إبراهيم الحسين

1 ـ يا طرفة افتح فأنا قاسم‏*

إلى قاسم حدّاد

لا أدري كم من السنوات، ظل قاسم خلالَها واقفاً عندَ باب طرفة
وﻻ أدري ما إذا كان ينامُ عندَ عتبة ذاك الباب
وﻻ أدري من أين جاءَهُ اﻹيمانُ بأن طرفةَ سيفتحُ له
وﻻ أدري ما إذا كان طرفةُ قد أطلَّ من أحد أبياته.. فرأى ما هالَهُ من الحقولِ الشاسعة التي زرعَها قاسم من أجلِ وجهِه، حتى يدركَ أنّ الطارقَ لم يأت متطفّلاً
ﻻ أدري من أين جاءَهُ اﻹيمانُ؛ إن لم يكن من تلك المياهِ التي تتدفّقُ بغزارةٍ من أوراقه..
إن لم يكن من تلك الموسيقى التي تتصاعدُ من ساعديه، من هاﻻتِ الضوء حولَ كفَّيْهِ وهو ينقرُ بهما بابَه:
افتح يا طرفة.. افتح يا طرفة.. افتح يا طرفة..
يا طرفة افتح فأنا قاسم.

* قاسم حداد من عزلته في الريف الألماني.. لقد تعبت.. تعبت
http://www.alriyadh.com/2013/05/16/article835789.html

2 ـ هذا الصباحُ لنا

إلى محمود درويش

هذا الصباحُ لنا فمن حقِّنا إذن أن نرفعَ أصابعَنا متجاورة.. أنْ نلامسَ بها أصداغَنا
أن نقولَ لمن يمرّون في نومِنا وينسوْنَ أمتعتَهم هناك: هذا الصباحُ لنا فمن حقِّنا أن نحدّقَ باﻷطيافِ التي تملؤُهُ، أن نتأمّلَ أجنحتَها حين تحطُّ في عيونِنا وﻻ تغادر
من حقِّنا أن نعبسَ كما نشاءُ أيضاً وأن نشربَ قهوتَنا ساهمين وأن ﻻ نفكّرَ بآخرِ قراءاتِنا
من حقِّنا أن نطردَ لوحاتِ هنري تولوز وفريدا كاهلو، وقصائدَ سعدي يوسف وفينوس خوري إذا اقتربتْ من أكوابِنا فهذا الصباحُ لنا
أن نطردَ كُحْلَ ميسونَ وأن نضعَهُ في محفظةِ النّادلِ وأن نحتفظَ بابتسامتِها داخلَ جيوبِنا
هذا الصباحُ لنا من حقِّنا أن نغلقَ هواءَهُ علينا فلا يدخلُ النحّاتونَ بأزاميلِهم التي قد يخدشونَ بها هذا الصباح
فهل كثيرٌ علينا أن يكون لنا صباحٌ، وأن يكونَ صباحُنا خالصاً وعالياً لنا

هذا الصباحُ لنا ونريدُ أن يفهمَ كلّ من يمرُّ بنا أنّهُ صباحُنا الشخصي وليس ﻷحدٍ كلامٌ علينا فنحن أحرارٌ نفعلُ به ما نشاء.. نطلِيهِ باﻷبيضِ أو اﻷسودِ اﻷحمر اﻷخضرِ بكلِّ ما يحلو لنا
ولنا أن نهدمَهُ ونعيدَ بناءَهُ بِعُلَبِ التبغِ أو صُوَرِ أحبّائِنا أو فُتاتِ الخبز
فهكذا هي الصباحاتُ يفعلُ بها أصحابُها ما يشاؤون
ﻻ نريدُ من أحدٍ أن يعكّرَ صلاة جبرانيينا أو يكسرَ أكوابَنا أو يفتّتَ شمسَنا
من حقِّنا كلُّ ذلك ..
ومن حقِّنا أن نقولَ لمن نريد، كلّ من نريد: صباحُ الخير ﻷنّ هذا الصباحَ كلَّه، بكاملِهِ لنا.