| |
قبل صناعة الورق الذي اكتشفه الصينيون وأنتجوا عجينته من سيقان الخيزران ((البامبو)) في القرن الأول الميلادي،كان تبادل العاشقين للرسائل بالبصر أولاً. أعينٌ تفيضُ بحمم ،تعبيراً عن التهابات شاقةٍ تدوي في الأعماق الإنسانية.بعد البصر والتعبير بالبصريات ،جاء الغناءُ محمولاً بالشغف وبالحنين وبالعواطف العاصفةِ ،ليؤدي دوره التعبيري مع حركات الريح.ثم جاء الورد بعد تلك المرحلة،ليوسع من نطاق التعبير بالعطريات ،ومتخطياً طاقات اللغة المكتوبة ما بين البشر ،بصراً وورقاً وإشارات وتلامساً ما بين المخلوقات المجسمة على هذه الأرض.
وسواء كان الغرام أو الألم أحمر أو أبيض أو أسود،فان طقوسه،دافعٌ وراء كل رسالة تُكتب بتلك المغناطيسية السحرية ،لحظة تخرج الكلمات من ملاجئ الخفر الضيقة الحرجة،لتساهم في بناء المشاعر ،وتكوين خصائص أرواح ،عادةً ما تنزعُ نحو بلوغ الهدف،مثلما يفعل ذلك سهمُ كيوبيد ،وقت أن يمضي بضخ الطاقة في القلوب،لتمتلئ بالأرجوان ،فتتحرك بما يناسب وقودها ما بين التصوف حباً،وبين السرير كحاضنة ايروسية لأجساد مجوهرة بمحرقة الشهوات.
ومثلما يحلم العاشقون بالمشي على(خيط )الاستواء،أملاً بتصادم الأجساد بالأرواح تحت درجة حرارة مرتفعة من ذلك الالتهاب،مثلما ينجزون هم اليوم كتابة أحلامهم برسائل من الأثير الاليكتروني الذي قدمته لنا التكنولوجيا الحديثة ،متقاسمين الأدوار ما بين مُرسِل ومُرسَل إليه عبر الـ ((أس أم أس )) في رسائل دون أغلفة أو سُعاة بريد أو طوابع أو ورق.
وقد نرى في القريب العاجل مرحلة أعظم من النشاط التكنولوجي،عندما ستغيب الأصابع عن الكيبوردات ،لتصبح الملامسة مع الآخر مباشرة عبر الشاشة.وآنذاك،ستكون الرسائل نصوصاً من نوع مختلف تماماً ،لأن السفر عبر الزمن ،سيدخل الكائنات البشرية بعضها في البعض الآخر مباشرة.
في ((قاموس العاشقين)) اختزال للغة الحمراء،تلك التي تشكل بريداً للأرواح ،مخترقةً الأجساد بنوعٍ من حمم التعبير السامي الذي يحافظ على مراهقة اللغة،عندما تسقط في مجرى الحب العميق،وتبقى طائشة مثل أحلام تندفع بين الكتل البشرية بتنانير ميني جوب.