صدر العدد الجديد (الثلاثون، يوني و2009) من مجلة الكلمة، الشهرية الأدبية الفكرية الالكترونية والتي يرأس تحريرها الدكتور صبري حافظ. حيث تواصل المجلة انفتاحها على مختلف وجوه الإبداع واستقصاءات الإنسانيات والعلوم الإجتماعية، وحوار مثر حول الثقافة العربية في جغرافياتها الفكرية والأدبية المتعددة. وهكذا تفتح الكلمة في عددها الجديد أسئلة الكتابة الجديدة في العالم العربي، الملف الذي أعده للكلمة محررها ومراسلها في المغرب الكاتب عبدالحق ميفراني، الملف استقصاء متعدد المحاور لأسئلة الكتابة الجديدة، تتعرف من خلاله عبر الشهادة والدراسة والنص الإبداعي في نوع من اللجوء لتعدد اللغات والمنطلقات، على جمالياتها واجتهاداتها النظرية وتحققاتها الإبداعية معا. فقد برز في السنوات الأخيرة بالمشهد الثقافي العربي مفهوم "الكتابة الجديدة" وتكرر خصوصا مع التجارب النصية والإبداعية التي أسهمت بشكل لافت في طرح استراتيجيات جديدة تهم أسئلة الكتابة، ورؤى وبنى فنية تخلخل النسق الثقافي العام. كما يحفل العدد ببحوث ودراسات تهم مختلف الأجناس والأنساق الإبداعية، حيث يتناول الباحث المسرحي سالم اكويندي "المسرح المغربي بين الفرجة والنسق السياسي" راصدا خصوصية أصول الفعل المسرحي في المغرب، ومبينا سمات ارتباطها بالنسق الثقافي العام، والذي لم يكن استدماجياً بقدر ما كان عضوياً. ويؤكد أن فرادة طقس الفرجة. فيما يغامر الباحث باقر جاسم محمد في "متون متجاورة متساكنة"، في أصقاع نقدية جديدة يسعى فيها إلى استقصاء كيفية التعامل مع النص الرقمي التفاعلي الجديد. ويحفل العدد الجديد من الكلمة بالعديد من النصوص الإبداعية حيث يكتب الشاعر المرموق سعدي يوسف عن "أول أيار في موريس بلاتسه"، ويخص الروائي المصري صبحي موسى الكلمة بنصه الروائي الجديد "أساطير رجل الثلاثاء"، هذا الى جانب الأبواب الثابتة المعتادة. وتفتتح الباحثة السودانية خديجة صفوت باب دراسات بقراءة معمقة وسمتها بـ "كيف تكتم السرديات الملفقة أنفاس الحقيقة" تعتمد على الحفر في أركيولوجيا التاريخ الحضاري والاقتصادي والسياسي وراء صعود أوباما للحكم في أميركا من ناحية، وعلى إماطة اللثام عن المسكوت عنه وفضح الدعاوى الزائفة التي تتطلسم على الوعي بسردياتها الملفقة من ناحية أخرى. فيما يتوقف الناقد نبيه القاسم في "سبحة لسجلات سميح القاسم" عند أحدث دواوين الشاعر الفلسطيني الكبير مقدما حفرا في أركيولوجيا العنوان، وتحليلا لبنية القصيدة، ولتنويعات الشكل وتشكلات المعنى المختلفة فيه. وتقارب الباحثة اليمنية صباح الإرياني في "بين عمومية الانكفاء المحلي وخصوصية المستبد الشمولية" رواية "باطيو بينيطو"، الرواية التي نشرتها (الكلمة) في يناير الماضي، كاشفة عن تضافر البصيرة النقدية المرهفة مع رؤى عالمة اجتماع حصيفة، في قراءة تفتح الرواية على الواقع العربي وعوالم مهمشيه الممتدة من اليمن حتى المغرب، وعلى اشتباكها الإشكالي مع المحرمات الثلاثة: الدين والجنس والسياسة. والى جانب هذا كله، يهدي الشاعر الجزائري بشير ضيف الله دراسة "الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي" الى الكاتب الجزائري الكبير الطاهر وطار متمنيا له الشفاء في رحلته العلاجية. وتقارب هذه الدراسة روايته الأخيرة مقاربة سيميائية وسياسية معا، كاشفة عن دلالات العتبات، ومحتوى البنية الروائية، وعن طبقات المعنى المتوارية من ورائهما. ويتوقف الباحث المغربي محمد مريني في"الرواية المغربية" للخطيبي متوقفا عند ريادة كتاب الباحث المغربي عبدالكبير الخطيبي الذي رحل عنا مؤخرا، وعمق استبصاراته ووعيه الباكر بما بلوره إدوار سعيد من آليات ارتحالات النظرية النقدية وضرورات تحويرها عند تطبيقها على أعمال من ثقافة مغايرة وسياقات مختلفة. ليختتم باب دراسات بالقسم الثاني من دراسة كسلمان وويثروب "النقد الحديث للعهد الجديد خلال القرن العشرين".
قصائد العدد الجديد من الكلمة تزينها نصوص الشعراء: سعدي يوسف، إليخاندرا بيزاريك (ترجمة حمو بوشحار)، نمر سعدي، عماد الدين موسى، كمال أخلاقي، وصالح بن سعد الزهراني. الى جانب رواية المبدع صبحي موسى "أساطير رجل الثلاثاء" التي تكشف عن تواريخ الجماعات الإسلامية السياسية. يحفل العدد بقصص المبدعين: عائد خصباك، محمد اكويندي، جمال محمد ابراهيم، الشريف حبيلة، خالد عاشور.
في باب نقد، نقرأ لموريس أولندر (ترجمة الباحث محمد آيت لعميم) عن "لغات الجنة" حيث يتعقب أولندر المسارات التي سلكها الآباء المؤسسون لعلوم الفيلولوجيا المقارنة، واللسانيات الهندو ـ أوروبيّة، وتاريخ الحضارات. في مراجعته التحليلية، يلفت الباحث عبدالغني عبدالله الانتباه، في "بين الأصالة والمعاصرة" إلى عمق الجوانب الجديرة بالبحث في شخص المويلحي المثقف ومؤلفه الشهير. ويتناول أسلوبيّة نصه وحواره مع التخييل والواقع والتراث.
والى جانب دراسة الباحث المغربي سالم اكويندي حول "المسرح المغربي بين الفرجة والنسق السياسي"، يقارب الكاتب الفلسطيني نبيل عودة أخلاقيات حرية الرأي. ويكتب الكاتب عبدالوهاب الملوح عن "فأس الشابّي .. من أكل كبد بروميثيوس" ململما الآراء النقدية التي تجسد محاولات الشابي لتحقيق انطلاقة شعرية مغايرة. أما الكاتب محمود الباتع فيختتم هذا الباب، بـ"خيار المثقف بين النفي والانتحار" متأملا وصية حنامينا وعبرها يشيد الكاتب مقالته على فعل تمويت المثقف العربي، وإقصائه عن الظاهرة الثقافية، واستلابه عن ذاته وعن موقفه من الواقع.
ملف العدد الجديد من الكلمة "اسئلة الكتابة الجديدة في العالم العربي" والذي أعده الكاتب عبدالحق ميفراني يمثل استقصاء متعدد المحاور لأسئلة الكتابة الجديدة، تتعرف من خلاله عبر الشهادة والدراسة والنص الإبداعي في نوع من اللجوء لتعدد اللغات والمنطلقات، على جمالياتها واجتهاداتها النظرية وتحققاتها الإبداعية معا. فقد برز في السنوات الأخيرة بالمشهد الثقافي العربي مفهوم "الكتابة الجديدة" وتكرر خصوصا مع التجارب النصية والإبداعية التي أسهمت بشكل لافت في طرح استراتيجيات جديدة تهم أسئلة الكتابة، ورؤى وبنى فنية تخلخل النسق الثقافي العام. الملف شارك فيه أربعة وثلاثون (34) مبدعا عربيا يمثلون حساسيات ثقافية متعددة.
في باب علامات، يعود الباحث الدكتور محمد زهير الى استقصاء الذاكرة الثقافية في المغرب من خلال "عبد العزيز بنعبد الله فيناقش العلاقة بين العلم والشاعرية". أما مواجهات العدد فتقربنا من عوالم الكاتب الكبير محمد البساطي، في حوار أجراه هشام بن شاوي، حوار استثنائي مليء بعمق وروح البساطي العذبة.
باب كتب افتتح بمقال الشاعر والناقد عبداللطيف الوراري "في شعرية هنري ميشونيك"، وعبره نعيد اكتشاف جزء من انشغالات الراحل والأسئلة التي شغلته طيلة مسيرته الإبداعية والنقدية. أما الناقد فتحي عبدالله فيكتب عن "تحقير الذات وإهانتها" متمثلا مفهوم السرد الكوني. الناقد السوري خالد زغريت يقارب ديوان الشاعر الأردني موسى احوامدة، والذي يعتبره نموذجا خاصا لتألّق بعض التجارب التي تتابع حمل راية التحديث بمسوغات موضوعية.
ويتوقف الناقد العراقي عبدالكريم كاظم في "واقع السلطة والدكتاتور" عند أحد أشهر روايات الكاتب الكولومبي الشهير جابرييل جارثيا ماركيز، مستقصيا حضور شخصية الديكتاتور في النص كحضور أنساني وكأمثولة. في حين، ترصد الناقدة اللبنانية سلفانا الخوري "التشهي نوستالجيا البلاد المؤجلة" نصا روائيا عراقيا يعالج الجنس والذكورة والسلطة، وتتوقف عند الدلالات الثاوية خلف هذه المقولات من خلال تتبع المبنى الحكائي والشخصيات .. وصولا الى استخلاص رؤية النص العميقة. ويختتم السوسيولوج المغربي عبدالرحيم العطري هذا الباب بمراجعته "كيف يدير المغاربة طقوس المقدس؟" الكتاب الذي يمثل مدخلا نوعيا لقراءة أنماط التدين بالمجتمع المغربي.
بالإضافة إلى ذلك تقدم المجلة رسائل وتقارير" و "أنشطة ثقافية"، تغطيان راهن الوضع الثقافي في الوطن العربي. لقراءة هذه المواد اذهب إلى موقع الكلمة في الانترنت:
www.al-kalimah.com
المستقبل
13 يونيو 2009