(Sjón)

ترجمها عن الانكليزية
مازن معروف

Sjonنشر شون (1962) أولى مجموعاته الشعرية وهو في الخامسة عشرة، وأسس في الثمانين مجموعة "ميدوزا" التي عرفت باتجاهها "النيو سوريالي" ولعبت دورا بارزا في تحريك المشهد الأدبي في العاصمة الآيسلندية ركيافيك. له، إضافة إلى عشرات المسرحيات المكتوبة والقصص المصورة للأطفال، سبع روايات من بينها "موسى الهامس"، "من فم الحوت" و"الثعلب الأزرق" التي نشرت في أربع وعشرين لغة حول العالم ومنحت عام 2005 جائزة Nordic Council’s Literary Prize وهي أرفع الجوائز الأدبية لدول الشمال. تعاون مع المطربة العالمية بيورك في أكثر من عمل، ورشحت القصائد التي كتبها لها في فيلم "Dancer in the Dark" (إخراج لارس فون تراير) عام 2001 لجائزة الأوسكار عن أفضل أغنية. ترجمت قصائده إلى العديد من اللغات وسُمِّيَتْ بعض مجموعاته الشعرية لجوائز أدبية مختلفة. يتنقل شون بين جامعات في أوروبا كأستاذ ضيف ويقيم حاليا في ركيافيك.

حياة عائلية
بعد أن ينهي غسل الأواني
يتعثرُ نظره
بحيوان رنة
ممدد تحت طاولة قبالة الكنبة
يجترّ ما أكله.
الحيوان الذي يلاحظ الرجل بدوره
يتململ مضطرباً.
راكضاً عبر غرفة الجلوس
يسلك الممر
قافزاً فوق فردتَي صندل
وحذاء نسائي.
الرجل يمضي في أعقابه
حتى غرفة النوم.
المخلوق ينزلق تحت
سرير
يتسع لزوج وزوجة.
مقعياً على أربع
يراقب الحيوانَ
وهو ينضمّ إلى القطيع.
الحيوان يطلق همهمة لطيفة.
ويختفي الرجل.

* * *

لحظتان
أرنب بري ذهبي اللون
يلقي بنفسه في البرية الرحبة
قافزا عن إفريز سقوف المنازل.
نباتات دوار الشمس
تدير رؤوسها
في اتجاه المدينة
أجيال من الأسود الرخامية
تستمر صامتة
داخل الجبل.

* * *

محاولة لإحياء
دعاء خليل أسود
عند رميها كمشة من حصى صغيرة
أو حجراً واحداً في حجم قبضة مضمومة اليد
تكون شبيهة بنهاية جناح منبسط.
الحصى التي انتشرتْ فوق سطح الماء
تتوقف أثناء طيرانها موقتاً
قبل أن تهبط.
لكن الدبش لا يعرف السكينة
قبل أن يستقر فوق جسد فتاة في السابعة عشرة أحبّت مرة
(وفق خبر صحافي وربما وفق ما تحويه ذاكرة ليلة صيف) محظور
أن يطأ العقلُ نحو شظايا الذكريات أو قصص المقالة.
أن يكون شبيهاً بنهاية جناح منبسط.
لإله الإخوة في الإيمان
أولئك الذين يرجمون حتى الموت
أعرض هذه القصيدة
لمبادلتها بحياة دعاء خليل أسود.

* * *

علم الفلك الخاص
بالرجل الجائع
الأقمار النهمة
تتبعه حتى المنزل
نهاراً وليلاً.
تطوف فوق السقوف
لانتشال لقمة تسدّ بها جوعها.
شتاء – صيفاً – ربيعاً - خريفاً
قُوتُها المفضل
البيتزا مع الطحالب الإيسلندية
والآيس كريم.

إنها سرُّ ما تأكله.

* * *

قصيدة حب
طرقٌ بيننا
من هناك إلى هنا
إلى هناك من هنا.
حريرْ فولاذْ زجاجْ زيتْ قشّ
توحِّدُنا.
أنا- أنتِ.
من ثديك
إلى يدي
إلى يدك
من ثديي.
أنتِ وأنا.
حرير أنا فولاذ
أنتِ زجاج أنا
زيتٌ أنتِ قش.

سامّةٌ قوس القزح
سامّة قوس القزح
نحن في محاذاة جرَّة لون بالأحمر
نحن فوق الخط الأزرق
القلب القلب القلب
مِلْكي مِلْكُكِ
بيننا.

* * *

ليتوغراف
ماري كوري وإدوارد مونخ كانا يقيمان في باريس في الفترة نفسها.
مونخ المهتم بالاكتشافات الجديدة ذهب لزيارة كوري في مختبر أبحاثها شارع لوموند الحي الخامس.
كانت ماري بمفردها وراحت تشرح للفنان التشكيلي صراعها وبيار مع الراديوم وقدّمت له شاي ما بعد الظهر.
الرسمة الليتوغرافية التي أرسله مونخ لها تعبيرا عن امتنانه، فيها تجلس المرأة العالمة بين أجهزتها ويدها على خدِّها.
زاوية بصر مائلة وفي أسفل الزاوية اليمنى يمكن رؤية الجزء الخلفي لرقبة بيار جالساً على منضدة يخط في كتاب.
ماري كوري تنظر في اتجاه الضوء وتسريحة شعرها تطابق تلك التي لأخت إدوارد مونخ في لوحة "موت على سرير المرض".
اللوحة التي فُقِدتْ – من حَلمَ بها تنبأتْ بموته.

* * *

أنشودة جامع الأحجار
أستعيد العطش والظلام
أستعيد طرقاً ذات اتجاه واحد
أستعيد الأزقة المغلقة
وأنت.
تشير إلى باب سرداب
كان ثمة خمّارة هنا
وفدنا إليها مرارا.
هنا قلتَ بمؤاساة
مجموعتي من الأحجار
لم تُفقدْ.
خلف البار في الرفوف
ينتظر السبار الإيسلندي
كل أحجاري
الأخرى
الكبريت – البيريت – الأوبال
اليشب – أصدقائي الأعزاء
ما نسيت أحدا منكِ
وها هي من السقف تتدلى
أكياس السبج
مثقلة
بالقلق.
شق حجري للإسهال.
تلك هي القصيدة التي أنشدها
وأنا أقرفص
محاذياً جدار منزل
كلما أنكر الشتاء عليَّ ملجأ.


أقرأ أيضاً: