التي جعلتكم تشعرون بالخجل في حياتكم؟

(أخجل كلّما رأيتُ اسمي مكتوباً على غلاف كتابي)

إعداد: كوليت مرشليان

أيها الكُتّاب

طرحت مجلة "فيغارو ماغازين" الفرنسية سؤالاً واحداً على عدد من الكتّاب والروائيين وهو: "ما هو اليوم الذي شعرتم فيه بخجل كبير؟ أو "ما هي الحادثة التي جعلتكم تشعرون بخجل في حياتكم؟". وجاءت الإجابات على لسان روائيين وكتّاب فرنسيين والفكرة الأساسية للتحقيق مأخوذة من كتاب صدر في أميركا عنوانه "خجل" صدر عن دار "جويل لوسيلد" وأيضاً من دراسة عنوانها "كتاب الخجل" لجان ـ بيار مارتين صدر عن دار "لوسوي" في باريس. ننقل إلى العربية بعض الإجابات:

* * *

اليات آبيكاسيس: "في كل مرة يصدر لي كتاب"

الخجل، بالنسبة لي، يحصل كلما صدر لي كتاب. الخجل عندما أرى اسمي مكتوباً على غلاف كتاب. إنه خجل من أن تشعر أنك عرضة لعيون الآخرين. أن تملك هذه الشجاعة، ثم فجأة وبعد أن تفهمها وتتخطاها أمام الصحافيين والنقّاد والقرّاء والأصحاب والعائلة، يأتي الخجل. يقول موريس دانتيك أن القارئ هو عدو الكتاب. في الواقع، مع كل إصدار جديد لي أشعر أنني لم أقم بأي عمل يُقنع وعليّ أن أبدأ من جديد. عليك أن تتحلى "بوقاحة" معيّنة لتقول للآخرين: هذا أنا، تفضّلوا واحكموا عليّ. ومع هذا، أستمر في إحساس أنه من الضروري القيام بالكتابة مع أنني أعرف بأنني سأعرض للنقد وعليّ أحياناً أن أعترف أن الكتاب ليس جيداً. والخجل الأكبر حين أقرأ النقد السلبي حول كتاب تجرأت وكتبته مع أنني لم أكن سعيدة بالقيام بذلك وهذا لأنني لست سعيدة أو مقتنعة على الدوام من نفسي: أكتب وأنا أرشف كل خجلي. (* كتابها الأخير: "حدث سعيد"

عن "دار البان ميشال").

ستين كاريير: "ظنّوا أنني إنسان آخر"...

ـ أنا في مكتبة "اليس ميدياستور" في كاب ـ يرّي"، وموظف المكتبة البيريك صديق قديم لي. كان الصباح وكنت أشتري صحيفة. فجأة، شاهدت البيريك يمسك بإحدى السيدات ويقول لها: "المؤلف، والقارئة!"، إذا اشتريت كتابه سيوقعه لك على الفور. ثقي بي، سوف تعبدين هذا الكتاب".
تركنا ورحل. شعرت بانزعاج وحاولت أن أجد كلاماً مقنعاً لأقول لهذه المرأة أنها ليست مجبرة على شراء كتابي، لكنها سبقتني وقالت:
"أريد أن أقول لكَ شيئاً، سيدي. ما إن دخلت باب المكتبة حتى شعرت بانجذاب إلى غلاف كتابك (...) أخذته ورحت أقرأ فيه وقلت في نفسي: سيحصد نجاحاً هائلاً، هذا الكتاب (...) ولكن ثق بي، عندما أحب كتاباً، يصير بعد حين محط أنظار الجميع، وقّعه لي من فضلك...". شعرت بالفخر، ورحت أخرج قلمي بفرح لأوقع لها على الكتاب... فكانت الرواية الأخيرة للمؤلف إنسان آنجل...

(* رواية كاريير الأخيرة عنوانها: "مثل أبطال بلا حرب" صدرت عن "دار البان ميشال").

سيرج جونكور: "كان المصوّر يقوم باتصال هاتفي"...

ـ عادة ما تكون جلسة التصوير الفوتوغرافي هادئة لكن هذا المصوّر أراد مزيداً من الحركة (...) وقال بأن كتابي الأخير يتناول البحر لذا سيصوّرني بالقرب من المياه. ذهبنا إلى مرفأ الباستيل: "سنصوّر بالقرب من البواخر، انتقل إلى هناك وراح يصوّرني وكان بعيداً عني (...) وقفت داخل القارب وكنت تعباً وعديم التوازن وأنتظر وأنتظر ولم يكن يسمعني لأنه كان بعيداً عني (...) لم أعد أسمع تعليماته إطلاقاً وقلت في نفسي: "لأنه ابتعد كثيراً، وبقيت صامداً إلى أن... نظرت إليه ووجدت أنه كان قد ذهب منذ وقت طويل لإجراء مكالمة هاتفية وأنا كنت مسمراً مكاني لخمس دقائق!

