ هناك..
وجرائد متطايرة على طول الساحل الأطلسي
كراقصات باليه.
يا له من بحر .
تحت لحيتهِ الكثةِ ملايينٌ من دمى الأسماك
والقناني والسفن والقصائد.
أعرف البحرَ كيف يدير ورشتهُ .
وأدرك أيضاً،
كيف يحول الماء في النساء
إلى عسل جبلي تطوف حولهُ الأممُ
ذباباً بخصى منتفخة كمناطيد.
بعد اليوم
بعد الجدار
بعد الكومبيوتر
الرأس خزينة فارغة.
لا ماء لا ذاكرة لا رمل لا كتب لا مراكب
وكأن العتاد الجنسي لهذا الصيف
فاسدٌ.
ثمة حراسٌ يأتون بعرباتِ الغيوم..
الحراسُ الأشداءُ يحصون كل شئ:
قطراتَ الندى على ظهور الضفادع.
نقاطَ الغبار في آبار العيون البعيدة.
وأساتذةٌ مختصون بتكسير ثياب اللغة
وبلاغة أرصفتها ..
حينما أخذوا البحرَ للبكلوريا ،
ورأوه عميقاً مثل وحيد القرن
في النصوص،
أطلقوا عليه الرصاصَ ليكونَ غواصةً
في المُؤلِفين.
11-6-2008
Aaj_001@hotmail.com