وأخيراً سيرة حول الشاعرة المصرية السريالية جويس منصور، هي عبارة عن دراسة تحليلية ثاقبة تقع في كتاب ضخم صدر حديثاً لدى دار جان ميشال بلاس الباريسية ووضعته الباحثة الفرنسية الشابة ماري لور ميسير بعدما فُتنت بشعر جويس وشخصيتها الفريدة. والكتاب هو ثمرة ثماني سنوات من العمل الدؤوب على أرشيف الشاعرة الذي بقي على حاله منذ وفاتها عام 1986 ويتضمن مئات الرسائل من أبرز الوجوه الشعرية والفنية الغربية، إلى جانب مخطوطاتها وعدد مهم من القصائد والنصوص غير المنشورة والقصاصات الصحافية التي تتناول مسار الشاعرة وإنتاجها الغزير. سيرة مثيرة إذاً تكشف تفاصيل حياة جويس المشوّقة والدور المهم الذي لعبته داخل الحركة السريالية في باريس، وتبدد الإشاعات الكثيرة حولها التي لا تزال رائجة إلى حد اليوم إن في فرنسا أو في عالمنا العربي. وللاستفسار حول ظروف ولادة هذه السيرة ومضمونها، ارتأينا مقابلة ماري لور ميسير، فكان لنا معها هذا الحوار:
*إنكِ الشخص الأول الذي عمل على أرشيف جويس منصور. ما الذي سحرك لدى هذه الشاعرة في البداية كي تقومي بجهدٍ دام سنوات طويلة؟ وأين أنتِ اليوم من انفعالاتك الأولى؟
ـ في البداية، قرأتُ كثيراً الأدباء السرياليين لشعوري بأن كتابات بروتون وديسنوس وكروفِل وبعض نصوص إلويار وأراغون لا تنتمي فقط إلى ميدان الأدب أو الفلسفة بل تشكّل حقلاً مفتوحاً على "طريقة سَير الفكر الحقيقية". كما أن القيم التي دافع عنها هؤلاء الشعراء والتي قادتهم إلى إعادة تقييم الحياة والمعرفة، هي الأقرب إلى قناعاتي. وكانت جويس منصور آنذاك مجهولة بالنسبة إليّ وإلى كثيرين غيري. فكتاباتها كانت غير متوفّرة حتى عام 1991، حين جمعت دار "أكت سود" الفرنسية مجموعة كبيرة من قصائدها وحكاياتها في مجلد ضخم استُهلكت نسخه بسرعة. وفي حزيران 1995، وقع هذا المجلد في يدي فقلب حياتي. وقد قرأته مرّات عديدة كي أتمكن من استيعاب الصدمة الأولى وفهم أسبابها. وأكثر ما هزّني فيه هو العنف المذهل لمضمونه ورؤية جويس للإنسان التي تتجلى بلا تجميل أو تمويه. كثيرون تكلموا عن الموت والألم واليأس لدى جويس متجاهلين أن جهدها الكتابي يجمّل هذه الرؤية ويخفف من قسوتها. ففي نصوصها، لا نعثر على أي تكلّف لغوي. تكتب لغة فجّة ومباشرة بدون التواطؤ مع ما هو سقيم، يساعدها على ذلك حسّها الفكاهي الطبيعي، الأسود غالباً. لكن كتابات جويس ليست سوداوية الطابع دائماً. إذ يمكننا أن نقول أنها شاعرة غنائية ولكن بدون أي توق إلى مثالية ما، تعبّر عن الإحساس والرغبة وجمال الأجساد أو بشاعتها، إلى جانب طريقة تكلمّها عن الحب الفريدة فعلاً من نوعها. إذاً، ما شدّني إليها في البداية هو فرادة صوتها والعنف والثورة المطلقة التي تعبّر عنهما. واليوم، حين أقرأ جويس من جديد، أتأثر دائماً بعفويتها. لكن اطلاعي العميق على سيرتها غيّر طبيعة قراءتي لها، فكتابتها هي أيضاً نوع من السيرة الذاتية.
