إلى متى سيظل الغصن؟!
السبعة و الثلاثون خريفًا فوق كاهله المتهدل
لم تمنحه الهيبة المرجوة لمن يحمل حملا ثقيلا كهذا
فهو ما زال صبياً بشعر أسود جميل
ونحيفًا كعصا راع في بادية سيناء
وسامتة الطفوليّة تلفت نظر النساء تسقط عنه
سبعة عشر عاما كاملة
أناقته البسيطة توهم الآخرين بأنه مستكفٍ
سبعة وثلاثون خريفًا فوق ظهره أصابته ببوادر العلل
فالنسيان المتزايد والاحتقان بأحشائه لا يهبه الاطمئنان
المرض هاجسه الأكبر,
لا يخاف الموت قدر خوفه من المرض الملعون:
قاهر الجبابرة, ذو اللون الأصفر, وشارب البهاء من العيون
منذ عشرين خريفا يقرأ كتبًا أورثته الخسارة
مكتبته الخشبية مملؤة بأسفارٍ لم يقرأ سوى بداياتها
وزوجته الطيبة المؤمنة التي تزعجها كتبه بما تحويه من:
Sex وكفر وغموض لا تلامسها لمجرد التنظيف
زوجته أمينة بطلة رواية بين القصرين
زادت فخاخه فخين ذكرين " مازن ونزار "
_ وبما أنه بدويُ انتبهوا لذكرين هذه _
" أغنيتان رعويتان بزمنه الباهت يهرب منه إليهم
ويفرُّ من قسوة محبتهم الباهظة إلى وحدته الباردة "
ربما كان الاسمان العربيان لفًا حول فكرة البداوة
وادعاء عراقة الأصل وسلامته من الفلاحة
التي هي سبة البدوي
هي سبعة وثلاثون شتاء ممطرًا
بأوحالٍ وأوساخٍ وصمتْ قلبه بمَيسم غائر
كان يعبر رملاً وسبخًا وطينًا بحذاءٍ بلاستيكيٍّ
يحزُّ كاحله كشفرة ثلجٍ
هذا تفسير عشقه للأحذية الفاخرة
البدوي, الآخر, الماكر, المخادع سارق سلاح الجند
في المعركة الوهمية, قليل الذكاء, ضيق الأفق,
تاجر البانجو, متحدث اللهجات كأعرابي بأسواق قريش
كاتب الألغاز, الشاعر .........................
.....................................................
سبعة وثلاثون هوّة عبرتها, فكم بقى منها؟!
وإلى متى سيظل الغصن متشبثا بحافة البئر؟!!
بروفيل ناقص
تخيلوا, الولد الوسيم
بنظارة البولس وحذاء الكلاركس
يخطو فوق الحصى المدبب
باحثًا عن أمثولةٍ لسائحٍ لاتيني
يدخن سجائرَ زاهيةً
ويذهب أبعد في القمم البعيدة
آه لو رآه جدّه الشايب
لرماه بدلّة القهوة صارخًا:
غور من قدامي يا المسخ
..............................
..............................
المتحدثُّ اللبقُ,
مقتحمُ النساءِ الذي يضطرب
إذا نظرتْ امرأة في عينيه
هذا الأرعن لم يصرخ في الآخرين
كما تمنى دوما: " أيتها الخراف لم أنتم هنا دائما "
عضّ شفته بقوة ومضى بندبة تحت ركبته
................................
................................
كان عليه أن يصنع مجازاً لرمال عريضة
وجلباب أبيض,
وقامة نحيلة تسير بانحناءة بسيطة
صوب هواجس ووساوس ملحة وأحلام يقظة
..........................
..........................
الهشُّ
العصبيُّ
القاسي كعتبة بيت مهجور
الشبق
العاطفيُّ كالأفلام القديمة....
تخيلوا ذلك هو البدوي
" الموصوم بالأعرابيّ رغم كل ما مضى"
بادية سيناء / مصر