أملأ كوب القهوة. أناول امرأةً شقراء ثماني كروناتٍ ـ هي ثمن القهوة في كافيتيريا المدرسة.
أدوس عتبةً موغلة في الغياب، وزجاج النوافذِ، متّسخٌ جدّاً.
تدخل امرأةٌ بسُترتها الحمراء. هي ذاتها، التي ناولتها ثمن الكوبِ ـ أشرب منه الآن.
ـ اسمي "أنّا ستراندبِري" مدرّسة المادة، وأعمل في الكافيتريا!!
للأحمر مغزىً لا يدركه،
سوى الثيران.
أغلقوا كلّ البواباتِ،
وكلّ منفذٍ للصراصير.
كأسُ نبيذٍ أبيضَ،
على الحافّة.
أشربها،
و للريح، أبعثرني.
لا تبتعد أيها النورس. سأبصق في النهرِ، وأدعو الأسماك تأكل أصابعي ولساني،
ومنقارك المعقوف.
***
يقول رئيس الوزراء السويدي:
ـ ارتكب أبي مخالفةَ سيرٍ، وسيحاكَمُ، مثله مثل أي مواطن!!!
يستهلك العالم مليار ضفدعة سنوياً، على موائد الطعام، والعصافير تنقر جلدنا المائع.
ربما محاضرة اليوم عن "البيسون" الأمريكي، في "ألتاميرا"، أو ثيران "لاسكو"،
المهددة بأنفاس البشر.
|
الثور الأسود من نقوش كهف لاسكو |
هل كان "بيكاسو" مولَعاً بالثيران إلى هذا الحدّ؟
الضفادعُ، عصافيرٌ بيزنطية، وأجنحتها تحت الجلد.
كم هي شهيةٌ، أفخاذها، والعظام.
الحقيقة أن مدرّسة المادة ستكون مشغولةً بإعداد فطائر الجبنة، والسّلامي، وتفقّد محتويات الخزانة :
بن، شاي، كابوجينو، قطع السكر، ملاعقٌ بلاستيكية، تكفي إيقاظ المارد في القمقم، والإغريق، والرومان، والفراعنة في الكوب.
ستأكلين التفاح إذاً،
وتدَعين الثعبانَ،
ينسلّ إليك.
"وأما ثمرُ الشجرةِ التي في وسط الجنّة، فقال الله:" لا تأكلا منه، ولا تمسّاه لئلا تموتا"*
***
يبدو حظّ عازف الغيتار متعثّراً.
وضعتُ في قبّعته عشر كروناتٍ. أحصيت أسطواناته العشرة، وأوهمته أنّي سأشتري واحدة.
بمكرٍ،أبتسم لخيبته، ثمّ أشتري خبزاً أسمرَ، مرشوشاً ببزورعباد الشمس.
لن تكون سنجاباً،
وسوف لن تميتني
عضّتك.
لا ترمي أسنانك للنعاجِ.
مهلاً
الصخرةُ في يدك
لا تسدّ حلقي،
فأين هي من المجرى؟
اشترت المدرّسةُ مستلزمات الكافيتيريا.
أعدّت الكثيرَ من الفطائر...
وجرياني؟
لا يوقفه المصبّ.
***
ـ كيف ستغني في بلادٍ غريبة؟
|
مزار النبي هوري في عفرين |
لم تدرك مدرّسة تاريخ الحضارات، أنّ سؤال الغناء في بلادٍ غريبة، لم يَعبرني سريعاً، كما مرّ في الفيلم الوثائقيٍ عن حضارة "ميزوبوتاميا".
أسألها: الميديين.الميتانيين. مهاباد. وادي دهوك. قلعة هولير. سور آمد، والنبي هوري، "سيروس".
أسألها "الهوريين" إذ غدوا بقوة "الحاء" " حوريين".
" Avrîn" و
التي بسلطة " العين" أصبحت"عفرين".
أسألها: مشنقة "قاضي محمد"، والرصاصَ في صدر "قاسملو".
أسألها ثورة الريف، و"هيميرا" الإغريق والأمازيغ...
سأفترض أني واقفةٌ هنا.
وحدي في المدرّج.
خلفك تماماً،
أو أمامك بقرونٍ،
وخيمةٍ
أنصبها للحيتان.
ستنضج أكثر
هذه الحيتان البرية،
ضلّلها الهوى.
لتوّها أدرَكَت الريحَ
تضرب مكامن الترابِ،
فيثور الدّود.
سأفترض أنّ لك بُعداً
لا يدريه الهواءُ، ولا منحى النار.
ها هم الفراعنة
و"ميديا" تكسر الشرّ، بزهرة.
***
لستُ سكرى، ولن توقفني شرطة المرور.
قبل لحظات، سمعت "ميديا" تغني لـ "ميتان"، وعلى خدّيها، رأيت قمرين.
احجزي بطاقة مرورك إلى الرجال الذين يكرهون النساء، ودعي الدّببة، في "سيبيريا"، تنام.
ولية العهد "فيكتوريا" تساند حملةً الوقاية من سرطان الثدي، وتخرج للتنزه، على درّاجتها الهوائية.
وصلت مبيعات"شيفرة دافنشي" إلى 60,5 مليون نسخة، وتُرجمت إلى 44 لغة.
"نيكول كيدمان" غير راضية عن أدائها في "أستراليا".
اُفتُتح مهرجان "كان" بـ " شيفرة دافنشي"، واحتفظ "الذئب المخادع" بالمركز الثاني.
رجلٌ يتحوّل إلى شجرة.
طفلة، يقتلها الختّان.
قبلةٌ تُهبلُ كهلاً، وأخرى تصمّ مراهقة.
يثير"رأس الجرة" جدلاُ، ويتصدر "العالم السفلي" إيرادات الأفلام، في السينما الأمريكية.
يفتحون آبار الأسيد في بغداد. ماءٌ حارقٌ يحفر خدّي"ميديا"، ويأكل التمساحُ، مروّضه الشهير...
صحيفةٌ مجانية، تنعش الوقت الميت في التنقلات.
***
يستحمّ والد رئيس الوزراء، في كأس النبيذ.
ـ ماذا لو أنك دهستَ قطةً، أو كلباً؟؟؟
امرأةٌ عجوز، بين حي "السريان القديمة، و"السريان الجديدة" في حلب.
تقطع إشارة المرور ـ وهي لها.
مثل منطادٍ، انتفخ سروالها الفضفاض، باستهتار السائق.
طيّرها جنون السيارة، لترتطم خلفها بالإسفلت.
لم يكن مشهدَ فيلمٍ يطمح لجائزةٍ مرموقة.
لم أدرِ إن كان ابن المسؤول ـ الطائش ـ قد حوكم على قتله المرأةً، أم لا؟.
***
|
الإلهة أثينا |
ـ " أثينا ـ أثيناهي "
من هو أبوك؟
"بوصيدون" أم " زيوس"؟
هل مررتِ بزهر الرمان
على خدّي؟
ـ خدّاك تفّاحتان "ميديا"
وتزداد الغمّازتان،
عمقاً...
سيحبهما "ميتان" أكثر.
قشّري له التفاحتين.
دعي شعرك المجنون،
يلفه...
رأيته البارحة، تحت نافذتك.
مرّ سريعاً،
وترك باطن قدميه،
تحرسه الكلاب.
***
|
أثر من آثار عين دارة في عفرين |
"رامبو" يحمّرُ الفطرَ في الزيت؛ و"سرفانتس" يقلّب الكمأ فوق المدفأة.
مدفأة المقبرةِ، كبيرة.
تكفي شَيّ جاموسٍ دون تقطيع، لتفوح رائحة الذكورة.
يسألني "رامبو":
ـ هل ينبت كمأ بحجم البطيخ الأحمر،
في
" du derî "
ومن جدرانها الفطر؟
ماذا يأكل هذا الطفل؟
منذ مئة ألف سنة، وهو نائمٌ على ظهره.
يداه ممدودتان.
قدماه ملتصقتان بالأرض.
تحت رأسه بلاطة،
و في قلبه،
يرقد الصوّان.
|
هيكل الطفل الذي عُثر عليه في كهف "دو ده ري" |
يدهن "البربر" موتاهم بالطين الأحمر. يدفنونهم نائمين على جنب، مثنييّ الرّكّب. في وضعيةٍ جنينية.
لا ينسون سلاحاً، وحليّاً وقشورَ بيض النّعام. يدفنونها معهم.
أو يحنّطون الميت. يجففونه. يلفونه بجلد الماعز، و للشمس والقمر يقدمون القرابين.
***
لست على سفرٍ
ولستُ أنتظر وصول أحد.
لماذا إذاً، أنا في هذه المحطة؟
على هذا الرصيف.
فوق هذه البلاطة بالذات،
وأترقّب ذاك القطارَ
بالتحديد؟
مساء الخير أيها البرابرة، الطيبون.
هوامش:
: مساء الخير، بالأمازيغية.Tuffut nnech thechna
- "وأما ثمرُ الشجرةِ التي في وسط الجنّة، فقال الله:" لا تأكلا منه، ولا تمسّاه لئلا تموتا": من سفر التكوين.
- ألتاميرا: كهف أثري من العهد المجدلي، يقع شمالي إسبانيا، و يمثل قمة تطور فنون العصر الحجري القديم.
- لاسكو: كهفٌ أثري يقع جنوب فرنسا، مورست فيه شعائر دينية مازال الباحثون منكبين على دراستها، وباتت الفطريات تنمو في الرسومات فوق جدرانها.
- هيميرا: معركة دارت بين الأمازيغ والإغريق.
- الطفل المُشار إليه، هو هيكلٌ عظمي لطفلٍ يبلغ السنتين ، قيل أنه "نياندرتالي".
يعود تاريخه إلى حوالي مئة ألف سنة؛ تمّ اكتشافه في كهف "دو ده ري" من قِبَل بعثةٍ يابانية ـ سورية.
: " ذو البابين" بالكردية.du derî
يقع الكهف الأثري، على بعد 13 كم جنوب مدينة "عفرين"، له مدخلان، شمالي يشرف على الوادي، عرضه 8 م وارتفاعه 5 م؛ وجنوبي يشبه مدخنةً طبيعية، مفتوحٌ باتجاه السماء.