حوار
خالد بيومي

قاسم حدادإشارة لازمة: نُشر هذا الحوار بتعديل وحذف من قبل جريدة روزاليوسف بدون علم الشاعر. تنشر "جهة الشعر" نص اللقاء كاملاً، بعد إذن خالد بيومي والجريدة".

***

رغم الغياب الإعلامي لأدباء وشعراء البحرين إعلاميا، ورغم وجود ما يقرب من 100 شاعر بحريني، هناك اسمان فقط يذكران دوما بمجرد ذكر الشعر البحريني تحديدا وهمام قاسم حداد وعلوي الهاشمي... بعد ما يقرب من 40 عاما شعرا، يتحدث الشاعر قاسم حداد مؤسس موقع جهة الشعر ورأيه في ثورات الربيع العربي في هذا الحوار:

ما الذى تغير فى تجربة الشاعر قاسم حداد بعد أكثر من أربعين عاما؟

تغيرت أشياء كثيرة لا تحصى، مثلاً، كان الشعر هو أهم شيء فى حياتي، الآن أصبح الشعر هو الشيء الوحيد فى حياتي.

الكتابة عن الحزن والفرح، والمرأة والتشظى والانكسارات التى تسود حياتنا الراهنة تناولتها فى تجربتك بشكل مختلف مما شكل خصوصية فى نصوصك .. كيف نصنع خصوصيتنا الشعرية فى تجاربنا؟

بصراحة، لا أعرف، فإذا صح بعض ما تقوله، فربما حدث ذلك عرضاً، دون قصد منى مباشرة، فقد كنت أكتب فقط، هذه أمور لا يدركها الشاعر إلا فيما بعد، كل ما يحاوله الشاعر هو أن يكتب بصدق وبقدر من جمال التعبير، والباقى تفاصيل يتعلمها الشاعر قصيدة بعد الأخرى، وتجربة وراء تجربة، وأظن أن خصوصية كل شاعر مثل طبيعته النفسية والإنسانية الخاصة، شيء يشبه بصمة البصر والبصيرة، وخصوصية الشاعر مثل ملامحه الشخصية، أعتقد أن الأمر يكون كذلك كلما تقدم الشاعر فى الموهبة والمعرفة.

هيمنة المكان واستعادته يمثل بنية أساسية فى نصوصك.. هل حضور المكان محاولة لتوثيق وتخليد موطئ قدمك؟

فى سنوات سابقة، لم أكن فى الواقع أفهم معنى أن يكون للمكان دور وحضور فى النص، لكن بعد تجربة (ورشة الأمل) اكتشفت، مع غيرى من قراء الكتاب، هذه الدلالة الغامضة التى تحضر لحظة الكتابة من أغوار ذاكرة ونفس الكاتب. فأنا شخص لا أخطط لكتابتى ولا أضع خريطة للنص الذى أكتبه، لذلك يحدث أن مكتشفات كثيرة تفاجؤنى فى ما أكتب بعد إعادة قرائتها، الأمر الذى يساعدنى على تفاديها (لئلا أقول تجاوزها) فى التجارب التالية، كتب مثل (ورشة الأمل) و(طرفة بن الوردة) كانت تختلف فى مسودتها الأولى عن نسختها النهائية، حيث النص ينمو ويتبلور فى المراجعة والتبييض.
لكن فى السنوات الأخيرة أصبح للمكان درجة واضحة من صقل المخيلة، ربما بسبب التقدم فى السن أصبح الانسان يمتلك حساسية سبر المكان والزمان معاً، تشبثاً بما لا يمكن السيطرة عليه. سوى أن الشاعر يزعم أنه يحاول. وفى مجرد المحاولة مجدٌ جميلٌ، مثل حلم: (طُلته ما طلتوش إيه أنا يهمني) حسب عمنا الشاعر الجميل صلاح جاهين.

عندما تذكر التجربة الشعرية فى البحرين يذكر قاسم حداد وعلوى الهاشمى فقط .. هل هناك عزلة إعلامية فرضها الشاعر على نفسه؟

هذه مشكلة الكسل المعرفى فى صحافتنا الثقافية، فى حين أن كل العالم يعرف الآن أن هناك حوالى 100 شاعر فى البحرين يمكنك اكتشافهم من خلال شبكة الإنترنت.

بعد هذه التجربة الطويلة .. ألا تفكر فى كتابة رواية؟

أبداً. فأنا لا أحسن ذلك، ولا أمتلك موهبة الروائي، وليس لى النفس الطويل للسرد المتواصل، مثلما يفعل الآلهة بنا.

هل الكتابة سلاحك للاحتجاج على خلل العالم؟

أبداً. لم تعد لى نية ولا رغبة فى الاحتجاج على العالم، ولا على أى شيء آخر، اننى أكتب لكى أتفادى هذا العالم بالذات، فللعالم ربٌ يخلقه ويدمره بمعزل عن رغباتنا، وقد جاء لنا مؤخراً أربابٌ كثيرون سوف يفعلون بالعالم والحياة أسوأ مما فعله الآلهة.

موقع «جهة الشعر» الذى أسسته يواجه اتهاما بالنشر للكتاب المتحققين ولا يهتم بالشعراء الجدد، ما تعليقك؟

«جهة الشعر» تنشر التجارب الجادة، هذا صحيح، لكنها ليست مقتصرة على المتحققين أو على اتجاه محدد، فمن يعرف الموقع جيداً يدرك أن ما تقوله يناقض واقع تجربة «جهة الشعر»، فهناك ستجد الأفق أكثر رحابة واتساعاً بكل ما يتميز بالموهبة والجدية، نحن نحاول أن نحافظ على درجة الجمال والجدية فى التجارب، دون أن نزعم أننا لا نخطئ، لكن «جهة الشعر» منذ لحظتها الأولى مع مستقبل الكتابة وشبابها وحريتها دون الاعتبار بالأسماء، بل أننا أحياناً لم ننشر نصوصاً لأسماء متحققة ومعروفة بسبب قلقنا من المستوى الشعرى فيها، ولحسن الحظ أن أصدقاء «جهة الشعر» يثقون فى موقفنا ولا ييأسون من مواصلة الكتابة لنا بحب كبير يمنحنا ثقة فى موهبة الشاعر يوما بعد يوم ونصاً بعد الآخر، أظن أنك بحاجة لزيارة متأنية و(جادة) للتعرف على أسماء ونصوص موهوبة لم تسمعها عنها بعد.

يرى البعض ان المبدع الخليجى لا يحمل قضية وأنه مثقف نفطوى والكتابة بالنسبة له نوع من الترف ... كيف ترد على هذا الكلام؟

لا أرد عليه، فـ(القارئ) المثقف لا يقول مثل هذا الكلام، هذا أولاً، ثانياً، لا أفهم تعبير (مبدع خليجي)، و(لا يحمل قضية)، و(مثقف نفطوي) و(الكتابة ترف)، كل هذه شتائم لا علاقة لها بالأدب ولا الثقافة، والحق أنها أمور لا تعنينى أبداً، وأتمنى على العاملين فى الصحافة الثقافية العربية تفادى تداول مثل هذه الأوهام كما لو أنها مطلقات كفيلة بالقتل العبثى السائد حولنا.

كيف تتأمل ثورات الربيع العربي؟

لا أصدقها، فالدجالون جاءوا مبكراً.

وأين البحرين منها؟

لقد طالت البحرين بالفعل، ألا ترى هناك الضحايا والدماء والفوضى والدمار والضياع والكراهيات والمزاعم والفالج الذى لا يعالج؟

****

المحرّف والمحذوف

10 - لماذا لم تطال البحرين حتى الان ؟

10 - من قال لك أنها لم تطلها؟ ألا ترى هناك الضحايا والدماء والفوضى والدمار والضياع والكراهيات والمزاعم والفالج الذي لا يعالج ؟

11- الأوضاع العربية في حالة انكسار مستمرة ، وتتدحرج دائما الى الهاوية .. هل هناك نوع من القدر التراجيدي يخيم عليها ؟

11- انكسار؟! لكنك تقول قبل لحظة عن (الربيع العربي)؟! كيف يستقيم ربيعٌ مع الانكسار عربي والتدهور؟ أظن انك تطرح أجوبة وليست أسئلة.

12- ما المخرج من هذه الهاوية ؟

12 – لا أعرف. فلستُ إلهاً مثلهم. عليهم أن يخجلوا من كل الأديان والمذاهب ويعتقوا الناس من ربقة الأوهام المتحصنة بالله، الذي لا علاقة له بهم.

جريدة روزاليوسف اليومية- 5 -12-2012