في منعطفات التعبير الشعري، تشكل بعض النصوص الأدبية، فردية كانت أم جماعية، نوعاً من البيان الأدبي عن رغبة طبيعية في اقتراح الجديد (ثقافياً وفنياً)، دون أن يكون في معطيات هذا البيان حكم قيمة (مسبقة) على إبداعية هذا النص أو ذاك. غير أن في مثل هذا النزوع تعبيرٌ عفوي، عن تحولات المفاهيم والأفكار الأدبية والفنية.

وفي سياق التاريخ الأدبي العربي الحديث، شكلت العديد من النصوص منعطفات مؤثرة على غير صعيد، بات معظمها اليوم علامات يجري الرجوع إليها ودراستها لفهم بعض جوانب التجربة الأدبية.

ولعل في التفاوت المذهل (الذي يصل أحياناً إلى حد التناقض والمفارقات) بين بيان هذه النصوص ونزوعاتها التجديدية قياساً للسياقات الزمنية والفنية التي تشير إليها هذه النصوص، يجعلنا نتأكد من أهمية دراسة القلق الراهن الذي يشوب حركة الشعر العربي، ومحاولة فهم طبيعة التحولات التعبيرية الجذرية في مفاهيم الشعرية العربية في ضوء المشهد الشعري في العالم.

هذه المفارقات وهذا القلق يجعلاننا، في (جهة الشعر)، نستجيب لإحساسنا بضرورة دراسة هذا النوع من الوثيقة الأدبية التي (إضافة إلى فوائد أخرى) يمكن أن تسهم في استعادة درس الشعر العربي الحديث بمكونات جديدة بعيدة عن الانفعال العابر.

في هذا الملف رصد تاريخي لأهم النصوص الأدبية والثقافية المتصلة بالشعر، والتي صدرت في أشكال وصيغ مختلفة، طوال القرن العشرين، لتعبر عن الرؤى المتحولة للشعرية العربية. أحياناً كبيانات فردية أو جماعية أو مقدمات أو أسئلة أو مقالات متفرقة. بحيث يمكن للباحث أن يتعرف في هذه النصوص على المستويات والرؤى الشعرية التي مرت بها الشعرية العربية طوال قرن كامل.
وسوف يسعد (جهة الشعر) أن يسهم الأصدقاء في استدراك ما يمكن أن يتصل بهذا الملف ولم تسعفنا الظروف التوصل به.