لمدة يومين كاملين 26 و27 من تشرين الثاني (نوفمبر) ستشهد دبي في الامارات العربية المتحدة ملتقى الحوار الثقافي العربي-الألماني. وهو الملتقى الذي سيجمع نخبة من الأدباء والمثقفين والمفكرين العرب والألمان بهدف تعزيز التبادل الثقافي والمعرفي العربي مع جمهورية ألمانيا الاتحادية بصفتها بوابة مهمة للعبور الثقافي إلى أوروبا والعالم الغربي في نظر قطاع الثقافة في مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم التي تشرف على هذا الملتقى. وجاء في البيان الصحافي الذي عممته المؤسسة ان 'المنتدى فرصة لطرح جملة من القضايا ذات العلاقة بالمجال الثقافي التي تجمع بين العرب والألمان على مر التاريخ وفي الوقت الحاضر لفتح المجال أمام اكتساب المعرفة والفهم فيما يتعلق بالإسهامات التي تقدمها الثقافتان لمصلحة الإنسانية، ولدعم الجهود الرامية إلى تمكين الصناعات الثقافية من الازدهار عبر التبادل الثقافي المتواصل، وبحث فرص تعزيز قدرات نشر الأعمال الثقافية والأدبية وبالتالي تعزيز الاحترام المبني على المعرفة'.
وسيكون أمام المشاركين من العالم العربي والناطقين بالألمانية مناقشة عدد من المواضيع المهمة والتي قسمها المنظمون إلى ستة محاور وهي كالتالي الاستشراق والاستغراب:
التحولات والسجالات، حيث من المنتظر أن تكون أطروحة ادوارد سعيد عن الاستشراق
والاشكالات المرتبطة بها في عمق هذا المحور الذي ستحكمه تساؤلات من قبيل إلى أي مدى يمكن اعتبار استشراق ما بعد الحداثة، انقطاعا عن الاستشراق الكلاسيكي؟ هل الاستغراب هو الوجه الآخر للاسشتراق؟ ماذا تبقى من الاستشراق الألماني مع ظهور أسماء تختزل العالم العربي في الإرهاب والنفط؟ ألا يجدر بنا أن نؤسس لأخلاقيات للحوار تتجاوز استعلاء المستشرق وانغلاق المستغرب؟ وأليس الاحترام المتبادل سابقاً على المعرفة المتبادلة؟ المعرفة سيطرة، سلطة، تحويل للآخر إلى موضوع كما قال فوكو، ليفيناس ودريدا وإدوارد سعيد.
من سرق هيغل؟
تأثير التغيرات السياسية في العالم على الثقافة يشكل الاطار العام للمحور الثاني مؤطرا بأطروحة فرانسيس فوكوياما حول نهاية التاريخ، إلا أن هذا الاستدراك لا يطال جوهر المسألة، وهذا ما تجاوز السياسة في بعدها الاجرائي إلى الفلسفة ومنظومة المفاهيم، مما دفع اكاديميين غربيين من مختلف انحاء القارة الاوروبية الى اتهام فوكوياما بأنه حاول اعادة انتاج هيغل وصياغة هيغلية جديدة تلبي ما انتهى اليه العالم بعد الحرب الباردة. لقد بدأت هذه الاطروحة مع سقوط سور برلين وتعاملت مع التاريخ كما لو انه انتهى بالفعل لتبدأ مرحلة ما بعد التاريخ. وهناك من المؤرخين ومنهم ألمان، يرون ان النظام العالمي الجديد بدأ عام 1492 مع سقوط غرناطة واكتشاف العالم الجديد.
هل الترجمة دليل قدرة الثقافة على الانفتاح؟ أم مؤشر نقص؟ لماذا يترجم الآخرون ونحن لا نترجم؟ أي دور للترجمة في الثقافة العربية القديمة؟ أي دور تنويري للترجمة في الثقافة العربية القديمة وأي دور يمكن أن تضطلع به اليوم؟ لماذا علينا أن نترجم العلوم الانسانية من فلسفة وعلم اجتماع وأدب مقارن وما هو دور هذه العلوم في إغناء هويتنا ولغتنا وفتح آفاق جديدة لتفكيرنا؟ هذه هي الأسئلة التي سيتواجه معها المشاركون في المحور الثالث' من بيت الحكمة إلى ترجم' على اعتبار الدور الأساسي الذي لعبته الترجمة في تاريخ الثقافات الانسانية والعربية منها.
وسيهتم المحور الرابع باهتمام الباحثين الالمان بالتراث العربي الاسلامي، وبلغ اعجاب بعض رواد الاستشراق مثل نولدكة حدا جعله يقترح تدريس المعلّقات السّبع في المدارس الالمانية، والعدد الكبير من الدراسات التي تناولت عيون التراث العربي وبالاخص المتنبي والصوفيين هو دليل مبكر على اهتمام الالمان بالثقافة العربية، وهنا نتذكر اسماء مثل نولدكة، وبراونة وغوته وآخرين، ممن مهدوا لمثل هذا اللقاء، مقابل عرب اهتموا بالثقافة الالمانية، حيث ترجمت اعمال هيغل كاملة، واشعار ريلكة واعمال هايدجر اضافة الى ترجمة مؤرخين وفلاسفة حضارات في مقدمتهم ازوالد شبنجلر الذي قرأ الثقافة العربية الاسلامية بمنهج موضوعي.
في حين ان المحور الخامس سيهتم باشكالية حرب اللغات: محنة اللغة الأم في عالم تسيطر عليه الانكليزية، بحيث تعتبر أرضية هذا المحور أننا نعيش في زمن تسيطر عليه اللغة الانكليزية ويحتفي بنموذج معين للتفكير والعيش هو النموذج الأمريكي أو ما يسميه حامل نوبل الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز 'بأصولية الديمقراطية'. إن سيطرة لغة واحدة، لا غرو، خطر على الغنى اللغوي والتعدد الثقافي، كما أنها تؤبد تبعية الثقافات الأخرى لثقافة معينة تعتبر نفسها الأفضل والأقوى. إن الحفاظ على اللغات والثقافات الوطنية ضرورة انسانية أكثر منها إثنية، لأن الانسانية تعيش وتستمر بفضل غناها الثقافي واللغوي، وتكلم لغة واحدة مرادف لا ريب للديكتاتورية. ألم يقل غوته بأن 'الفرس لم يعرفوا المسرح لأن الاستبداد لا يسمح بتعدد اللغات'؟!
دور المثقف في عالمنا اليوم، هو اشكال المحور الأخير، فعديدة هي الكتب والاطروحات التي قدمت في عصرنا لتعريف المثقف، ولا يقل عنها عدد الكتب المكرّسة لتحديد دوره في التاريخ، ومن أبرز الاطروحات التي اجتذبت المشتغلين في حقل الثقافة ما كتبه ' انطونيو غرامشي ' عن المثقف العضوي، وما اثاره سارتر من سجال واسع حول هذه المسألة بعد الحرب العالمية الثانية، وثمة ما يشبه الاجماع على ان المثقف هو البوصلة الاخلاقية في مرحلة ما، يؤدي انعطابها الى خلل جذري في منظومة كبرى من المفاهيم والقيم والكوابح. من دون شك ان تنظيم هذا اللقاء هو مناسبة لطرح عدد من الاشكالات التي تؤرق الثقافة العالمية بشكل عام والعربية الألمانية بشكل خاص.
ويرى علي الشعالي مدير إدارة النشر ضمن قطاع الثقافة في مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم: 'تسعى المؤسسة إلى نقل صورة إيجابية عن الوطن العربي وإسهاماته إلى الغرب، ونحن على ثقة من أن تنظيم مثل هذه المنتديات الحوارية التفاعلية سيكون له أثره في تأصيل مبدأ الحوار الإيجابي وتشجيع المشاركين على مناقشة بعض المواضيع الثقافية محل الاهتمام المشترك، بما يقود إلى فهم أفضل لثقافتنا وثقافة الآخرين'.
و تجدر الإشارة إلى ان تنظيم ملتقى الحوار العربي- الألماني في دبي، يتزامن مع اختتام قطاع الثقافة في المؤسسة لمشاركة ناجحة في الدورة الستين لمعرض فرانكفورت الدولي للكتاب والتي كشفت خلالها عن مبادرة رائدة لترجمة 50 من أهم المؤلفات العربية إلى اللغة الألمانية لدعم ذات الجهود الرامية إلى تحقيق فهم أفضل ونقل صورة إيجابية عن الثقافة العربية والإسلامية للعالم الغربي، وهي الترجمة التي تشرف عليها مؤسسة الديوان البرلينية التي وقعت اتفاقية تعاون في اطار برنامج 'ترجم' الذي تشرف عليه مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، لترجمة أمهات الكتب الألمانية إلى العربية. ولقد شهد المعرض الدولي للكتاب بفرانكفورت بداية ظهور هذا التعاون من خلال توقيع أولى الكتب المترجمة كرواية 'رجل عاشق' لمارتن فالزر و'الاسكندرية سراب' ليوآخيم ساتوريوس و'الكوميديا التورينية' للناشر
والكاتب مشائيل كروغر بالاضافة إلى كتب أخرى للكاتب السويسري أدولف موشج، وهناك أسماء أخرى مبرمجة قريبا منها الكاتب غونتر غراس وهابرماس وأدورنو والباحثة كاتارينا مومزن وآخرون. وفي الأخير لا بد من الاشارة إلى حرص عدد من الشخصيات الهامة على زيارة جناح المؤسسة في معرض فرانكفورت كالروائي البرازيلي باولو كويلو الذي أثنى بدوره على جهودها ودورها في تعزيز الثقافة العربية.
