(قصائد لشعراء أميركيين من أصل هندي أحمر)


ترجمة وتقديم
فوزي محيدلي

fawzi

يهتم الكثير من الأدباء الأميركيين المتحدرين من أصل هندي أحمر بالدور المهم الذي تلعبه الأرض فيما يتعلق بالمفهوم الإثني للذات والهوية حتى كأن لا فكاك بين الأرض والفرد، بل الأرض والناس أو الجماعة. شاعر مثل سيمون أورتيز (من الاكوما) يهدي آخر مجموعاته الشعرية مثلاً إلى "الناس والأرض، الباقين متحدّين أبداً". ويتحول المكان عند الشاعرة جوي هارجو إلى أرضية للألم، لكنها أرضية تضج بالصمود، بالقوة. هي تستعمل اللغة والصورة لخلق مكان من السهل ولوجه، لكن من الصعب مبارحته.

وفيما يحتفي الكثير من الأعمال الشعرية بالأرض والجماعة وبالثقافة الهندية، فإن مجموعات أخرى تتحسس مسألتي الهوية والسيادة. الشاعرة كيم شاك تتعامل في قصيدتها "الشيروكي المهربة" مع التباس الهوية داخل ثقافة معادية في الغالب.

ولا شك أن ثمة صعوبة تكمن في نقل دقيق للأشكال الشفوية إلى عمل كتابي. وهنا تحضر مسألة الأرضية بل المفازات التي يحاول فيها هؤلاء السكان الأصليون استكشافها من خلال التعامل مع اللغة والشكل الأدبي وتركيب الكلام.

ولا بد من الإشارة إلى أن الكتابة الهندية غالباً ما تغدو عصية على التصنيف الأدبي السهل من مثل نسبة عمل إلى "القصة" أو "الشعر"، أو "الكتابة الإبداعية غير القصصية". مهما يكن فإننا سنقدم ما اتفق على امتلاكه صفة الشعري أو القصيدة في أعمال شعراء أميركيين متحدرين من أصول هندية.


الدب

ثمة دب واحد في كل بلاد
النمسا، كما قيل لي.
أتى إلى هنا بإرادته،
قادماً من البرية
باتجاه "الشرق".

بعد مرور عشر سنوات
لم يزل الدب يعيش وحيداً
في الجبال، لكنه ينزل
أحياناً لقتل أحد الخراف،
قيل لي أن الناس يتدبرون
خطة لإيجاد دبّة
في يوغسلافيا
وإحضارها إلى هنا
حتى لا يبقى الدب وحيداً.
أصلّي أن تكون
الحكاية صحيحة،
لأن الدب هو أخي.
إنه يعرف الحقائق العتيقة
للثرى والثريا.
دأبه إعطاء أحلام قوية
لأولئك الذين يحترمونه.


أيوجد الآن دبان
في النمسا؟

ذات يوم، غير بعيد،
هل سيأتي مع الربيع
آثار دياسم
خارجة من الوكر،
معيدة بركتها
إلى أرض أجدادك ثانية؟
جوزيف بروتشاك (من "الأبيناكي")
متاهة
كانت طفلة ملكة مع عازل
شفاف يصون قلبها،
وأرجوحة لراحة رأسها.
ما الذي أحضرته لي، يا دادي، قالت؟

لم تكن أشبه بشجر الصنوبر والأرز
التي بقيت مستيقظة
حين "الروح الكبيرة" صلّت.
بلى، ولهذا السبب على هذه الأشجار البقاء مخضوضرة.

من أجل الطقس الاحتفالي القادم
سخّنت ورق الأرز، قبل تخفيفه، في المايكرووايف
كي يحترق كلياً
ثم دفعت الدخان فوق رأسها.

قالت إنها رأت رؤيا.
مشهد المدينة من الطائرة ليلاً،
صفوف الأضواء الصفراء،
درع صدر من عظام القندس مضاد بالنيون
أو صفوف ذرة إلكترونية مترامية داخل حقل.
ديانا غلانسي (من "الشيروكي")
صلاة الصباح
أشتاق إلى الملاك الحارس
لسانغر دي كريستوس،
تلك الجبال التي كنت أهلك نفسي عندها
كل صباح في يفاعتي
حين أغدو في غاية الشوق
بفعل الحب والشجار.
في تلك الحقبة تطلعت
صوب مفهوم أزرق للإيمان،
فكرة عن المقدس
في التخوم الرائعة لشجر الأرز
المتحولة جبلاً وسماء.

هاكم الطريقة التي أتينا فيها إلى هذه الحياة الدنيا:
وقعت السماء في حب الأرض، فارتدت اللون الفيروزي،
وخَبَتْ ممتطية حصاناً أسود.
أما الأرض فتزيّت بكساء فواح،
يليق بجماليات علاقة حب مقدسة
زيّنت علاقتهما الجبال بالشروق،
وحاك حبهما الوديان رقيقة بخيطان حاشية الغروب.
أنظرُ هذا الصباح صوب الشرق
وحيدة وبي شوق لتلك الجبال
مع أني قلت وداعاً للفتاة
المسكونة بصلاة ملحاحة طلباً للخلاص.

إعتدت الإيمان برؤيا
ستنقذ العالم
تحملنا جميعاً إلى قمة الجبل
خلال حصول طوفان
الهلاك البشري
لم أعد أعرف شيئاً
وأنا أضع قدميّ في العالم الآخر
اللهم في ما عدا التالي:
العدم
شاسع ومذهل،
يطفح بتفاصيل
القهوة السادة المرسلة للبخار
رماد نار المخيم
الأجراس في أعناق الثيران أو الخراف
تتمايل عبر طوفان
من البشر
أو الموتى المحمولين عبر النيران،
عبر بخار خبز الحلويات والتنفس.

هاكم كيف سنترك هذا العالم:
على أحصنة الشروق والغروب
تاركين ظلال الجبال
التي شهدت كل معركة
وكل نزاع مهما كان صغيراً.
جوي هارجو (من "الماسكوجي")
الشيروكي المهربة
I
أَفْرُدُ خريطتي
ونسخة فوتوكوبي عن راحة يدي اليسرى،
أثبتُ الزوايا بأشياء مثل حجر صوان،
وردة،
حجر جصّ، طابة ياقوتية اللون
ثم أبدأ العمل.
II
ثمة فنّ معين
لسوء ترجمة من النوع الجيد.
III
أتذكر الغضب وعنف نفاد الصبر.
هذه الأيام
أميل أكثر لمراكمة حصى النهر في حوض الاستحمام
حباً بالأشياء الناعمة
أشياء أستطيع إحداث أقصى تدوير فيها.
VI
يسألني الرجل،
"هل تتكلمين الشيروكي؟"
لكنها اللغة التي أستعملها أبداً،
إنها الهدف الأبعد لأجيال عدة بخصوص مشروع تهريب.
انسللنا عبر العوائق،
راوغنا الحراس.
أبتسمُ قائلة،
"دائماً".
كيم شاك "من الشيروكي"
بيع الجاكوزي
الشاحنة الصغيرة تصدر
وهي تغادر طريقنا الفرعية
صوتاً أشبه بماء يبقبق
في الجاكوزي،
في ذهني أن
الدوامة التي داخل ذاك الحوض
هي من الكبر بحيث
تستوعب أكثر من دزينة من الأولاد:
الأحفاد وأبناء الأخ، وبنات الأخت،
ضحكاتهم تبقبق من القبو.
من الرغوة الكثيفة للجاكوزي.

كان هذا بالنسبة للأحفاد أشبه
بطبقة بوظة الزبدة والسكر والحليب فوق الكعكة
احتفاء بسنة تغادر،
الدوامة التي بدأت
حفلة ليلة رأس السنة الساهرة.
ولاحقاً، صلصة البندورة
تحوم فوق البيتزا،
تم تصوير الفيلم،
كاميرا الفيديو تلاحق أحداث
ليلة الأطفال
لعرض أول في اليوم الجديد،
وترتاح الحفلة بطيئة،
فتكتمل الحلقة.
العش الآن فارغ،
بلى، نما جيل جديد.
نورما ماركس داوينهاوير
(من "التلينغت")

المستقبل - الاحد 28 آب 2005