علي الشرقاوي
(البحرين)

زرقةٌ / كالخرافة ممعنةٌ باصطياد الخيال / زرقةٌ كطفولة
عشب التوغّل في الارتحال /زرقةٌ لعناصرها لهفة الأبجدية،
حترشة الأفق رغوتها، كلما غمزت برق الاشتعال
زرقةٌ /من يترجم صمت بيادرها ؟/ من يفسّر صوت رغيف
أصابعها ؟/ من يرى ما أرى في سديم خرائطها ؟
من يؤولني بين إبط المياه و رهط النصال ؟
زرقةٌ / كقميص الثواني/لها أتثني كالرصاصة في داخلي
ولها انحني كالبحيرة في هذيان الجبال
زرقةٌ / كبداوة عطر السؤال / تجرّ يديّ من الدّم،
تخلع اسمي عن الاسم /تمنحني قامة الهجس في أفق الاحتمال
هي الطاقة المستحيلة في غيمة الروح كالجمر في فحمة
الثلج تصرخ بي:

حدّق في لوني يا الحجر الفاني
حدّق في لوني و تزرّق
جسدي قاموس الاقيانوس
و صدري برقٌ
من يتجرعه في حلم اليقظة
أو أسفار النوم
لا يتعامل و العش

انه الاشهل المتوسّط، بوابة الرعش، متصلٌ كالحديقة
و الروح، منفصلٌ عن سماءٍ تحاذف أحجارها وجع الكائنات.
الاشهل المتوسّط في مائه يتزرّق أو يتخضّر أو يتفورز في متنه
انه سيد البحر يحذف قمصانه في يديّ و يلبسني

ظامئةٌ يا هذا شجرات القلب
و مالحةٌ كحريقٍ تحت فضاء الجلدة
رجفة أعضائي
قنّدني يا الأغبر بالجملة قندني
لا يوقفك الصخر المدعو بقميص الشاطئ
لا يمنعك الخفر الكيميائي و لا جذع العفة
اكسر فانوس المعبد يا هذا البري
و تقدم بالسفن الحجرية في ماءاتي
مفتوحٌ جسدي كفضاء النيزك
مفتوحٌ
لجحيم أصابعك المنذورة للعزف الكافر

يا المتوسّط نافذة الولع الاستوائي كيف أغوص حرائق
زرقتك الأبدية ؟ كيف أقولك؟ امنح فمي لغة لا تهادن
ساحلها ويدي قلقٌ يقلق الريح
يا سيد البحر
امنح كلامي لغات السفن

ادخل زرقة مرآتي
مرتعشا بقناديلك
تلك المكتظات بحلم الكائن
ادرس بنوارجك الوحشية ما يخفيه البيدر
هندسني
و تهندس بين الذروة و القاع
هنا لا شيء سواك
هنا لا شيئ سواي

يا السيد المتوسّط اعرف كيف أسوس ازرقاق الأماني
و أرعى جراد الحروف و اعرف كيف اطيّفني
في انزياح المعاني و لكنني لست اعرف يا سيدي
أقود جموحك

مائي بدأ مزاريب الكائن
مائي صمتٌ لا يتوقف عند ضفاف الصخب
مائي رائحة الغامض في رحم الواضح
مائي زلزلة الرعشة في القافين
مائي مخلوقات حنان الوحشة في الضلع التاسع
بتواريخ الموجة
أدعوك إلى قطفي من ساق النسيان
استقولني ما لا انطقه
أو لا تحلم أن تستقول صدر الماء ؟

قةٌ / تتزارق في غيها و تزرّقني في عويل السواحل
ترغي فاشرب رغوتها المشرئبة ثم تعود و ترغي
فامتص من حنطة الزرقة الأبدية لعثمة العسل المتهاطل
من شرفات المفاصل / يا سيد اللون زرقتك المستحيلة
لا أستطيع العبور بها

امنحني
رعشات جناحك يا هذا
فأنا مسجونٌ بتقاليد خرافات الأرض
و مربوط بعراجين السرة
يا هذا
أطلقني من اسر شريعة مخلوقات الساحل

ترغي و تزبد بالقول الأخضر/ ترغي و تزبد بالشك
ترغي/ فاحلم أن أتمدد كالشمس في الزرقة السيدة
و أفجّر شوق الخرافة للرقص في هذيان الشوارع
و المن للمائدة
بيدي و فمي و دمي اكسر القاعدة
إنما، أيها المتوسّط، كيف أقولك
كيف ؟

هز عصرا نام عويلا بين خريف خلاياي
اكسر بحروف أصابعك الجوالة صمت مراياي
و تجمّع بنوارسك الفضية في كوكب تاجي
حرّكني كالأخضر يمرق في جلد الزعتر
حرّكني كالحرف يفجّر إيقاع الجملة
حرّكني بالصخب الساكن تاريخ الليل
خذ من جسدي تعتعة اللؤلؤ
خذ صحوة مرجاني
اكسر بالنار الخضراء رتاجي
وتجمهر يا الصدق الكاذب
في الشفق اللاهب
حرّك بالرعشة أمواجي.

ما الذي ارتجي والجناس بكى
في الفضاء المراق
و تراجع عن غيبك الاشتقاق
و كيف أترجم زرقتك الأبجدية يا اشهلا
و أنا كلما أتوغل في شهواتك
تزداد بالازرقاق ؟

إن جئت
سأفتح بوابات الزرقة
للضوء الصاعد من جمرتك المخضلة بالليمون
إن جئت
سأغلق كل الأبواب وافتح صدري
و أقد قميصك من كل جهات الأرض
و اشرب من همزة حلمك حرفا حرفا
إن جئت
أريدك ألا تتوقف عن عزف الوتر الغائب
في أجمل أوتاري
إن جئت 0000
اللون لا يشبه اللون / و الغيم لا يشبه الغيم
و الشكل لا يشبه النص / و الطقس لا يشبه الطقس
بحرٌ هناك و بحرٌ هنا بالعواصف يرغي و يزبد
و الاشهل المتوسّط مستفردٌ بالرعونة يرغي و يزبد
يكسر عاطفة الصخرة العائلية

لا اخجل إن قلت إليك
أحب كواكبك المقذوفة في أعضائي
كالنيزك بعد الآخر
لا اخجل إن قلت إليك
أحب مراكبك الممتدة من قبل الميلاد
إلى ما بعد الحاضر
لا اخجل من قهوة أشيائك
لا اخجل من زهوة أشيائي
يا ألفي الصاعد صهوة يائي
جدّف كاللحظة في صهلتها ترتكب اللحظة
جدّف كالفضة في ما خلف المرآة
و بكل مجاديف اللغة المنسية
أشعل ضوء الكون المعتم في أجوائي

يها الاشهل المتوسّط يا سيد البحر اسحب يديّ من الرمل
خذني لقاعك قد التقي بالكواكب في هزةٍ حجمها قامة اللون
قد امنح الكون في النص شكلا أليفا
و قد 0000

سأهديك جواهر نيروز القاع و أوجاع اللذة بين صباحين
لهما يركع مرجان القول على هيئة شيطان الوجد
و أهديك رحيق الموج المتكوكب خلف جدار الكلمة
أهديك ربيع شرارتها و فسيل طراوتها
أهديك فوانيس الزرقة
ماذا لو تهديني حيتان الرعد ؟

صحراء أسئلة و عواصم لا تعرف الصحو
في زرقة الروح بيني و بينك يا المتوسّط
ادخل صلاة مسامي لأهز ضلوعك قبل غياب ازرقاقي
ثلاثة بعد ترمّض عشرين لحنا مشيت/ ثلاثة بعد مفازة عشرين
صوتا قطعت / ثلاثة قبل توهّج عشرين عصرا سكنت
أتعرف أي الكواكب تركض خلف تأجج
قمحتك المستحيلة بعد ثلاث و عشرين آه ؟

قل انك تشتاق لقطف البرق الناهض من عطر بساتيني
قل انك تشتاق لخطفي من بن الوقت و من رائحة الجملة
في ساحل تكوينات الاشهل قل يا هذا أنى زرقتك الأعلى
و كلامك في ذئب الليل و انك خيل حماقاتي
قل انك لي وحدي
أطعمك الرعد و تطعمني المعنى
قل أنك مرآتي

يا المتوسّط بين دمي و جموح الجسد
لك عائلة الماء في بيتها المتزارق
بعض الأحايين تغفو عن الشمس
بعض الأحايين تغوي صدى الطيش
بعض الأحايين تسهو
و تأتي إلىّ كأنك عاصفة السبت
نطت صباح الأحد

علّمني أفعال الكلمة قبل النطق / علّمني كيف أسافر في نجمة أعماقي
علّمني كيف اغني حين تغيب قوانين المد / علّمني كيف أراك هنا وهنا
وهنا في الصدر/و في العين وفي القلب، جريئا كحوار الفلفل / ممتلئا كنهار الزيتون الأزرق / علّمني كيف أمص عراجينك يا طقس الفوضى من لب الممنوع من العزف وعلّمني كيف بغير المرآة أراني
كالمستحيل المعلّق في الزرقة السرمدية أعلو على عتبات الزفير
و اهبط أعلو و اهبط و الماء في زرقةٍ و السماء محدّبةٌ كخيال الفراشة
كيف سأصطادها شهلة الانزياح ؟ و كيف أقود شهيق المسافة في لغتي ؟
كيف اغوي نوارس صدري لتجتاح صدرك يا زعفران التهدّج

كن في جسدي
ممتلئا
كعصافير اليوم الثامن
في شجر اللهفة
حرا كمواعيد الريح
مرتعشا
كرماح الوردة

لقاعك يا أيها المتوسّط خذني أرى حكمة الحلزون
تحاكم شقشقة الكهرباء أرى القاع في السطح يرفع سكره
لربيع السديم أرى الجيم في النص تفضح سيّافها
وارى قافها في اندياح المساء / تأجج بالطين تاج السماء
أرى بلح الشمس في حانة البحر يدعو الفراديس للرقص
ما بين ماءٍ و ماء
أيها الاشهل المتوسّط خذني
إلى كهفٍ مارجٍ طازجٍ لم يطأه سواي
يا الأغبر
لا تترك جمر المعنى
يفلت من عالمك السابع
كالوحش الأول يقترف الوحش الثاني
اجمعه بالسبابة و الإبهام
كلمه كالماء يفجّر جغرافيات الصخرة
حدّثه كالذئبة تفترس النائم في قلب الذئب
ولا تتركه غير لهيبٍ في هذيان السطح
و عاصفةٍ في رهوان القاع

نتغاوى كالبلورات
نتضاوى كالجمرة في لحم الأخشاب
نتداخل بين فضانا
الأزرق ليس هو الازرق
الاشهل ليس هو الاشهل
الأسمر في زرقته القمحية يقتحم الأبيض
نتضاوى كالفستق يفتح شرفته للكون
الازرق يرتكب المتدرج في فوضى الاشهل
الاشهل يقترف الزرقة
نتداخل كالممكن في ما لا يمكن
نتزارق
أو نتشاهل
أو نتشاهق
تخفت أسئلة الكون
و تغفو كيف على صدر لماذا
و متى لا تعرف آخر شهقة أين .

ما سقط من زرقات الرؤية

( 1 )

اشهلٌ
لكأن السواحل تحلج ثلجا
و تدفعه للبعيد البعيد
يشهّل في خجلٍ
ما يلامسه من صدى و تراب

( 2 )

في الصباحين
شربنا لغة الكوثر في كأس الهديل
فلماذا
كلما أمعن في غيبك
دق الباب في صدري
و أبقاني و حيدا
في المساءات
و أهداك الرحيل

( 3 )

صاخبٌ
كالجمال المفاجئ
مقتحما بؤبؤ الريح
تعدو خفيفا خفيفا
و تستوطن الذاكرة

( 4 )

وحدنا
في زبد الوقت
أقاليمك مرجان الأماني
و مجاديفي سلام
و حدنا
في زبد الصمت
مرايانا سحابات الثواني
و أيادينا كلام

يت/ اليونان
13 --- 19 يونيو/2002