كانت الحقيبة تثقل في يده كلما مشى.
وعندما صعد أحس بالسلم يطوي وراءه.
ولم ينظر.
أضاء الحجرة، ورأى شمعة واقفة فتصورها مغروسة في رأسه.
بعد ذلك.
شعر أن الحقيبة تثقل بضجة كبيرة
كأن مدينة تتكلم فيها.
طيلة النهار بقى يلف كأنما يبحث عن ثقب في داخله.
فمن مكان ما كانت تسير فوضى ونقاش طويل.
لم يكن يتذكر.
لكن الأشياء كانت تهب عليه
من فتحة في الزمن
كان يفسح في الطريق
لشارع يتقدم من بعيد
ولأبواب تلمع فجأة في الظلام
كان يسمع من كل جانب غمغمة
بشهود يتعرفون عليه
كانوا يتحدثون
وكان يغص بالكلام، بالكلام (المهجوس)
وقد فقد نطقه
كان يمشي في ذاكرة
كأنما يسير في معرض لا يملك فيه شيئاً
كان عليه دون جدوى
أن يبدأ من تهجئة اسمه
ومن الرصيف المقابل
لكنه كلما بدأ
ضاق حتى بظل قبعته.
لم يكن عليه إذاً أن يفعل شيئاً
كان عليه أن يتسلق إلى طرف الطريق
تاركاً وراءه.
حبلاً من الخطى التي فكها عن قدميه
وأن يقف هناك كالساري
ويترك المصابيح تظلم بالترتيب
خلف كتفيه
في الصباح كان ممداً
ونظارتاه محطمتان
لكن عينيه كانتا تفوحان بياضاً
على الطاولة عدد من جريدة وكتاب مفتوح
زجاجة وكأسان فارغان
قرص منوم
وكان على الطاولة أيضاً
مسدسه ملمعاً
كان حذاءاه مهيئين
وقميصه مطوياً
وساعته على كرسي
الرفاق بدؤوا يحاكمونه
مع أن انتحاره وصل إلى أوسع الجماهير
كانوا يواصلون حديثهم على جثته
ويتلون.. ربما من شعره
قصيدة عن المستقبل.
إقرأ أيضاً: