قيس ياسين

سيرة معاصرة لوضاح جرح اليمن

-كل يوم أراه في المدينة
زائغ العينين...
يحمل شراعاً مطوياً
يفتش عن سفينة قديمة
تنقل له بضائع سرية
وعجائب من كل الأمصار
وتوعده بمملكة خارج الأزمان
... وحدها
تبحر في بحاره الضائعة
وحدها ...
ترسوا بمينائه
إذا ما حاصرته الأيام
بوجهها المصاب بالجدري
وحدها...
منارته المرجوة..
-كل يوم أراه
مثل شحاذ يجرّ العالم
ويغني لوردة النهار
التي تذبل..
يطارد فراشات ذهبية
طوال اليوم..
تحوم حول رأسه
حتى تتورم قدماه
وبنظرة قاسية
يجرّ كنوز العالم نحو الخرف
ويراقب، كيف وردة الليل
تلتهم المدينة؟.
-كل يوم أراه...
يحمل ضغائنه، ويقول:
المدينة لا تصغي للشعراء
فهل أصغي لنشيدها الراكض
نحو المعاصي؟
المدينة لا تصغي لأحد
فقط تحصي ديونها
والرماد المتساقط هنا.. هناك
.. يربو..
           ويظل يربو..
هل هناك مكان أوسع فسحة؟
لم ترد عليه الريح
وقد تعثرت على قارعة الطريق
وجلست تعدد عثراتها الألف
قال ساخراً: ألم أقلْ:
المدينة لا تصغي للشعراء
لا تصغي لأحد
وساعاتها حشرات متخمة
كل يوم أراه...
يبحر في صندوقه العتيق
متوهما قصر الخليفة
ينام على ضفاف يوم ناقص
تركه يورق على شفتي
الأميرة
دونه الحراس..
دونه العالم...
يحرس زهرات براءتها
كأنها لم تحنث يوماً بالوعود
ولم تتواطأ كل ليلة
على خيانة العالم
كل ليلة أراه...
يجاهد بإمساك نجم يترصد
شجرة الغناء
وإذا ما أعياه ثقل اللحظات
يتحول نهراً ينزف في أقبية
سريّة
أجراس تقرع من جهة
نائية
وأبقى ريح صوته الظامئ
تجفف رايات المملكة.

***

"حرف الكاف"

كرم الأعرجي

جبت دون أشباهي في غبار

مدمن
مالت طيور الماء،
على شاطئه
فاحتمى بورد صباه
.. توضأ بنشيدي
لكن
دون صلاة
مجنون
شبح يقوده ظله
وبلا ضوء
يمرّ بذاكرتي
صدفة
مرَّ على قلبي.. فاحتواني..
شاعر
شاخ بالنشيج
وارتمى بحرائقه،
فوق سجاد رآه
مضى
بلا حمائم
نحو جرائمه المعلنة.
ناقد
ما زال يتخثّر
مثل "شكوة" * اللّبن
ليكون ناصعاً
بلا شوائب
قاصّ
يسقط في جب الخراب.. نازلاً
من جرح "كامو"
صاعداً
في هاوية الفرح عند "ماركيز"
.. لذا كان قلبي
يدقّ عليه بلا زمن. !
عابد
تبرأ البارحة
من ذاته
سافر بالمطلق،
ونشوة الخوارق
.. فأعجبه
أن يبقى بلا مرشد
يدلّه الارتقاء
كان محلقاً بلا جسد
عرفني،
ممَّ أعاني
وغاب.. منتظراً.
متصوف
بلا مراقب يرى
وحين اكتمل شبح،
الرؤيا ببصيرته
ساح بعوالمه
دون جدوى
وبأسمال الذاكرة
جاد بالبوح عن سرّ
دموعي..
.. ثمَّ دار حولي
المبتهجون..‍؟

***

كريم الدريعي

قصائد

الملاذ الوحيد
عندما رأت السمكة المصطادة امرأة عارية
مستلقية على العشب
حسبتها غدير ماء
فأفلتت من قبضة الصياد قافزة إلى الأرض
فطاردها الصياد فاغراً فماً نهماً تسيل منه أفاع من لعاب
عندئذ، أفرجت المرأة ساقيها
فلجأت السمكة إلى الرحم.
الصياد الأكبر
نضع حلمة ثدي في رأس النارة ونرميه في الماء
تبتلعه سمكة كالطفل
فنخرجها من رحم النهر.
هكذا ترمى لنا سنارات غير مرئية
قادمة من مكان مجهول
تصطادنا
في تلك اللحظة نرى الصياد الأكبر
الصياد الأكبر ذاته الذي تراه السمكة عندما تصطاد.
في رحم أمي
جاء الإنسان وعرض عليّ أن أكونه
جاء الأسد وعرض عليّ ـم أكونه
جاءت النار وعرضت عليّ أن أكونها
جاءت القنبلة النووية وعرضت عليّ أن أكونها
جاءت الكائنات جميعها الواحد تلو الأخر
وكان كل كائن يعرض عليّ أن أكونه
جاء الشيطان وعرض عليّ أن أكونه
ثم جاء الله وعرض عليّ أن أكونه
غير أنني رفضت الجميع
مؤثراً البقاء في رحم أمي.
في البذرة
في البذرة الأرض والشمس
الأرض تجذبها بالجذور
والشمس تجذبها بالأغصان
لذا انفجرت البذرة
عن صبية راقصة كشجرة مزهرة
أزهارها الشمس
وثمارها الأرض.
الأفعى والصّوص
فيما كان الصّوص الجائع ينتظر أمه
اشرأبّ رأس الأفعى على العشّ
فرفع الصّوص رأسه فرحاً
ظانّـاً أنها أمه وقد أتته بالغذاء
........ ابتلعته الأفعى
مات الصّوص فرحاً.

***

كريم جخيور

مكاشفات طفل

حين ركضنا
كانت ساقانا
تهزأ بالريح وبالصدمات
كان الأفق يضيق بخطوتنا
فأخذنا
نرسم كيف نشاء الآفاق
وقحاً
وجريئاً
كان الطفل بداخلنا
يتحرك خارج أبواب الزمن المألوف
يشاكس طبع الأشياء
……………
……………
ملّ الطفل نبوءته
ملّ شقاوته
مزّق في الليل براءته
وافترش الحلم ومات. !

كريم شغيدل
- صبيان حديقة الأمة
الصبيان المرحون
صبيان المصاطب والعاهات
القلقون كحبات زئبق
انزلوا القروية من سنابلها
بعد شمّ السيكوتين
هي أيضاً تشمّ
وتنسلّ من المرمر خلسة
من حشاشي نفق التحرير
هي أيضاً تبحث عن الحرية
خارج نصب الحرية
صبيان المدارس والقرى البعيدة
صبيان قريش وتميم وطي
فرختهم السواقي
وانتشروا تحت الأنفاق
صبيان سومر ونينوى
يحلقون على عشب الأمة
صبيان كربلاء سبايا المستقبل
باعة بضاعة اليأس
سادة البلد الأمين
نطف الحدائق والسطوح
المرشوشة بالحرمل
باعوا البحيرات بأغنية
وبحشرجة أخرى شربوا الحريق
صبيان بابل النفطيون
مصاصو عرق النخلة وخمرتها
صبيان بعمر الباذنجان
صبيان البيبسي كولا
يغوون القروية بشمة
هي أيضاً تنسل منهم
لتزرع تحت شرفات البتاويين
أخوة لنا من السودان
صبيان كالقذائف المعطوبة
اندلقوا من شاشة الحرب
واشتهروا مثل الكناغر في العالم
تربوا في كنف الحرائق
وأرضعتهم المدافع من تينتها
وتمرها ودموعها
حبلوا بآباء يكرزون الرصاص
وأنجبوا أمهات يفترشن أرحامهن
على العتبات
صبيان حديقة الأمة
الخارجون من آباء الذهب
العائمون على كبريت العالم
بشمة واحدة شربوا الأنهار
وبشمة أخرى ماتوا من العطش
وإذ ينتهي المفعول
تعود القروية بمعدنها الكلداني
واستدارتها السومرية
لتجمع خلسة سنابل العفة
يتساقط الآخرون من حولها
ليتيهوا في أزقة اليهود
وكل عرق بعشيقة
هواه الأشرطة السبعينية
طاسة واحدة تكفي
هي وحدها تترقب مجي القرويين
ضيوفها الذين تسلّلوا من النصب المجاورة
ليغسلوا العار
عندئذ تحلق بين الغيوم
نخلات حديقة الأمة
وبنشوة
يحلق صبيانها النفطيون
على ظهر المطر
بدم القروية يحلق
وسط صراخ الباعة:
شربت رمان..
-طحين تحت الصفر
لا شمس في الصحون
ولا ظلال
ولا زيت يسكبه القمر
لا غية غلبها خلسة من السماء
هذي حصتك من ريش النعام
وهذي حصتي من السجائر
فكم بقي من حصة العائلة
بالأمس نفد الطحين
قبله نفد السكر
لا شاي ولا ماء ولا هواء
كلوا " البطاقة" إذن
وإذا شبعتم
اخرجوا إلى الشارع
خذوا حصتكن كاملة منه
حذار من الدلافين
والأشباح المسرعة
حذار من الشمس
…….
ماذا ؟
نفد الشارع !؟

****

كولاله نوري

1- أحبك تماماً

لا تكبّل قنصك..
الرصاصات كثيرة
وكل ضلع فيَّ
يسوقني لجرحك.
لا تشخّص
ليس عليك.. سوى أن تفتح باب الحقل
وأن تأمر قلبك بالانهمار..
أحبّك تماماً
الأشياء تحاسبني
لتغافلي عن الرقص معها.
هذه التلّة
هذا الفراغ بجانبي
والمدرّس الغائب
هذا البرد المشاكس
وهذا الدخيل إلى كرسيك
انهمكوا في تأكيدك.
لا تقلق..
النهر الذي أسرى بنا ذات ظهيرة،
تركك فيّ حصوة
لا تقبل الانجراف
لم أكن أعلم
أن الكستناء ليس لوني المفضّل
وأنني كنت أخبئك في الـ"أكاسيا"
لم أكن أعلم
أن الغروب لا ينقصه حضوري
وأنك كنت تتوهّج رويداً،
لتحتلّ الأفق
من أجلك فقط
إنكمش اليباس
فتحرجت رائحة غافية
لتضطجع بهدوء..!

2- خطايا بأقواس طفولية

أخشى الموت
في بيت ما،
فروحي لا تحتمل السقوف
أخشى الموت في بيت دافئ
فالأرصفة حينها لن تصلي عليّ
هل عرفتَ أخيراً أدواري الخمسة؟
زمن هرم
خطايا بأقواس طفولية
شعر مدلل بالعراء
صدف تعزف على قيثارة الشيطان
كعكة تجهز بفرن رأسك
ذخيرتي قلبي
وسلاحي أنت
العالم لغات
وأنت كذلك
لا تعدني بتماثيل
تَبرعمْ أمام زوالي
كي لا أنسى العزف.!

3- ملاجئ النقاد

إلى الثملة -دائماً- بالبراءة.. نجاح يوسف
عيون مثخنة بالانتظار
مبللة بالرصاص
مجعدة بالحسرات
مدجنة في حقل الغد …
تعلّمنا مسح الذكريات، من غسل عتبة الباب لخطوات الراحلين.
منذ أعوام يرتجفن من برودة الطارقين،
فلا وقود …
الأحلام تتشرّب أجوبة لأسئلة لن يطرحنها أبداً
يسايرْن الزمن بحفر ملاجئ أمام النقاد،
والوقت مضرّج بالهباء
يحملْنَ صوراً لقلوب رجال أصابها التموّج لثنيهم مدار اللهاث،
واقتحامهم الرهانات المتخمة بالنقاء
قبلهن هرمَ حزنُ بلادي،
وارتمى على إعصار شارد،
وها هو يقتسم بياض الضفائر،
وبياض الحقول، حيث لا هطول فيها إلا للصدى
يسردْنَ أيامَهنَّ للميتة والأضرحة،
ويتناثرْنَ، فللوقت الضائع حلبات
وشهداء
وأعمدة للجنون،
وعطور لنذور لم يحِنْ أوانها
يربين قناعة بحجم الوهم
يبددْنَ المساءات الخالية بمعاول الصخب،
أو بتلميع أبجديات أنوثة سيَّجها الرحيل بالصدى
حيث لا فسحة إلاّ للوحشة …!

****

"حرف الميم"

ماجد الحسن

قفص الأخطاء

على سبيل حصر الحماقة..
في غاية المطلق
وحصري، أنا الآخر في جسد التوهم
بأني قديس الخسارات
منذ أن حصد الفلاح مصائبه
أغني..
الذي افترضني على بيدر فحولته
وأطلقني سماً بارداً،
لألحس وشاية التكوين..
وعلّقني قشة..
في ضفائر النساء الذاهبات
إلى أكذوبة الحقول
أغنية هو…
الذي توهم ان الحرب أنثى،
فزوّجني الملاجئ
ولأن الحرب،
على سبيل الدعاية لا الوسيلة
سليلة حضارات أنثوية،
فإن جميع النساء
نفضن بكارة خوفي!

***

ماجد الشرع

كلّ وردة دخلت قميصي آمنة

ينحسر البحر عن الأحلام
ينحسر الصباح عن المناديل المخضّبة
برياح الآتين
بلا أذرع،
وبلا أشرعة،
ينحسر العشاق عن حبيباتهم
تاركين هبات
لا ترتلها
حديقة الخطوات
ينحسر الأبنوس عن الطفولة
مثلما شرشف بلا عائلة
مثلما لغة تلعن أبناءها الوطاويط!!
ينحسر الظل عن دمي الراهب
فاتحاً..
فضة الجنون
آية/ أكسرها/
وأبكي عليها في السرّ..
أيتها المموّهة بأيامنا
بشمس من البن المحروق
وحده قلبي،
لا ينحسر عنك..

*

لكي يتقدم فضاء النزف..
آخيت بين الموت والرغبة
تقترحين غيمة/ هل أسميها مهجة؟!
نسيها الهجير..
ليتهجى الشاعر
أفق المرايا…
ويخلع اللازورد
قبعته للشطوط

*

الرغبات دغل مؤجل
وأنا أجمهر مفاتنك
أمام
صباح عاطل
عن نذكّر أغنيات البرج..
لا الريح تنزع خاصرة البحر
لا الأحلام تنقش زهرة التحول
لا القصائد تثقب الليل
لا الميتات ترمّم المياه
بماذا تنشغل الخليقة
إذا سبّحت بحمد الفراغ؟!
ليديك ينشد الجلّنار
ويعشب الغد يالنهارات…

*

بعيداً… بعيداً
عن ضبابية الأسئلة المدمرة الكبيرة
بعيداً… بعيداً
عن شجريّة البيت المسوّر بالحنين
بعيداً… بعيداً
عن ذهبيّة النهر القابض جمرة التكوين
بعيداً… بعيدا
عن غرائبية الجسد المتضوّر ضوء
بعيداً… بعيداً
عن جلاليّة المجد في حراثة الجلود
بعيداً… بعيداً
عن صخبيّة زوجة تدعى في حقول النسيان
بعيداً… بعيداً
عن صخريّة العزف على الصحراء
بعيداً… بعيداً
عن كرنفالية الموت الكثيف الغامض الوحشيّ المشتبك بدم الليل الراكض في الحنايا..
محتشد بكِ،
بالصيف المعلّب،
بالبيت هواء الآخر،
بالقبل الزرقاء المبلولة بعويل الّسفن،
بالشهيد الصاعد إلى الله،
برفرفة الفراشات
بعد أن تصفعها
رياح مركبة مجنونة!!

*

هذا الصباح
سأعترف
أنني لم أقترف درساً
من
دروس الطيور
هذا الصباح
سأعترف
أنني ألوّح إلى عائلة
تتكئ على حصان
في عنقه وشاح
يلهو به صبية شرسون!
بينما يتكسّر طرفه الآخر..
أشجاراً ومتاهات…
بعيداً… بعيداً
يشهق عاشقك الكبير
موشوماً..
بصعقات التوحّد
آهِ..
أيتها المكتوبة
على
أوجاعنا
كالصلاة،
لك مجد العاطلين عن الحضور
لك سلام القادمين من الملح والذهب
لك دفء قمصاننا
وهي
ترتعش
من شدة الحداد!!

**

ماجد عدام

فيما مضى

إذ أتسلّق المرآة
تدغدغني أسنان
تلتمع الأيام صفراء
بينها.
كنت أضحك
ملء الماضي
وظننت أنني
لم أنسَ شيئاً
مما استرخى
في ظل العمر
وأننا لم نكبر كثيراً
بل …
عقد الأيام تتضاعف
وتشيخ القرون
تجعد الأصوات فينا
والأطفال
لكن كل شيء توارى
مع شريان الضحى
وتوتر النوافذ
المستحمة
بألم الفضاء الفاني
هكذا.. تذكرت
أنني
كنت
لا أحفظ شيئاً.!

***

محسن الرملي

قصائد

عُــمــر

عُمر لزج.. حياة راسبة
ما عاد للحق حصون
والإهانات تورّمت.
عسير علينا النباح
لأن السقوف استقالت
والدود مل الانتظار.

مــعــنـى

كـيس دخان
.. سيجارة
أنا نشوة تنين البر
صفارة في جراب المسدس
سعلاة في أسطورة
مشيمة برج الحوت
ساقية ليست لأحد
أنا غلط
مدرج لشجرة الفستق
مثقال ذرة
لا يكترث بي أحد
أي؛
لا أساوي شيئاً في لغة الأطفال
لكني الكل
.. كل المعنى
في لغة أمي المدفونة.

فــضــالــة

مفاصل متشابهة الوقاحات
حيث تجيء هدية العيد
.. انتثار شائط
لقبول حكَّـة التعايش
لم يعد كافياً
سرير بحار ولا بيت صغير
كأن قلنسوة المغني سرطان..

علامة وقف؟

حقل من القَـرَع؟
مشنقة حامل؟
حافة نَـعل.. بَكّـرَة لف
تكسح منجنيق الشهادات
وحموضة الثيران
تستحث شهوة الحبس
أبادوا أمي
أحرقوا عشقي
فها أنا:
فضالة زيتون
فاقعة البياض.

أزيـــز

أزيز مـزّاح
سُـنّـة مِـعصارة.
هديل مَـكّار
يكسر طوق الضجر
هل من صلاة سكوت على..
أرواح أذبلتها المنافي
رباه أرحها من نطحات الحنين
قرع الأسئلة
وسراب أسراب النخيل.
سبحانك أمطرها بمُسيل الأمل
أشرق عليها من ثقب إبرة..
.. أوح إليها
بأزيز مزّاح
سُـنّـة مِـعصارة
وهديل ربابة يُعدها إلى ماء الفرات.
حــنـيـن
نادى كسير الروح؛ يـا وطني،
أهلي ومكتبتي.
من يعصمني من حزن يتناسل في البعد؟
من يحنو في البرد على منفيّ؟
من يوهمني بصوت الناي؟.
زيت النعناع خيال
وأشواقي حيض دائم.
مُـطبِقة دنياي.. مسامير
.. أواه.. آآآآه.
خذني يا رخ إلى بغداد.
جـعـجـعـة
ستُـرفع نحو الموت كبقرة وحشية
مفرداً ومثنى وجمعاً بلا تؤدة
حلواً من دم بارد أرجلك بطنية
أنت النكرة المسكينة
منشق عن حلمك بلا نصيب
أخذت بدروس التدرج محشواً بالأوهام
يا حضرة التراب كيف تستشعر الاحتضان؟
وماذا بُـعيد العقم غير الجعجعة؟.

زوال

نخبة الجِـد فقد الأمل
يزهر قعر الخليقة إذ لا يبالي
وخميرة النور التراخي
ما التعدد إلا واحد تَـزَيّـف
عاقر حلم البقاء
فخذ الإهمال واعرض عن الندم
لأن تـناسي الزوال تـنـفـيـذه.

قـــرار

أمتطي جزعي كي لا أناكدكم
ينحلّ بالماء لساني
فأفرق شحمة القنوط
وأرثي رشاقة التملص.

لا رصيف للعدم

وكل الحياة أرصفة.
سأصوغ للمضمضة أسطراً
وأغطس في اللغز جنيناً له
كي لا أحمل اسماً عند ولادتي القادمة.
-
محسن الرملي: (1967) قاص وشاعر ومترجم، لديه:هدية القرن القادم/95،البحث عن قلب حي/97مسرحيات، أوراق بعيدة عن دجلة/98 قصص، ليالي القصف السعيدة/2003، الفتيت المبعثر/2000 رواية، وقد فازت روايته بجائزة جامعة أركنسا الأمريكية/2002، كلنا أرامل الأجوبة/2003 شعر. يصدر مجلة ألواح الثقافية في اسبانيا [ بالمشاركة مع الشاعر عبد الهادي سعدون].

***

محمد الأمين

حرب

وحدي
تطوعت
لمطاردة فأر اسمه الحرب
وحدي
ابتنيت مواضع أمامية للسلم
وبأسلاك شائكة
نسجت أيامي.
أنا رغوة العدم
مفاتيحه وأقفاله
على قشور عزلتي ينزلق الليل
وبآهة أخرى ينفرط جسدي !

***

محمد الحمراني

قصيدتان

1- مجانين في غرفتي

مجانين كثيرون برؤوس كلاب
يرتدون ثياباً جديدة ويطلقون دخاناً من عيونهم
دخلوا غرفتي
وزرعوا جدرانها بأصوات حيوانات
خرفي مفك سقط من أحضان مركبة فضائية
وأبنائي سجائر
لا أملك غير جدران أربعة
وسرير
لهذا أعيش بهدوء بين أشجار هذه الغابة
وحتى لا أموت
أتشبه بالمهاتما غاندي
أطلقت الرصاص على براءتي
المجانين الذين بجواري مثل أطباء
يخرجون من جيوبهم
جثثاً متعفنة
يضعونها على الطاولة
ترتجف الغرفة
هذا ما جعلني أخلع النافذة وأكتب عليها:
هنا هنا هنا معركة
من جسدي سقطت شظايا الجدران
النباح يلتصق بالرقبة
يهرول ما بين الأقدام
السرير مرعوباً يتركني
وينهزم
فأجد بجواري كلاباً شرسة
صارخة بوجهي:
ماذا تفعل على أسرّتنا ؟
ولأن العمر منغضة
أبعث صوتي منتفخاً من الأرض الحرام
أقف مثل ديك منفعل
أزرع مزابل في الجمجمة
أحارب بها صور أبنائي
وأنف زوجتي..

2-صانع التوابيت

لماذا تخدعينني أيتها التوابيت؟
حياتي.. قطيع أبقار مجنونة
وجميع الجبال التي أتسلقها
لم ترجع بي إلى سنوات المشاكسة
عندما أرى القبور
أخجل أن أمسك المرآة
حتى لا أصطدم بالحقيقة
لماذا…
تخدعينني أيتها التوابيت؟
أصنعك برفق
ومن خلف سياج الذاكرة
أشاهدك تحتضنين الأصدقاء. !

***

محمد حسين الفرطوسي

الطارئ.. المتوالد

كانت الفكرة طارئة
على نار حامية من كلمات الربّ
تنضج طينتنا المعدّة للتناسخ
ومنذ أول دبيب لمغنطة الكون
وأول عملية استنساخ لوجوهنا
والحياة طارئة..
حين أوقفني الخيال
ثلاثين عاماً على رأس دبوس
أنتظر الخلاص
من كوني مصلوباً
بين كلمة امضغها فأكون نبياً
وكلمة تمضغني فأكون لصّـاً. !

***

محمد تركي النصار

حراب الوردة

يندر أن يكذب العصفور
لأن الحروف أورام روحي
أو حراب الوردة
فلماذا يتيه السؤال الأول
في حدائق الهارب، أو شمعة الطاووس !

***

محمد مظلوم

أعياد متنكرة

أدفع أيامي إلى ارتدادها
وخلفي الأخطاء، تؤبن الحاضر
عربات تتساقط منها ألقاب لم أرثها
لتعرفني بأبوّة السواد
أقل من ندمي جسرك
أين تقيم سعادة الغرباء. !

***

مصطفى محمد غريب

وطن مقسوم في الجغرافيا العصرية

-1-
في هذا العصر المتغول
يلد العوسج صلاً مأهولاً بذهول
كي يحرس ذلّ الغابات..
كي ينهار الحلم وتبحّ..
تقنيات التاريخ.
حتى غابت، أجراس في نافذة العقل
في وقت جئت أنا من رحم الغابة،
بعثرني.. ظل الرؤيا
جئت بلا حشد، أو موسيقى، أو ترتيل، أو تسبيح،
في رحلة هذا العمر الجاف.
وحدي..
أحمل أجزاء من قلبي
أحمل في عيني تراث
ما نمت لأسيجة الدخان ولا منفى، أبهرني
لكني.. درت كما دارت، أجزاء الناعور
لأفتش عن شفتين قانيتين
أتقيأ فيها حنجرتي
أتقياً في صيغ سراب الزرقة
والجزء الآخر من قلبي مهدور.
مفقود يبحث عن أسطورة،
فقدت، رابطة الصوت بقنّ عساكر في المسبخ،
يبحث جزء من قلبي،
عن وجه مبروم مخبول بالشامات
عن ذكرى تخضل حدائق من ناموس مفقود
في وطن مقسوم في الجغرافيا العصرية،
فأشرت على جزء من أعصابي،
أن يبرد في الوادي
ويقدس نزف جبال معزولة
كي يرغو كهدير الماء الشلال
ويلملم أدغال الوطن المعزول
في "روزنامة"
أو أجنحة المنوعات
تتحول في اللحظة
سرطانات لا يربطها بالبحر ولا دمعة.
................
في هذا العصر المتجول
تتوراى شمس الأوسط حجلانة
من حلاج هارب.. يحمل أطراف بقاياه،
ما غنى أغنية صوفية، أو قال الشعر باسم الله،
فقط العشق الرمزي للإنسان البائس،
كلن يرفرف في بؤبؤ عينيه، يتلفت مطلوب الرقبة..
لا فدية تفديه..
لا قرباناً يحميه..
فقط الجهل ليصحو الغرب على كبش التعتيم.
..............
وكما نحن غبار الأقمار
تتعلق بالأسحار
أصبحنا نبحث عن أسطورة في الهمّ
وسألنا - كيف الحلم طريد مثل الحبّ؟
كي لا يحلم من في الغرب بأن الأرض تدور.
ولماذا البرعم لا يزهر حلماً في عصر متنغل؟
كي يبرعم في وا..ش.. وا..ش، نطن، شيطان
الإرهاب الدولي.
ولماذا الجذع الأخضر في والوطن الأوسط قد خدّر
للقطع.. والوطن الحالم في اليقظة، يتساقط منقسماً بوباء الجغرافيا العصرية؟
هم صم بكم ..
جرح يتوغل في المفصل.

-2-
جاء الزمار إلى وطني
في الفجر كزائر
وعلى الكتفين مسلّة
وصراصير البالوعات..
وقوانين لعصر التجديد الفلّة ..
يخفي،
فيها فأساً،
يحكي أسطورة
وبعينيه مفازات،
نشاطات، وشعارات وأهازيج..
داهمني في عزّ العزلة، ليس كصوفي يتغزل فيها،
بل في الوقت الضائع،
يحسب أن الوقت مذلّة.
ليقطع الزمار المتنقل في ساطور الجزار
ليقطع أعضائي،
كي يسلخني،
مثل نوايا الساطور
فتغربت على أمر أن يبقى.. ظلي محفور.
نجم يتغرّب في عثّ العلة
وأنا ماض في حزن الأوسط
أحلم بالقفزات،
وأنام على شهب الرايات
وأعارك في زمن النكسات
أحلم بالوطن القابع في
الجغرافيا العصرية.

النروج في 5/9/2000

مفيد عزيز البلداوي

غريب على الأبيض المتوسط

لم أكن واحداً في الطريق التي أخذت غرباء البلاد إلى بحرها كي يصيدوا زعانف غربتهم، كنت وحدي بسنّارتي حائراً فالبلاد البعيدة لا تعرف العوم حتى تجيء لهذي السواحل، والريح كم حاولت أن تكسّر آمال شاعر.
والغمام المسافر
كان مثل الشظايا من الخوف يتركها اليأس في الرأس، في العين، لم أستطع أن أرى الشمس.. أيّ اتجاه ستأخذ؟! هل وقفت؟! هل وقفنا أنا والثواني/ الزمان؟!! وهل لحظة الموت جسر الغريب إلى بيته..؟!! يسألون عن الموت ما طعمه..؟! وأنا والذين على البحر نحتار…. أطعمة كثرة……. … والجواب مهاجر.
كان مرّاً ومعظمه مستحيل، وفي عيننا دمعة وصغار كثيرون من حولنا يلعبون على أرجحات الظلال على الماء والملح يجعلنا نترسّب في قاع أحزاننا.. ويغادر.
لم أكنْ واحداً كنت وحدي ألفلف صيدي بخيبة بحّـارة تائهين، يجدف فيهم حنين طغى ….. والفنارات أبعد من أمل بالرياح … وليس هناك شراع سوى حسرة تملأ الفكر ساكنة حين كان يسافر
كنت أصنع من وهم، كهدايا، كلاماً جميلاً، قصيدة شعر، وكم قبلة فزق خدّ المدينة .. … سلّ قلبها هل يدقّ ولم أكُ نابضه …؟ هل يغامر.
حين أطلقت في الماء صوتي تزاحمت الذبذبات بأصوات من تركوا بلداً خائفين من النقر أو من سجون يشيّدها صاحب الحقّ في دفنهم في مشاكله.. كارتفاع الحقارة في دمه وانخفاض الحياء… ورتبته كمقامر .. !!!
قلت: يا ربّ كم فارساً للخيول..؟ وحتى متى نحتفي بالحوافر ؟!
يوسفيون ما مكّنوا من خزائن أحلامهم، ربما يشترون بأثمانهم دمعة للبكاء قليلاً…. وللصمت وحدتهم …!! واليعاقيب لم يسجدوا ثم لن .. والقميص الني حملت دمهم مزقتها الذئاب الحقيقية العهر في زمن جدّ عاهر.
الرقيق الجديد ونجاره قادة نصّبوا وفق لازمة ثم لا أمل بالشعوب التي تنتج الخوف من كثرة … والحروب الدواء الوحيد إذا لم يهاجر أصاغرها - في عيون الحكومة- كلّ البلاد تعيش على كذبة فبماذا يفسّر أن يطلب العلماء لجوءاً إلى دولة تتمنى اللجوء إلى شمسهم وإلى قمحهم وإلى نخلهم وإلى وجع دافئ سامر ومسامر ..؟!!
وأعدّ المآثر …!!!!!!!!
القليل من الماء يا بحر حتى أقدم للغيم نفسي فيعرفني طالما للبقاء ويعرفني ظالماً للرحيل ويعرفني ظالماً للكثير من الظلم يحمله الفكر حين أراك كثير الهدوء …. وقاهر.
فالجزع الخبير يراوغني …. واشتياقي إلى وطن يستطيع ارتماساً بحبي يباغتني وأنا لم أكنْ واحداً كنت وحدي بإحساس شاعر
ومخاوف شاعر
والأباطيل تأكل نصفي ….. ونصف يشاجر .!

***

مقداد العلاق

الينابيع

الينابيع لا تعلم العصافير طيران الشجرة
الينابيع تقع في الشبكة
فيذهب الصياد منتشياً بالحبّ
الينابيع تذهب إلى المدارس مع الأطفال لكنها
تسقط في درس المطر. !

***

مهدي الحسناوي

قصيدتان

عيون الثوار

رأيت في عيونكم قصائدي
أغنية المطر
ممزوجة بالصمت والدموع
والليل والقمر
منفية كالشمس في العراق
كالنخل
كالبشر
رأيت في عيونكم مديني

سوق الشيوخ

الأهل والشجر
والخجل الريفي
والبحر
رأيت في عيونكم
مطر..
مطر..
حصار..
حصار..
تلك البلاد هي وجه أمي والنهار
موت وصمت وانتظار
وأنا المسافر أن بكيت
فالدمع حظني والعراق
جوعى نموت..
جوعى نشرّد..
من مطار إلى مطار
وقصائدي مآذن المنفى
ونهر في القفار !

***

مهدي القريشي

تكوينات ساخنة

زمن كامل حامل كلماتي
أبحث عن فم ينطقهن

*

قبل أن أتهجى أنوثتها
قالت:
انتهى الدرس !

***

موفق السواد

قصيدتان

ليلة في غابة رافائيل البرتي الضائعة

كأن لا هواء هناك
لا ضوء
سوى غابة ضائعة
ومنذ ابد بعيد
راحت تمسح الغبار
عن مصاطب عشاقها

1

أحدث نفسي عن نبال عجوز
وإملاء خاصرتي
بالنياشين

2

أقترب من مغارة حافلة
بالخيول
وبيد ترتجف
أشير إلى رجلين
يدبران مؤامرة نحو الشمس

3

هذا ماحدثني
رافائيل البرتي عنه
وهذا ما وجدته ذات مساء.

2000

**

بياض الحانة

جـسد ٌ ينـمو تحت أظـافـري
وامرأة ٌ تـحـرقُ البـخور َ
وتستعـدّ لد فـني

مـد نٌ تـهـربُ إلـي ّ و تسـتـقـّـر
في حـنجـرتي
لكنني سـوف أهـجـر الغــناء َ
سـوف أتــركُ رغـبـتي
واغـلـقُ الـعــدم ْ

جسـدٌ يـنـمو
وأظافـري تـتـمزق
والمرأة ُ
قـد انـتـهـتْ تـوا
من تـضـلـيل قـبري
و عهـدتْ لغـراب ٍ أبيـض َ
أن يتـلو وصـيتي

لهـذا تركـتْ الـباب َ مفــتوحا
والسريـر فارغـا
وشجعـتـه أن يـركـب َ
أول موجــة ٍ
عـله يغــرق
أو يموت ..
يحـتـرقُ بذكريـاتـه ِ
وقصائــد َ تـهـرب للمـاء
هذا ما عرفـتـه عن جــسد ٍ
أخـذ مكانـي
قبل عــدة ساعــات ٍ
رأيـتــه واقــفا يرشقـني بكلماتٍ غامضة
كنـت أعرفـه
مـمددا
قـربه ولا أستطـيـع الحراك
سوف يقـتـلني هذا النائـم قـربي
سـوف يجـلدني
وأنا مشـدود إلـيه

أغـريـتـه
أن يركــبَ أول مـوجـة ٍ
ولكـنـني عــدت مـبللا
والسريـر غـارقـا بالـدهــشة ِ
سأعـرفه
لو استـطعــت ُ الوقوف َ بقـدم ٍ واحدة ٍ
آه ٍ يا عـجزي المكــّبل ِ بالماء ...
لن أهبـك الساعات الأخـرى
من بـياض الحـانات
ولن تعـرف َ بعـقـارب َ صـمتي
لـن تعـرفَ لغـةَ الخيـول والركـضِ طـويلا
بين غـاباتِ الـنـشوة
وارتعـاش ِ القـصـيدة
سـكْـرى أمــدّ لها يـدي
بـبهـجة ٍ يتساقـط ُ اللـيل ُ
لكن أيـن هو
أين آثارَه ؟
أين الـكأس التي شربنـا منها سويـة ً
غامـقـة ً كانــت ْ
تـرتـل ُ مايـسّاقـطـه الكلام ...

جـسد ٌ كلما راودتـني العزلـة ُ
ارتجـفَ قليلا
يلـوّح بحكايـةٍ نعرفها سوية
مـنذ زمـن البارحـة
من أول موجة ٍ أغريــتها بـه
من فـرط أصابعي تــنداح ُ الحكاية كلها
والمرأة تــنشر أطـباقا
وتحـترقُ
تـدوّن بإصـبع حـناء
وتـتـركُ لـلرجـل ِ النائــم قـربي
سبـعــة سيـاط سيـجـلدني بها
قـبل أن أدوّن ما تسـاقـط من وصـيـتي

***

موفق صبحي

مشورة الغراب .. مشورة القبّعة

"لقد عشت أربعين موتاً" م.ص
"ان قدري لمنفرد تماماً، لا
أستطيع التعبير عنه
إلا بالاستعارة"
بول فاليري

حزني عربة مصفحة
هزائمي مشغولة بتكوين ولادتها
قبالتي هدف يتقهقر كجريح.
ها أتكلم عن مصير أصابعي
مصير الكلمات التي عمدت ولادتي
الأماني المفتوحة على جيش مندحر.
كم تمنيت ان ارتجف
والموت يلوح بمنطاده
متيحاً لنفسي
استعمال آخر نصر.
أهاجر مع الغبار
وأنا أقشر اليأس في أصابعي
كم تمنيت
ان يحاصرني الخوف
فأهرب إلى مشجب الكلمات
موزعاً وحدتي
على عدت طرق
أو عدت كوابيس
من تسلق حائط الليل
سيدرك على أي بؤس سيولد النهار.
آه، كم أنا اعزل
أمامك أيها الحزن
وأنت أيها الوحدة
يابيتي الجديد.
ما ادعوه تواصلاً
ما ادعوه ذا معنى
ما هو إلا هدر لبعض أوهامي.
قدري يلبسني جورباً
احايل المسرات
لأمد حبال وهمي
وبعدئذ انشر أحزاني لتجف.
سآخذ بمشورة الغراب
مشورة القبعة.
سأصغي لأطلال وأحجار
لأتلفظ غير كلمات مبحوحة
هناك الوهم مشدود
إلى عاهته
حيث الذكريات
تورثني مفاتيحها
شاهرةً في وجهي
تشوهاتها المحتومة
طالبةً اللجوء إلى قلبي.

***

مؤيد سامي

رؤى قلقة

ينقضّ الوحشُ .. تضطرب الصورة..
أصابع مفتوحةٌ تغوصُ في الظلام ..
رجل يخطو فوق جثة..
يفتش في الميدان عن الأحلام القتلى..

**

ينفض الخريف أوراقهُ للمرة الأخيرة..
رجل يمد رأسه في كهف يبحث عن مأوى..
فيأوي الموت إليه

**

تفجرت الأرض.. الناس يهلكون..
جثث منتنة تُكشّر عن أنيابها
لا أحد يستر العري في بلد الموتى ..
عيون كالغيوم تهطل دمعا يطهر الأرض..

**

لا يقدر أن :
يفرح ، يحزن.. يكره ، يعشق
يسيرُ كان الدرب خرائطُ يحفظها في الغيب
طريقٌ وعرٌ، مملوء بالأسرار،
يسير كأنّ هلاكاً ربانياً يقتاد خُطاه..

**

لا يقدر أن يبكي فيصرخ:
من يقدر أن يدفع عني ألمي،
تعال إلي …
فأنا ُقدامك في كل الأحوال،
وحيداً أفتشُ عنك،
مذ وطأت قدماي الأرض
وأنا أسعى نحوك،
يحث خطاي المجهولُ،
وأنت كحبة رمل تحت تلال الرمل..

**

في الكون الواسع يعوي،
في ذرة رمل يعوي..

**

ثمة صور لا يبصرها ..

**

الضائع في فلوات كونية،
الإنسان الأرضي،
يفتش في مملكة الإله
عن سر الأشياء الأول ..
هذا ديدنه..
يأمل أن يصنع منه مفتاح سعادته،
ثمة بوليسٌ كونيٌّ يبحثُ عنه،
فنظامُ الأشياء مقدس..

**

مهرٌ يصهلُ في الكون
حتام يظل وحيداً؟.