نعيم عبد مهلهل
(العراق)

(إلى عشتار مرة أخرى
. زهرة المشمش البيضاء
قبل أن تتحول إلى ثمرة)

نعيم عبد مهلهلاكتب هذه القصيدة ونجاة الصغيرة تغني: وصلنا النهاية من قبل النهاية...يا عيني علينا......................................................
ينبت المشمش تحت شفتيك كما مرسوم ملكي يبرر وجود احمر الشفاه في خطابات كاسترو .
أتخيل هذا وأعطي لعينيك مرايا الشعر كي يعرف العالم إن القلوب ماهرة في صنع لذة التشوق لهكذا مشاعر (أن نكون راغبين في تكوين أقداسنا الخاصة بطريقة أغمض عينيك وسيزورك نبي) .
نبي من المشمش ، من الدموع ، من النرجس ، من جوع فقراء الأحواز ، من نحافة أجساد عارضات سان لوران . لايهم انه بيدينا، مسكنا طينه فأذاب فينا خلود الجنوب وبرداءة الجوخ تدفئنا كمن يلوذ بحامية الجند من رصاص الذكريات .
(أمهاتنا طبخات جيدات لصلصة العدس ..وهن في لهفة الصحون يستذكرن القصائد الصينية وحدائق فرساي وقباب االكاظمية ، لهذا هن مسيجات بالحصانة الدبلوماسية ، وقبل كل ربيع . ورد المشمش يزهر تحت رضاب شهوتهن ولويس السادس عشر يهدين كعكا مدهونا بموسيقى باخ ) ..
أُعرفُ الحب بأنهُ دبا صنعه قطب روحي يوم كان الثلج ينبت في أور كما النخل حين مات أبناءها في شمال المرايا ، هناك تهجينا مصائرنا بلثغة طفولية وتعلمنا قراءة شهقات الحلاج بعذوبة أن تذبح عصفورا ثم تبوس خده.
آه ...كم أودك أيتها الزرقاء مثل ثمل رمى نفسه في النهر شوقا لموت مبلل.
أنا مثل رضيع في مهد . مبلل لأجلك .. افعلها وأبكي وأمي التي أهداها الملك الفرنسي كعكة تقول: مثل كل مرة يفعلها وينام وتحت عينيه تشرق مدائح بابل. تلك التي عزفها نبوخذ نصر يوم السبي الأول .
هكذا هو زهر المشمش . مثل وطني ابتسامته قصيرة جدا .
أمي توعز هذا إلى البلل .
واوعزه إلى إشارات صوفية تلبست وعي حياتي يوم أعطوني بندقية وقالوا اقتل البحر .
تلك حياتنا ( كلها ألغاز ومراثي ومقاهي ونعوش وأشياء لا تشبه خزامات النساء ورغم هذا هي مثل رقابنا ذات يوم ستتدلى من سقف السماء تبحث عن صديق يتذكرك بخير . صديق مالح مثل أكتاف غاندي حين سرقتكَ الحرب اشترى حبيبتك بكذبة )
تلك حياتنا ( كلمة حب ملثوغة . أو لنقل كسرها معول سوفيتي . وراح الذي راح ، وناح الذي ناح )
ركبت حصاني ومضيت ابحث عن الريح ، لعلها تبقي ورد المشمش زاهرا ليوم آخر ، ولعل النبي الذي وجدناه في دموع النخل يبطئ ليلة واحدة موت أطفال وطني بسبب الأحزمة الناسفة .
ركبت حصاني . وأتمنى أن أصل طنجة لأشرب الجعة البافارية مع ابن بطوطة واعلمه تعاويذ كاهنة زقورة أور كي يستعيد بها جبل طارق .
اكتبُ هذه القصيدة وأنا أشم رائحة ( شعواط ) البيض الذي نسته أمي في القدر وغفت بشيخوختها قرب قبر أبي
إذن اكتب هذا النص وأنا جائع
فمادامت البيضة احترقت ، فليحترق نيرون بقبره . ولنصلي على روح جدنا سقراط وإمامنا الرائع علي وسيدنا الطيب ريلكه .

2 ــ حب. إنها كلمة بحرفين . لكنهما مصيبة المصائب .
لقد رايتهما اليوم يتسوقان المشمش والقيمر وأعشابا طبية وغزلا سومريا . ورأيت الحرف الأول يشتري عباءة نسائية .
قال: لأمك التي نست البيضة تشتعل في صدري.
ضحكت وذهبت لألقي خطابي في الأمم المتحدة.

3 ــ أنا موسيقي بارع . اعزف بأنامل الورد على شفتيك فتخرج حمامات السلام وتذهب إلى كوسوفو . هناك كان لصدر الدين تكية تركية . ويقال قربها كانت جدة عبد الله أوجلان تبيع الفلفل الأحمر .
الموسيقى ذاكرة الكون .
مثلما أور التي هي ذاكرة عضو الزهرة الأنثوي .
ربما تسالون وماذا اشترى الحرف الثاني لأمي ؟
أشترى لها وطنا لا تنطفئ به مصابيح الكهرباء .
أنا موسيقي بارع . وموظف في التعليم . ورغم هذا أفكر أن اشتري حصة من تيوتا لأعلمها كيف تغني الجالغي البغدادي ولتمنحني يوما أتناول فيه المقانق لا خبز بطاقة التموين .
الشعر والمشمش أخوة . مثلما الشفة والقبلة.
أليس الموسيقى الرائعة تكتب بهذا الشكل ؟
شفاه وقبلة وكأنها طائري كناري يتناقشان في فصل من كتاب الاستشراق
وادوار سعيد يراقبها ويبتسم .
الحب. هو أن تكون قرب النافذة تنتظر إمطار تشرين
وتشرين سافر إلى الصين ليجلب لنا تنينا للسنة القمرية
تلك التي تبدأ فيها الهجرة مباركة
وتنتهي عشرتها الأولى بموت حبيبنا الحسين
أليس الموسيقى الرائعة تكتب بهذا الشكل
الناي يعزف والقديسة الحوراء تبكي أخيها
وأمي تنوح كما العصفور قرب قبر أبي
وأبي منشغلاً في الصمت ويقرا في أوراق دانتي .

4 ــ أتهجى كلمة حب بلثغة كما يفعلها لويس السادس عشر .
وبها اصنع بلادا من الحلم والقناديل وأشجار السرو
تلك التي ظللت لهفتي إليك .
يوم هاج الشوق بعاطفتي كما رسالة عشق من مولى إلى لمولاته .
حب.
حرفين ولكن بها تصل أبولو إلى القمر
وبهما يمشي حذاء ملكة السويد بنعومة
وبهما ربما يوقع القساة مراسيم موت الثوار
فالجميع يفسر الحب كما يريد
وأمي تعتبره مثل لحم خروف أثول
لا يستوي أثناء الطبخ بسرعة .................................................!

أور السومرية 16 شباط 2006