هيئة التحرير الاستشارية
2007

منذ إطلاقها الأول عام 1996 حرصت (جهة الشعر) بإمكانياتها المحدودة، على مواكبة التطور التقني المتسارع، وكانت تطمح في التحول إلى مرجع أساسي متجدد للشعر الحديث (بالعربية واللغات الأخرى). وقد حققت الكثير حتى الآن. ولتطوير هذا الطموح وبلورته رأينا تحويل (جهة الشعر) من مشروع فردي/شخصي إلى مشروع جماعي، وتكريسها بوصفها جمعية ثقافية غير ربحية، مما سيوسع آفاق عملها وانفتاحها، وخصوصا لضمان مستقبلها.

وقد بدأنا بالخطوات العملية لتحقيق ذلك، فتم تشكيل هيكل إداري واستشاري وتحريري وفريق عمل فني للقيام بهذه المهمة وكوكبة حميمة من أصدقاء جهة الشعر.

وبعد دورة استمرت أربع سنوات أسهم معنا فيها أصدقاء أعزاء في مجال الاستشارة و التحرير، نشكر لهم تعاونهم الهام، ونبدأ في دورة جديدة، بعد دراسة تجربة ورؤية السنوات السابقة، لنعيد صياغة رؤيتنا لطبيعة وآلية عمل أعضاء هيئة التحرير الاستشارية، ونلتقي مع عدد من الاصدقاء ليسهموا مجدداً في تفعيل جديد لعمل (جهة الشعر).

****

(نص الورقة التي قدمها قاسم حداد
في جمعية البحرين للانترنت-
26 يوليو 2003 )

الطرق انتهت، فليبدأ السفر
(الانترنت أفقا للثقافة، "جهة الشعر" نموذجاً)


كنت أقول دائماً بأن الانترنت إشارة لمستقبل لا يمكن تفاديه.
فقد أصبحت المعرفة هي المعنى الكوني لحركة الإنسان في الحياة. و أن كل المبتكرات المتسارعة تسهر على وضع هذه الحقيقة تحت اختبار قدرتها على مساعدة الإنسان لنيل مستقبله الكريم والحر والجميل، بما تحققه من سرعة الاختزال: للمكان والزمان في آن واحد.

( 1 )

ان وسائل الاتصال التي تتطور بسرعة مذهلة، وأهمها (مؤقتاً) شبكة الإنترنت، تثير أهمية إعادة النظر في مفهوم (المسافة)، ليس فيزيائيا (المكان والزمن) فحسب، ولكن ثقافياً واجتماعياً وروحياً بشكل خاص. و سوف يحتاج المتصلون بالشأن الثقافي والإبداعي في واقعتا العربي بعض الوقت (فيما تتضاعف الخسارة) لكي يكتشفوا أن ثمة ما يمسّ شغاف أصحاب المخيلة النشيطة يحدث الآن، وليس من الحكمة التردد أمام التجربة.
فبين المسافة الزمنية التي تستغرقهم (ببطء السلاحف) والمسافة الافتراضية التي تخترقها شبكة الإنترنت، ما يمكن وصفه بالمعجزة التي تخيلها الشعراء والمبدعون.

وأعني بها معجزة اختراق الفجوة بين النص والعالم، ليس بوصفها حالة استهلاك متاحة، لكن باعتبار أن الفكر والإبداع قد أصبحا الآن مرشحين (بوسائط غير تقليدية) لكي يحققا تجربة غير مألوفة هي تجربة: فعاليات الإبداع ومضاعفة تأويلاته.

( 2 )

أحب أن أسمي أشياء تجربة الاتصالات الإلكترونية بما يقاربها من الشعرية.
ففي فكرة الإنترنت شيء من الشعر.
لأن ما يتحقق فيها من أسلوب التعامل مع فكرة المسافة، هو ذاته ما يمس شهوة اختزال العالم في الشعر. ليس بوصفه واقعاً ولكن باعتباره خيالا محظاً، يتجلى في صورة مشحونة بالعاطفة واحتمالات الحلم. لكي تبدو الحياة جديرة أكثر بالعيش.

فالمسافة التي وُصفت فيما سبق بأنها (مسافات لا يمكن السيطرة عليها) مثل المسافة الجغرافية، أصبحت الآن بحكم الحلم الناجز، حيث صار بإمكان الإنسان العادي أن يختزل هذه المسافة بأكثر الوسائل يسراً وسهولة وسرعة وأماناً أيضا.

( 3 )

كيف يرى المبدعون العرب الفكرة المتحولة للمسافة، وكيف سيعالجونها لئلا يخترقهم البرق في محطات انتظاراتهم ؟

بأي معنى يفهم المبدعون العرب الحداثة (فيما يتحدثون عنها)، إذا لم يكن بمقدورهم الاتصال (الأسرع) بمواقع تلك الحداثة وآلياتها الحضارية في اللحظة ذاتها التي تولد فيها؟

بأية وسيلة يعيد المبدع العربي صياغة منظوراته وطرق تفكيره وأدواره في الحياة، إذا هو بالغ في التأخر عن إدراك الدور الخطير الذي تلعبه المعرفة في العالم، ليس بوصفها استيراداً واستهلاكا، بل بوصفها خلقاً وابتكاراً يومياً يجعل من الفعل المعرفي طاقة جديدة، أكثر حرية، تتجاوز الحدّ السياسي وأجهزة التسلط.

ربما سيكون علينا ونحن في مواجهة الأفق الرحب الذي تتيحه لنا شبكة الانترنت وتجلياتها الأخرى، أن ندرك بأن السلطات (التي تسبقنا في الاستفادة من هذه المنجزات) قد بدأت حاجتها تتفاقم مجددا لاستغلال المثقف لمساعدتها في معالجة التوترات الشعبية، بعد أن تمكنت الجماهير بالوصول إلى المعلومات التي كانت خرجت عن السيطرة التقليدية.

فهل بدأ المثقف استيعاب حرياته في عالم ثورة الاتصالات ووفرة المعلومات، ليفرض استقلاله الحقيقي عن أشكال السلطة، هذه السلطة التي أصبحت (في عالم وسائل الاتصال الجديدة) مخترقة، وهي تحاول فرض حضورها بوصفها أداة مراقبة للحجب والإباحة.

إن ثمة ما يتيح لنا الآن فرصة النظر إلى أدوار المثقف وتنوع آلية عمله واختلافها في الآفاق المفتوحة ومساهمته في صياغة المستقبل. وسوف يتحقق هذا كلما تقدم المثقف في تأكيد دوره كمبدع ومبتكر ومشارك في أشكال هذه الوسائط وإعادة إنتاجها واقتراحها في عملية التنمية.
فعندما يتكلم السياسيون عن الديمقراطية، على المبدعين أن يتنبهوا بأن الحداثة رهانهم الوحيد لاختبار صدق مزاعم أصحاب السياسة في الحكم و المعارضة.

أقول هذا وأنا أرقب الفجوة الفادحة (تتفاقم يومياً) بين كلام الديمقراطية والكلام عن الحداثة. إلى درجة اختلاط اللغة الثقافية بالمحمول السياسي ولكن من غير رؤية تضع المعرفة في سياقها المنهجي في التنظير و في الفعل.

كما لو أن الحكم لا يريد، والمعارضة لا تستطيع.

وبهذا تضيع على المجتمع فرصة الإمساك بطرف العمل التنموي و المشاركة في صنعه.
ربما لأن الجميع يحاول معالجة قضية جديدة بأدوات قديمة.
وهذا هو بالضبط مشكل ثقافي بالدرجة الأولى. ولا علاقة لها بالسياسة ولا بالدعاية.


الحداثة هي أن تمتلك رؤيتك للعالم بمعزل عن قوانين التفكير التقليدية التي يصدر عنها الفكر السائد. فليس من المتوقع أن تدرك هذا الاختزال الهائل والباهر لمفهوم المسافة بين الإنسان وطاقته المكنونة (والمكبوتة في السياق العربي)، إلا إذا تهيأت باستعداد حقيقي لإعادة النظر في المسلمات الموروثة (قديماً وحديثاً)، من أجل التحول إلى حق الإنسان في المعرفة خارج سلطة الماضي المعاصر (بكل تجلياته السياسية والاجتماعية والثقافية)، وحق الإنسان في أن يعرف ويرى ما يراه هو، وليس ما تريد له أجهزة إعلام السلطة أن يراه ويعرفه ويصدقه ويؤمن به ويعجب أيضاً.

الثقافة تبدأ من هذه التفاصيل،
وبهذا المعنى نحن بحاجة لأن تتوقف المفاهيم الموروثة لمصطلحات مثل الديمقراطية والحقوق المدنية والأصالة والتقاليد عن مصادرة المبادرات وكبح الخيال: في النصوص والأشخاص.

(4)

ما يعنيني في هذا الحديث هي قدرة الإنسان على تحويل تراكم المعلومات إلى طاقة الأمل في الكائن الإنساني. بمعنى تحويل المعلومة إلى معرفة، وهو العنصر الحيوي في ما يسمى صناعة المعرفة، أو علم الثقافة.
فنقص المعلومات ليست المعضلة عند فائقي القدرة ذهنياً، المعضلة تكمن في نقص الفهم. وهو ما يستدعي القلق مما يمكن أن نحققه في حقل تحويل المعلومات إلى معرفة.

هنا بالضبط سوف تختلف المفاهيم الجديدة التي تقترحها علينا نوعية المعلومات واتساعها وآلية تداولها وشفافية الوسائط التي تحملها وتمنحها طاقة المستقبل في حياتنا.

فتوسع التقنية ومستجداتها يصاحبها تغيرات هامة في طريقة تمثيل العالم، مما يجرنا إلى مراجعة طرائق ممارسة نشاطاتنا العادية منذ التفاصيل حتى القضايا الكبرى.

في هذا السياق نفهم العلاقة بين الانترنت والثقافة من جهة، ورؤية الآفاق التي فتحتها الانترنت أمام الثقافة من جهة أخرى.

الثقافة هنا لم تعد هي الاستعداد التقليدي للدفاع عن الأصلة أو الهوية والتراث وغيرها مما ظل المفهوم العربي يتداولها ويكرس الحساسية الصادرة منها.

ففي اللغة،
عندما كان العربي يُرجع معنى ثقافة إلى فعل ( ثقَّف) الرمح، أي شذبه وشحذه. فانه يستعين بفقه الحرب لتفسير معنى العمل الإبداعي. وسوف يصدر ذلك السلوك (الثقافي) من اللاوعي الجمعي الذي يرى إلى الثقافة بوصفها فعل حرب وصراع، أو استعداد لهما. الأمر الذي يضعنا في مهب تراث كثيف جزءٌ كبيرٌ منه يعتقد بأن الثقافة هي فعل قتال.

( 5 )

الآن،
أعتقد أن التحدي الكوني أمامنا هو أن نتفهم المعنى المختلف للثقافة بوصفها فعل حب. فليس من الحكمة أن نرى إلى صراع الحضارات، ولكن إلى حوارها.
فأنت لا تستطيع أن تذهب إلى العالم بوهم تلقينه الدروس، في حين أنك لا تزال تحتاج إلى أبجدية المعنى الإنساني للتقنية وثقافتها في ذاتك وبيتك ومجتمعك.

إن مشكلتنا هي أننا لا نحسن الإصغاء إلى الآخر ولا نعتبره جواباً محتملا لسؤال مؤكد.
وهذه مسالة وشيجة الصلة بالسلوك الثقافي.
ومشكلتنا خصوصاً، أننا نأخذ التقنية الحديثة ونرفض الفكرة التي ابتكرتها.
وهذا سلوك ثقافي نرث آليته بلا تبصر.

وهذا ما يضاعف حاجتنا لتفهم ما تتيحه الانترنت من آفاق تتجاوز الهيمنة والحدود التقليدية التي تتحصن وتحارب خلفها أشكال السلطة في حياتنا. سياسياً واجتماعياً وفكرياً.

كثيراً ما يردد مفكروا ومنظروا العرب عن الأزمات التي تعيشها الثقافة العربية، وأنها وصلت، أو تكاد، إلى طرق مسدودة لفرط ما تفرضه عليها السلطات بشتى تجلياتها، إضافة إلى الصعوبات البنيوية وتعثر أدوات العمل الفكري القديمة وهي تواجه متغيرات الواقع الجديد وتقصر عن تحليله. كل تلك طرق وأساليب عمل تنتهي بفعل متغيرات المعرفة وأدواتها.

غير أن أمام الثقافة العربية واحدة من أندر الفرص الكونية لاكتشاف الأفق الجديد الذي يساعدنا على فهم درس المعنى الحضاري لكوننا بشراً في هذا الكوكب، وإدراك أن الثقافة هي أن تجلس في المستقبل وتنظر إلى الحاضر وليس العكس. وأن الثقافة ليست تقليد الواقع ولكنها سؤال نقديّ عليه.

نحن بحاجة لأن نتأمل المعنى العميق للحداثة ونحاول نتجاوز هذه المفارقة التي تأخذنا إلى التهلكة ونحن نتقمص كل أشكال نظريات العالم الحديثة وننقض جوهرها الحر.
فالحداثة هي طريقة النظر، برؤية جريئة وجذرية، بأن الإنسان هو سؤال الله على الأرض وليس جواباً نهائياً يضاعف الطرق المسدودة.

أمام الثقافة العربية أيضاً فرصة أن تصغي لصوت المخيلة وتطلق حرية هذه الطاقة المحبوسة في العمل الثقافي بشجاعة الصانع.
لكن الأهم في هذا الحقل، هو ما سوف يتوفر للمثقف المنتج في هذه الشبكة من حجم غير محدود من المعلومات الموغلة في التنوع والاتساع، الأمر الذي سيوفر العناصر الإنتاجية الأخرى: الوقت والجهد والنوعية.


فبعد الدورة التقليدية التي يستغرقها الباحث للوصول إلى المعلومة، ثم تلك الآلية البالية التي تستدعيها عملية البحث وإعادة البحث، سيجد الشخص نفسه تحت مظلة رحبة من خيارات أشكال البحث والتحليل، في درجة تساعده على توفير الوقت اللازم للمسائلة العلمية في مادة بحثه، وهذا هو، في تقديري، الهدف النوعي الذي نحتاجه في حقل البحث العلمي، لكي يكون ذلك إبداعا.
فالباحث التقليدي، في هذا العصر المتسارع التحولات، بعد دوامة البحث عن المراجع والسهر طويلاً على تحليلها، سوف لن يكون قادراً على التأمل العلمي والنقدي في مادته، مما يتسبب في غياب الابتكار الفكري والخيال.

ان المعلومات هي أداة التكامل المعرفي لدي الباحث والمثقف والمبدع. حيث تعمل تكنولوجيا المعلومات على تضييق الفجوة بين العلوم والفنون وبين المعارف والخبرات.

فقد أصبحت الثقافة علماً يتصل بأحدث علوم العصر والتقنية، سوف يحتاج الباحث إلى أدوات تنظير وعمل مغايرة كثيرا لأدواته القديمة، وأكثر حيوية وخيالاً، بسبب الدرجة العالية من التنوع والتداخل بين فروع المعرفة ومقترحات مواهب الإبداع بشروط الابتكار الذاتي.
والمعلومات هي أيضاً المكون الحيوي لإنتاج وتأسيس البنية التحتية لصناعة الثقافة.
ومن بين ما تتيحه لنا وسائل الاتصال والانترنت خصوصا( ثقافياً) هو جماليات الاتصال الإنساني بالعالم.

وفي حقل الأدب و الشعر سوف تكون هذه التجربة أكثر تشويقاً واستجابة للمخيلة الإبداعية.

وقد بدأت هذه التجربة الجديدة تطرح علينا مبكرا ضرورة إعادة النظر في مفاهيم كثيرة تتصل بالقارئ والجمهور, والمعنى، والنص. حتى أنني أرى منظورات فلسفة الكتابة مثل موت المؤلف وموت النص ونظرية القراءة هي الآن في مواجهة اختبار البحث عن أجوبة جديدة للسؤال الذي يتصل بالدال والمدلول بوصفهما من مبررات النص ومذاهبه. فقد أصبح النص مرسلا لقارئ كوني، هو الواحد واللانهائي في نفس اللحظة.

فعند التوقف، مثلاً، أمام أحدى التقنيات في النشر الالكتروني وهي Hypertext، سوف نتأكد أن الآفاق التي يذهب إليها الكاتب، وبالتالي الثقافة برمتها، ليست فقط لا تتصل بطبيعة الكتابة والتأليف والنص السابقين، ولكنها بالضبط انتقالة نوعية من عصر النشر الورقي في الصحيفة والكتاب بشروطها التقليدية، إلى النشر المتعدد الوسائط، المتنوع الأبعاد، الغني بالمحتملات. وهو فرق يضاهي المسافة بين الموت والمخيلة.

( 6 )

آلية علاقة الثقافة بالحياة وطرائق إنتاج المعنى.

اكتساب فعاليات المعرفة لا تتمثل في أن نتقمص المعنى، ولكن أن ننتجه بأنفسنا وبالطاقة البشرية التي نتميز بها مع الآخرين، بوصفنا رغبة في الإنتاج المبدع وليس الاستهلاك التابع.

والأفق اللامحدود الذي تتيحه الانترنت للثقافة (بشتى تجلياتها) يتطلب مفهوماً جديداً لمعنى العلاقة الجوهرية بين الثقافة والمجتمع. هذا المجتمع الذي يتعرض منذ الثلث الأخير من القرن العشرين إلى تحولات نوعية في البنى الفكرية والاقتصادية وتداخل القوى الفاعلة فيه.

المفهوم الجديد للثقافة يتطلب قدرة استنباطنا للعلاقة الجوهرية بين التقنية الجديدة ودورها الإنساني في تنمية المجتمع بآليات تتناسب مع رغبة الذهاب إلى المستقبل، بمعنى أن التناقض بين التقنية والمجتمع عموما، والعمل الإبداعي خصوصاً، هو أحد أخطر الأوهام التي يجري ترويجها وتكريسها بصورة تحجب الإنسان وتحول دون اتصاله المبكر بالمستقبل. لذا يتوجب علينا نقض هذا الوهم بإثبات حضور قدرتنا على تجاوز التعاطي التقليدي مع المجتمع.

كأن يكشف لنا المثقف برؤيته الجديدة:
كيف نفهم المفارقة الناتجة عن غياب الديمقراطية (بالرغم من كثافة الكلام عنها) في مجتمع ثورة المعلومات وحيوية وفرتها وسرعة الوصول إليها؟
فالثقافة، الآن، لا تستطيع تفادي مثل هذا السؤال لئلا تقع في نقيضها.

إن تجربة الانترنت وتقاطعها البنيوي مع الثقافة هي بمثابة الامتحان الصارم لمفهوم الديمقراطية التي يجري تداولها في هذا العالم. فالمسالة الثقافية، جوهرياً، هي مسألة ديمقراطية منقطة النظير. والانترنت ظاهرة ديمقراطية بامتياز.

وهذا ما يجعل الانترنت في دول النظام العربي نوعاً من الفضيحة الكاملة، تماماً مثل الجريمة الكاملة.
وعلى المثقف، الآن، أن يتيقن ويخبرنا بالضبط من الذي يرتكب هذه الفضيحة ومن هو ضحيتها. لكي نبدو أمام أنفسنا على درجة محتملة من الانسجام مع مزاعم الحداثة والحضارة.

فليس من الحضارة أن نكون في القرن الواحد والعشرين ونحن لا نزال نتداول ديموقراطية القرن التاسع عشر و نتخبط في حدودها.
وليس من الحداثة أن نطلق شعارات حريات التعبير و التفكير ونحن نصرف ملايين الدنانير لمراقبة وسائل الاتصال وشبكة الانترنت بحجة حماية المجتمع.
إن هذا إقصاء علني للثقافة عن دورها في تنمية الإنسان والمجتمع.


فحرية الضجيج المتاحة في النظام العربي لم تعد تشكل مدخلاً حضارياً يليق باللحظة الكونية الراهنة. والكلام الخالي من المعلومة وغير المكترث بالمعرفة لا يشكل سؤالاً مطروحاً على السلطة، ولا يقدم جواباً شافياً ومنتجا للشعب.

مسؤولية التنمية هي وضع المعرفة في خدمة الرؤية الجديدة للمستقبل. وتأمل الأفق بعينين واسعتين، لكي تمنح الإبداع حقه في السياق الطبيعي من الكون.

فليس من الحكمة، مواصلة الظن بأن التقنية نقيضة للمبدع، أو هي حقل المتخصصين والنخبة. على العكس، سيكون علينا فقط اكتشاف الحرية والجمال التي توفرهما لنا الانترنت في حقل النشر الالكتروني، لكي نتأكد من أن الأفق أمام الثقافة هو فعل حب لا تحده سلطة مهما كانت مهيمنة.

هذا هو المستقبل الذي لا يذهب إلى أحد، ولا ينتظر أحداً، ولا أحد يقدر على حبسه.

( 7 )

إذا كانت تلك المقدمة ضرورية، فلأن كلامنا عن الشعر في شبكة الانترنت سيكون قليل الأهمية إذا لم يكن صادرا عن رؤية تقترحها علينا تجربة سنوات المغامرة في جهة الشعر.
فأنت لا تستطيع أن تزعم حضوراً في هذه الشبكة ما لم تمتلك رؤيتك الجديدة والخاصة التي ترفد مشروعك الثقافي وتبلور عملك يوماً بعد يوم. وتكتشف فيه الأفق يوماً بعد يوم.

وهذا بالضبط ما حاولت جهة الشعر أن تقترحه في هذا الحقل.

بين لحظة انطلاق (جهة الشعر) وهذه اللحظة مسافة كثيفة من الخبرات والأحلام المؤجلة.
كانت البداية في العام 1996، بمبادرة مشتركة مع الصديق عبيدلي عبيدلي في مؤسسة النديم لتقنية المعلومات.

ومن أهم دوافعنا وراء بناء جهة الشعر هي الوعي بالضرورة الكونية لنشر الإبداع العربي بهذه الوسائل المغايرة لتراثنا المستقر، وكان لدينا أيضاً الولع الذي لا شفاء منه بالشعر في

العالم. فالشعر هو أهم ما يمثله الإسهام العربي في الثقافة الإنسانية، وجدت أن في هذه التجربة ما يغري المخيلة. وكنا نعتقد أن كل ذلك يكفي.

بدأنا العمل بحماس لم يتوقف، ولكن في صعوبات مستمرة أيضاَ. وكنا وحدنا تماماً.
لقد كانت الفكرة مشوقة وممتعة بالنسبة لي، فقد كنت أصنع شيئا أحبه إلى أقصى حد.

وكان عبيدلي (الذي سميته ورشة المشاريع) يتفهم أن شخصاً قادماً من الشعر لن يتخلى عن مخيلته. فيما الواقع ليس كذلك. ثمة شعور غير معلن كان يستحوذ علينا: إن الفشل ممنوع هذه المرة. نحن القادمين من تجربة الأحلام المغدورة.

كنا معا نتبادل حمل العبء بإثبات حقنا في حرية العمل الثقافي بشروطنا، وبمعزل عن المفهوم المكرس لتبعية أي عمل عام في المجتمع العربي.
لم يكن عملنا سهلاً على الإطلاق، فقد مرت علينا لحظات مفزعة من اليأس. فكنت أحدثه عن جنة اليأس حيناً ويحرضني على جمرة الأمل دائماً.

ثم مرت جهة الشعر بعدة مراحل، وتعرضت لتطويرات مختلفة وتبلورت لدينا مفاهيم غاية في الغنى والتنوع. كنا نسعى إلى البحث عن السبل الملائمة لتطوير آلية عملنا الثقافي والشعري، مستجيباً لكل مقترحات التقنية المستجدة ومكتشفاً، آفاق البرمجيات المتسارعة التطور، في لحظة يتكشف فيها وعينا الجديد بأهمية ما يجري ابتكاره على صعيد وسائل الاتصال، وأشكال النشر الالكتروني الباهرة.

على الصعيد الشخصي، وربما بسبب علاقتي المبكرة بالكمبيوتر، رأيت في تجربة الانترنت إضافة نوعية لفعل المغامرة الإبداعية التي تستحوذ على تجربتي وعلاقتي بتقاطع الفنون.


ففي فكرة النشر الالكتروني ما يوفر للإنسان عموماً وللمبدع خصوصاً شرطين لا أفرط فيهما: الحرية والجمال.
ومن يعرف الانترنت يدرك بالضبط معنى الحرية التي اقصد، ويعرف أيضا الجماليات التي تستجيب لكل ما يدور في مخيلة المبدع. بالنسبة لي يهمني كثيراً أن أرى الشعر منشوراً بشكل جميل، فالحرية لا تكتمل إلى بالجمال.

لقد كنت أحلم بأن أرى الشعر في مكانه، ليس الشعر العربي فقط، ولكن الشعر جميعه.
فعندما تطلق النص في الانترنت فأنت تضع التجربة كاملة ودفعة واحدة والى الأبد في السياق المناسب لمادة تظل حية مثل الإنسان، بل وربما أكثر حياة منه، ذلك النص المستعد دوماً لتحدي فكرة النهاية أو الفناء، ففي الحوار حياة.

بدأت جهة الشعر بالتعريف الحي بتجربة الشعر العربي الحديث (زمنياً وفنياً). وفي نطاق رؤيتها لعلاقات التأثير الايجابية المبتادلة بين الثقافة والانترنت، وقد أسست جهة الشعر مصدراً معلوماتياً ومعرفياً عن الشعر الحديث يتيح لشتى مستويات الاهتمام التي تبدأ من القارئ العادي إلى الناقد والدارس الجامعي والشاعر، موفرة الفائدة الأدبية والعلمية والمتعة الفنية في عدد كبير من الملفات التي يمكن الاتصال بها من عدة مداخل.


لقد أصبحت جهة الشعر تتلقى الاتصال و النصوص والمساهمات من كل أنحاء العالم، كما تحولت مصدرا موثوقا للمراكز الثقافية ومعاهد الدراسات والبحوث الفردية والجامعية العربية والأجنبية. ونشأت صداقات وعلاقات واسعة مع شعراء ومترجمين من مختلف أنحاء العالم، يتعاونون مع جهة الشعر بأشكال مختلفة. وهذا ما مهد لفكرة الانتقال إلى المرحلة الجديدة التي يجري الاستعداد لها حالياً لإعلانها وإطلاق صيغتها فنياً وموضوعياً.

استطاعت جهة الشعر أن تقترح على المشهد الثقافي العربي شكلا جديدا من الاتصال بالآخر. ليس بالخطاب السياسي الإعلامي الدعائي، ولكن بالتجارب الشعرية التي تمثل الحلم والمخيلة والطموح الإنساني المبدع.
وفي السنوات الأخيرة لمست شخصياً التحول النوعي في فهم النشر الالكتروني لدي قطاع كبير من الأدباء والشعراء العرب. فبعد موقف عدم الاكتراث واللامبالاة، بل وأحياناً الاستهانة بفكرة الانترنت، أصبح الآن عدد كبير من هؤلاء من بين مستخدمي الانترنت النشطاء، وكثير منهم قد أطلق له صفحات خاصة لنشر أعماله الأدبية والشعرية.

وفي أثناء ذلك كنت أرقب تحول الدلالة الثقافية لمفهوم النشر. وتجري أيضا حوارات مختلفة لمناقشة هذه المفاهيم بين الأدباء والشعراء أنفسهم. وجميع هذه الحوارات كانت تضع تجربة جهة الشعر في محور النقاش بوصفها الاقتراح المبكر في التجربة العربية.

( 8 )

كل تلك الأمور والتحولات أسهمت فعلياً في توضيح وتكريس العلاقة الفعالة بين الكتابة العربية (الشعر خصوصاً) ووسائل التقنية الجديدة.
من تجربة جهة الشعر، كونها استطاعت عبر سنوات عملها أن تؤسس لرؤية فنية وثقافية واضحة ومعروفة في المشهد العام، يمكننا اختصارها في النقاط التالية:

  1. إمكانية نجاح المشروع الشخصي في حقل العمل الثقافي، وأهمية إثبات ذلك.
  2. حيوية المحافظة على استقلالية المشروع واقتراح خصوصيته، في الذائقة والإدارة.
  3. الصدور عن الأفق الكوني منذ اللحظة الأولى، وتجاوز أوهام وقيود المحلية والإقليمية التي لم تعد تناسب عصر الانترنت. والذهاب بثقة الإبداع لمشاركة العالم اكتشاف المستقبل.
  4. تطوير مفهوم التعددية اللغوية في الموقع، من فكرة النص العربي المترجم إلى اللغات الأخرى، إلى حضور النص الشعري بلغاته المتعددة وترجماته المختلفة.
  5. التعامل مع الانترنت بوصفها طريقة للاتصال الإنساني وليست وسيلة للانتشار الإعلامي.
  6. اعتماد مبدأ البحث عن المعلومة والذهاب إليها لنشرها في الموقع، وليس انتظارها.
  7. المحافظة على مستويات وقيم فنية واضحة وصارمة ورصينة.
  8. العمل على تقديم المادة بأكبر قدر ممكن من التدقيق والمراجعة مع جماليات العرض.
  9. العناية بالأجيال الجديدة وحفظ التقدير للتجارب المكرسة ودورها التأسيسي.
  10. الاهتمام بفكرة تقاطع وتداخل فنون التعبير (التشكيل كمثال) وعدم التوقف عند حدود الأنواع.
  11. العناية بالفنون البصرية كمكون أساسي في تجربة اتصال الكتابة وتحولاتها.
  12. تشجيع التجارب الشخصية في حقل النشر الالكتروني ومحاولة الاستجابة لاجتهادات التقنية في حقل الكتابة العربية.
  13. فتح المجال لأصدقاء جهة الشعر للمشاركة في تحرير بعض الملفات.
  14. تطوير مفهوم المعرفة الأدبية من أجل تفادي الفجوة التقليدية بين الشعر والمعلومة.
  15. بلورة مفهوم الشعرية بدل الشعر، والانتقال من حدود الشعر كشكل أو نوع تعبيري، إلى الشعرية كرؤية وحساسية ومغامرة تعبيرية تشمل التجارب الأرحب.

لكن،
كيف يمكننا تصور أن يقوم كل هذا المشروع على جهد فردي ؟
في السنوات الأولى كنت أعمل وحدي تماماً. وفي السنوات الأخيرة بدأ الصديق الشاعر يعقوب المحرقي يشاركني في العمل بحماس ووعي رائعين.

لكن ذلك لم يعد كافياً ولا يلبي المتطلبات الأخرى.
رهاننا الوحيد طوال الوقت على تبلور بعض الفهم والتفهم لدى من يهمه الأمر لئلا نتخلف عن المستقبل. فالشخص لا يستطيع أن يذهب إلى المستقبل وحيداً.

هذه هي الحقيقة من حيث المبدأ.

لكن الحق أن تجربة جهة الشعر ما كان لها أن تتحقق بالشكل الذي ترونه الآن لولا الصديق عبيدلي عبيدلي وفريقيّ عمله في مؤسسة النديم، كان ثمة ندماء يشاركوننا السهرة الكونية:

فريقه في مجلس إدارة النديم الذي تفهم طوال هذه السنوات فكرة دعم هذا المشروع الأدبي الشخصي بحماس يليق بالوعي الحضاري المتميز.
لذا فان تسجيل الشكر العميق لأعضاء مجلس ادراة النديم واجب أحب أن لا أتجاوزه في هذه المناسبة.
وكان هناك أيضا فريقه عبيدلي الثاني، الذي يتمثل في شابات وشباب النديم، من التقنيين الذين كانوا يشكلون تحدياً يومياً لقدرة جهة الشعر، ليس على البقاء والاستمرار فقط، ولكن خصوصاً على التطور والتميز.
كنت أتعلم معهم أشياء جديدة كل يوم، و يزداد ولعهم بالتجربة ويتصرفون باعتبار جهة الشعر مشروعهم الشخصي، فقد أصبح بعضهم جزءاً من التجربة ويدرك طبيعة الموقع ويسهم مباشرة في الاقتراح الفني.
لذلك أحب أيضاَ أن أقول بأن جهة الشعر قد تحققت بفضل هؤلاء الذين اقتنعوا معي بأن الشعر والثقافة جديران بالتقنية الحديثة بلا تردد.
لقد كنا نتعلم معاً كل يوم شيئاً جديداً، فالتجربة بالنسبة لنا كانت هي درسنا المستمر.

( 9 )

أخيراً.
إذا كان كل هذا الحديث عن التجربة كافياً، فإننا لم نتكلم بعد عن الصعوبات التي واجهتنا طوال هذه السنوات. وهي صعوبات تتمثل بالدرجة الأولى في مسالة الكلفة المادية التي كنا نتحملها شخصياً من دون أي دعم من أية جهة. وخصوصاً الجهات الثقافية.
وهذا بالضبط ما كان يحول دائما دون إحداث التطويرات الكبيرة.
وأستطيع الزعم بأن ما تحقق في جهة الشعر حتى الآن هو ما يشكل ثلث ما نستطيع تحقيقه، بالجهود الفردية، فما لو كنا حصلنا على الدعم اللازم مبكراً. فثمة مشاريع كثيرة تتأجل بسبب الكلفة المضاعفة.
وبسبب حرصنا على شرط استقلال الموقع، فقد تفادينا فرصاً مختلفة توفرت لدعم جهة الشعر، من خارج البحرين خصوصاً. الأمر الذي يؤكد تمسك الأصدقاء في مؤسسة النديم وتقديرهم لموقفنا من فكرة عدم قبول أية تنازلات تمسّ حرية المشروع.

ان تجربة على هذه الشاكلة، كان قدرها أن تقدم نموذجاً مغايراً لمشروع ثقافي فردي يستطيع إثبات قدرته على التحول إلى مشروع تنموي جماعي بشروط فنية وأدبية متقدمة.

جهة الشعر هي الآن، تستعد للانتقال إلى مرحلة جديدة نوعياً.
فبعد المبادرة الجادة لإدارة الثقافة والفنون بوزارة الإعلام، من خلال اقتناع الشيخة مي الخليفة والأستاذ عبدالقادر عقيل لمشروع الجهة، ومبادرة بنك البحرين والكويت بالدعم المناسب من اجل تشجيع هذا المشروع لأن يواصل عمله بالصورة التي كنا نتوقعها. نحب أن نشير أيضا إلى الأستاذ عادل محمد مطر، والأستاذ يوسف الشيراوي شاكرين لهما الدعم السنوي الذي باشرا في تقديمه مؤخرا. بعد هذا ، تيسر لنا الكلام عن مستقبل الموقع ببعض الاطمئنان.

ففي هذه الأثناء رأينا، أنه من الضروري الآن صياغة الشكل المناسب لضمان مستقبل جهة الشعر، ومعالجة اعتماد المشروع على الجهد الفردي، للانتقال إلى مرحلة المشروع الجماعي.

فطرحت فكرة قديمة كنتُ سعيت للتمهيد لها قبل حوالي أربع سنوات، بأن تكون لجهة الشعر هيئة تحرير استشارية عالمية بالمعنى الأدبي للكلمة. ولكي تستكمل هذه الفكرة ونضع جهة الشعر في مسار عملي أفضل. وتوصلنا إلى فكرة تحويلها إلى جمعية ثقافية غير ربحية، يتكون لها مجلس أمناء محلي يتألف من الأطراف الداعمة وبعض أصدقاء المشروع، إضافة إلى هيئة تحرير تنفيذية والفريق الفني.

ومن المتوقع أن يكون الإطلاق التالي لجهة الشعر بصيغتها الجديدة في بداية العام (2004).

ويسعدنا كثيراً من خلال هذا اللقاء أن نعلن أسماء أعضاء مجلس الأمناء وهيئة التحرير الاستشارية العالمية وهيئة التحرير التنفيذية والفريق التقني.

********

باعتباره نموذجا لنجاح ثقافي بحريني علي الشبكة
جمعية البحرين للإنترنت تحتفي بـ (جهة الشعر) لقاسم حداد


قال أمين سر جمعية البحرين للإنترنت وحيد البلوشي أن الجمعية تنظر إلي ندوة الشاعر الكبير قاسم حداد (الانترنت أفقا للثقافة، "جهة الشعر" نموذجا) علي أنها مساهمة موضوعية في الشأن الثقافي بأسلوب محترف بقصد إحداث فعل ايجابي لمستقبل (جهة الشعر) التي تبناها بنك البحرين والكويت بالدعم المادي وتم تشكيل مجلس إدارة لها علي اعتبار أنها مؤسسة ثقافية قائمة بذاتها.

وأوضح البلوشي بان أعضاء الجمعية سيرفدون (الجهة) بآرائهم المحترفة بصورة دقيقة ومتفحصة بهدف وضع تصور متكامل عن الخدمات التي يجب أن تضاف لها وخارطة التطوير المستقبلي للجهة بحيث تتواكب مع تطلعات مستخدمي الانترنت ولتأكيد طموح الجمعية أن تكون قيمة مضافة لأي نشاط له علاقة بالتقنية وفضاء الانترنت بمختلف التخصصات.

ويؤكد البلوشي بان الجمعية ستقوم بوضع تقرير مفصل عن الندوة بما يضمن تعميم الفائدة علي اعتبار أن جهة الشعر بجهود قاسم حداد صرح ثقافي وتقني رائد نشعر بفخر أن نعتمده نموذجا للمؤسسات التقنية في المستقبل خلقت عراقتها من إيمانها بان ثمة فضاء للشعر بشكل خاص وللثقافة بشكل عام في عالم التقنية واحد فروعه الانترنت.

ودعا وحيد البلوشي الجمهور إلي حضور ندوة (الانترنت أفقا للثقافة، (جهة الشعر) نموذجا) حيث أنها ستكون من الندوات المتميزة خلال الموسم الثقافي والعلمي لهذا العام في مملكة البحرين خصوصا وأن جهة الشعر التي أسسها واشرف عليها الشاعر الكبير قاسم حداد طوال السنوات الماضية تعتبر من أهم المواقع الالكترونية العربية المتخصصة بشهادة إقليمية وعالمية.

يذكر أن جمعية البحرين للإنترنت وضعت في برنامجها عددا من المشاريع الثقافية والعلمية التي ستنفذها خلال الفترة القادمة وندوة حداد بجهته ستكون يوم السبت القادم الموافق 26 الشهر الجاري بقاعة جمعية المهندسين البحرينية بالجفير في تمام الساعة الثامنة مساء.

جمعية الانترنت تتفوق على الجهات الثقافية
قاسم حداد بعد تحويل جهة الشعر إلي مؤسسة.. الانترنت أفق للثقافة!

تعتزم جمعية الانترنت أن تنظم لقاء مفتوحا يوم السبت 26 يوليو الجاري مع شاعر البحرين قاسم حداد ليس بصفته شاعرا بل بصفته مؤسسا لموقع جهة الشعر التي حظيت مؤخرا بدعم من بنك البحرين والكويت وحماس من إدارة الثقافة بعد أن تكفل بها طوال السنوات الماضية قاسم حداد بمساعدة مؤسسة النديم لتقنية المعلومات التي تبنت الفكرة من الناحية التقنية تأكيدا علي إيمانها بان للمؤسسات الخاصة دورا تطوعيا لإنجاح بعض المشاريع الجادة التي بلا شك ستخدم البحرين بصورة عامة.

من جهته قال وحيد البلوشي أمين سر جمعية البحرين للإنترنت: إننا في الجمعية نعتبر حضور الشاعر قاسم حداد للجمعية شرفا كبيرا، والحماس الذي أبداه للمشاركة بندوته يمنحنا مزيدا من الثقة بأننا قد بدأنا وضع اسمنا بقوة علي خارطة مؤسسات المجتمع المدني.

وحول اللقاء الذي سيقام تحت عنوان (الانترنت أفقا للثقافة... جهة الشعر نموذجا) يقول البلوشي إنها فرصة سانحة للتعرف علي تجربة حداد الأدبية وتفاعلها مع الانترنت باعتبار أن ريادة حداد تكمن في النزوع إلي تحويل المعلومة إلي معرفة بأسلوب قابل للتطبيق مبتعدا عن التنظير الذي اغرق المواقع الالكترونية العربية خصوصا في ظاهرة أنها محض معلومات لا تثير أسئلة أو تشكل معرفة.

ويصف البلوشي اهتمام الجمعية بتجربة جهة الشعر بأنها المثال الأكثر اكتمالا للخدمات التي بامكان الانترنت والتقنية تقديمها للشعر والأدب ومختلف العلوم بصورة عامة، وقال البلوشي بان الجمعية علي استعداد تام لتقديم الدعم الفني لكل الجهود الأدبية والعلمية التي تتبني اتجاه التمازج والاستفادة من التقنية الحديثة التي من ضمنها الانترنت.

وأبدي البلوشي استغرابه من الصفحات والملاحق الثقافية لعدم الالتفات أو الاكتراث بخبر تحويل جهة الشعر إلي مؤسسة بحيث يشغل جزءا من أخبارها ومتابعتها لأننا في جمعية الانترنت نعتبر هذا الحدث انعطافة حقيقية علي صعيد النشاط الأدبي فتحول جهة الشعر إلي مؤسسة ذات ملامح مكتملة يؤسس لمرحلة جديدة من العمل في هذا الحقل كما انه يؤسس لدور جديد للمؤسسات المالية، فمؤسسة مالية مثل بنك البحرين والكويت حينما تحتضن جهدا أدبيا له طابع تقني مثل جهة الشعر سيكون محفزا بطبيعة الحال للمؤسسات الأخرى إلى دخول عالم تكوين المؤسسات الثقافية الجادة واعترافا كبيرا بان الاستثمار يجب أن يفتح احتمالاته على مثل هكذا فروع.

***

المحررة الفنية

إيمان سيار
(مؤسسة النديم لتقنية المعلومات)