محمد الحارثي
عمان
mohdalharthi@hotmail.com

خانُ الوصُولِ بعد عُبور الرّبع الخالي

بشِقّ الأحلام والأنفُس عبرناه
ذاك الكؤودُ، ذاك العارمُ غير مُصدقين
تاركين الشروق والغروب توأمين من لحمٍ ودمٍ حتى
في عزّ الظهيرةِ، توأمين بجناحين عندما
يلتقي الهلالان تحت سدرةِ

المنتهى

(حيث تذكرنا أسلافنا الرّحالة..
وانحنينا، في الليلةِ الظلماء، إجلالاً لفكرة
سفينة الصحراء)

لاعنين، إثر كلِّ تَغريزةٍ في حروف الكثبان وبطونها
فكرةَ الدفع الرّباعي: حيث كلُّ فراسةٍ،كلُّ بَعرةٍ، كلّ إبرةٍ
مُمغنطة.. كل خريطةٍ سرّيةٍ للقُواتِ المسلّحةِ
قبضُ ريح
في النقطة الفاصلة بين أن تموت بأعجوبةٍ
وتحيا في "أمّ السّميم" ورمالها المتحركة بأعجوبتين
حالماً في كفّكَ بالماء، في كفك الأخرى بثلاثة
أرباع الدنيا، إن نجوت بدشداشةٍ - رايةٍ في عين صقرٍ
مُقامرٍ بزينةِ الحياة.

* * *

في النقطة الفاصلةِ تلك..
في ال (·) حيثُ لا بئر ولا بؤرة:
كان لا بُد من قمرٍ يملأ الكأس بالبيدْ
بمُعلّقةٍ ولَبيدْ بحُريّةٍ تملأ الرأس في الفجر بالروحِ والرّاح..
بعد أن يشربَ الصقرُ (في صحّةِ الفجر) قنّينةً
ثم يروي حكاياتهِ
عن فَلاةٍ وسبعٍ عجافٍ وعن…
بعد أن ننتهي والجناحان مِروحَةً
حُلماً غامضاً..
حُلماً لا يراهُ السراجُ البعيدْ

****

هكذا، بشق الأحلام في عين صقرٍ
لم ير الرّايةَ عَبرناه

مُختاراً لنا أمثولةَ الأمل:
أحجيتهُ الأخيرةَ بعد آخر
قطرتين من الماء والبنزين -
خانٌ مسحورٌ (لا ندري في الجزيرة، في فردوس
الوصول، في حضرموتَ أم في ظَفار)
قلنا لصاحبه:
هات المفاتيح وهات المُدام
هاتِ الثُلاثي الكوكباني ودعهُ يُغني
(إن كان واحداً)
دعهم يغنون إن كانوا ثلاثة
والصباح رَباحٌ x رَباح.
غنِّ لنا أنت إن شئت. ودع بنات آوى يُولِمن.
اتركْ رائحة البصل في قميص الفردوس،
وانسَ بُقعة الفواتير الصفراء
نائمةً في ضلع سورة البقرة.
قرشُك النمساوي، بل ماريا تيريزا
(ذاتُ الحسب والنسب)
سيتبادلان قُبلة الرنين في مئزرك.

غنّ لنا أنت الليلة، ودندن
دونهُ، دون عُبورهِ مرّةً أخرى
ذلك الرّبع، يا صاحب الخانِ، خَرطُ القَتاد.

كما في الحياة، كما في الأفلام

تذهب المُديةُ إلى آخر المَدى..
إلى الحشرجة مبحوحة بثلاث
لغات، وربما بعواء ذئبٍ بين
لغتين.
ثم (بعد أن تكتمل المهمة)
تعودُ إلى الغمد مزرقّةً بالدم.

تعودُ، بعد أن فرَّ الغرابُ المحنَّطُ
إلى الغابةِ..
إلى الرّفِّ قرب الزينةِ، تعودُ
ووحدها الأيامُ دارت
وحيدةً..

وحدها الغرفة السوداء لم تُدر بَابَها إلى
النظرة المهشمة قرب فترينة الزينة.

وحدَهما، في الحقيقة، محلولُ التحميض
والقميصُ المعلقُ في الدولاب يُفكِّرانِ
في نيجاتيف الفيلم.

(الحبكةُ واضحةٌ إذن)
كلمعة المُدية في شمس الضحى.

كالصورة الفوتوغرافية في سماء زرقاء
واضحة، إذن
لكن..

لنفترض أن الغموض ما زال يكتنف
النهاية
إحدى النهايتين في الحقيقة:

التي فرّت كما الغراب إلى الغابة،
والتي لم يُعثر لها على أثر بين لَمعةِ المديةِ
بين الصورة الفوتوغرافيةِ
وجثة أغاثا كريستي

هذه هي النهاية (في النهاية)
كما في الحياة، كما في الأفلام:
عيونٌ تستعجلُ الخروج
إلى الحياة
قبل أن ترى أسماء القتلة
على بياض الشاشة.

شكسبير في مطار هيثرو


في صالة المغادرين بوّابةٌ خشبيةٌ
تخطف أعُين العابرين إلى زنازينها الضيقة
وأقبيتها المضاءةِ بكُحل الفوانيس
إلى الكؤوس المترعة بأنخاب الآلهة والشياطين
على الزيتيات والمائيّات
حيث الحياةُ في مهدها الأولِ، في لحدها الأخيرِ
قبل الإقلاع تتنفّسُ هواءها المخضرم،
هواءها الفوّاح بالرائحة الخالدة
لهاملِتْ
المعتّق بخيط الصباح وإبرته
في قميص الذاهلة عن رمّانتيها الجانحتين
بعطر
Poème في صالة المغادرين

حيث المسافرون المتعبون من التحديق
في الشاشات ومتاجر السوق الحُرّة،
من الرحلات الطويلة بين آسيا والأمريكتين..
من ملابس أطفالهم الوسخة،
وتبرُّم زوجاتهم البدينات ومن الجلوس على
المقاعد الفائضة بلافتات ممنوع التدخين
عندما تتأخر رحلةٌ إلى
كوالالمبور، أنتيغوا، دبي
فيلادلفيا
وكوبنهاغن
يدخلون تباعاً إلى عَبق الفارس والحصان
تباعاً..
لاحتساء قدحٍ من البيرة والضباب.
متحدثين عن بلدانهم المطيرةِ والقاحلة، مزايا اللوفتهانزا
والسنغافوريّة، أعباء الحياة التي تسوطها عصا الضرائب
والأحلام المثلجة في حَبَب الكؤوس..
وعن شكسبير صاحب الحانة الغائب
غاطسين في حكاياتٍ لا زُبدة في دموعها
إلاّ عندما قال لي مسافرٌ إلى فيلادلفيا:
يؤخرون الرحلات، في الغالب، لنتسوّق
ونشربَ البيرة
لنُصابَ
بجرثومةِ الحنين إلى الأصدقاء،
ونتصل ببطاقات فرانس تيليكوم
حتى لو كنا هنا في مطار هيثرو.

صدقني، صدقني يفعلون ذلك عن عمد
وإلاّ ما الداعي للنهوض مبكراً إلى موعد
مُؤجلٍ سلفاً؟
(قالها بمرارةٍ، ومضى إلى المرحاض)
إلى الهاتف..
حتى تتأخر في أحلامها ساعتين إضافيتين
هناك في فيلادلفيا
لكنه عاد يشكو من رنين الهاتف
الذي لا ليل لهُ ولا نهار
متحدِّثاً عن الخيانةِ بحركةٍ مسرحيةٍ
(لا بد منها كما يبدو!)
بعد أن خانتهُ العبارةُ في تذكُّرِ حكمةٍ
للملِك لير.
مُفكراً في بيرةٍ أخرى

علّها.. (علّ الفكرة)
تخفي دمعةً كان لا بدّ أن
تسيل من مآقي عُطيل.
هكذا تساوينا في زنزانة شكسبير

مُنتَظرَينِ طائرين لا يطيران
لا إلى فيلادلفيا
ولا إلى كوبنهاغن.

مُنتظرَين، حتى تغيرت قائمةُ الإنتظار
على الشاشة:
اسطنبول، بانكوك،
بيروت،
هلسنكي، الجنّة
ومطار العودة المفتوح
إلى تفاحةٍ في حَلْقِ الجحيم.

مُنتظرَينِ طائراً واحداً في الحقيقة

طائراً..
ط ~ ا ~ ئ ~ ر ~ اً
حتى أفلس الجميعُ، واختفى طيفُ الملكة
من الجنيهات الإسترلينية
مُمرّرين (بمرارةٍ لا تخفى) بطاقات الفيزا
والماستركارد في الشق الإلكتروني لحاسبة
النادل السخية بعواطف البيرة.

طائراً طائراً
بعد خمس ساعات من الإنتظار
في الماء المنحوت كالطائر الحجريّ
في الغابة المُجاورة لوسادة ذكرياتهم
تذكروا،كالطائر الحجري، كأسلافهِ
بعد دهرٍ، بعد خمس ساعات..
أنّ تاجراً على ضفة النهر
يصطادُ الغابة ويُحصي دولاراتهم، هنا..
وهناك في البندقية.




كلمات صاحب الحانة المُقترحَة على حافَّةِ الصحراء

هنا الضحكُ، هنا البدوياتُ
هنا الماء القراحُ والكحولُ. تلك صحراءٌ خارج الباب. هذا نمر
ورقيّ يتبختر على الطاولةِ
(كما لو كان في الغابةِ،
ينامُ كما لو كان في العرين)
في الظهيرة أو في الليل، على جمَلٍ أو شاحنة جنودٍ،
صاحين كنتم أم سكارى..
أناملي صَدوقةٌ، كهذا الرمل، في فاتورة الحساب
وكلماتي...
عندما تتناولون العشاء، عندما تهشّمون نظرة النمر بالشوكة
والسكين
ثم تُدوّنون صوت الصحراء في آذانكم _
كلماتي فقط
هي ما تَصبُونَ إليه في المرّات القادمة.@


على حافّة النصيحة


قال - قبل أن يزلزلَ بعصاهُ
خطوات السفح:
عندما تلقي بك فلقةُ الزمان على قمَّةِ هذا الجبل
تحدث عن نفسكَ، تحدث
عن رمانة الشمس وعن وصيفاتها النائمات
تحت آيةِ الليل
عن دشداشتكَ المعصفرة بالصبر
كاللؤلؤةِ المخبأة بين زيت البندقيةِ
وتَمراتها الخمس في المخزين.

تحدثْ (بعد أن ألقى عصاه) عن القهوة المرّة
في كفّ ابتسامةِ الراعي
تُديرُ ينبوع الهواء في الكهف
عندما تلقي بك فلقةُ الزمان
كرفّةِ العقعق العالي
قُبيل طلقة الضحى.

ثم تحدث (في أرجوزةٍ من تأليفك) عن عدوٍّ
لا يُرى في هدير الطائرات العائدة إلى "بيت الفلج"
بعد أن تمسحَ عن ريشها اللامع
علامةَ الماء الخاشع في دم المحراب.

عن كل شيء، وعن أي شيء :
(عن انتظاركَ الطويل في بَرِّ الحِكمان لقروش القرنفل، عن الجمل
النافق كالنصيحة المؤجلة في زنجبار، عن التمرة العذبة في
ملح الغرقى عندما تجنحُ أبدانهم على ساحل الأبديَّة) بعدها..
بعدها، فكّر في شُح الذخيرة والماء. ثم استشِرْ
جراد المؤونة في الأمر، وفكّر من جديد: في صعوبةِ
القصائد العصماء على مروّضي الحروب
حتى إذا ما أتاك الماءُ طائعاً
من فم البدويٍّ مُرهُ بالعودة إلى النبع.
مُرهُ ودعهُ
يمضي خفيفاً إلى حتفه.
وإذا ما أعيتك الحيلةُ، إذا ما أعيتك..
صوّب أحلامكَ أمام كهفك الأول.

صوّبها ببصيرةِ الأعمى..
وانتظر، بعد سقوط الرايتين، إماماً معمّماً
في الظهيرةِ، إماماً يغفو تحت غافةٍ، في طريقك
المزدوج إلى الفردوسين:
الجنةِ والجحيم.

هذه نصيحتي، ولا مزيد.@





سلحفاة غوغان

كنتُ في القمر ليلة الرابع عشر.

كنتُ جائعاً وكانت الحُمّى
برداً يرتعد على ذلك الساحل.

كنتُ جائعاً وكانت الطبيعة مُعلّقةً
على مخلب ذروتها في السكينة والصخب.
في الضحكِ الذي تتموج به أشباه الأحجار
المنقطعةِ ابتسامتُها في آخر موجة
في الغروبِ الذي يشبه شُروقاً
والمعدن الممزق في مخلب سرطان.

كنت في الصدى
وكانت الطبيعة في الحصاة التي دفَعتها
الأمواج لتصير سلحفاةً ينقصها الدم
ولا تنقصها النظرة.
سلحفاةٌ من صنيع غوغان..
من صنيع الخالق على الأرجح، من صنيعه
فقط
دنوتُ منها وتناولت من مخبأ السّر،
كاتم الأسرار وفاضحها بيضةً فقستُها في فمي
حتى أفل القمر وعادت الطبيعةُ إلى الله
ظافراً بطيف لغز كان يرعى عشبةً
مهجورةً في الضفاف. @


قُبيل بلوغ الحتف

هذه حكايةٌ تركتها على العشب، على العشب

تركتها تحت الشجرة، وعدتُ
أحمل على ظهري، لا أدري، ذنوبها أم ذنوبي؟

عدتُ لا أدري، فتركتها هناك على العشب.
ساحباً تلك الليلة من حُلكتها، ساحباً تلك الليلة
نحو الموجة التي ابيضّت (من الألم ربما)..
وربما من اللذة قبيل بلوغ الحتف.
عدتُ، لا أدري، ناسياً حكايةً
تركتها على العشب، ولا أدري:
ذنوبُها على ظهري أم ذنوبي.@



فسيفساء حواء

التي ولَدَتْنا
وتركتنا في رنين الصرخة.

التي قبل أن نولد
ضحكت وبكت.

التي نسيت الوصية
فطفقت تخصف عليها
من ألسنة النار.

التي شذّت
فاستبدّت

التي استقامت
فسادت

التي تنفست الأكسجين في الأعالي
(حيث المجد لهُ وحده)
النُّفساء التي تنفست الماء
والخمر
والحليب
والعسل.

الطافيةُ في النّهر
الغانيةُ في الجاهلية
اللعوب في الكنيسة
القديسة في الحَبَب
التي في المسجد والعسجد
التي في المبغى والمعبد
التي بين شجرتين
التي في بئرين
التي بين نهدين
تجدل، في نسياننا، ماءً
وضفيرتين
التي تُنالُ ولا تُطال
الصامتةُ عندما تُقال
التي عنا تمضي
ثم إلينا تعود.

التي ببنطلون جينز ضيق
في الحديقة الخلفية للجنة
سرقت من الملائكة نظراتهم
وما غضِب الله.

حوّاءُ البدء
حوّاءُ البادية
حوّاءُ الأفعى
حوّاءُ نيويورك
حوّاءُ الكتابِ
حوّاءُ سومطرة
حوّاءُ الصليل
حوّاءُ المقصلة
حوّاءُ بانغ كاو
حوّاءُ كازابلانكا
أم قابيل وهابيل
زوجة آدم في الجنة
وعشيقتُهُ في الجحيم

أم ريشة الهنود الحُمر
وأم سرغون الثاني

أم بوذا وتوت عنخ آمون
أم موسى وعيسى ومحمد
أم الصعلوكِ
والشجرة
أم الرضيع والمسلّح والأدرد
أم المليونير ينسى أمّه
أم الطاغية والباغية
أم الكلوشار في الأندرغراوند يعزف
غيتاراً بين كاميرا اليمين وكاميرا اليسار
(بالضبط، حيث لا تراهُ العدستان)
زوجةُ آدم في الجنّة
وعشيقته في الجحيم.
التي من ضلعهِ
وفيما بعد، من مَنيِّه.
الصليبُ المصلوب في صُلبه.
الترابُ الصقيل في ترائبه.
التي في الشق والوتد
التي في الإبرة والمِغزل
التي
في الغزالةِ
ت ~ ر ~ كُ ~ ضُ
وفي السهم تسهو
التي في القوس دائراً حول
فكرة القميص.
التي في القميص، بلا فكرة دائرة.
التي في الكبرياء تبكي
وفي الذّلِّ تضّاحك
التي تتسوّق في هارودز
وتعرى في تمبكتو..
التي في القلم في الدمعة على جفن الواحة في الدفتر
في محطة البنزين تحت النخلة في المطبخ على الساحل
في بار نيغرسكو في المتحف البريطاني حول الرائحة في
الظلِّ تحت الشمس قرب رسائل الحُب في الشمس تحت
قوس النصر فوق طابع البريد تلوّحُ بالراية من الشرفة
وتلحس الآيس كريم في نشرة الأخبار، منتصرةً على دبّابةٍ
هزمها الأعداء في نشرة الأخبار.

حواءُ الذكر
وحواء الأنثى
المانكان والمكنة
الغريقة وحبلُ الإنقاذ
العين والشفة
القُبلة واللعاب
اللوحةُ والصورة الفوتوغرافية
مارلين مُونرو والجيوكندا
مريمُ العذراء ومومس بانكوك
تتبادلان الريشةَ والعدسة
الموناليزا وغريتا غاربو
تتبادلان الحائط الأبيض
الليدي دي والسيدة فيروز
(معاً، ولا تتبادلان شيئاً).
الرفيقةُ في الحياةِ والممات
في الجمجمةِ والموديل
(رفيقةُ أراغون وعُمر بن أبي ربيعة)

رفيقتنا على الشاشة
إن فاضت القُبلة في الظلام ببياض المنِيّ
الذي
لكثرتهِ تبيضُّ الشاشةُ
وتمضي مادونا إلى الظلام.
رفيقتنا
رفيقتنا
في النضال والسرير والسريرة
في حطين وبدر وواترلو
في راية العلمين
في ربيع براغ
في خريف تشي
في شتاء سايغون
في تموز بغداد
وهافانا فيدل.

حواء البيت وحواء الحقل
حواء الديناصور وحواء ال G.S.M
حواء القنينة وحواء الشمعة
حواء البورصة وحواء الخادمة
حواء الصلعاء وحواء ال CITY BANK
حواء الرومانس مُنسلاًّ من
شرشف قصيدته
حواء الأكذوبة العذبة
العذبة تلك الأكذوبة
العذبة تلك..
العذبة حتى
حتى لو كنا..
لو كنا نعرف
نتمنى
ونتمنى
ألاّ نعرف.

التي نهديها الذهب
فتعيد سِلال الفضة إلى المناجم

التي ننساها في الفحم
فتبعثها العنقاء

التي تنسانا،
فلا تطل من الشرفة

التي تتذكرنا أحياناً فترمي الوردة حمراء
شرفة صديقتها
حتى لو كانت وحيدةً
في فيلم بلاك آند وايت.

القرصانةُ والمقروصةُ في الخاصرة.
البرجُ والبئر في غفلةٍ عن
الهواء المزدوج.
الجبل والبحر غريبان عن فِطرة النهر
عندما يتزوج.
الساحةُ مليئةً بها، مهما
تكاثر الرجال حول الجمر.
النار والرماد
النهر والنهروان
المتاهةُ والدليل
العاصفةُ بعد المَيل
والهدوء، وحيداً يشربُ ماء النيّة
بعد العاصفة.
الطفلةُ في الطفو
العجوز في التجاعيد
وفي الحكمة إذ تحتكم
إلى النوم.
القبلةُ والقابلة
الآنسةُ والسيدة
السيدةُ والأنس
العانسُ، أحياناً
والثيّبُ وهي العروس.
العذراء في الصِّفة
المنحوتةُ في ألم الإزميل
الفراشةُ والحنينُ إلى فِراشٍ
حتى لو كنا فيه معها، وعرايا
اللقيطةُ والحُرّة
القلادة والأيقونة
اليقين والشك
العلبةُ والمثلث
الببغاء والغيبوبة
الماء الحرام والخمرة الحلال
الأسدُ الباكي في الشجاعة
البقرةُ الضاحكةُ في الجبن
حليبُ النيدو وضرع الناقة
زوجةُ الهند وجوزةُ الهند
ذات المئزر والجلاّبة
ذات المايوه والعباية

الناهيةُ الآمرة
القاهرةُ المقهورة
مدبرةُ الإنقلابات
غاضّةُ الطرف عن النتائج
عندما تعوي ونستلذ في السرير
عندما تعوي..
لنعيد الكرّة
لنستدرج الحربَ إلى الوطيس
لنشمّ رائحة الدم
دمِها القليل في الوغى
دمها الأقل على شرشف السرير
دمها النادر بعد قفل الهزيمة
ومفتاح النصر
دمها المنتصر، وحدهُ، بعد كلّ حرب.@