إن المتأمل في المشهد التشكيلي العربي يلاحظ دون أدنى شك الحضور الشحيح للنحت إزاء تعاظم الاهتمام بالتصوير مثلا وقد تتعدد أسباب ذلك انطلاقا من وقوع النحت تحت طائلة مقولات الإباحة أو التحريم . يقول عفيف بهنسي : " إن مشكلة فن النحت تفوق تعقيدا مشكلة التصوير ذلك أن النحت كان أقرب إلى صناعة الأصنام وأن الأعمال النحتية تدخل في نطاق التحريم "(1)، هذه المشكلة ماتزال مستوطنة في بعض العقول وفي بعض المناطق العربية رغم خروج أغلبها من دائرة الاحتراز لا بفعل الانصياع إلى الرؤية الغربية ولكن تيمنا برؤية المستنيرين من السلف أيضا الذين كانوا أكثر استنارة من بعض الخلف في مستوى قبول وتفعيل القول بمزية النحت وتخلص هذا الفن من أية إحالة على مرجعيات وثنية ألم يكن الشيخ محمد عبده متحررا من الانغلاقية داعيا إلى الأخذ بهذا الفن وذلك في فتواه " الصور والتماثيل وفوائدها وحكمها " حيث قال : "إن هذه الرسوم والتماثيل قد حفظت من أحوال الأشخاص في الشؤون المختلفة ومن أحوال الجماعات في المواقع المتنوعة ما تستحق به أن تسمى ديوان الهيئات والأحوال البشرية " .(2) كما قد يعزى السبب في تقلص الفعالية النحتية إلى عوامل مادية وتقنية وتسويقية وتداولية إذ أن المواطن العربي مازال محافظا في تعامله مع اللوحة الفنية فما بالك بتعامله مع غيرها من صنوف الفن التشكيلي .. كما أن الاهتمام النقدي المتقلص قد يكون أحد المشكلات التي حالت دون امتداد التجربة النحتية وتجذرها . وإن كنا نرد الأسباب إلى ثلاثة محاور :معرفية ، مادية ونقدية ،فإننا سنركز على البعد الثالث للنظر في طبيعة الخطاب النقدي الفني الذي تناول تجارب النحاتين العرب ،محاولين الوقوف على سماته وعمقه وارتهاناته ورهاناته . وسنوقف عملنا على الخطاب النقدي الفني الذي قارب تجاربه النحات العربي " محمود مختار " باعتباره من رواد فن النحت العربي.وبقدر الندرة في التجربة النحتية العربية كانت الندرة في حضور النحت في النقد الفني العربي وهي مسألة منطقية فالخطاب النقدي مرتهن في وجه من الوجوه بالرصيد الإبداعي ولعل هذا السبب الموضوعي قد أثقل كاهله فأصبح المبرر الدامغ لقلة اهتمام الناقد العربي بفن النحت ..... وبما أن الفن عموما محتاج إلى الخطاب النقدي فإن القول بأزمة ما طارئة أو ثابتة في الفنون التشكيلية عامة قد يكون مصدرها غياب أو تراجع الخطاب النقدي " إن أزمة الفنون المفترضة هي بالفعل قبل كل شيء أزمة القول الذي يمنح الفنون شرعيتها وذلك أمر آخر تماما . وحسبنا تصفح المجلات الفنية أو الملحقات الأدبية لنتيقن من أن الأزمة هي أزمة قول." (3) من هذا الأساس يتنزل تشديدنا على أهمية الخطاب النقدي الفني الذي غالبا ما نجده متفرقا وغير موثق في مدونات أو في مكتبات متخصصة.
إن أول ملاحظة نسوقها، هي أن أغلب النقد الموجه لتجارب النحاتين العرب مبثوث في سياق استعراض تاريخ الحركة الفنية العربية عامة و هذا يعني أن آلية النقد ذاتها لم تتخلص في كثير من الأحيان من سلطة و مرتكزات تاريخ الفن .
