ترجمة: حسن الوزاني
ذهب الشاعر الكونغولي الشاب مارسيل كمادجو نجاكي إلى مهرجان كراكاس الفنزويلية للمشاركة في مهرجانها الشعري العالمي في دورته الأخيرة محملا بقصائده وبقراءاته السابقة لأدونيس وعاد بحوار عميق يقترب من تجربة الشاعر العربي في الحياة وفي الإبداع.واختار مارسيل كمادجو نجاكي، الذي راكم أعمالا شعرية وقصصية حصلت على العديد من الجوائز، من بينها جائزة إفريقيا الوسطى للشعر الجديد، أن يخص “الخليج” بالحوار معتبرا ذلك امتدادا لما يبديه من اهتمام بخلق التواصل مع ثقافة عربية يعتبرها مارسيل جزءا مفترضا وخفيا من ثقافته.
يسري في قلبك الدم السوري والدم اللبناني من جهة، واللغتان العربية والفرنسية من جهة أخرى. كيف تعيش لعبة الأوطان والثقافة هذه؟
- أجد نفسي داخل هذه التعددية. لكن وطني في نهاية المطاف هو اللغة لا الجغرافيا. وداخل هذا الوطن بالضبط أشعر بقدرتي على التعبير. وتبقى اللغةُ العنصرَ الأهم داخل هذا المجهود المكرس للتعبير.
* أي اللغتين تحمل إذن هذا الوطنَ الذي تتحدث عنه؟
- العربية بالتأكيد.
*يعني ذلك أنك تكتب أساسا بالعربية، على الأقل حينما يتعلق الأمر بوضعك كشاعر؟
- أكتب أساسا باللغة العربية. ولا أمتلك، على العموم، غير هاتين اللغتين. لكن بحكم كوننا لا يمكن أن تكون لنا أكثر من أم واحدة، أكتب بلغة الأم التي هي اللغة العربية. أما بالنسبة للفرنسية، فأكتب أحيانا نصوصا نثرية قصيرة ومقالات.
* كان الاسم الذي توقع به، أدونيس، موضوعا لجدال. فبعض النقاد يقولون إن الاسم اقتُرِح عليك من طرف أمين الحزب الوطني السوري، في حين يؤكد آخرون انك اخترتَ الاسم من أجل التمكن من النشر. أين تكمن الحقيقة؟
- الطرح الأول خاطئ. أما الثاني فهو جزء من الحقيقة. والحقيقة أنني كنت أكتب نصوصا وقصائد وأبعثها باسمي الأصلي إلى الجرائد والمجلات، غير أنها لم تكن تجد طريقها إلى النشر. وعثرتُ يوما ما على مجلة تتحدث عن أسطورة أدونيس باعتباره إله الجمال عند الفينيقيين. (وللتاريخ فالإغريق هم الذين أضافوا حرف السين للاسم). كان فينوس يُكن حبا خاصا لهذا الإله. وحدث أن ذهب أدونيس، كعادته، لصيد الخنزير، غير أن هذا الأخير فاجأه وأرداه قتيلا. وتحول أدونيس إلى وردة تسمى بشقائق النعمان. وهناك نهر يُسمى إلى حد الآن بأدونيس. وهو نهر يصير لونُه، في كل خريف، أحمرَ بسبب لون تراب الأرض، غير أن الأسطورة تربط ذلك بدم أدونيس. وقد هزتني هذه الأسطورة كثيرا، وقررتُ توقيع كتاباتي باسم أدونيس منذ تلك اللحظة، معتبرا الجرائد والمجلات التي كنت أرسل إليها قصائدي وترفض نشرَها أشبه بحيوان الخنزير الذي يريد أن يقتلني. وأرسلتُ إذن نصا شعريا إلى جريدة لم يسبق لها أن نشرت أي قصيدة لي، فوجدَتْ بالفعل طريقها للنشر باسم أدونيس. ووافيت الجريدة نفسها بقصيدة أخرى، فنُشرت هذه المرة على الصفحة الأولى، مع إعلان كان نصه “المرجو من أدونيس الاتصال بمقر الجريدة”. وذهبتُ بالفعل للجريدة بهندام سيئ، وكنتُ حينها لا أتجاوز الرابعة عشرة من عمري. ولم يُصَدقني السيد الذي قدمتُ له نفسي على أنني أدونيس. وطلب رئيس التحرير منه إدخالي بعد أن أخبره بالأمر ليفاجأ بدوره سائلا إياي: “هل أنتَ أدونيس؟”. وأجبتُ: “بالفعل، أنا أدونيس”. وهكذا ارتبط الاسم بي. وقد انتبهتُ، بعد سنوات، إلى كون هذا الاسم قد فتح لي أبواب ثقافة البحر الأبيض المتوسط، وساعدني على تجاوز حدود الثقافة العربية والإسلامية، ومكنني من الانفتاح على العالم. وهذه بالضبط القصة الحقيقية لهذا الاسم. والآن، الكل يعرفني باسم أدونيس، وحتى أمي فإنها تناديني “أدونيس”.
*أدونيس هو إله الحب والشباب الأبدي. وحينما نراك، وأنت في السابعة والسبعين من عمرك، نشعر كما لو أن أدونيس قد رسم علامة الشباب على ملامحك. ما ذا تفعل للحفاظ على هذه الحيوية الفيزيائية والفكرية، وخصوصا على طبعك المرح؟
- (يضحك). لا يمكنني أن أفسر بوضوح ما تطلبه. لكن يمكن أن أقول لك ما أشعر به. أظن أن اختيار موقع المعارضة يمكن أن يمنح القوة والشباب الدائم. وقد كنتُ أوجد في هذا الموقع بالضبط دائما، وذلك ضد الثقافة السائدة في بلدي. لقد كنتُ دائما معارضا. ولكم أن تتصوروا كيف أن أعمالي لا تَرِد في الكتب المدرسية الرسمية بخلاف أعمال العديد من الشعراء. كما أعتقد أنني تعلمتُ كثيرا من المرأة، فهي إكسير الشباب الأبدي.
* أي النساء تقصد: الابنة أم الأم أم الزوجة؟
- أقصد المرأة الحبيبة بعيداً عن الأمومة وعن الزواج، فأنا ضد مؤسسة الزواج الرسمية. وأعتقد أن هذه المؤسسة تأتي على حرية الأفراد. أنا مع الصداقة. وأعتقد أن علاقة حب بين رجل وامرأة لا يمكنها أن تصمد من دون هذه الصداقة.
* صرحتَ لي، ونحن في انتظار الانتهاء من إجراءات السفر في مطار كراكاس، “ليس هناك أفظع من الحدود. يجب تحطيم الحدود
”.
- بالتأكيد. وأرى الأمر ضروريا خصوصا في واقعنا الكوني. وأظن أن مستقبلنا الإنساني سيكون قائما على الاختلاط أو لن يكون. ولكي تشمل امتدادات هذا الاختلاط كل المجالات الثقافية والإنسانية يتوجب أن نتجاوز هذه الحدود العرقية والجغرافية والسياسية. إنني أحلم بعالم من دون حدود على جميع المستويات. وإذا كان الأمر يتعلق هنا بحلم فقط، فإنني أعتقد أن كثيرا من الأحلام تنتهي بالتحقق يوما ما.
لكن، كيف سيتحقق مثل هذا الحلم حينما نجد مثلا أن فرنسا، البلد الذي تعيش فيه، هو الآن تحت قيادة نيكولا ساركوزي الذي ينظر إلى الهجرة البشرية من زاوية أكثر اختزالاً؟
- لم أصوت على ساركوزي. لقد صوت على المرأة قائلا لنفسي: “هذه امرأة من تاريخ فرنسا، وهو أمر رائع، لأن هناك اختلافا في الدرجات بين يسار ويمين هذا البلد، لكن من دون أن يكون هناك اختلاف نوعي”. كان هناك أمل في التقدم قليلا نحو الاشتراكية. وحينما نضع ساركوزي في السياق التاريخي ونتأمل كيف وصلت الثورة الفرنسية، التي غيرت العالم، في فرنسا إلى ساركوزي نجد أن الأمر يدعو حقا للتفكير، ليس فقط في سخافة التاريخ، ولكن أيضا في سخافة الحياة الإنسانية.
* تتحدث عن سخافة الحياة الإنسانية. ربما لهذا الأمر أنتَ شاعر؟
- لا أعرف، لا أعرف.
*تبدو حياتك محفوفة بمآسي المنفى والمعاناة من غياب التسامح السياسي. كما أن مسارك حافل بالإنتاج الأدبي، وهذه هي العناصر التي تصنع أغلب الحائزين على جائزة نوبل. وأنت بالفعل مرشح لهذه الجائزة خلال هذه السنة. ما الذي ستقوله في خطابك إذا فزتَ بها بالفعل؟
- لم أحلم يوما ما بجائزة نوبل ولا يمكنني أن أتحدث عنها أبدا.
* لا يمنع ذلك أنك مرشح لها.
- يتم الحديث عن ذلك. وقد قرأتُ ذلك في الجرائد كبقية القراء. وأظن أنني لن أحصل على الجائزة، ولذلك ليس لدي أي فكرة عما يمكن أن أقوله لو فزت بها.
* أكيد؟
- أكيد أنني لا أعرف.
*ولكن، ما ذا لو فزتَ بها؟
- (يضحك) إن القوة العكسية لكلمة “لو” تمنعني من تخيل ما يمكن أن أقوله.
* لنعد إلى الشعر. فبالرغم من الخطوات التي حققَها في أفق اعتباره ضروريا، كما هو الأمر بالنسبة لبقية الفنون، ما زال هناك من يؤمن دائما بعدم جدواه. ما الذي يمكن أن تقوله دفاعا عن الشعر؟
- أعتقد أن الشعب او الأفراد الذين يستطيعون أن يعيشوا من دون الشعر لا يعيشون فعليا. كما أن الشعر ليس فقط هو القصيدة. وأستحضر هنا كلمة للكاتب الفرنسي باتريس دولاتور دوبان: “إن البلد الذي لا أسطورة له يفنى من شدة البرد”. وأظن أنه يمكن القول أيضا إن بلدا من دون شعر يفنى بدوره من شدة البرد. ولذلك لا أتصور الحياة من دون الشعر بمفهومه الواسع. والواقع أنه ليست هناك فقط أزمة قراءة الشعر، ولكن أيضا أزمة إبداع شعري. وفي جميع الأحوال، إذا كان الشعر قد خسر أفقيا فإنه قد ربح عموديا. فقراء الشعر، في الوقت الراهن، هم أكثر حرارة وأكثر عمقا وأكثر إنسانية من قراء الأمس. ولذلك لا أخاف أبدا على الشعر. فالشعر سيحيا ما دام هناك حب وموت.
*لمن تكتب القصيدة إذن؟ لنفسك أم للقارئ؟
- أكتبُ لكي أتعرف الى نفسي أكثر. كما أن كتابتي هي امتداد لشخصيتي. وبهذا، فالقصيدة ليست تعبيرا عني وإنما هي مكملة لي. إنها أيضا شخصيتي وعطائي وحياتي اليومية. وبهذا المعنى، فالقصيدة لا تُعَبر وإنما تخلق. ولا يجب أن نعتقد أنه بالإمكان التعبير عن الحقيقة الشاملة للأشياء. فنحن دائما في خضم تجريب كل ما يستحيل التعبير عنه.
* ما هو إذن موضع القارئ في حياة القصيدة؟
- القارئ مبدعٌ آخر. فأنا لا أقدم القصيدة للقارئ لكي يستهلكها كما يشرب كأس ماء، وإنما لكي أسائله، ولكي يخرج من عالمه لرؤية عالم آخر. وباعتبار القصيدة هي إثارة أسئلة عن نفسي كشاعر وعن العالم وعن القارئ، فأنا أتعامل مع هذا الأخير كمبدع آخر لقصيدتي.
* لنعد إلى جملة لك وردت في قصيدتك “ريشة الغراب”: “أكتب أشعاري على التراب/ بريشة الغراب”. وترد إذن في القصيدة كلمتا “تراب” و”غراب”، وهما رمزان للكيمياء القديمة. هل أنتَ شاعر مطلع على العلوم الروحية أم شاعر صوفي؟
- لا أعتبر نفسي شاعرا صوفيا بالمعنى العام. وما يهمني ليس هو المرئي، فهذا الأخير ليس، بالنسبة لي، غير عتبة تقود نحو الخفي. ولا أظن أن الأمر يتعلق هنا بالتصوف. لأن هذا الأخير يستند إلى منهج مختلف تماما. ولكن يمكن القول انني متأثر بالفكر الصوفي على مستوى الهوية والحقيقة والواقع، أي على مستوى طريقة الاقتراب من العالم. وأريد أن أشير إلى أمرين. أولاهما أنه لم يتم، في التصوف العربي، الإيمان بهوية قبْلية، فالإنسان يصنع هويته عن طريق إبداع عمله. أما الأمر الثاني فيخص الحقيقة. وتكمن هذه الأخيرة في التجربة وفي ما سيأتي، ولا تنبثق من الماضي، كما هو الأمر بالنسبة للهوية. وبهذا المعنى، يمكنك أن تعتبرني صوفيا./p>
*كنتَ في الدورة الرابعة لمهرجان كراكاس بفنزويلا وكانت تعيش اضطرابات نتيجة رفض الحكومة تجديد عقد الامتياز لإذاعة وتلفزيون كراكاس. ما تعليقك على الأمر؟
- لا أعرف، للأسف، الوضعية السياسية في فنزويلا. والمعلومات التي استقيتها في أثناء حضوري أن الشرطة، مثلا، لا تملك صلاحية توقيف أي شخص، حتى لو كان في حالة تخدير، وهو أمر رائع. كما أن النظام يترك لمعارضيه حرية التظاهر، وهو أمر رائع أيضا. ولا نرى ذلك في عالمنا الثالث. أما بالنسبة للقناة، فقد قيل لي إن الأمر لا يتعلق بإخلال بالحرية وإنما بسؤال قانوني. فقد كانت القناة تتوفر على عقد، وانتهت صلاحيته، وتبقى للحكومة إذن حرية عدم تجديده. ولا يمكن أن يكون أحد ما مع بوش ومع سياسة الولايات المتحدة الأمريكية وفي الوقت نفسه مع الحرية. وأقول هذا وإن لم أكن يوما عضوا في حزب اشتراكي أو شيوعي أو عنصري.
* لكن لديك على الأقل ميولات اشتراكية
- بالتأكيد. أنا ضد بوش كما قلت. وأظن أن كل شاعر وكل مبدع ينتمي أساسا لليسار، ولا أقصد اليسار السياسي. وهناك شيء كثير يمكن أن يقال عن استبداد جانب من اليسار. ولا يجب نسيان تجربة ستالين. ولذلك لا يجب الاعتقاد بأنني لا أنتقد اليسار. وما أقوله هو بالمقارنة مع السياسة الأمريكية الحالية. فأنا ضد هذه السياسة ولا يمكنني إلا أن أكون متعاطفا مع الذين يناضلون ضدها. ويجب أيضا انتقاد الأنظمة اليسارية بأمريكا اللاتينية وفي إفريقيا وفي الوطن العربي لأنها ترتكب كثيرا من الأخطاء. ويبقى أنني لا أهتم بالسياسة اليومية وبسياسة الأنظمة. فأنا أعتبر نفسي جاهلا في هذا المجال. وتهمني، في مقابل ذلك، السياسة بالمفهوم الإغريقي للكلمة، أي تأسيس مجتمع قائم على الحرية والتعددية والأخوة والانفتاح والاختلاط.
* هل سبق لك زيارة إفريقيا السوداء؟
- لا، للأسف.
* أليست لك بها علاقات ولو من بعيد؟
- تعرفت إلى الشعر الإفريقي بالفعل، وإلى تجارب ايمي سيزار وروني دبيستر وإدوار كليسون، وغيرهم من الشعراء، لكن ليست لي فكرة مقنعة بالنسبة لي عن الثقافة الإفريقية، ويجب أن أعترف بجهلي في هذا المجال.
* يبدو أنك لا تبذل جهداً من أجل ملء هذا الفراغ.
- ما تطلبه يرتبط بمسائل عملية. فأنا لا أملك الإمكانات المالية للسفر إلى هذه الدول من أجل الملاحظة وربط الاتصال (يضحك).
فضل القصيدة
ولدتُ في وسط شعري، وذلك في قرية فقيرة في سوريا. لم تكن سائدة هناك غير ثقافتين. الأولى حية ومجسدَة والثانية تقليدية وتجريدية. ولم أعش طفولتي كأغلب الأطفال، لأنني وُلِدت كشجرة أو كحجر أو كنهر أي كجزء من الطبيعة وليس من المجتمع. ولذلك، كتبتُ الشعر منذ طفولتي. كما أنني دخلت المدرسة بفضل قصيدة. إن الشعر هو الذي صنعني إذن ومنحني إمكانية التعلم والوجود في مدرسة. يتعلق الأمر بقصة طويلة. فحينما كنتُ طفلا، لم أكن أذهب إلى المدرسة، بخلاف عدد كبير من أطفال القرية. وبعد استقلال سوريا سنة ،1943 قرر الرئيس الأول للجمهورية، شكري القوتلي، زيارة القرية فقد قلتُ لنفسي: “سأكتب قصيدة للاحتفاء بمقدم رئيس الجمهورية، وسيستمع إليها، وسيُعجب بها، وسيسألني: ما الذي يمكن أن أفعله من أجلك صغيري؟ وسأجيبه: أريد أن ألج المدرسة”. وقد تحقق هذا الحلم بشكل حرفي. ولذلك أقول انني مدين بما أنا عليه الآن لقصيدة.
القصيدة صورة جدارية
لا أؤمن بالمواضيع. وأظن أن موضوعي هو الكون في شموليته وفي تناقضاته. وتظل القصيدة صورة جدارية تعبر عن هذا التنوع وعن هذه التعددية. ولذلك، فإن تمثل القصيدة باعتبارها إحساسا أو عاطفة فردية أو حبا للأشياء لا يعني شيئا، لأن كتابة القصيدة تعني الإحساس والتفكير في نفس الآن. فجميع كبار الشعراء المدعين كانوا في الوقت نفسه مفكرين كبارا، كما هو الأمر بالنسبة لجلجامش وهوميرس ودانتي، وأيضا رامبو وغوته وغيرهم. لا يمكن إذن فصل القصيدة عن الفكر. ويَفترض ذلك إعادة التفكير في تمثل القصيدة. لا يمكن إذن الحديث عن موضوع، وإنما عن مواضيع وعن الكون. ما الذي يعنيه “موضوع”؟ إنه “الموضوع” تقليدي ومتجاوز. وأجد أن “الموضوع” منظم شيئاً ما. أما الشعر فهو فوق ذلك. ولأنك شاعر، ولأنك تكتب، فإنك تظن أن “البداية هي هذه وأن النهاية هي تلك...” لكن بإعادة قراءة القصيدة، بعد الانتهاء منها، يصير ما كان بدايةً نهايةً. فماذ يعني ذلك؟ إن القصيدة أشبه بقذفة بركانية. إنها أضمومة مواضيع. لأنك إذا كتبتَ عن الحب فإنك تكتب ضمنيا عن الموت وعن السخافة. إذن فكل قصيدة تضم عددا من المواضيع إذا فهمنا “الموضوع” بهذا الشكل.
الخليج
9-2-2008