طفلتكم الذهبية الطاهرة،
تموت في صرخة

الشاعرة الاميركية سيلفيا بلاث
[1932 - 1963]

في الذكرى الأربعين لغيابها

جمانة حداد
(لبنان)

سيلفيا بلاث"الحاضر بالنسبة إليّ يعني الأبد، والأبد يجري ويذوي بلا انقطاع. كل لحظة هي حياة، وكل لحظة تمضي هي موت. أشعر بأنّي مسحوقة تحت ثقل الأزمنة، فأنا الحاضر، وأعرف أني زائلة بدوري. هكذا يرحل الإنسان. أما الكتابة، اللحظة الأسمى، فتبقى وتمضي وحيدة على دروب هذا العالم".

سيلفيا بلاث

استيقظتْ سيلفيا باكرا جدا في ذاك الصباح البارد من عام.1963 نظرتْ إلى ساعتها التي كانت تشير إلى الرابعة والنصف فجراً. نهضتْ من الفراش الذي لم يعد يحتمل ثقل جسدها الخفيف. جرجرتْ قدميها في أرجاء المنزل، لامست في حنان صورة والدها المعلّقة على جدار الرواق، ثم ألقت نظرة على الطفلين النائمَين في سكون في الغرفة الأخرى. حنتْ رأسها المتعب ولجأت إلى صدر طاولتها الرحب، تلك الطاولة التي صنعها لها زوجها تد بيديه. جلستْ أمام الورقة البيضاء بوقار الملائكة. أخذت قلما وراحت تكتب. كتبتْ كمن يعرف. كمن يَقتل كمن يُقتل وكمن يكتب ليقامر بمصيره. عنونت قصيدتها الأخيرة "الحافة". تطلّعت من حافّتها الشاهقة إلى هاوية العالم: ظلمة وصقيع ويأس وفراغ. "ليس للقمر أي مبرّر للحزن" ردّدت في سرّها. دخلتْ المطبخ. حضّرت الفطور لصغيريها فريدا ونيكولاس: قطع خبز طريّة مطلية بالزبدة وبعض الحليب. أودعت طعامها وحُبّها رقعة الأرض الضيّقة الممتدّة بين سريريهما وخرجت على رؤوس أصابعها. عادت إلى المطبخ في بطء وهدوء. في هدوء خاصة. أحكمت إغلاق الباب والنوافذ بالشرائط اللاصقة كي لا تتسرّب سموم غيابها إلى الخارج. قالت لقلبها: "كثيرا مشينا. كفى". فتحت قارورة الغاز، استلقت على البلاط البارد، أغمضت عينيها وعادت إلى بيتها الأوّل.
عاشت الشاعرة الأميركية سيلفيا بلاث (*) حياتها مثل ومضة في العتمة، وعبرت كل لحظاتها وكلماتها وجنونها وسوداويتها وهلوساتها باحثة عن هويتها ونافية ذاتها في آن واحد، مجسِّدة بذلك على أكمل وجه مفارقة الكتابة الكبرى: أي الخلق في سبيل القتل، و"وضع" الكلمات بغية التخلص من "جنين" الألم. في حركة متدفّقة تشبه النزيف وتدرك مصبّها وذروتها باضمحلال الكاتب وتلاشيه. والواقع انها منذ انتحارها، تحوّلت بلاث إلى أيقونة وشبه أسطورة حتى بات صعباً النظر إلى قصائدها بعينٍ نقدية موضوعية، فتزاوجت شعرية مصيرها وشخصها مع شعرية كتابتها إلى حدّ الانصهار وامحاء الحدود بينهما. وصحيح أن بعض النقاد تحدّثوا عن تفاوت في قيمة أعمالها، قائلين إن قدرها المأسوي صعّد من دون شك مكانتها الشعرية وأحاط كتاباتها بهالة من التأثير والفتنة، ومنحها بعدا وجوديا تراجيديا لم تكن ربما لتتمتّع به لو لم تختر الشاعرة الموت طوعا، لكن ذلك لا ينفي أن قصائدها، وخاصة تلك التي كتبتها في المرحلة الأخيرة من حياتها، مسكونة بشيطان الشعر وذات شعرية صاعقة ورائية لا تحتمل أي لبس. وإذ يتذكّرها العالم الأنغلوفوني هذه السنة في الذكرى الأربعين لانتحارها، صدرت دراسات كثيرة عنها للمناسبة، آخرها رواية للكاتبة الأميركية كيت موزيس تحت عنوان "اشتاء".

سيلفيا بلاث ولدت سيلفيا بلاث في بوسطن في السابع والعشرين من تشرين الأول.1932 وكانت والدتها من أصول نمسوية، أما والدها فعالم في الحشرات متحدّر من عائلة ألمانية هاجرت إلى الولايات المتحدة في أوائل القرن العشرين. عانى والد سيلفيا مشكلات صحية خطيرة وتوفي ولم تكن بلغت بعد الثامنة من العمر، وطبعتها هذه الحادثة إلى حد بعيد حتى انها قالت يومذاك: "لن أخاطب الله بعد الآن". وسوف يكون لصراخ الوالد المريض وأنينه ونواحه حضور مكثف في قصائدها، علما انها عانت بدورها منذ نشأتها أزمات نفسية ونوبات عصبية، وحاولت الانتحار للمرة الأولى عندما كانت في العشرين. بدأت سيلفيا تنشر القصص والقصائد منذ المراهقة، ونالت في 1955 منحة دراسية في كامبردج. وحيث التقت الشاعر البريطاني تد هيوز، فكانت بينهما قصة حب جارف سرعان ما تكللت بالزواج. وجسّد هذا الزواج حلم سيلفيا بتحقيق شراكة أدبية وعاطفية وشعرية حقيقية مع الرجل الذي تعشق. وبعد سلسلة من التنقلات والصعوبات المادية، استقر الزوجان أخيرا في الولايات المتحدة، حيث تعرّفت سيلفيا عام 1958 إلى الشاعرة آن سكستون فجمعتهما صداقة متينة ونقاط تشابه غريبة ومربكة في المصير، إلى حد انتحار الأخيرة بدورها عام.1974 وكانت الصديقتان تهويان اللقاء والحديث عن سيناريوات انتحارهما المتخيّلة.

  سيلفا بلاث،  وابنتها فريدا و ابنها نيكولاس
ولدت ابنة سيلفيا بلاث، فريدا، عام 1960، وفي العام نفسه نشرت مجموعتها الشعرية الأولى تحت عنوان "التمثال". أما الابن نيكولاس، فرأى النور عام 1962 بعد تجربة إجهاض مؤلمة، وترافق مجيئه مع صدور روايتها الوحيدة "الجرس الزجاجي" المستوحاة إلى حد بعيد من رواية سالينجر المشهورة The Catcher in the Rye وتروي فيها حياة امرأة بتفاصيل مستلة من سيرتها الذاتية، وتصف في بساطة وبلاغة كليشيهات أميركا الخمسينات السخيفة، وتعبّر عن رفضها المطلق قواعد السلوك الخبيثة ومؤسسات الطبقة الوسطى التي كانت تنتمي إليها، وتتحدّث بخاصة عن هاجس الموت كتعبير أقصى عن التحرر من الذات. خلال العام نفسه، ازداد التوتر بين تد وسيلفيا وبلغ أوجه عندما عمد هذا إلى خيانتها، مما أدى إلى انفصالهما في شكل نهائي. انهارت دفاعات الشاعرة أمام هول الصدمة وقررت مغادرة الولايات المتحدة والعودة مع ولديها إلى شتاء لندن القاسي. شتاءٌ انتهى عندما استيقظت سيلفيا فجر الحادي عشر من شباط ووضعت حدا لحياتها. وكان أن سجّلت تلك الخطوة الحاسمة بداية شهرتها العالمية، مع نشر زوجها تد هيوز أعمالها ومخطوطاتها بعد موتها: من مجموعاتها الشعرية "ارييل" و"عبور المياه" و"أشجار الشتاء"، مرورا برسائلها ومقالاتها، وصولا أخيرا إلى يومياتها التي تظهر كم كانت حياتها وشعرها يمشيان في خطّين متوازيين ومتناغمين حتى أدركا لحظة تحققهما القصوى في الموت.

  سيلفيا بلاث بعد انتحار سيلفيا بلاث، كالت الحركات النسوية اتهامات لا تُحصى إلى الشاعر تد هيوز الذي رأت فيه "الذكر العدو"، أي "قاتل المرأة"، مختزلة بذلك جوهر أعمال بلاث في صورة العبقرية النسائية المسحوقة تحت قدمي المجتمع الذكوري. لكن هذه الصورة لم تكن دقيقة في الواقع، فالمعضلة التي نرصدها في قصائدها ومناجاتها لنفسها والعالم وجودية وفلسفية أكثر منها نسوية. فبين متاهتَي الحياة والشعر، كانت سيلفيا تبحث في المقام الأول عن حقيقتها، وكانت رحلتها هذه منذ اللحظة الأولى تجذيفا ضد التيار، نحو ذاتها. وفي آخر الرحلة لم يتوحّد الوجه والقناع بل انتصرت الضحية المتعَبة على المغامِرة الشجاعة. طوال تلك المعركة الوجودية، كان صوت الموت حاضرا في قوة وعنف ووضوح، ويتضح لنا ذلك من خلال قراءة قصائدها ويومياتها وروايتها على حد سواء، إذ تعبّر كلها عن حياة لصيقة بالقلق والهجس، وعن تساؤلات تنهش وتفترس ولا تكلّ، وعن انتقالات مفاجئة من قمّة الفرح إلى أخمص الحزن والإحباط، وعن صراع دائم بين الامتثالية والتقليدية وحاجةٍ عضوية إلى الحرية. هكذا تكشف لنا لغة بلاث القلقة روحا معذبة ومحكوما عليها بالهلاك، لكنها ليست "شهيدة" زوجية حقّا مثلما يحلو للحركة النسوية تصويرها وتأطيرها. والواقع أن سيل الاتهامات الشرسة ضد تد هيوز لم يشحّ إلا عندما قام هذا عام، 1998 بعد خمسة وثلاثين عاما من الصمت وقبل أشهر معدودة فقط من وفاته، بنشر مجموعة من الرسائل وقصائد الحب الرائعة الموجّهة منه إلى سيلفيا والمهداة إلى ولديهما، تحت عنوان "رسائل في عيد ميلادها"، وينقل المقطع الآتي بعضا من أجوائها:

"أردتُ أن أصنع لكِ طاولة كتابة متينة/
تدوم الحياة كلّها./
لم أعرف/
أني صنعتُ بدلا منها/
بوابةً تطلّ على قبر والدك./
كنت تنحنين عليها كل صباح/
من فوق فنجان قهوتك/
مثل حيوان يرهف السمع لوجعه/
ويروح يشتمّ النهاية التي تلزمه".

  سيلفيا بلاث هائل حضور سيلفيا بلاث في العالم الانغلوفوني إلى حد أنه بيع من هذا الكتاب - الكفّارة، فور صدوره، ما يزيد على نصف مليون نسخة، فضلا عن ترجمته إلى لغات كثيرة. كثيرة أيضا الكتب والبحوث والتحليلات والترجمات التي تناولت الشاعرة في كل أنحاء العالم، علما بأن غالبيتها تمحورت حول أجواء الأشهر الأخيرة من حياتها، أي بعد انفصالها عن تد وكتابتها أهم قصائدها، وهي نفسها الأجواء التي اختارتها الاميركية كيت موزيس لروايتها "
بين المعارك الكثيرة التي خاضتها سيلفيا بلاث خلال حياتها القصيرة، لا شك في أن المعركة الأقسى والأدمى والأعنف كانت تلك التي دارت "بينها وبينها" داخل قصائدها. كانت سيلفيا تكتب كما لو انها تخضع لديكتاتورية طاغية تسكنها. وتعبّر قصائدها عن مأساة ذات حجم كوني لكنها مكبوتة بعناية في الأعماق. ولا مبالغة في القول إن الشاعرة كانت "تمارس الحبّ" مع الموت على الورق، باحثة عن زمنها الأول الضائع، ومحاوِلةً منح شكل ومضمون محدّدين لما ليس سوى فراغ. فراغٌ انبجست منه كلماتها وتعابير خلقها. أما التوق المدمّر إلى الموت ففيه كانت بذور فنّها: فن إلغاء الذات من خلال جعل الشعر كرسي اعتراف ومنصة اتهام في آن واحد. شعرٌ ذو صوت ولغة ونبرة مزدوجة، مستسلم تارة لغنائية الصور والمشاعر، وطورا مضبوط في صرامة التقشف واللغة الذهنية.

Sylvia Plath & Ted Hughes مزدوجة كانت أيضا هوية سيلفيا، منقسمة بين الأم الرقيقة والمرأة الطموحة، بين الكاتبة الجدّية والأنثى الشهوانية، بين الزوجة المثالية والروح المتحررة. فكانت تعتني يوما بشكلها، وتهمله يوما آخر. يوما تكتب، وتنظف في يوم آخر البيت. يوما تلزم الفراش مستسلمة لكسل التأمل، وتطهو في يوم آخر وتحضر المربيّات. كل ذلك في تأرجح مستمر بين الاكتئاب المحطِّم والإرادة الحديدية. كانت سيلفيا في اختصار ممزقة بين رغبتها في حياة "لا تختصرها يدا زوج"، وتوقها إلى حبّ مثالي يتجسد في زواج أدبي وذهني بقدر ما هو عاطفي وحسّي، لتشبع شغفها بالحب والكتابة على حد سواء.
من وجهة النظر هذه، ولو أخذنا في الاعتبار نموذج النسوية الكلاسيكي، لن تبدو سيلفيا بلاث نسوية حقا كما يصوّرونها، بل مناهضة للنسوية بامتياز، إذ كانت مأخوذة بكيانها الامومي والزوجي بقدر ما كانت مأخوذة بكتابتها وبكتابة زوجها. وفي الجهة النقيض، كانت تلك المرأة أيضا ثوروية ومتحررة في تعبيرها وأفكارها، ترى أحيانا في الأمومة تهديدا لدعوتها الشعرية، وفي تجاورها مع تد خطر أن تصبح "محض اكسسوار". كان زوجها الخصم والمثال الأعلى في رجل واحد، و"المتمّم الذكوري" لكيانها، مما ساهم في جعل صدمتها قاتلة، إذ عنت خيانته لها سقوط الحبيب والمثال الأعلى على حد سواء، وتسببت بجرح عميق لنرسيسيتها، تلك النرسيسية التي كانت تقول إنها تحملها داخلها مثل "قريب عزيز مريض بالسرطان لا أتخلّص منه إلا عندما ينتصر اليأس عليّ".
تحت وطأة الغياب المزدوج، غياب الآخر عنها، وغيابها عن نفسها، اختارت سيلفيا أن تلتحق بالموت علّها تردم فيه نقصانها وتقبض على تلك اللحظة الخالدة والحقيقة المطلقة اللتين لطالما تاقت اليهما في حياتها. كتبت: "نحن دائما نشتهي الأمور الأخرى، اليوم المقبل، الفصل الجديد: وما هذه كلّها إلا شهوة الموت". في ذلك الصباح البارد من عام ،1963 استسلمت سيلفيا لشهوتها القصوى. وضعت حدا لوحدة الشاعر الملعون والإنسان المعذّب. كفّت عن الكتابة، أي عن الحياة.

(*) مؤلفات سيلفيا بلاث: التمثال (1960)، الجرس الزجاجي (1963)، أرييل (1965)، أشجار الشتاء (1971)، عبور المياه (1971).

النهار" الجمعة 18 تموز 2003

***

دائما نشتهي الأمور الأخرى،

قصائد سيلفيا بلاث

الحافة

ترجمة
جمانة حداد


  Sylvia Plath & Ted Hughesأدركت المرأة كمالها أخيرا.
جسدها الميت
يحمل ابتسامة التحقّق.
وهم قدر إغريقي
ينساب بين طيّات ثوبها.
قدماها العاريتان كأنهما تقولان:
كثيرا مشينا. كفى.
على صدرها طفلان ميتان
مقمّطان
حيّةُ بيضاء ملتفّة عند كل إبريق حليب
أصبح الآن فارغا.
طوتْهما من جديد داخل جسمها
مثلما تضمّ وردة بتلاتها
عندما يغزو الخدر الحديقة
وتنزف العطور من حَلْق زهرة الليل العذبة العميقة.
أدركت المرأة كمالها أخيرا
وليس للقمر أي مبرّر للحزن
فهي معتادة هذه الأمور.
فسحاتها السوداء تطقطق وتسحبها.

مختارات من السيدة لعازر

ها قد فعلتُها مجددا.
كلّ سنة من اصل عشر
أفلح.

لكأنني معجزة نقّالة
بشرتي برّاقة
كظلال مصباح نازي

قدمي اليمنى مثِقلة للأوراق
وجهي كتّان يهودي ناعم
بلا قسمات.

انزع القشرة عنه
يا عدوّي!
أتراني أخيفك؟

امرأةٌ مبتسمة أنا
لم أزل في الثلاثين
ولديّ مثل القطة تسع مرّات لأموت.

الموت فنّ
على غرار كل ما عداه
وإني أمارسه بإتقان

أمارسه حتى يبدو جهنّما
أمارسه حتى يبدو حقيقة
في وسعكم القول إنه دعوتي.

لكن هناك ثمن لكي أتجسس على ندوبي
لكي أصغي إلى نبضات قلبي -
آه، إنه يدقّ حقا!

وهناك ثمن،
ثمن باهظ جدا
لكل كلمة، لكل لمسة

لبضع نقاط من دمي
لخصلة من شعري
أو قطعة من ثيابي.

هكذا إذا سيدي الطبيب
هكذا إذن
يا أيها الأعداء

أنا تحفتكم
طفلتكم الذهبية الثمينة الطاهرة
التي تذوب في صرخة.

أتقلّب واحترق
لكن لا تظنوا
إني أدري قلقكم عليّ.

رمادّ، رماد أنا
وأنتم تلكزون وتهزّون.
لحم، عظم، ما من شيء هنا.

لوح صابون
خاتم زواج
سنّ من ذهب.
يا سيدي الله، يا سيدي إبليس
إحذرا
إحذرا

من بين الرماد
سأنهض بشعري الأحمر
وألتهم الرجال كالهواء.

عموديةٌ آنا
عمودية أنا
لكن في ودّي لو كنتُ أفقية.
لستُ شجرة جذورها في الأرض،
امتصّ الأملاح المعدنية والحبّ الأمومي
لكي تلمع أوراقي كلما حلّ آذار.
ولا أنا جمال حوض من الزهر
بألواني الرائعة التي تستدرّ الآهات
جاهلة أنّي سأفقد بتلاتي قريبا.
مقارنة بي، الشجرة خالدة
وإكليل الزهرة، وإن لم يكن أعلى، لكنه أكثر فتنة،
وإني أريد حياة الأولى الطويلة وجرأة الثاني.

هذه الليلة، في ضوء النجوم الشديد الخفوت.
ضوّعت الأشجار والزهور عطورها الباردة.
أمرّ بينها، لكنها لا تلتفت.
أحيانا أظن أني أثناء نومي
لا بدّ أشبهها تماما -
أفكار يلتهمها الظلام.
من الطبيعي أكثر أن أكون ممدّدة
هكذا ندخل السماء وأنا في حوار مباشر.
وكم مفيدة سأكون يوم أتمدّد إلى الأبد:
آنذاك قد تلمسني الأشجار أخيرا
وستمنحني الزهور بعضاً من وقتها.

SPAN 2003 - تموز 22 الثلاثاء النهار