ولقد تعدد الاهتمام بتجربة الفنان محمود مختار(1891-1931) ، لكنه اهتمام متأخر نسبيا جاء بعد وفاته فندرت المقالات النقدية المهتمة بتجربته خلال حياته وهي سمة غالبة في النقد الفني عامة ، فقد تناول بعض الكتاب تجربة مختار في سياق التأبين مثل مقالة الأديب طه حسين بعنوان "المصري الغريب في مصر " أو مقالة الأستاذ عزيز أحمد فهمي بعنوان " تأملات في الفن في معرض مختار " و هما مقالتان مثقلتان بالبلاغة الأدبية ، فلم يكن طه حسين ناقدا فنيا بقدر ما كان أديبا إضافة إلى أن الفن التشكيلي يفترض حضور حاسة النظر لذلك كانت ملاحظات الكاتب عمومية قد تصلح لأي تجربة فنية لها المدار نفسه يذكر حسين " كان في حياته مرآة صادقة كل الصدق لنفس مصر الخالدة التي لاتحد ولا تحصر . كنت تجد في هذه المرآة صورا صادقة لنفس مصر القديمة ، ولنفس مصر الإسلامية ، ولنفس مصر التي يكونها هذا الجيل " (4)
إضافة إلى ذلك مقالة أخرى لمصطفى عبد الرازق بعنوان " مختار مريض " وقد كتبت بتفجع كبير أثنا ء مرض مختار وفيها يعرف الكاتب بقيمة الفنان مستذكرا علاقته به في فرنسا ومتألما للحالة التي هو عليها ، يقول " إذا كان عواد مختار قليلين ، فقد يكون هو في شغل بأوصابه عن كثرة الزوار وقلتهم ، وعن وفاء الناس وتقصيرهم " (5)وأشاد عبد الرازق بأهمية منحوتات مختار رغم المآخذ التي عابها عليه البعض دون أن يذكر هويتهم كأن السياق لا يسمح بذلك ووردت هذه المقالات بين السنوات 1934و1940في مجلة الرسالة التي كان يرأس تحريرها حسين الزيات .وإن كانت مثل هذه المقالات صيغت في فترة ملتبسة (قبل موت الفنان بقليل أو بعد موته )فإن كتابة الناقد أحمد راسم (1895 -1958) حول تجربة الفنان قد نشرت أثناء حياة مختار وعنونها ب "المثال مختار " استهلها بمقدمة أدبية: " اصطفى سحر اللون ذات يوم فتى كان يلهو على ضفة النيل بسن صور إنسانية من حمإعادي ،ومنذ هذا اليوم و الأشعة النورانية تجري منسلكة في عروق هذا المختار " (6) هذه اللغة الأدبية سيطرت على أغلب جوانب المقال قوامها الوصف والانبهار وتعرض راسم إلى مسيرة الفنان باقتضاب دون التوقف عند تحليل مراحل هذه المسيرة وأثرها العميق في التجربة مما أدى به إلى اعتبار أن الميزة الرئيسية التي تسببت في مجد الفنان هي انصياعه إلى " إلهامات طفولته " بدل اعتماده على " وسائل فنية " اكتسبها في فرنسا بل يصرح أيضا أن المختار " يعود رغم إرادته إلى طرائق العهد الفرعوني " (7) و لاشك أن هذا الانصراف إلى تمجيد هذه الخصلة له مايبرره واقعيا فالنص وارد في سياق تاريخي قد يشفع لراسم بمثل هذه الإشارة إلى إنكار أهمية المكتسبات الغربية وبذلك تم النظر في التجربة من هذه الزاوية إلى درجة التطرف أحيانا في إعلاء الذات الحضارية واعتبار الرصيد التراثي هو الأوحد في الإلهام وهو مطب قد يلقي بظلاله حتى على النقد الفني في النصف الثاني من القرن العشرين أي بعد استقلال الدول العربية . ويسلط راسم في كلمته نظره على بعض أعمال مختار، أي أنه لا يقصي العمل الفني من البحث ، وهذه مسألة في غاية الأهمية قياسا إلى غير ما درج عليه أغلب الكتاب ،لكن السمة الواضحة أن هذه الملاحظات حول أعمال مختار وردت متسللة إلى