القدس العربي
26/11/2008
* * *
ملتقى الحوار الثقافي العربي - الألماني يبدأ فعالياته اليوم
دبي - جهاد هديب:
تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وفي إطار تعزيز التبادل الثقافي العربي- الدولي، تبدأ في التاسعة من صباح اليوم فعاليات ملتقى الحوار الثقافي العربي- الألماني الذي يقيمه قطاع الثقافة في مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم في القاعة الرئيسية في فندق ميناء السلام في دبي ويستمر إلى مساء الغد.
وأكد علي الشعالي مدير إدارة النشر في قطاع الثقافة في المؤسسة أن مشاركة نخبة من الأدباء والمثقفين والمفكرين العرب والألمان تأتي بهدف تعزيز التبادل الثقافي والمعرفي العربي مع جمهورية ألمانيا الاتحادية بصفتها بوابة مهمة للعبور الثقافي إلى أوروبا والعالم الغربي. وذلك في إطار رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، نحو تعزيز دور الإمارة كحلقة وصل بين الشرق والغرب وتأكيد إسهامها في بناء جسور التواصل الفكري العربي- العالمي، وترجمة عملية لتوجيهات سموه في اتجاه تعزيز أواصر التعاون الثقافي بين دولة الإمارات وألمانيا ضمن زيارته الرسمية التي قام بها إلى العاصمة برلين في شهر فبراير/شباط الماضي”.
وأضاف الشعالي: “تسعى المؤسسة إلى نقل صورة إيجابية عن الوطن العربي وإسهاماته في التجربة البشرية إجمالا، ونحن على ثقة من أن تنظيم مثل هذه المنتديات الحوارية التفاعلية سيكون له أثره في تأصيل مبدأ الحوار الإيجابي وتشجيع المشاركين على مناقشة بعض المواضيع الثقافية محل الاهتمام المشترك، بما يقود إلى فهم أفضل لثقافتنا وثقافة الآخرين”.
من جانبه قال ياسر حارب، نائب المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم: “إن انعقاد منتدى الحوار الثقافي العربي الألماني يأتي انسجاماً مع رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم التي ترى دوراً محورياً للثقافة والمعرفة في مد جسور التفاهم بين الشعوب وبناء علاقات إنسانية متينة بين أصحاب الثقافات المختلفة، ومن هذا المنطلق كان اهتمامنا بالدعوة لعقد هذا المنتدى لاستكشاف قنوات جديدة للحوار العربي الغربي عبر لغة الأدب والثقافة التي تمثل أرقى لغات الحوار كونها تعكس المكنون الإبداعي والفكري للشعوب”.
وأضاف حارب: “يتسم المنتدى بطابع جديد يخرج عن إطار المنتديات التقليدية، إذ ستتواصل فعالياته على مدار اليوم، ففي أعقاب جلسات النقاش الصباحية والتي ستستمر إلى منتصف اليوم، سيتضمن جدول أعمال المنتدى العديد من النشاطات الثقافية الخارجية التي تشمل زيارة عدد من المواقع التراثية والثقافية، وفي غضون ذلك سيواصل الضيوف حواراتهم الفكرية في أجواء عفوية دافئة تسهم في منح هذا الحوار بعداً إنسانياً يبتعد عن الرسميات والبروتوكول، ويمنح المشاركين مساحة أرحب للنقاش بحريّة حول المسائل الثقافية المطروحة”.
وقال حارب إن المنتدى يأتي متماشياً مع النظرة العالمية لدبي، والتي تقوم على مبدأ التفاهم ومد جسور التواصل العربي الدولي من خلال العديد من الفعاليات الثقافية المهمة. فعلى الرغم من اقتران اسم دبي بالتقدم الهائل الذي تمكنت من تحقيقه على صعيد التنمية الاقتصادية، إلا أن هذا لم يحل دون تركيزها على محور الثقافة كركيزة أساسية لبناء إنسان عربي قادر على تلبية احتياجات التنمية ومواكبة المتغيرات العالمية المتلاحقة”.
ومن بين المشاركين في الملتقى: عربياً أدونيس وخيري منصور وفهمي جدعان ومحمد المرّ وجلال أمين وشهاب غانم والطاهر لبيب ومطاع الصفدي وسعيد حارب وجابر عصفور ومحمد عابد الجابري وعبد الله الغذامي وحسام الدين الخطيب وسواهم.
ومن بين المشاركين من الجانب الألماني: هانز آنس بيرغر وأودو شتاينباخ وبيتر هاينه وأنغيليكا نويفيرت وفولكر براون ودانييلا دان وأدولف موشج وإيلما راكوزا وسواهم.
الخليج
,26/11/2008
أقرأ أيضاً: