محمود درويشصدر العدد 85 (2005) من فصلية "الكرمل" الثقافية، التي يرأس تحريرها الشاعر محمود درويش، في 226 صفحة من القطع الكبير. وحفل العدد بمواضيع تندرج ضمن الأبواب الثابتة في المجلة، إضافة إلى معالجات استدعتها أحداث ذات دلالات ثقافية تزامنت مع وقت الصدور.
تصدرت العدد كلمة لمحمود درويش ألقاها في حفلة توقيع ديوانه الجديد "كزهر اللوز أو أبعد" في رام الله، وفيها تعرّض إلى أسئلة تدور حول الحداثة الشعرية العربية، وما يُقال عن أزمة في الشعر العربي، معتبراً أن الأزمة في الواقع أزمة شعراء لا أزمة شعر. وبالقدر نفسه تكلّم عن اتجاهات بعينها تحاول إقصاء الشعر الموزون عن جنة الحداثة، على اعتبار أن لا حداثة خارج قصيدة النثر. وذكر في هذا الصدد أن الفضاء الشعري واسع ومفتوح لكل الخيارات، وأن ما يهم القارئ يتمثل في تحقق الشعرية في القصيدة.
وتكلّم درويش عن اتهامه بالتخلي عن "شعر المقاومة"، قائلا إن الأسلوبية الشعرية تتغيّر باستمرار، وأن على الشاعر تطوير أدواته، وتوسيع أفقه الإنساني، كي لا يكرر ما قاله مئات المرّات. فاستيعاب الشعر لقوّة الحياة البديهية في الفلسطيني فعل مقاومة، والشعر المدافع عن الحياة شكل من أشكال المقاومة. وفي كل الأحوال على الشعراء ألا ينسوا أن الشعر لا يعرّف في ما يقوله، بل بنوعية القول، وعليهم ألا ينسوا أن الشعر متعة وصنعة وجمال.

في باب المختارات أعد الكاتب والناقد السوري صبحي حديدي ملفاً عن الشاعر الأميركي إزرا باوند، ضم الكثير من قصائده، وقدم لها معرفاً بباوند باعتباره شاعراً من طراز فريد، سواء من حيث المهارات الخاصة في كتابة الشعر، أو من حيث مهارات التجريب والتنظير. علاوة على ذلك طوّر باوند مجموعة كبيرة من الأشكال الشعرية، التي تميزت ببراعتها اللغوية، ومهاراتها الإيقاعية، وتمثلها لآداب شعوب وثقافات مختلفة. وفي سياق كهذا صاغ عدداً من المفاهيم الأساسية للحداثة الشعرية في العالم.
وضم باب الشعر في المجلة قصائد لطاهر رياض من الأردن بعنوان "ينطق عن الهوى"، ولكاظم جهاد من العراق بعنوان "ريفيات"، ولزكريا محمد من فلسطين بعنوان "أغاني الوارث المتلاف"، إلى قصيدة لدينا شحاته من مصر بعنوان "معركة المصير".

وفي باب المقالات والدراسات ضم العدد الجديد دراسات لمنير العكش من سورية، وفيصل درّاج من فلسطين، وخالد بلقاسم من المغرب. كتب العكش تحت عنوان "زحف القديسين: نذهب إلى الحرب ولكن على مضض" عن تبلور فكرة أميركا، وحروبها التوسعية في الداخل ضد المواطنين الأصليين، وفي الخارج ضد شعوب مختلفة في العالم. وعالج تجليات فكرة الحرب في سياقها الثقافي والأيديولوجي، وتعتبر دراسته استكمالاً لدراسات نشرها في "الكرمل" من قبل.

أما درّاج فعالج في دراسة بعنوان "طه حسين: توليد الدولة الوطنية" الأفكار الواردة في كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" لطه حسين، وهي أفكار تدور حول أسئلة من نوع: ما هي الثقافة التي تجعل مصر جديرة باستقلال لا عودة عنه، وتنقلها من الضعف إلى القوة، وتضعها في موقع لائق بين الدول الراقية، وقد خرج درّاج من هذه المعالجة بخلاصة مفادها ان هزيمة مشروع طه حسين لا تعني عدم صلاحيته، إنما تعني عدم صلاحية القوى الاجتماعية التي توجه إليها، وبالتالي ظل مشروعاً مؤجلاً، تزداد صعوبة تطبيقه بقدر زيادة زمن التأجيل.

وبدوره عالج بلقاسم تحت عنوان "الصورة في خطاب ابن عربي بين التوالج والتجلي" ما يمكن تسميته بخطاب ابن عربي، ووضعية الصورة في نظرية المعرفة لديه.

وفي باب الحوار نشرت الكرمل حواراً مع الكاتب والشاعر والأكاديمي الجزائري جمال الدين بن الشيخ، الذي فقدته الحياة الثقافية في العالم العربي، وفي فرنــــسا، قبل شــــهرين. وأجرى الحوار الكاتب المغربي أحمد المديني قبل سنوات، ونُشر تحت عنوان "الإبداع العربي بين الشعري والمتخيّل"، وفيه يرد بن الشيخ على أسئلة حول البلاغة والشعرية العربية في سياقها التاريخي، وتجلياتها في الأدب والمخيال العربيين.

وفي القسم الأخير من "الكرمل"، الذي جاء بعنوان "ذاكرة" يعالج صلاح حزيّن، وفخري صالح جوانب مختلفة في فكر إدوارد سعيد، فكتب الأوّل عن علاقة سعيد بالموسيقى، وكتب الثاني عنه باعتباره ناقداً إنسانياً. وبمناسبة مئوية ميلاد إبراهيم طوقان كتب أحمد دحبور عن جوانب مختلفة في حياته وشعره.

الحياة
06/11/05


إقرأ أيضاً:-