النص ، كأن تناول العمل الفني فرع لأصل هو تأريخ التجربة بشكل غير بعيد عن الأسلوب الأدبي .ولئن أشار راسم إلى قيمة العمل الفني فإنه لم يواجهه بمعرفة علمية ، فجاءت إشاراته عابرة فهو يقول عن تماثيل مختار التي اهتمت بالمرأة/ الفلاحة المصرية : "فما أسمى تماثيل هذه النساء الأعرابيات وأشرحها للخاطر ، إنها تحاكي الحقيقة تمشي فوق أرض الصعيد ، وإنك لتلحظ في هذه التماثيل انها جميعا قد فاضت بهذا الروح المصري الساذج " (8) ونرى أن صيغ التفضيل تخفي أي تحليل . وتحتل الدلالة المنزلة الرفيعة في كتابة أحمد راسم فيحتفي بالطابع الوطني لشخصية مختار في عمله"نهضة مصر " (أنجز سنة 1928 ) الذي يعبر عن ثورة 1919أوتمثال" بائعة الجبن " لما فيه من بعد محلي متأصل في البيئة المصرية .
ويظل الناقد بدر الدين أبوغازي ممن أفرد حيزا خاصا لتجربة محمود مختار من خلال المقالات أو الكتب (9) ، فطور النظر إلى هذه التجربة بالاعتماد على بعض مميزاتها التشكيلية يقول متحدثا عن تعامل الفنان مع الملابس : " الرداء عند مختار ليس مكملا زخرفيا ولكنه مكمل تشكيلي أساسي يساهم في حبك التكوين وإبراز النغم الرئيسي للتمثال و يساهم الخط الداخلي للتمثال مع الخطوط الخارجية للرداء في هذا الإيحاء داخل وحدة من الحوار التشكيلي بين الداخل والخارج " (10) هذا العنصر التشكيلي لامس مسألة تكوين التمثال ، و بالتالي فإن الناقد أدرك أهمية الاهتمام بالعمل الفني في حد ذاته ، حتى أن الاصطلاحات التي يستعملها دالة على هذه الصفة فهو يحلل تركيبة العمل معتمدا على النظر في الكتلة والخطوط ......
وعليه فإن الكتابة الفنية في النصف الأول من القرن العشرين تعاملت مع التللمستعمر،ية بحماسة العاطفة أكثر من الاحتكام إلى مبادئ النقد الفني.إنها حماسة المثقف العربي الذي يعتبر أي عمل فني واجهة ثقافية في التصدي للمستعمر ، لذلك
فإنه لا يأبه كثيرا بخصائص النقد الفني بقدر ما يجعل قوله النقدي متأصلا في قضية وطنه ، ويجعل من أي تجربة وسيلة فنية مذعنة لسلطة الإيديولوجيولكن هل استطاع الجيل الموالي من النقاد تجاوز هذا المأزق ووضع المنجز النحتي موضع الموضوع الفني المدروس علميا ؟
يعتبر شوكت الربيعي واحدا من المتابعين للحركة الفنية العربية إجمالا من خلال مقالاته وكتبه وقد أفرد في كتابه " الفن التشكيلي المعاصر في الوطن العربي 1855 – 1985 " (11) فصلا لفن النحت وإن كان الكتاب معنيا بالتأريخ فإن الربيعي ضمن فيه تقويمه الشخصي لتجارب النحاتين العرب ومن بينهم النحات محمود مختار فاعتبره قد جمع في تماثيله بين الواقعية والتجريد و الملفت للنظر أن الكاتب يحيل على مرجع هام وهو مقالة الناقد المصري بدر الدين أبوغازي " مختار بعد الثلاثين عاما " المنشورة في مجلة " المجلة " ويستشهد بشاهد مطول من المقال .
أما الدكتور عفيف بهنسي فيورد مجموعة من التعليقات حول تجربة مختار وهي قائمة أساسا على آراء بدر الدين أبو غازي ، فيعتبر أن السبب الجوهري الذي يعود إليه الظهور المبكر الاستثنائي للنحات مختار هو الإرث الضخم الذي تركه الفراعنة في مصر . ويجمل دون تفصيل فن مختار بقوله : "معجزة مختار في فنه قدرته على البعد في أعماله عن شخصية بلده وفي إبداع أسلوب فني خاص به برغم تيارات العصر المتعارضة " (12) أو اعتباره أن أعمال مختار لها صفة الفن المستقبلي لقيامها على الأخذ من الماضي ( التراث ) ومن الحاضر ( منجزات العصر )
إن كلا من شوكت الربيعي و عفيف بهنسي يلتزمان الإطار النقدي الذي سبق أن وضحه أبو غازي بحيث ورد التقويم الخاطف استعادة نظرية للدلالة المحورية التي
ركز عليها أبو غازي وقوامها أن تجربة النحات مختار تستمد جذورها من الماضيالفرعوني و تستفيد من الحاضر ممثلا في قضايا الأمة أكثر من تمثله في التقنيات الفنية و المهارات التي اكتسبها من أثر تعلمه في فرنسا. هناك إغفال كبير لأثر هذه المسألة في الكتابات النقدية وهذا ما يفيد غلبة القراءة الدلالية أو الإيديولوجية للعمل الفني.
وقد تصدى الأستاذان محمود النبوي الشال ومها الشال في كتاب مفرد لتجربة محمود مختار فتعرضا لسيرة الفنان وأفردا قسما خاصا بالخصائص و القيم التشكيلية والعلاقات الفنية في أعمال مختار الفنية وأقاما هذا القسم على المحاور التالية:
تحديد الملامح العامة لفن مختار من المنظور القائم على الانطباعات المجملة التصدي لتحليل القيم والعناصر الفنية التشكيلية في ضوء الإنجازات النحتية الارتكاز على الانطباعات الذاتية لإبراز أسلوب النحات .
من خلال هذه المحاور يتضح الاعتماد المركزي على فكرة الانطباع في تناول العمل الفني ونتساءل في هذا السياق إلى أي مدى يمكن ارتهان آلية النقد الفني في مدار الانطباع الذاتي الذي يخلص إلى التأمل و إلى الخاطر أكثر من احتكامه إلى مقاييس أو معايير دقيقة ؟
وقبل أن يحدد الأستاذان الشال ،السمات العامة لفن مختار يؤكدان أصالته المنحدرة من مناهل ثلاثة : التراث الفني – البيئة المصرية – ظروف العصر التي عايشها ، وهي المناهل ذاتها التي أشار إليها في البدء بدر الدين أبوغازي وأصبحت بمثابة المسلمة لأغلب النقاد ، وهو أمر غريب حين تؤسر العملية النقدية في إطار طوق قراءة سابقة ، تضحى بمثابة السلطة الأدبية.
وتطغى القراءة الدلالية على أغلب ما يسميه الأستاذان الشال ب " التعليقات والتحليلات والانطباعات " التي يثيراها من ذلك أنهما يدرسان رمزية كل عمل قبل البحث في قيمه التشكيلية فهما يعتبران تمثال " نهضة مصر " قمة هذا البعد الرمزي.
ف" أبو الهول:"رمز للحضارة القديمة التي دفنت تحت رمال الزمن وانبعاثه اليوم وتوثبه هو رمز لعودة الروح والمجد أما الفلاحة فهي أم هذه الأجيال التي أقامت حضارة مصر" (13) وكذلك شأنه مع تمثالي سعد زغلول بالقاهرة والإسكندرية و تماثيل بعض الفنانين والعلماء والزعماء السياسيين.
وإذا كان البعد الرمزي مهيمنا على فواتح القراءات فإن التحليلات النقدية راكمت الاصطلاحات وانحجبت في العموميات إلى حد الألغاز. يذكر الأستاذان الشال :
"يبدو في أعمال مختار الجانب المعماري الذي يحرص على وجوده وتمثيله وبثه في كل تماثيله ، ومن ثم نرى العنصر الهندسي يتغلغل بشكل ملحوظ في بنياته النحتية فيكشف عن لمسة ساحرة في ثنايا تكويناته القائمة على امتزاج الخطوط بالمساحات البينية وهكذا ندرك بشكل ملحوظ توفيقه في المزاوجة بين الخط النفسي و الخط التشكيلي والمساحات المحصورة بين تحرك المسار وبين هذه الخطوط مما يساعد في إبراز التباين والتنوع والتوافق والخروج من مجرد هذه الأشكال والمساحات المجردة إلى منظومة متناسقة الأداء بليغة التعبير "(14)
من خلال هذا الشاهد يثير الناقدان مجموعة من المصطلحات بشكل تراكمي فيتعرضان للخط النفسي والخط التشكيلي دون إيضاح معنى ذلك بالتحديد أو يتناولان " التباين والتنوع والتوافق " وكلها مصطلحات بحاجة إلى توضيح وتعميق صلتها بالأثر الفني وهذه سمة ثابتة في كل الملاحظات التي أورداها حيث تحدثا عن " روح الكتلة في أعمال مختار " و " ديناميكية الحط ووترنيمة السطوح " و " بلاغة الكتل " ... حتى أنهما حين يعرفان بعض المصطلحات المستعملة يلجمان طاقتها ، فيعرفان عنصر التوازن بكونه : " التركيز ودقة التوزيع والسعي وراء التعادلية " (15) وهو تعريف يؤكد غياب الوعي بالجهاز الاصطلاحي .
لقد انفلت النحت العربي في نموذج المثال محمود المختار من المعالجة النقدية العلمية في أغلب كتابات النقاد فلم تخرج تحليلاتهم عن المرجعية السياسية والإيديولوجية وأسروا وظيفة المنحوتات في البعد التزييني أو القومي إلى درجة أن النظر إلى أعمال المختار أدرجت في مسألة البحث عن الشخصية المصرية فالناقد حامد سعيد وضع مصادرة تفيد أن " الفن المعاصر في مصر لايتمتع بصفة المصرية " (16) وتأتي أعمال المختار استثناءا لذلك . ويجمع سعيد الخصائص الفنية المصرية في تجربة الفنان في العناصر التالية :
الالتزام بالصورة الجانبية للوجه الإبقاء على صفة الحركية في النحت مثلما عرفه النحت المصري القديم الاهتمام بقضايا الوطن واعتبار النحت وسيلة تحرير ثقافي ولئن ابتعد الناقد عن أي مقاربة جدية وحمل خطابه بعدا إيديولوجيا واضحا فإنه لم يشذ عن غيره من النقاد الذين ركزوا على صفة التمصر الفني إلى درجة التطرف.
ومع أن بعضا من الاهتمام النقدي قد انصب أحيانا على تحليل تكوينات الآثار الفنية فإنه لم يلتفت إلى علاقة المنحوتة بالمكان أو المحيط المنتصبة فيه. وهي مسألة تكاد تكون مستبعدة في كتابات النقاد فقد يشيرون إلى انتصاب المنحوتات في ساحات عامة ولكن دون ربط ذلك بعلاقة الأثر الفني بالمحيط فقد ذكر الأستاذان الشال مثلا أن تمثال " نهضة مصر " وضع أول الأمر في ميدان رمسيس (سنة1928) ثم نقل إلى مكان آخر وهو مدخل شارع الجامعة بالجيزة ، دون أن يهتما بهذا التحول من الناحية الفنية علما وأنه قد تم الاستغناء عن قاعدة التمثال الضخمة عند عملية النقل ، حتى أن الناقدين لم يتعرضا في كتابهما لمسألة القاعدة في الآثار النحتية .
بذلك تبقى آليات النقد الفني بعيدة نسبيا عن التناول الجدي للتجارب النحتية العربية وتغلب عليها سمة الاحتشام كأن تلبس النحت بهالة الممنوع طيلة قرون قد ألجم حدود الفعالية النقدية.
أقرأ أيضاً: