أجرى اللقاء: علي الستراوي
ذاكرة من نور، حينما تفتح غفلتها يشتعل في داخلك كثير من الأحلام المؤجلة والنائمة في سكون الغيب. أحلام حينما تحاول استفزازها تأخذك بأحضانها طفلاً يمدك بدفء خاص، تدركه الأمهات المشغولات بالهدهدة.
هو كذا أمين صالح، وأنت تحاوره يدخلك إلى مدائنه، وتظل مدينته الأوحد التي كما قال في صلب الحوار عنها، إنها المدينة التي تستحق المديح. مع أمين المبدع تذوب كل فواصل المدن، وتتجلى أبعاد الشهب، فيكون للحوار حميمية لم أدرك فعلها إلا من بعد أن بدأت الحوار معه:
* كيف لأمين صالح أن يقرأ الزمن، وهل لشخوص روايتك ''رهائن الغيب'' ما يصلك بحبل سلم الزمن من خلال ما تؤمن به في المفهوم الفلسفي؟
- نصوصي الأدبية لا تعتمد على السرد الكرونولوجي، أي القائم على التسلسل الزمني، ووفق المفهوم الأرسطي للتعاقب من بداية ووسط ونهاية، في مجرى طولي يبدأ من نقطة محددة لينتهي عند نقطة أخرى، دون أي تقاطع أو تداخل أو تمازج من قِبل عناصر أخرى تنتسب إلى مصادر، مثل الذاكرة والمخيلة، لها بعدها الزمني الخاص المختلف تماما عن المنظور الواقعي.
نصوصي، في مجملها، نتاج المخيلة والذاكرة.. بمعنى أن للسرد خاصية التركيز والتكثيف والتشظي، والذي بدوره يستلزم بالضرورة بعداً زمنيا يقوم على التكثيف والاختزال الذي ينسجم مع حالات التشظي والتفكك.
روايتي ''رهائن الغيب'' تتحرك، ظاهريا، من خلال التعاقب الزمني، على مدى فترة زمنية محددة، لكن عميقا، ولأنها نتاج ذاكرة ومخيلة، فهي تكون بمثابة ساحة تتداخل فيها الأزمنة، مخترقة التخوم الفاصلة بين ما هو واقعي وما هو متخيّل، ما هو حقيقي وما هو وهمي أو حلمي.
* هل مازلت تحنّ إلى ما كتبته في روايتك الأولى ''أ.ص الأولى''، وما الثيمة التي تجمعك بروايتك الأولى ونتاجك الجديد؟
- هناك عناصر مشتركة بين الروايتين، فقد كنت، ومازلت، أستمد المادة من الواقع المعاش ومن الحلم والمخيلة، مستعينًا بما يمليه الوعي واللاوعي. أما القضايا الجوهرية التي تتصل بالوضع الإنساني، بكل ما يفرزه الواقع من علاقات وتناقضات وصراعات، فهي ذاتها وإن كانت مطروحة من زوايا ومنظورات مختلفة.
* كل حدث على الكرة الأرضية يثير الريبة والتوجس عند المبدع، والصورة الإنسانية تنحدر عبر أخلاق ساسة الحرب، فكيف ينظر أمين صالح كمبدع، إلى محاولة جر الأرض نحو حفرة الموت؟
- موقفي لا يختلف عن موقف أي كاتب، بالأحرى أي فرد، يبصر سيادة الوحشية والرغبة المفرطة في التدمير أينما يلتفت.
ثمة نزوع غير عقلاني إلى الاستبداد في الرأي، في الحكم، في السيطرة، في التوجيه، من أجل إخضاع الكائن البشري وتحويله إلى أداة لا تفكر بل تبطش فيما هي تمجد الموت وتهتف للقتل.
لكن المبدع بلا حول ولا مكانة. في الواقع، لا أحد يحتاجه، ولا أحد يريده.. لا المؤسسات الرسمية ولا الشعبية. عندهم الثقافة مصطلح بغيض ما لم تمتثل لأهوائهم وأمزجتهم وبرامجهم ومشاريعهم. المثقف الناقد عنصر خطر لأنه يرتاب ويفضح ويسعى إلى تغيير ما هو سائد ومستقر.. لأنه - على الأقل - يسأل ويرتاب.
* أنت متهم بأنك حينما تكتب النص تسقط في جراب الشعر، فهل أنت للشعر أقرب منك للقصة والرواية؟
- أن يتسم نصّ بالشعرية، أو أن يتخلل الشعر أنسجة النص، فذلك ليس تهمة يتوجب على الكاتب أن يدحضها أو يتنصل منها أو يدافع عن نفسه تجاهها. فالشعر جوهر كل كتابة، كل فن، بمعنى أنه متجذر ومتأصل في كل فعل إبداعي.
من الخطأ الاعتقاد بأن الشعر يخص القصيدة وحدها. هذا فهم قاصر لمعنى وطبيعة الشعر. فالسرد يمتلك خاصية شعرية، كذلك الصورة السينمائية واللوحة التشكيلية والمقطوعة الموسيقية والمنظر الطبيعي (من غروب الشمس إلى جريان المياه في نهر تمتد على ضفتيه أشجار الصفصاف). الشعر موجود حولنا وفي كل مكان، فلماذا تستكثر أن يوجد في القصة أو الرواية؟
من الضروري أن ندرك أن الشعر يوسّع تخومه، وراء حدود الاتصال اللفظي، لمعانقة أشكال أخرى من التعبير الفني.. بمعنى آخر، الشعر أفق مفتوح على مداه، ليشمل كل فعالية إبداعية.
* هل تنظر إلى بناء عملك الروائي من خلال ''زوم'' المخرج السينمائي، أم تترك إرهاصات واقعك تعيش داخلك، فعندها تبني أعمالك من نافذة ضيقة تتسع من خلال نظرتك للصراع بشكله العام، وهل لك القدرة على مغادرة هذا الصراع؟
- عندما أكتب روايةً أو نصا أدبيا لا أحاول استعارة عدسة سينمائي أو تشكيلي أو مسرحي، إذ إن شيئا كهذا سيؤذي عملك ويعطّل طاقتك وإمكانياتك.. وذلك لسبب بسيط، إن لكل مجال لغته الخاصة، المختلفة والمتباينة، وأنت لا تقدر أن تستعير لغة السينمائي القائمة على الصورة البصرية، لتكتب بها نصا أدبيا يعتمد على الصورة اللفظية.
لكن، من جهة أخرى، يمكن أن تستفيد من عناصر معينة في السينما، كالمونتاج -مثلا- أو تنسيق المشهد بصريا. وأن تستفيد من التشكيل والمسرح وكل ما تعتقد أنه سيعزّز ويثري كتابتك.
* نقرأ بين نصك كل جهات الأدب وتوزعاته، نقرأ القصة القصيرة والقصيدة والرواية والمسرح والسينما، فهل تقصد احتضان كل هذه الأوجه الأدبية، أم توظفت عندك من دون قصد؟
- أحسبك تعلم أن الأنواع الأدبية والفنية لم تعد منفصلة عن بعضها البعض بشروط وقوانين مصطنعة وكابحة تميّز نوعا عن آخر، وتبعد شكلا عن آخر، بل صارت تتداخل، وتتفاعل في ما بينها، وتمارس تأثيرها المتبادل بحرية ورشاقة. الحساسية الجديدة، في الكتابة وفي الأشكال الفنية الأخرى، نجحت في تحطيم الحواجز والتخوم الني نصبتها النظريات والمناهج النقدية القديمة، وأتاحت للنص الجديد أن يتحرك بحرية وعفوية في الحقل الإبداعي. فإذا وجدت في نصي عناصر من أشكال فنية أخرى، فإن ذلك أمر طبيعي وصحي، كما أنه عفوي وغير قسري أو متكلف.. هكذا أظن، هكذا أحب أن يبدو الأمر.
؟ لكل امرئ مسؤولية تجاه نفسه والآخرين.. ما مسؤولية الكاتب حسب وجهة نظرك؟
- مسؤولية الكاتب تجاه نفسه أن يحافظ على الموهبة، أو الهبة، الممنوحة له، أن يعتني بها ويرعاها ويصقلها، لأن أي هدر لها هدر لنعمة لا يحق له التصرف بها. بمعنى آخر، الهدر خيانة.
أما مسؤوليته تجاه الآخرين فتكمن في توظيف موهبته للاتصال بالآخرين (وليكن على المستوى الإبداعي) ومعهم يخلق حوارا، حرا ومرنا، عن شؤون الحياة.
* كيف تبني أفكار قصتك ورواياتك، هل يتغلب الخيال على عقلك الواعي لحظة بناء أعمالك؟
- يصعب تحديد كيفية بناء الأفكار. إنها عملية معقدة جدا. ليست هناك خطة معينة، أو منهاج معين، وفقاً له وفي ضوئه تقوم ببناء الفكرة. الفكرة تخطر لك، هكذا، دون تصميم مسبق، وقد تنبع من مصادر متنوعة: من حلم، من صورة، وأنت تمشي، تتأمل، تصغي إلى مقطوعة موسيقية.. منابع ومصادر عدة ومتنوعة.. لكنها ليست محكومة بآلية محددة ومفهومة. قد يحدث كل شيء بيسر شديد، ودون إعاقات، وقد يستغرق الأمر وقتا طويلا، وربما تصرف النظر عن الفكرة.
* عناوين نتاجك تثير الاستغراب دائماً وتفتح ذاكرة أخرى للحوار، ما الهدف من البحث عن هذه العناوين؟
- للعناوين وظائف متنوعة: إيضاحية، إيحائية، رمزية، دلالية، تفسيرية..إلخ. شخصيا أميل إلى العنوان الذي له رنين شعري، جمالي، وفي الوقت ذاته يعبّر عن جوهر النص، ويكون مفتوحا على عدد من القراءات، من التأويلات.
قد يتولّد العنوان أثناء الكتابة، أو بعد إنجاز العمل، وأحيانا، لسبب غامض ما، يكون حاضرا وجاهزا قبل التفكير في الكتابة. في بعض الأوقات، تستعين بصديق يقترح عليك العنوان الملائم (حيث يمكن للعنوان أن يوجد باستقلالية وعلى نحو متواز مع النصوص). لكن في كل الأحوال ينبغي للعنوان أن يكون مدهشا، وأن يكون محركا، جماليا ودلاليا، لمخيلة القارئ.
* كيف تنظر إلى النقد، وما الجميل الذي يرضيك وما السيئ منه؟
- لا أميل إلى، بل لا أثق في، النقد الذي يأتي إلى النص، أو أي عمل فني آخر، من خارجه، فارضاً عليه تصوراته ومفاهيمه وقناعاته، محاولا أن يجد في النص ما يتوافق مع أفكاره أو معتقداته أو أيديولوجيته، فإذا لم يجد ما جاء يبحث عنه، سارع إلى إصدار حكم طائش وغير مسؤول بفشل النص أو ضعفه أو عدم جدارته لأن يحتل مكانة مهمة ومتميزة. مثل هذا النقد لا يفيد الكاتب ولا القارئ.
النقد، كما أفهمه، هو فعل حب. على الناقد، في المقام الأول، أن يحب العمل الذي يتناوله حتى لو اتسم نقده بالقسوة والصرامة، وإلا ما ضرورة أو جدوى تناول عمل أنت لا تحبه أساسا.
النقد المرن والمنفتح، الذي يمتلك حساسية جمالية عالية، هو ما نحتاجه.
* أنت متهم بأنك موغل في عالم من الفنتازيا أو السوريالية نحو ضبابية الصورة عندما تختار شخوصك، فكيف تدفع عن نفسك هذا الاتهام؟
- أنت تتهمني بأشياء يرغب أي كاتب أن يقترفها بتلذذ (كالشعرية والسوريالية).. لذلك، فبدلا من دحض التهمة، أفضّل أن أبقى متهما، وألتزم الصمت.
* البؤس تغلف دائماً بثوب من الغموض في نتاجك الأدبي على رغم الولادة الواقعية لهذه النتاجات، ما يدفع إلى قرائتها بعيدا عن منشئها ومكان ولادتها، لماذا، وهل هذا بقصد يوظفه عقلك الواعي؟
- لا أظن أن أي كاتب يتعمد الغموض أو يقصد أن يغلّف رؤيته (وبالتالي موضوعاته) بما يشبه السديم.. مع ذلك، لا بد من الإقرار بأن الغموض (وليس الإبهام أو التعمية أو التشوّش) متجذر ومتأصل في لبّ كل عمل إبداعي، شئنا أم أبينا.. ذلك لأن النص (أو أي عمل فني) نتاج الوعي واللاوعي في آن، نتاج واقع وحلم معا، نتاج ذاكرة ومخيلة لا يمكن ضمان وضوح مادتها، أو الاطمئنان إلى انتقالها إلى الآخرين بدرجة كبيرة من الوضوح تكفل الفهم والاستيعاب.
* الكثير من قصصك تبدأ بالحلم كروايتك ''ألف صاد'' الأولى، فهل تبدأ الكتابة من الحلم؟
- الحلم حقل خصب وثري، أو -إن شئت- نبع ساحر واستثنائي، منه يستل الكاتب أو الفنان صوره ورموزه وأفكاره وحالات عجائبية لا يمكن أن يصادفها في واقعه اليومي. الحلم هو الواقع الأخر، السحري والآسر، الذي يستمد منه الكاتب مادته. شخصيا، لا أستثمر ما تهبه لي الأحلام فحسب، بل إن كثيرا من نصوصي تحاول أن تماثل الحلم في بنائها وصورها والعلاقات بين أشيائها.
* كونك أحد الأدباء المفرغين من قبل الدولة، هل تشعر أن التفرغ أفادك في رسم مشاريعك الإبداعية، وهل تشعر بفراغ أطاله عليك حكم تفرغك؟
- منذ أن حصلت على منحة التفرغ وأنا أشعر بحرية لم أختبرها من قبل في تنفيذ مشاريع أدبية وفنية ما كان بالإمكان تحقيقها في ظروف سابقة، إذ تسلب منك الوظيفة وقتا طويلا كان من الممكن استثماره في إنجاز أعمال كثيرة. الوظيفة قيد يكبّل كل طاقاتك ويأسر روحك، ويصعب الخلاص منه، وعندما يأتيك الخلاص (في شكل تفرّغ أو ثراء مفاجئ أو ما شابه) فإن ذلك يكون أشبه بالمعجزة.. المعجزة التي تستمتع بمذاقها كما الفاكهة.
* لو طلب منك أن تقرأ المدن إبداعيا فإلى أي المدن تميل وتشعر بأنك تتنفس بحرية؟
- إنها المدينة القاطنة في نصوصي، تلك التي هي من نسج الواقع (أو الطبيعة) والحلم والخيال، تلك التي أجوب طرقاتها وساحاتها وحقولها بحرية ورشاقة تستعصي على الوصف، تلك التي لا يحكمها منطق أو قانون أو بنى غير التي تستدعيها مادة العمل، تلك التي أعبر تخومها بلا إذن ولا تصريح، حيث أكون الخالق (أو اللاعب أو الحاوي.. سمّني ما شئت) والمخلوق في آن.
خارجيا، لكل مدينة جمالها وقبحها، فضائلها ورذائلها، وداعتها وعنفها.. ذلك لأن المدن، كما الحال مع الإنسان، نتاج الصدفة والضرورة.
لو كان الأمر بيدي لطحنت المدن برحى الخلق، ومن عجين الحجر والسماد صنعت المدن الأجمل، الجديرة بالمديح.
* كيف تنظر، وأنت في هذا العمر من الإنجاز الأدبي، إلى صورتك الأدبية، وهل أنت مقتنع بما قدمته أم مازال الدرب أمامك طويلا؟
- لا أعتقد بأن الصورة واضحة، بالنسبة لي.
أنت تقضي عمرا مديدا تكتب أو تنتج فنا، دون توقف.. لماذا؟ هنا يكمن اللغز، كلما أنتجت شيئا شعرت بشيء من الرضا أو الإشباع الموقت، وسرعان ما تبدأ في الارتياب بما أنتجت، وتشعر بأن ما أنجزته لا يرتقي إلى ما كنت تصبو إليه، وأن ما هو كامن في داخلك لم يخرج منه إلا الجزء الضئيل جدا، وأن الكامن أجمل بكثير مما أنجزته حتى الآن، فتحاول من جديد، المرّة تلو الأخرى، بعد فترة قصيرة من الراحة تلتقط فيها أنفاسك وتستجمع قواك المنهكة، حتى ينتهي بك العمر، وأنت تحتاج إلى مزيد من الوقت، وتسمع ما بداخلك يطلق صوتا حادا عاليا لكي يخرج، لكي يتحرر، وأنت لا تستطيع أن تلبي هذا المطلب، لا تستطيع أن تعبّر جيدا، وعلى نحو مرض تماما، عن ذاك الجزء الطالع من أعماقك.
هكذا هي عملية الإبداع: شهوة دائمة، وجوع متواصل لا يبلغ حد الشبع أبدا، وإنهاك لا حدّ له.
* لم يعرف الشاعر قاسم حداد صديقاً حنوناً عليه كأمين صالح، فما الأشياء الجميلة التي جمعتكما ببعض وما المفاصل السلمية في تجربتكما الأدبية التي مازالت كما يقرؤها النقد وليدة الأمس، فهل أنت متفق معي على ما يراه المحبون في تجربتكما الحياتية والأدبية؟
- أنا محظوظ للغاية لأنني رافقت قاسم حداد في تجربتيّ الحياة والكتابة معا.. هذه الرفقة الخصبة، الغنية، السخية، التي لا أنانية فيها ولا بخل.. والمكتنزة دوما بالحب والفهم والدعابة.
أن تتقاسم مع قاسم الرغيف والشعر يعني أن تحصّن نفسك من أي انكسار محتمل، أن تصون روحك من التشوّه الذي صار يطال من كان يحلم معك بغدٍ مشرق، أن تقطع الخيوط التي تشدك إلى مرابط الامتثال والخنوع، مراقد الكسل والتكرار. يعني أن تنحاز فقط إلى ما يتيح لحريتك التحقق: حرية العيش خارج سطوة الرسمي والأيديولوجي معاً، حرية أن تبدع بلا شرط ولا تحفظ.
والذين يعرفون قاسم جيدا يدركون أنه قادر أن يكون، بلا عناء ولا تردد، جناحاً يوفّر لك الفيء والطمأنينة، يداً حنونة تزيح عن كاهليك غبار التعب واليأس، وعيناً تسهر عليك كلما آويت للنوم لتحرس لك أحلامك العابثة.. وهو يفعل كل هذا دون مقابل، ودون أن يرجو مكافأة.. يكفيه أن يرى في حدقتيك سريرا يأوي إليه آن يتعب.
* ماذا يدور في عقل أمين صالح الآن، هل هناك عمل مرتقب سيرى النور قريباً؟
- لا أعرف إن كانت مشاريعي المقبلة سترى النور قريبا، ذلك لأنني لا أعلم متى أنتهي من إنجازها. حاليا أشتغل على ترجمة وإعداد كتابين: أحدهما عن السوريالية (تاريخها ومصادرها وعناصرها ولغتها وتقنياتها...إلخ) والآخر عن المخرج السينمائي، اليوناني العظيم، ثيو أنجيلوبولوس.. أتمنى أن أنتهي منهما مع نهاية العام الحالي.
* هل تشغلك السياسة أكثر من انشغالك بالأدب؟
- أتابع الأحداث المهمة وأخبارها وما يكتب عنها من تحليلات، لكن ليس إلى حد الانغمار أو الهوس. يثير اهتمامي ما يحدث في العالم، حتى وإن كان يسبب الإحباط أو التوتر. لسنا معزولين أو في كوكب آخر. ما يحدث هناك يؤثر سلبا أو إيجابا في ما يحدث هنا. مع ذلك، لست ممن يتابعون نشرات الأنباء على مدار الساعة. ذلك أمر مضجر ومثير للكآبة.
* سؤال غفلتُ عنه ولم أسألك إياه، لك أن تفتح الذاكرة وتكمل الناقص من الحوار؟
- أكمل؟ لم لا ننهي اللقاء عند هذا الحد؟
هكذا اختار أمين في غفلة من بصيرتي أن ينهي الحوار، وتظل نوافذه تلاحقني حيث كل الأشياء التي بدأ بها الحوار جاءت من جديد لتسألني لماذا انهيت هذا الحوار الجميل، مع سنديان مازال يعرش بطيبته ويثمر الحلم مع أصدقاء جدد، يطرح على مسامعهم سردا لحكاية لم تكتمل، هكذا هو أمين صالح
الوطن، 8 أكتوبر 2007) البحرين