الشاعر ناهابيد كوجاك
(القرن السادس عشر)
أخذتِ لون عينيكِ من البحر،
أمَّا حاجباكِ فمن الغيم الأسود.
ووجهكِ وبشرتكِ
من أوراق الورد الأحمر.
وحيث تتواجدين
لا حاجة لنور الشموع،
فنور صدركِ يشعُّ إلى الخارج
وينشر من كانوا في القبور.
* * *
أرفع صوتي لأقول فاسمعي مقالتي:
تباركت الأم التي ولدتكِ،
ألم توصك أمّكِ حين ولدتكِ
ألاّ تحرقي العالم.
فلتمتد النار من السماء
إلى الأرض ولتحرقها
لأنَّها تبعدكِ عنّي
وتحرمني من رؤياكِ.
* * *
يا صاحبي، كذب الذين قالوا:
لا وجود لغير الحجل البرّي.
بالأمس رأيت حجلاً داجناً
فهنيئاً لمالكه،
حاجباه كانا مرسومين بأناقة
والشهد يقطر من فمه،
حين يضع الميت في حضنه
إذا به حيّ يُرزق.
* * *
كنتُ غصن درّاق
أنبت في الصخر.
جاؤوا, قطعوني وساروا بي
وغرسوني في حديقة الآخرين,
وصنعوا من السكر شراباً
وسقوني منه.
أيُّها الأخوة، تعالوا أرجعوني إلى مكاني
واسقوني بماء الثلوج.
الشاعر هامو ساهيان
(1914-1993)
سنواتي
سنواتي، سنواتي،
أين ظلت سنواتي؟
سنواتي الخضر والحمر،
سنواتي السود والبيض،
سنواتي الباردة والحارة،
سنواتي الملتوية والمستقيمة،
سنواتي، سنواتي...
إلى أين رحلت سنواتي البائسة،
سنواتي ذوات الأرجل الحافية،
سنواتي ذوات الأجنحة وذوات الأجنحة المتكسِّرة،
أين ظلَّت
سنواتي المليئة بالحب،
سنواتي النشيطة كنشاط الخيول؟
كم من الآلام سبَّبت لي!
وكم من الآلام أخذت مني!
كم من السواد وهبتني سنواتي،
سنواتي، سنواتي...
كم أخذت معها من كلمات لم ألفظها!
وكم من الحب الذي لم أفصح عنه
أخذته معها سنواتي، سنواتي.
إلى أين رحلت وكيف مرَّت
سنواتي التي كانت تهيج الحجارة
وتشرب السماء؟
وكم جاءت على عجل سنواتي ذوات العكازين،
سنواتي التي تشبه الشهب.
حبَّذا لو تجمَّعت سنواتي يوماًً،
حبَّذا لو عادت
وبكت على رفاتي،
سنواتي السعيدة والحزينة،
سنواتي الخضر والحمر،
سنواتي السود والبيض،
كل السنوات التي عشتها،
سنواتي، سنواتي...
* * *
الشاعر زاهراد
(1924-2007)
شجرة الخوخ التي لا تحمل ثماراً
عندما لم تحمل شجرة الخوخ ثماراً في الربيع
- خجلت
نظرت إلى أوراقها
وأغصانها الجرداء بحزن
وبكت
وأولاد الحارة - سارقو الفواكه -
لم يرموها بأي حجر
بل نظروا إليها باحتقار
ومرُّوا
وحيدة ومُهملة هكذا
نظرت شجرة الخوخ
من ورائهم بحنين
وبكت
أسياد الحارة وسيداتها
لم يلمحوا
شجرة الخوخ البائسة
التي بكت
مهملة - مذنبة هكذا
قطة سوداء فقط - قطة عاشقة للظل
نظرت إليها طويلاً
بعينيها الصفراوين الشبيهتين بالشمس
واستقرت تحتها
وولدت أربع قطط صغيرة في ظلها
تقوم الآن شجرة الخوخ
بمدِّ ظلالها الرطبة بحنان
كي لا تحترق القطط الصغيرة الوليدة
بأشعة الشمس الحارقة
* * *
الشاعر باروير سيفاك
(1924-1971)
سوف
آه من كلمة «سوف»،
آه من هذه الكلمة،
ترى
هل ستكون لها نهاية؟
«سوف... نفعل كذا،
سوف... نفعل ذلك،
سوف... يصبح هكذا،
سوف... يصبح كذلك.
سوف... سوف... سوف...».
وهكذا تتربَّع كلمة «سوف»
على العرش،
وسنظل أمامها واقفين
ثمّ نركع لها...
* * *
الشاعر زاريه خِراخوني
(1926)
اللغم
أحياناً
يخيَّل إليَّ بأنني لغم جوَّال
تحرَّر من قيوده ومرساته منذ زمن بعيد
وهو أسير أمواج المحيط اللامتناهية
والذي - ومن يدري ذلك؟-
سيصطدم بلا تحديد برصيف أو سفينة ما وينفجر
أو سيستقر في رمال شاطئ جزيرة مهجورة
ويلفّه الصدأ...
أحياناً
أعتقد بأنني لغم أسير باندفاع داخلي
أُطلق سرَّاً من غوَّاصة كبيرة خفيَّة
إلى هدف مجهول،
إلى هدف
لا يعلمه إلا قبطان الغوَّاصة...
أما أنا فأسير بسرعة جنونية
إلى هناك
ولا أدري متى سأصل إلى هدفي
أو هل سأصل إليه حقاً...؟
وربما لن أصل إليه أبداً
وفي النهاية سأستقر في قاع البحر
وأنا مُفرَّغ من قوة الاندفاع.
وأحياناً
أحسُّ بأننَّي لغم متنكِّر
في حشد من الناس ذوي أقنعة متنوِّعة كالأصنام التي تعبد نفسها،
إنَّني أرتدي مثلهم ثياباً بأبِّهة وأتكلَّم بطلاقة والابتسامة على وجهي،
أنا... أنا قنبلة رهيبة على شكل إنسان
جاءت راضية إلى المكان الذي هي موجودة فيه الآن،
والتي ستبقى هناك مهما أرادت - ستبقى بحريّة ورضاء قلب
وستنتظر إلى أن يحين الوقت المناسب،
إلى أن يأتي الزمن المناسب الذي طالما انتظرناه،
وحينئذٍ، وبابتسامة تاريخيَّة تُشعل قدَّاحتها
وكأنها تُشعل لهباً
أو تقول بأن هذا لا يستحق كل ذلك -
وتبتعد...
الشاعر إكنا صاري أصلان (1945-)
الغصن
كانت غصناً،
كانت فتاة كغصن،
تزهو بالأزهار الملوَّنة
في الربيع.
شتاءً
كانت تصبغ شعرها
باللون الأصفر
كأوراق الأشجار.
هي الآن
زهرة حب
في أتون القلب،
تلتهب وتحترق.
هي الآن
زهرة حب دائمة الاشتعال،
تحترق، تحترق على الدوام
لكنها لا تتحوّل إلى رماد أبداً.
الشاعر هوفهانيس
كريكوريان (1945)
قدَّاس وجنَّاز بمشاركة عدَّة أحزاب
الحزب الأول يحب الشعب،
وهو يناضل بحماس
كي يرفع من مستوى معيشة الشعب.
الحزب الثاني يحبّ الشعب كثيراً،
وهو يناضل ضد الحزب الأول بحماس
كي يرفع من مستوى معيشة الشعب.
الحزب الثالث يحب الشعب كثيراً جداً،
وهو يناضل ضد الحزبين الأول والثاني بحماس
كي يرفع من مستوى معيشة الشعب.
الحزب الرابع يحب الشعب أكثر من الآخرين،
وهو يناضل ضد الحزب الأول والثاني والثالث بحماس
كي يرفع من مستوى معيشة الشعب.
وها هو الشعب البائس بالكاد يُرى من بين الأكاليل الملوَّنة الأنيقة
مغلق عينيه إلى الأبد، وهو الذي لم يبقَ منه سوى العظام
وهو محاط بحب الأحزاب الشامل...
السفير
23 ابريل 2010
إقرأ أيضاً:-