إبراهيم الحسين
(السعودية)

نصوص/ تقاطعات

1 ـ سركون بولص

إبراهيم الحسين ـ أحبّ سركون؛ آخر عهدي به اﻷسبوع الفائت عندما دخل إلى ورقتي وكنت مشغولاً بتقليب بياضها؛ ربّتَ على قلبي، ترك ضحكتَهُ الفخمة عند بابها ومضى إلى آخر شؤونه.

2 ـ قبرُ سركون بولص

حفرةُ معرفةِ أنّ لسركون بولص قبراً؛ لم يضع أحدٌ غطاءً عليها، تُركت مفتوحةً ﻷمثالي الذين لديهم عشى سركوني، والذين يغشى عيونَهم الدمعُ ويحدُّ من رؤيتِهم، عند ذكره
وضعَ "صموئيل شمعون"* عندما زارَ قبره، في مقبرة تورﻻك في ضواحي مدينة سان فرانسيسكو، باقةً من الزهور باسمه وباسم مارغريت وباقاتٍ أخرى باسم محرري مجلة بانيبال وأدباء كيكا وباسم صديقه وناشره خالد المعالي وباسم بعض اﻷصدقاء ـ على حد قوله ـ الذين طلبوا منه أن ينوب عنهم، وتركَني، لم يتصل بي أو يسألني..
تركني أنظرُ إلى صورته فوقَ قبرِهِ، أنظرُ إلى صورةِ قبرِهِ، إلى قبرِه
حتى أصدّقَ أنّهُ ماتَ وأنّ لهُ قبراً، وليس عليّ سوى أن أضعَ لقائي
معه بـ "لوديف" أمامي وأن أمدَّ يدي معرّضاً راحتيهما، لضحكته، أدفّئهما بهذا الليل، تاركاً بخاري المنطلق يجتاز نفقَ فمي بصفيرٍ حاد وطويل:إنّي أسلّمُ عليكَ يا سركون، وأضع كلماتي هذه التي قطفتُها للتو، من حديقةٍ قلبي، على قبرك ؛ دون التفاتٍ إلى هذا الصموئيل.

* قبر سركون بولص/ صموئيل شمعون: http://www.kikah.com/printarabic.asp?fname=kikaharabic%5Clive%5Ck4%5C2013-03-29%5C60.htm&storytitle=

3 ـ صباح سركون*

صباح سركون الذي جاءَ إلينا من هناك..
كان متعجّلاً بينما كان يلقي شعرَه علينا
أشرْنا له إلى رمادِ سيجارتِه الذي كان قد طال..
فانهارا معاً.

*جئت إليك من هناك/ سركون بولص‏: http://m.soundcloud.com/arabpoet/sargon-boulus-i-came-from?utm_source=soundcloud&utm_campaign=share&utm_medium=facebook

4 ـ ليتني أدركت ياسركون

كنتُ أصغي إلى سركون يقرأُ نصَّهُ "جئتُ إليك من هناك" أرسلَهُ لي جذعٌ محروق هو دائما يجيء من هناك
كنتُ أبكي مع سركون وهو يركضُ في صوتِه فلا يجدُ غطاءً وﻻ ماء يلقيهما على الحرائق فيه
كنتُ أنتفضُ وهو يناشدُ صديقَهُ القصاص يوسف الحيدري بعد أن أدرك أنّ شيئا ما أفرغَ عينيه من الضياء، يقول بأسى: ماذا فعلوا بعينيك يا يوسف؟
يوسُفُ الذاهل يطلق أحشاءَه: بغدادُ سنبلةٌ تشبّثَ بها الجراد.

آه يا سركون جلستُ معك تقرأ شعرك بخيمةِ الطوارق بلوديف.. وجهُكَ قبالةَ فتحتِها، تقراُ شعرا وبين مقطعٍ وآخر ترفعُ وجهَكَ ترسل عينيك اللتين تُذْبِلُهما..
لم أدرك حينها أنّكَ كنتَ تنظرُ إلى أفقٍ ما ، تنتظرُ قدومَ أحدٍ ما، يبشِّرُك.. تنتظرُ تبدّﻻً ما في المشهدِ الذي كان يُسْقِطُ أعمدتَكَ الداخليّةَ في سعيرِه.. تغيّراً ما، أو أقلّه إعادةَ ترتيب
لم أدرك يا سركون فقد كانت أضوائي شحيحةً جداً، وكنتُ أمشي بمحاذاةِ الكلمات، أتلمّسُ حروفَها بأصابعي حتى ﻻ أعثر
ليتني أدركتُ ياسركون
آآآه ليتني أدركتُ
ليتني كنتُ أدرك.