يلتقي النص الصوفي، في نماذجه الشعرية المميزة،
مع الشعر في الأفق التعبيري الصادر عن مخيلة
باهرة النشاط والحرية والجمال. مما جعل متن الكتابة الصوفية
واحدة من أجمل مصادر النصوص الشعرية التي استلفتَ
إليها المبدعون المعاصرين، برؤية وأدوات نظر وحساسية حديثة،
وأعادوا قراءة ذلك التراث قراءة جديدة بمعزل عن بعده المقدس
وحدوده الدينية الغيبية. قراءة ترى في ذلك المتن أفقاً مفتوحاً يتجاوز الزمان
والمكان ليتصل بالحقيقة الفينة التي تجعل الإبداع الإنساني قادراً على الحضور
كلما تسنى للقارئ الجديد أن يلامس العمق الكوني في ذلك النص.
ولعل في التحولات النوعية في تجارب ومفاهيم العملية الشعرية وأدوات نظرها،
والمنعطفات الجذرية في فنون التعبير الأدبي والشعري خصوصاً، أدى بالبعض،
فيما هو يبحث عن قرائن التجربة الإبداعية ويجمعها لتأكيد حقه في حريات الخروج
عن التقليد الأدبي وجاهزيات أشكال التعبير الشعري، أدى بهم لأن يذهبوا الى
سواطع النصوص الشعرية في متن الكتابة الصوفية، كمن يستعيد أسلافه الفنيين
في التراث لكي يطرح شهادة السابق على اللاحق في حقل حريات التحديث
والتجديد الشعريين في لحظة الكتابة المعاصرة.

في هذا الملف، رأت (جهة الشعر) أن ثمة كنوز بالغة الشعرية ومدهشة المخيلة
(جمالاً وحرية)، من شأنها أن تغني الذائقة الأدبية لدي القارئ العام، وتسهم في
تنشيط حيوية التجارب الشعرية لدي الشعراء و الكتاب، وتصقل موهبة الثقة في
مستقبلهم الأدبي وهم يذهبون الى جديدهم الخاص.

هذا الملف، هو أيضا، سيكون مرحباً بكل ما يقترحه الشعراء والقراء، أصدقاء الشعر، من النصوص التي تتصل بنصوص المتصوفة في كنوز المتن الإنساني الكبير وليس في الثقافة العربية فقط.