سلام صادق
(العراق/ السويد)

سلام صادقفي مكامن نحاول اقتحام سريتها
بأعنّة التهلكة
نترك لعنة الوقت تصهل وراءنا
في خناق المصابيح المتربة
تشذب هيبتها وراء حدس النوافذ
تغسل وجهها من جب البكاء الكتوم
وتجمع ذخيرتها مما يطفو من ظلام
ووحيدة تذهب للنوم الخالد
وقد أعماها وميض المعجزات
في زمن النوايا المعقولة العاقلة
تذرع الشوارع طولا فعرضا
وتتراقص لفيضان الأحابيل
في مهرجانات العواء المروّض كالأنين
تتعب فيسلمها النوم لأحداق الفراغ
ساحبا وراءه غموض السنين
حين تكرر أيامها الموصولة بنفس الحكايات
وتخون الحناجر جراح أصواتها
وهي تحث أسرى النسيان على الإصغاء
لحكمة تتطلب منهم ألف لسانٍ معقوف
وعشرة آذان أدمنت الهسيس
وكف واحدة لاعتكف عن الإيماء
وقمر يسيل على مقابض البيبان
ويترك رنين فضته على السطوح والجدران
ليرتمي ماحلا في واحة الدخان

ألبستنا حدائق الوهم أسمال الهواء
فرحنا نتباهى ببياض يتقافز كأرانب مذعورة
ونبض اخرس يتلفعُ هزائم الفراء
ونسينا ما كان من طواعين
فالذي هدّ أركان حنكتنا تنين
كان له دولة وساحات وتماثيل
وأرخبيلات معادية
 تحرث أعمارنا جزيرة بعد جزيرة
وقش انهيارات تتدلى من السقوف
وكنا نرمم جنوح الجهات بجنون المغامرة 
في ليل يتمطى وراء نوافذ سوداء
وقرميد سقوف تناهبهُ البلل
مؤذنا بسقوط الثلج على ساعاتنا اليدوية
فتلوب الغبطة تحت معاطفنا الصوف
بدثار الوقت يزخرف أديم الخسارات الباردة
ويوزع نفسه بالتساوي ليعكس خلفها الاكتشاف
وكان للمرايا بريق واحد وغموض
وللسنوات صدىً مغشوش مُعاد
صوب صوابه نجتاز العتمة والتمتمات
يرتاح قليلا ولا يغمض عينيه
يظلل قارات حدسنا بأشجاره المرّة
قبل ان ينضج فيها البحث عن شيء ما
قد يكون التيه أو ما يشابهه
   نتدثرهُ كملامح امرأة تفيض بالغموض
 فنطلق في أحضانها شهقات الخلجان
ونغرق صفاء البلور برطوبة تلك الليالي
لها لون نادر وغلائل ضوء صفراء
وسرّ تفهم كينونته الأقاصي
حين تتحاور الفراشات والمصابيح
تذرف ليلها بصمت يعمد أحداق الغرباء
لها طين مبجل وانين من رماد
وتاريخ تجلل معاصيه الأمطار
لها كنه لا يسبره إلاها
ونوم يذبل متشردا في الأغاني
كأنها سادنة النيازك المشتعلة
في جيوب تجاربها الفصول
ولها حصانة تجتاز بها الأسوار
وذاكرة منذورة لدمع سيشع بفيض النار
نقيا أصفى من حدقات الله
ماذا تبقى لنا منها الآن ؟
غير غيبوبة حرية متروكة للانقراض
على سواحل تحرثها عداوة الجراح
وهزيع الفصول
ولوثة الرياح
تذعرها خلاخيلها فتنهمر اليقظة
محتكمةً الى ذاكرة السرير
 تشهق فيها كآبة المسافات
ويطير البياض يغوي شراشف وحدتها
بتثاؤب لايفضي للنعاس
ولا يتشمم عطر المصادفات
وحينما يختلط هشيم الأنفاس
تأتلف النفوس بكتمانها كالغيوم
وتدغدغ خصوبة الفراش وسائد الندم
ببقايا خدعة تقمصت حلاوة النسيان