ترجمة: مبارك وساط
(المغرب)
1 ـ عشق مُحرّم
كنتُ أحب شجرةً
كانتْ توشوش بأوراقِها
في أذنيّ
وارتكبتُ المحارمَ
مع أختي: الشجرة في الريح الباردة
وُلِدَتْ لنا عصافيرُ غريبة
وثمارٌ غريبة
كانت تعضّ وتقبّل
الشفاه التي تُوضَع عليها.
وما عدتُ أعرف مَن أحب
ومن أنتظر.
الطبيعة هي ـ
إلى الأبد ـ
التي إليها أميل.
المرأة عابرةٌ مثل فصلٍ من السنة.
أنا من بين الأشجار
وبصفتي هاتِهِ
بداخل غابةِ حبّي الغريب.
2 ـ المرآة والزهرة
المراهق يُجَمِّعُ وجوهَه
لينحني بشكلٍ أفضل
على وجهه الخاص
هو الذي سيموت إذا نسي سنّه
يبحث لنفسه عن جسدٍ
في الأطياف التي تمرّ
ليبرهن لنفسه
على أن الظلَّ يوجد حقّا
لقد تركَ ضحكتَه للنهر
الغسّالةُ اعتقدتْ أنها صابونة
النّهارُ الذي يزبد يدهش المضاءة
إلهٌ متوحّش يزحزح الأدغال
والمراهق يهرب بعيدا عن فخاخه
وهو خائف حدّ أن الأغصان تنحني
حدّ أن الغابة تتطوّع لتغيثه
وكلُّ العصافير ستصمت لو كانت ستسمعه
لكنه إنْ غنّى سيموت
وهو يركض، يركض
نحو الأفق الذي يتلهّب.
المراهق يُجَمِّعُ زوابعَه
ليتمرأى في الومضة الأخيرة
سيحترق بشرارةٍ واحدة
ويصبح مِشعلاً وسط الصحراء
إذا نسي أن يمشي في حلمِه.
3 ـ ليلة السمكة
يمكنني أن أموت فأنا أعرف
أنّ ثمّة سمكة كبيرة بيضاء
ستعيش بعدي
أحيانا تتسلّل أثناء الليل
من أعماق البحر إلى صمتي
وتكلّمني عن الزمن
سمكة فضيّة، حزني، أميرتي
الشكل الآني لشهوتي الآتية
هي المتوحّدة في أقاليم قاتمة
ستنتظرني، صديقةً للبحار
وأنا أبتعد، سعيدا
مثلما مروحة سفينة
لأشدّ بالبراغي
في دواخل الزمن
بجسمي المشعشع
أنسلّ من جزيرة إلى جزيرة
لأزوّج الشمسَ بالرياح
فلتمنحني الأملَ مئةُ سمكةٍ
وسأحلّ، بموسيقى تحت جلدي،
في المرآة حيث تنحني الأرواح
لأمنحكَم البهاءَ البدْئِيّ.
4 ـ تقسيم الجسد
ضعوا عيني في كحول معتّق
فقد رأيت الكثير من النجوم والكلمات
وعليها أن تبقى حيّةً بعد اندحار العوالم.
ضعوا يديّ على ما كان يشكّل قُوّتي
فإنّي صارعتُ الموتَ طويلا
أنا مخلص، وذاكَ كان صديقي الوحيد
وإذا ابيضَّ الشَّعْرُ منّي
وشفتاي عَرَفَتَا مجدّدا غيابَ الكلام
دمِّروها جميعا بالرمل والكلس
واقطعوا رِجْلِيَّ إنْ كانت هنالك أرضٌ
لم يعش فيها أَحَدٌ منفاه بزهو
واقذفوهما على سطح البحر كي تمشيا
خُذُوا القلبَ والصّدغ والأذن
لتسمعوا هذه الأصدافَ تنبض
في انتظار اندفاعة المدّ
وإذا الصمتُ من بعدي تمزّق
وإذا بقيتُ صدى من دون أسرار
اقطفوا الزهرةَ التي نسمّيها اليقين
واَحْرِقُوني لتدفئوا العالم.
5 ـ مرورُ الشجرة
تمرّ شجرة، يتفرّس فيها رجلٌ
فيدرك أن شعرَها أخضر
وهي تحرّك يداً فتخشخش أوراقُها.
كفُّها رقيقة ويمكن أن تقطف فصول الشتاء.
رويدا تتسلّل عبر السّور
وتشكّل ثمرةً لتلامس البحر
حين يجيء الطفل، فالغابة هي التي تتكلّم
وهو لا يعرف أنّ بإمكان شجرةٍ أن تتكلّم
لذا يحسب أن ما سمعه هو ذكرياتُ الرمل
اللّحاءُ القديم يتعرّف عليه أيضاً
لكنّه يتخوّف من هذا الوجه الشّاحب
يتباعدان.. يسرقُ بضع أوراق
فتتململ الشجرةُ كلُّها وتجهر بالوداع
عن كل عرق تبكي سبع نجمات
من أجل نجمةٍ، أهدتْ عينيْها
إلى الأنهار قذفتْ بجذورِها
آخرُ الصرخات ستهجر الحناجرَ
حين لا تعود الطيّورُ تحطّ عليها
أحدهم سيمزّق فصولَ الخريف واحداً واحداً
وابنُ الشجرةِ يفتح ذراعيه العاريتيْن
ويقول كلماتٍ لتعضّهما الريح.
شاعر وروائي فرنسي. مواليد 1923
المصدر: مجلة عيون، العدد8، السنة الرابعة ـ 1999
إقرأ أيضاً: