عناية جابر
(لبنان)

عناية جابر- 1 -

كل الليل أصغي، الى
ما ينبض
في جبهتك

تتقدم إلي من شريان ملتهب
فلا تعود القصيدة، نفسها

وجهك في الثلج
وفي الأزرق المتحرك
مع كل موجة، خسارة
على وشك التفتح

لم تعد تقول الأشياء
بنبرة روح فاتحة؟

تلفن لي
إذا كان ممكناً
تكلم ببطء، بطء حقيقي
لألمس الروح في النبرة، وفي
كيان الكلمات
تلفن لي
احتاج الى مادة
لأقيس الحب

صوتانا ليسا في مكان واحد
لكنني احسب هذا ممكناً
كما حين تمطر السماء
على كل العالم

عليك أن تصرخ في السماعة
الحلقة ضيقة
صوتك حتى اللحظة، عالقاً ويرتعش

اسمعني صوتك القديم
لينكسر تنفسي.

- 2 -

بأي طريقة غريبة
ترسم ابتسامتك، خفيفة في الفارق الطفيف
بين السكون، والبله

بيدي أوقعت قلبي على الأرض
ألأنين الموحل
توقف

في الفجر أرى كم كبرت
نهضت سنوات مجنونة
في الشكل الآخر للوقت

الذكريات غادرت
حبست كمنجاتها
في توابيت

ذكريات
رايات نفي غامض

تقول دائماً الأشياء ذاتها:
إن التوقيت ما بين بلدينا،
يختلف
تقول دائماً الأشياء ذاتها
مع أن الحب نفسه

مطر عندي وعندك
الإطراء المداعب
مطر طري جداً
شريط فضي
طويل وسميك
من فوق
بأصابع سحرية
يدللني
الله

- 3 -

يوم جميل فعلاً
ولكن هل قلت لك، شيئاً عن السعادة

ليكن، إذن
ما الذي أرغبه أكثر من يوم جميل

وما كنت لأبتسم، لو
لم يكن يوماً جميلاً
ومن المؤكد إني ابتسمت
لليوم الجميل الذي شع، كانفراط كتلة ضوء
مع ذلك، لم اقل بعد
شيئاً عن السعادة
رغم ابتسامتي، والهواء الذي
يداعب خدي

وأياً كان جمال هذا اليوم، والفتنة
المأساوية للبحر، المرخية
حتى حافة الأفق، فان ثقلا هنا
كرة حديدية على القلب
ثقل الحديد الباهر
يرنح روحي

- 4 -

أرقد مريضة لكن سعيدة
بسبب لسان المطر
وبشرته
يبدأ المشهد حين يتحرك الهواء
ينادي الهواء الآخر
الذي يخفق بعيداً

أوراق الشجر تتكدس
ورقة صفراء فوق أخرى
فجأة تبغ هافانا
فجأة سيجار كوبي

الغيمة من خلف الزجاج
نسخة طبق الأصل
عن ذئب
بخطوات طويلة

في حقل ما
الأشياء تتلون
الذي يفصلني عنها
يمكنه أن يكون مفتاحاً، أو
عادة سيئة

بهدوء، تحت اللون اللؤلؤي
الأعشاب تقضم الهواء
إنها طريقة لمعاقبة الصيف
وأشياء العالم
الزرقاء

- 5 -

مريضة، تحت الملاءة المهفهفة
يدي ترتجف رعباً
منذ سنين
نقطة ماء تركت أثرا
لساني محموماً
يتهاوى قربها.

- 6 -

متجاهلاً الحنان

أحلام كالصقور
أحجار ثقيلة
صمغ يتدلى سعادة
في الحواس
المرهفة

يدك المفتوحة كألبوم الصور
أتمايل مشهداً مشهداً
خفيفة وثقيلة.

أن يكون صمتك منتزعاً من قصة تامة؟
جسدي الذي تم نسيانه
دفء الجلد، السيقان المتباعدة
الشيء المقرور الذي وجد متعته
في التحول البطيء
من صمت الى صمت

- 7 -

بيتك يبدو من هنا
ويكون جسدك كاملاً
ووجهك الذي هو طبيعتي الحقيقية

أنقر بسبابتي على نافذتك
وأنت تجمع ما تبقى من فتات العشاء
ولا اعرف بأي قلب قاس
لأتفتح

والحب موضوع عميق، واني لأسأل نفسي من أين لي هذا
الذكاء الرائع في تذوق الرجال؟ وكنت أنت رجلاً عادياً جيداً
غير انك تفتقر الى البساطة الملهمة التي تجعلك تحبني. نظرة
ثملة _ برأيي _ هي جوهر النظام القصير نحو عاطفة قوية
شربت أمس معظم زجاجة النبيذ، والحق أن الحب لم يخف
ذلك انه صنف المشاعر التي يسخنها النبيذ. ومهما يكن من
أمر ليلة أمس، فإنني أنفقتها كلها، وقد حشرت رأسي في
تأمل قبلة متبادلة، من دون أن آخذ موافقتك بالطبع، قلما
أخذ موافقتك. ويجدر بي أن أضيف هنا، أن احد أسرار خيبتي
هو انك تعيش في مدينة لا تنفتح على البحر، لذلك لا تعرف نوع
تأملاتي ولا استغراقي الحنون بالأشياء. لقد رفعت كل التأملات
غير البحرية من رأسي، واستبدلتها برعشات تفوح منها رائحة
مالحة. ما أضخمك في الليل، وحتى الآن رسالة منك لم تصل
وإنني لأشعر بالبرد، وساخطة حقاً، وقد نسيت تماماً أن كنت كتبت
لي يوماً. إن وعيي لشديد بيدي المكسورة، والحق إنني اعتقد _ على
نحو غريب _ انك من كسر يدي، وهي فكرة ريما، تقوم دليلاً،
على نظرتك غير الممكنة الى الحب.

هل أتلفت حياتك؟
هل فعلت؟
هل رأيتني أفعل؟

ثم أن أموراً بيننا ينبغي أن تفسر
وعلينا أن نكون واضحين
ودقيقين
إذ من يعرف متى.

المستقبل
الأحد 5 تشرين الأول 2008