امرأة عفيفة
*جويس كانت امرأة عفيفة قلما باحت بأسرارها وتهرّبت دائماً من الأسئلة الشخصية. كيف تخطّيتِ هذه الصعوبة؟ وبين جويس وأسطورتها، أين تقع هذه السيرة؟
ـ صحيح أن جويس لم تكتب مذكراتها بمعنى السيرة الكلاسيكية. والطريف هو أنها كانت تضيّع محاورها عمداً حين يجرأ على طرح سؤال شخصي عليها. إذاً، في حال اعتمادنا على هذه المعطيات الخاطئة، لن نصل إلى شيء. أضف إلى ذلك الإشاعات التي كانت تدور حولها. فجمالها دفع بالبعض إلى افتراض علاقات غرامية كثيرة لها. كما أن الصحافة التي تعنى بأخبار المشاهير ساهمت في هذه البلبلة عبر تقديم صورة مشوّهة عنها كبرجوازية شاذة وغريبة الأطوار. وللتخلص من هذه الآثار الخاطئة اعتمدتُ على قراءتها بشكل دقيق ومعمّق نظراً إلى تجلي شخصيتها وحياتها بشكل بديهي في نصوصها. ولعل هذه البداهة والصراحة هما اللتان دفعتا بالبعض إلى عدم أخذ مضمون كتاباتها على محمل الجد. فأقوالها كانت صادمة لدرجة وُضعت فيه في خانة التحريض المجاني. لكن الحقيقة هي أن كل شعرها هو تعبير شخصي أصيل لم يُشكك به إطلاقاً جميع الذين عرفوها عن قرب. وإلى جانب تسلسل وقائع حياتها الذي ننتظره من هذه السيرة، قمتُ بتفكيك الرموز الكثيرة الموجودة في نصوصها والتي تتعلق بسيرتها، وبقراءة دقيقة لقصائدها، مما سمح لي بإثبات أن الشاعرة لم تكن ذات شخصية مزدوجة وأنه لا تناقض بين ثورتها ومشاركتها في الحركة السريالية من جهة، وانتمائها الاجتماعي وأناقتها، من جهة أخرى.
*عملتِ سنوات طويلة على أرشيف الشاعرة. في أية حالة وجدتِ هذا الأرشيف وإلى أي درجة ساعدك على وضع هذه السيرة؟
ـ يُشكّل أرشيف جويس أحد مصادري الرئيسية، كما أني انطلقتُ في هذا البحث بسببه. في البداية، لم يكن لدي نية في وضع كتاب حول هذا الموضوع. لكني فُتنتُ بأعمال جويس إلى درجة رغبتُ فيها بالتكلّم عنها. وأفضل طريقة هي كتابة مقالة صغيرة حولها. لكني شعرتُ بالحاجة إلى معرفة المزيد عنها. فطرقتُ باب زوجها، سمير منصور، الذي أجاب عن أسئلتي بلطف وحرارة وحدّثني عن أرشيف جويس المهمل منذ وفاتها وعن رغبته في ترتيب هذا الأرشيف. فقبلتُ هذه المهمة على الفور وبدأتُ العمل مباشرة. وكان الأرشيف في حالة من فوضى مخيفة. إذ كانت الشاعرة تكتفي بتكديس مراسلاتها ومخطوطاتها ومقتطفاتها الصحافية في علب سيغار "مونتي كريستو" التي كانت تدخنه في جميع المناسبات. وقد بدأتُ بوضع جردة بمحتويات هذا الأرشيف قبل الشروع في ترتيبه. ومن بين آلاف الوثائق، عثرتُ على رسائل من أندريه بروتون وجورج حنين وهنري ميشو وجميع أصدقائها الآخرين. استقيتُ معظم معلوماتي إذاً من هذا الأرشيف الذي سمح لي أيضاً بوضع حد نهائي لعدد من الإشاعات التي كانت تدور حولها. إذ لم أعثر على أثر لما كان يُنسب إليها، مثل مسألة أن بروتون هو الذي كتب بعضاً من نصوصها، أو مسألة غرامه بها التي لا صحة لها وفقاً للرسائل الستين التي كتبها إليها. إذاً هذا الأرشيف هو بشكل ما الضمانة لموضوعية نصّي. وبموازاته، قمتُ طبعاً بسلسلة لقاءات مع أصدقاء جويس الذين ما زالوا على قيد الحياة.