(* كتابه الأخير: "لترافقكم السلامة" عن "دار فلاماريون".

شارلز دانتزيغ: "ونزل علي "التبخير" من ناقد فاشل"...

ـ عشت تجربة محرجة ذات يوم حين كتب أحد النقّاد الفاشلين مقالة امتدحني بها بشكل فظيع. حقيقة أنه امتدحني بشكل فظيع وسيئ. وكانت المقالة كلها مديحاً. هذا الرجل أحرجني وأربكني: كيف يمكن لرجل مثل هذا أن يحب كتابي بهذا الشكل. ولكن بعد حين تعاطفت مع المقالة وهنا شعرت بالخجل: "أن أصبح، بضعفي، متعاطفاً مع ما أرفضه!".

(* كتابه الأخير: "قاموس أناني للأدب الفرنسي"، عن "دار غراسيّه").

فيليب لابرو: "حملتي خلال غونكور 67"

ـ كنت في صدد إنهاء الفصل الأخير من روايتي الأولى "نيران لم تطفأ جيداً" وكنت شديد الفخر والاقتناع بموهبتي فدخلت إلى مكتب غاستون غاليمار وقلت له بفخر: "هذا مخطوط جائزة غونكور لهذا العام" وكان ذلك مطلع أيلول 1967 (...).
النتيجة: بالتأكيد، غاب نهائياً عن لوائح غونكور، لم يعره أحد أي اهتمام، وبعد أشهر قليلة شعرت بحماقة الحركة التي قمت بها. وحين بعدت زمنياً عن هذه الحادثة، صارت تضحكني.
وهي، من ناحية ثانية، كانت فاتحة لي لأتعامل مع ناشري الخاص لكل كتبي طوال سنوات.

روبير ساباتييه: "كنت مهتماً بسرقة أدبية"...

ـ حين كنت صغيراً، كنت الأفضل في صفي في اللغة الفرنسية. وكان الأستاذ يقرأ كل أسبوع أمام الجميع أفضل مواضيع الإنشاء. وكنت دائماً المحظوظ. ما عدا مرة واحدة، كنت نظّمت الفرض اليومي بالشعر الموزون. من ناحية الشكل، كان رائعاً. وكنت فخوراً به. لكن المفاجأة كانت حين، وللمرة الأولى، اختار الأستاذ ورقة تلميذ آخر. والأسوأ، أنه اتهمني بأنني سرقت النص أمام الجميع. وراح التلاميذ يضحكون. وفي هامش ورقتي، كنب من وحي لافونتين: "لا تجبنُ أنفسكم على الموهبة، فلا شيء يأتي بالقوة". وكتب في نهاية الورقة: "أريد أن أعرف من أين سرقت هذه القصيدة؟". شعرت بالخجل لأنني كنتُ مؤمناً بما كتبت. فكرت في هذه القصة طوال حياتي. مات أستاذي منذ زمن طويل. ولم أتمكن من إخباره أنني أنا فعلياً من كتب القصيدة.

(* كتابه الأخير: "المجموعة الكاملة لأعماله الشعرية" عن "دار البان ميشال").

مارك لامبرون: "روايتي الأولى المرفوضة"

ـ هناك إهانات أدبية شبيهة بالجراح والآلام في الحب: والجراح الأولى هي دائماً الأصعب. في خريف 1987، كنت أنهيت المخطوطة لروايتي الأولى "المرتجل في مدريد". كنت مليئاً بالأمل والاعتزاز وأرسلت النص إلى ثلاثة ناشرين: غاليمار، غراسيه وفلاماريون. بسرعة، كان جواب غاليمار الرفض (...).
بعد أسبوع، قال لي إي برجيه، وهو يعمل في دار منشورات "غراسيّه"، أن الرواية يمكن أن تصير مقبولة إذا تمت عليها بعض التعديلات (...) إلى أن وصلتني مكالمة هاتفية من فرانسوا يرني من "دار فلاماريون" تقول إن النص مقبول وقلت في نفسي وبعد خجل شديد انتابني بسبب ما حصل: "جاءت ساعة الانتقام"...

المستقبل
الاثنين 16 تشرين الأول 2006


إقرأ أيضاً: