يوسف أبولوز
(الاردن/الشارقة)

تجلس الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي متوجّة في ذاتها الخفرة، وبهدوء الكبار الذين وراءهم تاريخ غزير من العمل الثقافي الجوهري.. تجلس باعتدال، وبتلك القوة الروحية المبثوثة في جسد امرأة اضافت الى المكتبة العربية 43 مؤلفاً منها 11 موسوعة حتى الآن، بعد مثابرة يومية وعكوف عاشق للشغل يمتد إلى حوالي 16 ساعة في اليوم، من دون ملل ولا كلل.
أخذت يدها الأمومية وقبلتها وأنا أرى في هذه السيدة التي تشبه شجرة الزيتون، أيقونة لنا نحن جيل الكتاب المحروم من قناة ترجمة كتاباته إلى الانجليزية، فيما هي وحدها تولت هذا الدور الحضاري الكبير عبر مشروعها الاستثنائي “بروتا” الذي قضى عليها كشاعرة كما تقول، وأنا أرى هنا أن الأمر تضحية نبيلة جداً من امرأة هي “مؤسسة” متحركة، تقول إن لديها مترجمين متعاونين جداً إلى حوالي 10 لغات في العالم لنقل الثقافة والفكر العربيين إلى العالم.
قلت لها اعتز بأنني عشت في زمانك الثقافي هكذا، وكانت تبتسم وتسأل عن أحوالي مثل أم رؤوم، بحيث وجدت نفسي عصر أمس الأول وكأنني وسط أهلي، كانت ابنتها الاستاذة الجامعية لينا الجيوسي التي تكتب الشعر بالانجليزية تقدم القهوة إلى والدتها متبوعة بقبلة على رأسها.. فقلت للدكتورة الجيوسي: هذه يا سيدتي هي القصيدة الحية والحيوية بذاتها.
انني أردت من هذه التفاصيل التأشير إلى الروح المتوهجة في كيان الدكتورة سلمى.. الانسانية والشفافية حتى روح البلور كلما تقدمت في العمر، والى جانب ذلك هي كيان ثقافي بحثي نقدي وابداعي دائم الخضرة والعطاء.
لديها الآن كتاب تحت النشر حول المدينة في العالم الاسلامي، ولديها فكرة كتاب أو مشروع كتاب حول النبي محمد صلى الله عليه وسلم..
ولما سألتها عن هذا الكتاب بالذات قالت: “يحتاج إلى تمويل ولم يساعدني أحد”. ولديها مشروع نقل الأدب القصصي السعودي النسائي إلى الانجليزية.
اكثر من مشروع تعمل عليه د. الجيوسي المعروفة والمحترمة في الغرب كاسم له حضوره العميق وبكل تداول في المؤسسات الثقافية الغربية، ولكن بقي ان نعرفها نحن العرب جيداً.
د. سلمى الجيوسي منصة انطلاق ثقافتنا العربية إلى اللغة الانجليزية، وهي كما قال عنها د. كلوفيس مقصود “عملية اختراق جعلت العقل الغربي اكثر تفهماً للقضايا العربية”.
د. سلمى.. ليست اختراقاً فحسب.. هي بناء ثقافي عربي جديد.. نأمل ان يسكنه العرب.

الخليج- 2007-05-22