*تقولين في كتابك: "الأعمال الشعرية ليست المادة الوحيدة التي تشهد على صاحبها. فتاريخ الحركة السريالية حتى نهايته الرسمية هو أيضاً تاريخ جويس". ألم تحاولي في هذه السيرة تبديد إشاعات أخرى جعلت من جويس مجرد ملهمة لأفراد هذه الحركة، مبينة بالعكس دورها الرائد بعد الحرب العالمية الثانية؟
ـ بالفعل مصدري الثالث هو تاريخ الحركة السريالية بعد الحرب العالمية الثانية. لم يكن الأمر سهلاً لأن تاريخ هذه الحقبة محجوب والدراسات الجدية حولها قليلة جداً. ولكن حين نتوقف عند جميع الإصدارات السريالية من مجلات وكاتالوغات المعارض، وعند شهادات الناشطين السرياليين، نلاحظ أهمية جويس ودورها الطليعي. نعم، لم تكن جويس مجرد ملهمة بل كانت، باعتراف جميع السرياليين، أبرز صوت شعري داخل الحركة بين عامَي 1953 و1966.
*على المستوى الشعري، ألم تلعب وفاة والدتها وهي في الخامسة عشرة، ثم وفاة زوجها الأول وهي في الواحدة والعشرين، دوراً رئيسياً في بلورة النبرة والعنف اللذين ستعتمدهما في كتاباتها؟
ـ طبعاً. فعلى أثر هاتين المأساتين بدأت بالكتابة. الشعر، بالنسبة إلى جويس، هو قبل أي شيء وسيلة تعزيمية. تشرح ذلك بنفسها في إحدى المقابلات معها التي أعدتُ نشرها في نهاية السيرة. الكتابة هي وسيلة للتحرر من ألم لا يطاق. وبالفعل، يعبر هذا الألم جميع أعمالها كموجة صادمة. فنصوصها الأولى هي عبارة عن صرخات قصيرة لاذعة وأحياناً مُهينة. وقد جمعت هذه النصوص في ديوان يحمل عنواناً معبّراً: "صراخ". فيما بعد، تحوّلت قصائدها إلى نوع من الصلوات المؤلمة. وعند نهاية حياتها، حين علمت أنها مصابة بداء السرطان، برزت قصائدها على شكل أنين يأس. إذاً، يبرر الموت الذي أصابها بعمق ولم تقبل به أبداً، العنف والغضب المدويين في نصوصها. ولأنها عرفت الموت باكراً وبشكل شخصي، تحلّت بوعي مؤلم مدّ كتاباتها بهذا الكم من العنف.
لغة جديدة
*سيدفعها حبّها لسمير منصور ثم زواجها منه إلى اعتماد اللغة الفرنسية في كتابتها. وبفضله ستلتقي جويس بماريا كافاديا ومن خلالها بجورج حنين. إلى أي درجة كان لقاؤها مع هذا الشاعر حاسماً على مستوى توجهها الشعري؟ وماذا يمكننا أن نقول عن السنوات الثماني التي أمضتها جويس داخل نخبة فرانكوفونية مثيرة؟
ـ بدأت جويس الكتابة باللغة الإنكليزية قبل أن تنتقل إلى اللغة الفرنسية بفضل زوجها، الأمر الذي ساعدها على التعبير عن هواجسها. فحين نستخدم لغة جديدة، تبدو الكلمات أقل عدائية في المرحلة الأولى. وقد ساهم هذا الأمر في منح قصائدها شكلاً سهل البلوغ بالنسبة إلى الآخرين. ففي لغتها الأم، لم تكن تكتب إلا نوعاً من الشتائم لتحرر غضبها بشكل مباشر. وانتقالها إلى لغة أخرى خفف من حدة فكرها ودفعها إلى اللعب بالكلمات وإلى اختبار تناغمات جديدة. ولم يكن لديها آنذاك أي مشروع كتابي محدد. وحين بدأت بمعاشرة جورج حنين والنخبة المصرية الفرانكوفونية وبعض الكتّاب الفرنسيين المارّين في القاهرة، اكتشفت عدداً من الشعراء وتأثرت بهم. وخلال هذه الفترة بدأت بقراءة السرياليين وبكتابة القصائد. وجورج حنين هو أول من شجّعها على النشر. المعلومات حول هذا الموضوع قليلة جداً لأن الأمر يتعلّق بلقاءات وحوارات لا تترك أثراً. لكن الأكيد هو أن مضمون كتابات جويس سَحَر حنين، كما تشهد عليه مقالته الصادرة عام 1954 في مجلة "البورصة المصرية". هذه السنوات إذاً كانت مهمة في توجه جويس نحو الشعر. فقبل أن تستقر في باريس، كانت قد بدأت بمراسلة أندريه بيار دو مانديارغ وأندريه بروتون وجورج هونيي...
*وُلد شعر جويس مسلحاً بجميع الصفات التي رفعها السرياليون. وفي حال أضفنا إلى ذلك سحر شخصيتها الغريبة، لا نتعجب أمام سرعة انخراطها داخل الحركة السريالية فور وصولها إلى باريس عام 1956، خصوصاً أن هذه الحركة كانت ترغب آنذاك في إثبات ديناميكيتها وتجهد للعثور على نفس جديد. من هذا الكلام، نعرف ما قدّمته جويس للحركة السريالية. ولكن ما كان فضل هذه الحركة على جويس وكتابتها؟
ـ لو لم تتعرّف جويس إلى السريالية قبل وصولها إلى باريس وبعده لما اهتمت في نشر ما كانت تكتبه على الإطلاق. لماذا؟ لأنه علينا أن لا ننسى أنها كانت تعيش في محيط اجتماعي له قوانينه وضغوطاته. وبالتالي، لم يكن ممكناً أن تقول ما كانت تقوله بهذه الحرية. لكنها ستجد في السريالية وفي الفكر السريالي تأكيداً على حدسها الشعري الخاص. وسيشجعها ذلك على المثابرة ويمنحها شرعية بنظرها. والسريالية هي حركة أو ديناميكية تطال استكشافاتها ميادين عديدة: الفنون الحديثة والبدائية، الإثنولوجيا، الباطنية، الإيروسية، الصدفة، الحلم... وستلتزم جويس بعمق ونشاط هذه السُبُل. لكن، كما تقول بنفسها: "لا يمكن اصطناع السريالية. الشاعر السريالي هو سريالي بالطبع". إذاً، لن تصبح جويس شخصاً آخر، كما لن تتقيّد كتابتها بقانون سريالي للكتابة غير موجود أصلاً، بل ستعيش سريالية ملء ذاتها. باختصار، سمحت السريالية لها بأن تكون ما كانت عليه قبل أن تتعرّف إلى السرياليين الباريسيين.
*وُضعت كتابات جويس غالباً تحت شعار الإيروسية المجنّحة. ألم تحاول الشاعرة من خلال هذه الإيروسية اعتماد الهدم الاجتماعي؟
ـ إيروسية جويس ليست على الإطلاق وسيلة للهدم الاجتماعي. إنها قراءة ماركسية ونسوانية رفضتها الشاعرة. هدف جويس الحقيقي هو تأكيد الرغبة ولكن أيضاً صعوبة الرغبة. فبالنسبة إليها، الرغبة ليست مجردة وإنما هي الجوهر بذاته. وهذا موقف بروتون أيضاً الذي يؤكد في نص "الاعتراف المحتقِر" بأن الرغبة هي "التحدي الوحيد بوجه العالم". ولكن بخلاف السرياليين الآخرين الذين يقعون في مثالية حين يتعلق الأمر بالحب، تستخدم جويس لغة بلا تجميل تمنح صوتاً للبربرية السليمة الخاصة بالحب والإحساس واللذة والعذاب العاطفي. الرغبة الإيروسية هي أداة تسمح بإعادة تقييم علاقات الذات مع العالم. وهي أيضاً القوة الكبيرة التي تدفع الإنسان أبعد من حدوده المعترف بها اجتماعياً. جويس تحلم "برغبة لا حدود لها". وهذا الأمر هو نقيض الإباحية. إذ لم تهتم الشاعرة إطلاقاً بالمجون، كما أنها لم ترفّع الأجساد عبر تجميلها بصور زاهية. بدلاً من الجماع، ترغب الشاعرة في تمثيل الإحساس واللذة والألم العاطفي بواسطة صور ملموسة ولكن غير وصفية. قوة الشعر والصورة الشعرية هي بالتحديد في قول ما نشعر به بدقة ووفاء ولكن بدون استخدام اللغة الشائعة والمستهلكة.
*يمنحنا نشاط جويس الغزير والمتنوع الذي نجد آثاره في مختلف المطبوعات السريالية فكرة واضحة عن الاحترام الذي كان يكنّه لها بروتون وباقي السرياليين. إذ كتبت الشعر والنثر والحكايات القصيرة والنقد الفني وخلقت منحوتات سمّتها "الأشياء الشريرة". برأيك، في أي من هذه المجالات تميّزت جويس عن رفاق دربها؟
ـ ابتكرت الشاعرة منحوتات بواسطة مسامير وكريات وعلب أقل ما يمكن أن يقال عنها هي أنها مذهلة ومقلقة لا سابق لها داخل الحركة السريالية وخارجها. لكنها لم تثابر في هذا النشاط. كانت تأسف لعدم امتلاكها الإمكانيات التي يتميّز الفنانون بها، ولهذا حصرت جهدها بميدان الشعر. فحتى في حكاياتها ونصوصها النقدية الفنية مارست كتابة شعرية بعيدة كل البعد عن الترتيب العقلاني المألوف في هذا النوع من الكتابات. وهذه ميزة سريالية.
*في هذه السيرة، تكشفين عن البعد الإنساني العميق في شخصية جويس الذي يتجلى من خلال جهدها الدؤوب في مصالحة رفاقها داخل الحركة السريالية...
ـ نعم، تميّزت جويس بحبها للمرح والفكاهة وبكرهها للصراعات والمشاكل. ولهذا بقيت بعيدة عن النزاعات الكثيرة بين السرياليين إلا حين كانت قادرة على وضع حد لها. فمنزلها الذي كانت تستقبل فيه الأصدقاء شكّل منطقة محايدة كان يلتقي فيها المتنازعون، مثل بروتون وجوفروا أو الفنانان ماتا وفيكتور براونر. كما كانت جويس الرابط الوحيد بين أفراد الحركة السريالية وأولئك الذين بقوا على هامشها، مثل هنري ميشو وجوليان غراك وكثيرين غيرهم. وبفضل حسها الفكاهي المدهش، كانت تعرف كيف تبدد الارتياب بين أصدقائها.
*إلى جانب ميلها إلى العمل الجماعي، حتى بعد وفاة بروتون عام 1968 وانحلال الحركة السريالية، تشيرين إلى قدرتها على الثورة على الرغم من أصولها الارستقراطية...
ـ تميّزت جويس بحس ثوري عميق دفعها أحياناً إلى حد النشاط التخريبي، مثل ركل الرسام سيكويروس خلال المؤتمر الثقافي الشهير الذي انعقد في كوبا عام 1968، بسبب مشاركته في محاولة لاغتيال تروتسكي. لكن هذه الثورة لا يمكن وضعها في سياق فكر سياسي منظّم. إذ كانت ترفض الشاعرة هذا النوع من الالتزام.
*بعد انحلال الحركة السريالية عام 1969، انفتحت جويس على الخارج وتغذت كتابتها بشكل أساسي من علاقاتها الكثيرة مع الفنانين. أليس في ذلك حنين للعمل الجماعي الذي اختبرته سابقاً؟
ـ نعم. خلال المرحلة السريالية وبعدها، تعاونت جويس مع أكبر الفنانين الذين شكّلت أعمالهم عناصر إثارة لشعرها الذي سيتجدد بانفتاحه على عوالم مختلفة وُلدت تحت ريشة بيار أليشنسكي، جورجي كاماشو، ويلفريدو لام، هنري ميشو، ماكس سفانبرغ أو هانز بلمر. لكن انطلاقاً من عام 1970، انحصر نشاطها في مجال الفن فمارست كتابة شعرية خاصة لا تتوق إلى الإمساك بمعطيات اللوحة أو بسيرة الفنان. إذ ستبتكر لغة فريدة دعا إليها بروتون ووصفها على النحو التالي: "قصيدة جويس تعبر إلى ما وراء السطوح الملوّنة".
المستقبل
الثلاثاء 13 أيلول 2005
أقرأ أيضاً: