ذاهبٌ لترجمةِ الليل
قاسم حداد
عرفَ أن نهاية العالم وشيكة
مع ذلك رمى دلوه في البئر
ليسقي النبتة التي غرسها بالأمس
أمين صالح ما عاد لديه ألان سوى
مجد الصمت.
ع . ش
* * *
اللحظةُ امرأةٌ لا تتجزّأُ يا بنّ الزرقةِ، لو جزّأتَ قميصَ الصدرِ عن النهدِ الراكضِ في هجراتِ القلبِ اليوميةِ لن تجدَ الومضةَ عاريةً كجنونِ الشلالِ النازلِ في حلمِ الوادي، لو جزّأتَ مرايا العينِ عن الوجهِ الفضةِ لن تجدَ المرآةَ المفتوحةَ للنعناعِ المتدافعِ بين شظايا الطينِ كأنيابِ الفسقيّات, ولو جزّأتَ الورقَ الشاهقَ في تاريخِ الوردةِ لن تجدَ العطرْ.
اللحظةُ يا ابن الزرقةِ قنديلُ الكونِ يقودُ الليلَ إلى الضوءِ المتحرّكِ، في أغصانِ الساكنِ لا تتوقفْ عند إجابات الثعلبِ للديكْ.
منْ قالَ بأنَ لك القدرةَ في جمعِ أساطير الغيلمِ من ذرات الأحجارِ و من قالَ بأنَ لك القدرةَ في استشراف المتقدّمِ في ما لا يأتي. من ماضي القطرةِ صارَ النهرُ يكاتبُ عشبا في الضفةِ أو شجرا منتفضَ الصدرِ، و من ماضي البذرةِ جاءَ العطرُ كما اللحظة لا تعرفُ غيرَ مضارعِها. لستَ الماضي أنتَ و لستَ آلاتي. الحاضرُ أنت الحاضرُ. جاهرْ بمواعيد الأخطاءِ كما جاهرَ قلبُ الأرضِ بأغصانِ البركانِ و أطلقْ نزواتكَ في الريحِ الإسفنجيةِ قد تروي شجرا في ظمأ الصحراءِ و قد ترتكبُ الماءَ و قد تقترفُ العشبَ الأولَ قد..
يا نخلَ غناءِ الأزرقِ نفسكَ لا عمرَ لها ألان و لا التاريخُ سيعرفُ أين بدايتها أو أين تكونُ على الأرضِ نهايتها البيضاء
هي اللهبُ الغامضُ في شكلِ الموقدِ أو هي أفقُ الخطوةِ
أو هي صرخةُ: لا ادري
يا النصَ تفتحْ كالوردةِ في جسدِ الومضةِ. اسقط في هفواتك مثل دعاءٍ يرحلُ في صمتِ القصفِ إلى الأعلى. كررْ أخطاءَ النعناعةِ في شدِ الغيمِ الحاملِ عبءِ الطينِ. عيوبكَ ثوبكَ
لا تخلعْها عند هطولكَ صحن الشارعِ. كابرْ مثلَ الشجرِ القادرِ أن يطعمَ كلَّ المارةِ باللبنِ الطفلي ودعْ ريحانَ شموخكَ يرقصُ بين الومضةِ و الومضةِ. لا تخشَ أن يرشقها حجرٌ موعودُ الكاغدِ. لا تخشَ هزّكَ بالعضلات المصنوعات من القشِ، فأخوتك القطرات خلاياك الجوانيةِ، وردُ الأنهارِ السرّيةِ عطركَ في ليلِ الوحشةِ، لا تطردْ ماءً جاءَ إليكَ من الأقصى، لا ترمي حجرا في غير بناءٍ، قدمْ روحكَ للآخر
وتبصرُ كالبرقِ يقودُ خيولَ الرعدِ إلى جملتك الفعلية، خضْ نفسكَ مثلَ وميضِ العينينِ يذوبُ على ميناءِ الشفتينِ
و ان لم تمطرْ في هامات الأعلى فرحا طفليا
لا تسلكْ دربي.
العصافيرُ
تلكَ التي تشبهُ اليتمَ
قبل دخولِ سريرِ المساءِ،
بخيطِ الغناءِ تزيحُ ضبابَ القراءةِ عن ريشِها،
كالمزارعِ يفترشُ الحلمَ في يقظةِ الخضرةِ العائلية
كالماءِ في النهرِ يرسمُ أشكالَ خطوتِهِ
كالجناحِ الذي يتوهّجُ حين يضمُّ الجناح
تقومُ العصافيرُ
تلك التي تشبه الصومَ
تهبطُ في سفرِ النومِ
تهبطُ في زرقةٍ يتثاءبُ فيها عواءُ العواصم
تهبطُ كالنارِ في الجمرِ، شاهقةً بفضاءِ الطلاسم،
ناصعةً بربيعِ الجموحْ.
العصافيرُ مثل شهيقِ الملاحم ترقدُ في سرّها
و ترى:
مدنا لكواكبها لثغةُ العشبِ
تحتلُّ بالحبِ مرجَ السماء.
مراكب ليس ضفاف لها
تتوهّجُ بالأشرعة.
رقصَ حريةٍ كقميصِ الرياحْ
العصافيرُ
تلك العصافيرُ
مثخنةٌ بالصباحْ.
الزمن آلاتي بالضبطِ كما تقتلعُ الخرفانُ عطورَ الوردةِ
قبل تفتّحِها في خاصرةِ الغصنْ.
يحلو لمريضٍ بالوسواس الأصفرِ أنْ يسرقَ تاجَ الصحةِ
من طفلٍ يتدحرجُ كالأسماكِ وراءَ زجاجِ الفرحِ اللوزي.
يحلو للناقصِ أنْ يبحثَ في صوتكَ عن لثغةِ حرفِ العينِ
و ماذا يعني ميناءُ الرمزِ و أي كلامٍ خبّأتَ لمن يدهنُ أكتافَ
الكلمات بزيتِ السجنْ.
يحلو للأجداثِ الحجريةِ أنْ تتحكمَ بالأحياء.
و يحلو لك أنْ ترفضْ.
رآها
في صباحِ الليلِ شاهقةً
كريحٍ في عباءتِها
عناصرُها خلايا تستفزُّ المدَّ
كان الموجُ في الأعلى يخاصرُها
وكان الضوءُ يخرجُ من ملابسِها على شكلِ الحدائق،
و الزهورُ تنطُّ، كالترياقِ يرتشفُ الخلايا البيضَ،
تكتشفُ الصدى في جمرةِ الإحداق
كان الضوءُ مجنونَ الشكيمةِ، مائجا، متأججا،
يغوي المسافةَ بالدخولِ إلي خرافةِ مارجِ الأعناق
البحارُ على صدرِ زيتونِها
تتثاءبُ كالطّلِ في وردةِ الليلِ
يشعلُ موجَ الندأوةِ
فيما الجناسُ العتيقُ
يحنُّ إلي لهجةٍ
يتعوشبُ في طرفيها الخيالْ
ضوءٌ اسمرُ الخطوة.
وضوءٌ في سماءِ الحرفِ
يطرقُ بالخيالِ شراهةَ الآفاق
كان النهرُ يدعوها إلى التحليقِ في أعماقِه العليا
هي الأحلى من الكلمات في جغرافيا المعنى
هي الأنقى. هي العشبُ المخاصرُ شهقةُ الجدولْ
لها حسُ الطرافةِ في ندى الأوراق
ما كان يعرفُ
أنّ العيونَ المضاءةَ بالأرخبيل
محاصرةٌ بظلامِ القبائلِ
ما كان يعرفُ أنّ بناتَ السنابلِ
ما زلنَ في آخرِ الاحتمال
يواصلن ندبَ الترابِ القتيل
و ما كان يعرفُ أنّ ..
رآها.
صدرُها في الكونِ ميناءان ينتظران فوق الوقتِ
بحّارين جوعى كالخميرة في عجين الوقتِ.
ميناءان يمتدان في صمتٍ كأن الصمتَ
ميناءان يندلقان بين مراكب الكفين.
ميناءان يشتعلان.
ينهمرون في حانة الوعي
مثل الرذاذِ المكعّبِ
مرتفعين على لسعاتٍ الكآبةِ
كالصمتِ يهجو أخاه
عيناها بأفقِ الطقسِ زنجيان يرتكبان همسَ الفجر
هل هذى سماؤُك أيها الوحشي ؟
أغمس صيفك الذئبي في قنديلِ ثلجِ الصدرِ
ذئّبْ ماءَها بالماءِ،
شهّقْ لونَها بسنابلِ ألوَمَضات،
أنتَ وريدُها و جديدُها المنذورُ بالريحان
حاورْ زيتَها بقوافل الإبهام
.............................
أشربْ من شوارعِها خيالَ النهرْ.
خلف جدار الصمت صهيلٌ كبنات الفكرة
يسحبنَ كواكبَ لا تتراشقُ إلا برحيق الضوء
جدائلهنَ الموج النافر مثل خيالات المشكاة
و عطر شقاوتهن نباتات الدهشة
خلف الصمت
أصابعُ صيفٍ تتركُ قامتها بين كلامين
يزيحان الليل عن الثلج المتبرعم في القاعِ.
يدٌ كرغيف الرغبة جرَّ الشفتين إلى غبش القولِ
صهيلٌ مرتفعٌ كبروقِ النشوةِ في رعدتها
كالسّنة الضوئية،
يأخذه نحو عميق توهّجها
و صهيلٌ يمنحه المعنى
و صهيلٌ يتدحرجُ في هلوسة الروح
كغابة نيلوفر تدفع نهرا
مفتول الطيش
ليحفر بين طراوتها
ما لا يقدر ان تعرفه أيقونات الطلسم.
* * *
زرقةٌ / كالخرافة ممعنةٌ باصطياد الخيال / زرقةٌ كطفولة
عشب التوغّل في الارتحال /زرقةٌ لعناصرها لهفة الأبجدية،
حترشة الأفق رغوتها، كلما غمزت برق الاشتعال
زرقةٌ / من يترجم صمت بيادرها ؟ / من يفسّر صوت رغيف أصابعها ؟ / من يرى ما أرى في سديم خرائطها ؟
من يأوّلني بين إبط المياه و رهط النصال ؟
زرقةٌ / كقميص الثواني/لها أتثني كالرصاصة في داخلي
ولها انحني كالبحيرة في هذيان الجبال
زرقةٌ / كبداوة عطر السؤال / تجرّ يديّ من الدّم،
تخلع اسمي عن الاسم /تمنحني قامة الهجس في أفق الاحتمال
هي الطاقة المستحيلة في غيمة الروح كالجمر في فحمة
الثلج تصرخ بي:
حدّقْ في لوني يا الحجر الفاني
حدّقْ في لوني و تزرّق
جسدي قاموس الإقيانوس
و صدري برقٌ
مَنْ يتجرعه في حلمِ اليقظةِ
أو أسفار النوم
لا يتعامل و العش .
انه الأشهل المتوسّط، بوابةُ الرعشِ، متصلٌ كالحديقة
و الروح، منفصلٌ عن سماءٍ تحاذفَ أحجارها وجعُ الكائنات
الأشهل المتوسّط في مائه يتزرّق أو يتخضّر أو يتفورز في متنه، انه سيدُ البحرِ يحذفُ قمصانه في يديّ و يلبسني
ضامئةٌ يا هذا شجرات القلبِ
و مالحةٌ كحريقٍ تحت فضاء الجلدة
رجفةُ أعضائي
قنّدني يا الأغبر بالجملة قندني
لا يوقفك الصخر المدعو بقميص الشاطئ
لا يمنعك الخفر الكيميائي و لا جذع العفة
اكسر فانوس المعبد يا هذا البري
و تقدمْ بالسفن الحجرية في ماءاتي
مفتوحٌ جسدي كفضاء النيزكِ
مفتوحٌ
لجحيم أصابعك المنذورة للعزف الكافرْ
يا المتوسّط نافذة الولع الاستوائي كيف أغوص حرائق
زرقتك الأبدية ؟ كيف أقولك؟ امنح فمي لغة لا تهادن
ساحلها ويدي قلقٌ يقلق الريح
يا سيد البحر
امنح كلامي لغات السفن
ادخل زرقة مرآتي
مرتعشا بقناديلك
تلك المكتظات بحلم الكائن
ادرس بنوارجك الوحشية ما يخفيه البيدر
هندسني
و تهندس بين الذروة و القاع
هنا لا شيء سواك
هنا لا شئ سواي
يا السيد المتوسّط اعرف كيف أسوس ازرقاق الأماني
و أرعى جراد الحروف و اعرف كيف أطيّفني
في إنزياح المعاني و لكنني لست اعرف يا سيدي
أن أقود جموحك
مائي بدأ مزاريب الكائن
مائي صمتٌ لا يتوقف عند ضفاف الصخب
مائي رائحة الغامض في رحم الواضح
مائي زلزلة الرعشة في القافين
مائي مخلوقات حنان الوحشة في الضلع التاسع
بتواريخ الموجة
أدعوك إلى قطفي من ساق النسيان
إستقولني ما لا انطقه
أو لا تحلم أن تستقول صدر الماء ؟
زرقةٌ / تتزارق في غيها و تزرّقني في عويل السواحل
ترغي فاشرب رغوتها المشرئبة ثم تعود و ترغي
فامتص من حنطة الزرقة الأبدية لعثمة العسل المتهاطل
من شرفات المفاصل / يا سيد اللون زرقتك المستحيلة
لا أستطيع العبور بها
امنحني
رعشات جناحك يا هذا
فأنا مسجونٌ بتقاليد خرافات الأرض
و مربوط بعراجين السرة
يا هذا
أطلقني من أسر شريعة مخلوقات الساحل
ترغي و تزبد بالقول الأخضر/ ترغي و تزبد بالشك
ترغي/ فاحلم أن أتمدد كالشمس في الزرقة السيدة
و أفجّر شوق الخرافة للرقص في هذيان الشوارع
و المن للمائدة
بيدي و فمي و دمي اكسر القاعدة
إنما، أيها المتوسّط، كيف أقولك
كيف ؟
هزْ عصرا نام عويلا بين خريف خلاياي
اكسر بحروف أصابعك الجوالة صمت مراياي
و تجمّع بنوارسك الفضية في كوكب تاجي
حرّكني كالأخضر يمرق في جلد الزعتر
حرّكني كالحرف يفجّر إيقاع الجملة
حرّكني بالصخب الساكن تاريخ الليل
خذ من جسدي تعتعة اللؤلؤ
خذ صحوة مرجاني
اكسر بالنار الخضراء رتاجي
وتجمهر يا الصدق الكاذب
في الشفق اللاهب
حرّك بالرعشة أمواجي.
ما الذي ارتجي والجناس بكى
في الفضاء المراق
و تراجع عن غيبك الاشتقاق
و كيف أترجم زرقتك الأبجدية يا اشهلا
و أنا كلما أتوغل في شهواتك
تزداد بالازرقاق ؟
إن جئتَ
سأفتحُ بوابات الزرقة
للضوء الصاعد من جمرتك المخضلة بالليمون
إن جئت
سأغلقُ كل الأبواب وأفتحُ صدري
و أقدُّ قميصك من كل جهات الأرض
و أشربُ من همزة حلمك حرفا حرفا
إن جئتَ
أريدك ألا تتوقف عن عزف الوتر الغائب
في أجمل أوتاري
إن جئتَ ....
اللون لا يشبه اللون / و الغيم لا يشبه الغيم
و الشكل لا يشبه النص / و الطقس لا يشبه الطقس
بحرٌ هناك و بحرٌ هنا بالعواصف يرغي و يزبد
و الأشهل المتوسّط مستفردٌ بالرعونة يرغي و يزبد
يكسر عاطفة الصخرة العائلية
لا أخجلُ إن قلت إليك
أحب كواكبك المقذوفة في أعضائي
كالنيزك بعد الآخر
لا أخجلُ إن قلت إليك
أحب مراكبك الممتدة من قبل الميلاد
إلى ما بعد الحاضر
لا أخجلُ من قهوة أشيائك
لا أخجلُ من زهوة أشيائي
يا ألفي الصاعد صهوة يائي
جدّفْ كاللحظة في صهلتها ترتكب اللحظة
جدّفْ كالفضة في ما خلف المرآة
و بكل مجاديف اللغة المنسية
أشعلْ ضوء الكون المعتم في أجوائي
أيها الأشهل المتوسّط يا سيد البحر اسحب يديّ من الرمل
خذني لقاعك قد التقي بالكواكب في هزةٍ حجمها قامة اللون
قد أمنحُ الكونَ في النص شكلا أليفا
و قد ....
سأهديك جواهر نيروز القاع و أوجاع اللذة بين صباحين
لهما يركع مرجان القول على هيئة شيطان الوجد
و أهديك رحيق الموج المتكوكب خلف جدار الكلمة
أهديك ربيع شرارتها و فسيل طراوتها
أهديك فوانيس الزرقة
ماذا لو تهديني حيتان الرعد ؟
صحراء أسئلة و عواصم لا تعرف الصحو
في زرقة الروح بيني و بينك يا المتوسّط
ادخل صلاة مسامي لأهز ضلوعك قبل غياب ازرقاقي
عشرين لحنا مشيتُ / و عشرين صوتا قطعتُ
و عشرين عصرا سكنتُ
أتعرف أي الكواكب تركض خلف توهج
قمحتك المستحيلة بعد ثلاث و عشرين آه ؟
قل انك تشتاق لقطف البرق الناهض من عطر بساتيني
قل انك تشتاق لخطفي من ُبنّ الوقت و من رائحة الجملة في ساحل تكوينات الأشهل قل يا هذا أنى زرقتك الأعلى
و كلامك في ذئب الليل و انك خيل حماقاتي
قل انك لي وحدي
أطعمك الرعد و تطعمني المعنى
قل أنك مرآتي
يا المتوسّط بين دمي و جموح الجسد
لك عائلة الماء في بيتها المتزارق
بعض الأحايين تغفو عن الشمس
بعض الأحايين تغوي صدى الطيش
بعض الأحايين تسهو و تأتي إلىّ
كأنك عاصفة السبت نطت صباح الأحد
علّمني أفعال الكلمة قبل النطق
علّمني كيف أسافر في نجمة أعماقي
علّمني كيف أغني حين تغيب قوانين المد
علّمني كيف أراك هنا وهنا
وهنا في الصدر
و في العين
وفي القلب
جريئا كحوار الفلفل
ممتلئا كنهار الزيتون الأزرق
علّمني كيف أمص عراجينك يا طقس الفوضى
من لب الممنوع من العزف
وعلّمني كيف بغير المرآة أراني
كالمستحيل المعلّق في الزرقة السرمدية أعلو على عتبات الزفير و أهبطُ أعلو و أهبطُ و الماء في زرقةٍ و السماء محدّبةٌ كخيال الفراشة كيف سأصطادها شهلة الانزياح ؟
و كيف أقود شهيق المسافة في لغتي ؟
كيف اغوي نوارس صدري لتجتاح صدرك يا زعفران التهدّج
كن في جسدي
ممتلئا
كعصافير اليوم الثامن
في شجر اللهفة
حرا كمواعيد الريح
مرتعشا
كرماح الوردة
لقاعك يا أيها المتوسّط خدني أرى حكمة الحلزون
تحاكم شقشقة الكهرباء أرى القاع في السطح يرفع سكره
لربيع السديم أرى الجيم في النص تفضح سيّافها
وارى قافها في اندياح المساء / تأجج بالطين تاج السماء
أرى بلح الشمس في حانة البحر يدعو الفراديس للرقص
ما بين ماءٍ و ماء
أيها الأشهل المتوسّط خدني
إلى كهفٍ مارجٍ طازجٍ لم يطأه سواي
يا الأغبر
لا تترك جمر المعنى
يفلت من عالمك السابع
كالوحش الأول يقترف الوحش الثاني
أجمعه بالسبابة و الإبهام
كلمه كالماء يفجّر جغرافيات الصخرة
حدّثه كالذئبة تفترس النائم في قلب الذئب
ولا تتركه غير لهيبٍ في هذيان السطح
و عاصفةٍ في رهوان القاع
نتغاوى كالبلورات
نتضاوى كالجمرة في لحم الأخشاب
نتداخل بين فضانا
الأزرق ليس هو الأزرق
الأشهل ليس هو الأشهل
الأسمر في زرقته القمحية يقتحم الأبيض
نتضاوى كالفستق يفتح شرفته للكون
الأزرق يرتكب المتدرج في فوضى الاشهل
الأشهل يقترف الزرقة
نتداخل كالممكن في ما لا يمكن
نتزارق
أو نتشاهل
أو نتشاهق
تخفت أسئلة الكون
و تغفو كيف على صدر لماذا
و متى لا تعرف آخر شهقة أين.
ما سقط من زرقات الرؤية
( 1 )
أشهلٌ
لكأن السواحل تحلج ثلجا
و تدفعه للبعيد البعيد
يشهّلُ في خجلٍ
ما يلامسه من صدى و تراب
( 2 )في الصباحين
شربنا لغة الكوثر في كأس الهديل
فلماذا
كلما أمعن في غيبك
دق الباب في صدري
و أبقاني و حيدا
في المساءآت
و أهداك الرحيل
( 3 )صاخبٌ
كالجمال المفاجئ
مقتحما بؤبؤ الريح
تعدو خفيفا خفيفا
و تستوطن الذاكرة
( 4 )وحدنا
في زبد الوقت
أقاليمك مرجان الأماني
و مجاديفي سلام
و حدنا
في زبد الصمت
مرايانا سحابات الثواني
و أيادينا كلام
كريت/ اليونان --- 19 يونيو/2002
* * *
لا شأن لنا
بأكاليل الوهم
إذا كان قريبا
من مائدةٍ خضراء الدم
لا شأن لنا
بكلامٍ لا يشبه شهلة زرقتنا
لا يشبه نحلة خطوتنا
لا يشبه نخلة داخلنا
لا يشبه بذر الهم
* * *
في الولادة
يا لجة الاختمار
تبدأ
مثل السواحل
عاصفة الاحتضار
* * *
في شرق الليل
و غرب اللحية
خلف شمال جنوب الأحفاد
لا ينظرُ صوتا رعدي القامة
لا يسمعُ بردا يكسر موج الوقت القائظ
لا يتذوّقُ وعدا
يغريه ألان لمواصلة العزف
على أوتار الأضداد.
* * *
كان السيد بنّ هسيس الغابة
لغةً لا يعرفُ / شيئا لا يدركُ
يرفعُ ساقَ الكهفِ المفعمِ بالعشبِ
و يدخلُ مثل غناء الجدول في التربة
بعد ليالٍ لا يعرف ما تعني
شاهد مخلوقا يصرخ كالقمح
إليه رأى
فتسلّقَ عاصفة الساقين إلى جهةٍ
لا تعرفها خارطة الأقدام.
* * *
الثورة
عاهرةٌ في عمر الحجر الأول
تغري الأطول حلما
في صحوة ما قبل العشرين
إلى العزف على إيقاعات أنوثتها
تدعوه إليها:
ان كنت حقيقيا
ترغب في شرب طراوتي المخضلة
بالمتدحرج بين الأسفل و الأعلى
فلتمتشق الموت على أرصفة الشارع.
الثورة تبكي كالنهر على من قتلوا
في غسق الحلم:
صغارا كأزاهير النسمة
ممتلئون بطاقات صباح عناقيد الريح
موهوبون بعزف شواطئ ضوء العمال
و في اليوم التالي
كالعادة
تستبدلهم بشبابٍ أحلى
* * *
أصحاب الأنف الأطول من ألسنة الحيات
لصوص الفطرة
سرّاق الأفكار من الطفل الساكن خلف جدار القلب
يريدون مداهنة العشرة
كي تمدح موتى الوهم المنتشرين
كقاموسٍ
لا يعرفه غير المعصومين من الألحان.
* * *
ما عاد لديه مثالٌ أعلى
و نماذج تحتفر الحلم
و لا أيقونة رؤيا
تركض في أحراش الحقد
بنصل الحرف و رمح الرغبة
ما عاد لديه ألان سوى
مجد الصمت.
( إلى حي الفاضل مع حبي )
كخيال القطرات الأنثى
يروي جذع القول بعاطفة البرق
كالجدات المشتعلات بثلج الداخل
يصعدن على تجعيدة ذاكرةٍ
لا تشبه غير عراجين الصمت
كجذر الشبق الكوني الصاهد بالرؤيا
ونيازك طفل الحرف
إليك أجئ
لاحني خمسين شتاءاً
في صيف كلامك
يا جسد الموجة يقتحم ألما ورد
يا صدر البحرة شرّعه اليابس
يا الفاضل
روحك حنكة نخلٍ يحترف الإخلاص
وقلبي فرضة أغنية لحنّها الجن
إليك من الشوق أجيء
شراعي أفق العشب الأول
مجدافي قاموس النيران
أجيئك من مشكاة الداخل يا رئة اللغز
هل تلمس تعتعة الألم الراكض في قمح الريح ؟
يدٌ
تحتضن اللغة المنسلة من جذع الضوء
تجاهر بالمسكوت عليه وتبذره في حقل الماء
يدٌ
تهدم وقتاً مات بمائدة الريح
تصاهر ما ليس يموت.
هل تنظر حمحمة النغم المجروح بنعناع الغيم ؟
يدٌ
تبني في تأتأة الأرض معابدها
وتغادر إيقاع الحرف إلى ما بعد المعنى
و يدٌ
تبني فوق تراتيل صنوبرة الحلم بيوت.
هل تنظر أوجاع العود الهاطل فينا كقبيلة طقس ؟
أصابع قمح الولد العاصي
مدن لا تشبه أخرى
تبتكر الغامض
لا تهتم كثيراً بمشاريع الملح
تواصل في استفزاز الحامض في قلب اللوز
يا الفاضل
يا الموج المكتظ بمرج الريحان
يا الجالس في غصن الريح كراس الرمان
امنحنا شهق صباك
ومواويل بداوتك الممزوجة بالمرجان
لا تتركنا في برد العمر
وحيدين كحلم نوارس غادرها الساحل
و غربيين كزفرة أغنية شربت مطلعها
يا الفاضل
لو عاش الظل الساكن في الرأس يلاحقنا
شجراً لن يسمع قلب الغيمة وهي تناسل شوق الأرض
حجراً لن يعرف أي الألوان تشكل قامتك القزحية
يا الفاضل
شفتاك فصولاً ترتكب الأخضر
وسمعناك وعولاً
تحمل ذاكرة الأمواج وفي قلق التين
تقود الميزان من الأذنين إلى أبواب الدب الأكبر
ولمسناك
وذقناك..
و عشناك
لماذا يا الفاضل تسكت
والطفل يقاد إلى مقبرة العجز
لماذا يا الفاضل تسكت
والطفل
خليل الضوء
ربيب الحرف
رحيق الشين
تحاصره الأجداث المحتلة قلب الشارع
هل أحد غنى شغف الماء النوراني
وما لامس داخله ابر يسم ضوء فراشات الولد الصالح ؟
هل أحد يعزف أنغام الغسق المتوسط تاريخ مسافات العشق
ولم يتبع في الدرب أصابع ابن الشيخ ؟
هل أحد غيرك يعرف كيف يترجم هسهسة النجم الصاعد صبح الليل ؟
هل أحد غيرك يا الفاضل ؟
في جامعك الريحاني
عرفنا أشواق المنذورين إلى عرس الليمون
وفي ساحات يديك المفتوحة مثل ربيع الشهد
عرفنا أسرار اللغة الأخرى
ولماذا الفرضة لا تتوقف عن عزف الأسفار
ولماذا الرولا
تربط قلب الحد بصدر الزاق
ولماذا حدّاد الكلمة
يمتشق الرولا بالقدمين
ويطرق جمر اللغة الخضراء بسندان الأوراق
ولماذا الولد العاصي
شقّ الطاعة
ورمى خطوته في تنور الأشواق
عرفنا يا الفاضل
ما كان
وما يتكوّن في جذر الوعد
وما سيكون
عرفنا إن الطوفان سيبقى
كالنقرس لو لم يهزمه غصن الزيتون
عرفنا
وعرفنا
وعرفنا
يا الطالع من فلق الفقراء
يا عنق الموجة يطوي شهوات الميناء
عرفنا
لو مر ألامس وئيداً
ستقول الأرض:
سقاني عنب الرعد
وفاكهة القول
ورقصات الوتر التاسع
لو مر ألامس خفيفاً
ستقول السدرة:
فجّر أشواقي
برحيق مناحات الكون
وعلم عاصمة اللون
مقامات الروح
يا الفاضل
يا رئة الموجة
يا المختزن الآن براكين رعودك
إن قطعوا وتراً منهمراً في رجفة عودك
من أعذاق الرعد سنغزل تاسع أوتارك
إن منعوا عن أنغامك قطرة عشقِ
بالحرف نحوّل عزف الشارع أمطارك
إن هدموا بيتك في ذات كلامٍ
سترى خارطة العالم تشرب من قهوة دارك
يا الفاضل
رافق سيل الحلم
شظاياك مرايانا
نرفعها بين مجرات القول جسور
يا الفاضل
زاحم سيل الوهم
مراياك خلايانا
نغزلها في ريح الأنغام صغار نسور
يا الفاضل
أوقف سيل الدم
خلاياك خطى بهجتنا
في أفلاك سنابلها سنظل ندور
أصغ يا الفاضل
أصغ
لعصافير الحورة وهي تخيّط أشجار الصبح
على إيقاعات أصابع اثنين يشدان التيه
إلى وهج التيه
أصغ
لزوابع اثنين
يشقان غموض النون
ويحترقان إلى نطق الضمة قبل لهاث الأبيض
أصغ لربيع المزمور الرابع يحتل فضاءات الفصحى
أصغ يا الفاضل
أصغ.
من غير فراشات الولد الصالح
تلتهم الضوءة وتغرّدُ في الحزن الأخضر ؟
من غير الحدّاد يحيك وريقات الرولا
ويزينّها بخطى تحتضن الجسر
وتجمع مالا يجمع بين البرين ؟
من غير أصابع أوتار الشيخ تحرّك أفق الغيم
إلى جسد الأمواج ؟
ومن غير الطفل الولد الكهل العاصي
يسرق نار الكون
ويمنحها لصباح يديك
يا الفاضل
يا موج نهارٍ مرتجفٍ يركض بين غبارات الظلمة
يا شهوة حرفٍ يصعد رغوة ما لا تعرفه الكلمة
يا قلق النجمة
إحضن بتجاعيدك
صدر المتسلق جدران الفوضى
هندسه بمزامير نوارسك المخضلة بالآه
إن منعوا صوتك أو صوتي
أو صوت الذاهب في الأسرار
سيبقين بذاكرة النار وخاصرة الريح
بنات صداه.
* * *
مرعوبةٌ كنجاسةٍ في مائها
مرعوبةٌ كبكارةٍ تفتضُ كلمة: لا يحوز
مرعوبةٌ في نسلها
مرعوبةٌ في نصلها تلك العجوز
مرعوبةٌ
كمصابةٍ بقوافل الوسواس
من فَك الطلاسم و الرموز
* * *
ها أنت، من الثقب الوهجي، ترى الجثة في بهو الشارع
تسكن في الشقق المفتوحة للقبر و تعبر شمسك.
الجثة فوق الصفحات
يدٌ تصفع من يقرأ نافذة الريح
لسانٌ يرسم ذاكرةً شاخت في الإسطبل
وجهٌ يبحثُ في الورق الميّت عن أصل الشجرة
الجثة في جثتها
تتحدث عن حكمة عشبٍ
طاف غصون الشجراتْ.
* * *
لا أحدٌ يعرف ما خلف غرور المرآة
لا أحدٌ
يعرفُ
أي سديمٍ
يسكنُ
خلفَ
فضاءِ
الجلدْ.
* * *
ديناصورات الشارع
تتجمّعُ في عين الميكرفون
كما تتجمّعُ أوساخ المد على خاصرة البحر
و كالجوقة
في مسرح ما قبل الأزرق
تشجبُ أعمال النحلة
* * *
إنه الأكثر من حكمة آه
في قناديل الجهات
ذاهبٌ كالنهر
يجري
لملاقاة الحياة
* * *
المفتول الكلمات
المحتقن الألفاظ
المتوهّج في أقصى الروح
يقلّبُ
كل توابيت الوقت
و يكسر تاريخ أبيه
و أسطورة جد الماء الأول
يشاكس أحلام الصيف
بنعناع التيه.
* * *
الخراف
بنات الأعالي و أيقونة اللحظة القرمزية
في شجرات العفاف
الخراف الصبية .............. لا تعرف الحرب
الخراف الشقية ............ لا تعرف الحقد
تعرف أن السماء مراعٍ
و أن كلام البحيرة يعني ابتهاج الضفاف
أنها ألان ذاهبة بالأغاني إلى ساحة الذبح
* * *
الأفكار
بغالٌ ميتةٌ
كعيون الرمز القاحل
يوميا تتدحرجُ
من سبخ الرأسِ
إلى
مقبرة الأوراقْ.
* * *
لستُ ذكيا يا كهف الدمعة
لستُ ذكيا
حتى أقدر أن
أنجو
من صفعة أسلوبي.
* * *
فيما المرأة بين جرابيع القحط تمدُ جداولها
لتهندس نافذة الرغبة في جدران غبار المعتم
كان المجد
كثيف اللعبة
يغري الضفدع
للقفز على غصن الأبدية.
* * *
كعراقة الصحراء
واقفةٌ على بركانها الأمي
تنتظرُ السماءْ
تأتى على صهوة ماءْ.
* * *
لكل شرارةٍ نسغٌ يفجّرُ شوقها في زعفران السر
مثل الماء قبل الماء يزرع ماء
لكل وريقةٍ ضوءٌ
يترجمُ وقتها بين الصدى فتموّسق الأجواء
ولي نخلُ المنامةِ شهوةُ الأمواج
قنديلُ الخرافةِ بين عاصمتين
ذاكرةُ الحوامض في مدى جغرافيا النارنج
لي في بنسيان الروح بو ضاحي
أتعرفُ أي سر الأرض يسكن قلب بو ضاحي ؟
بو ضاحي سماءٌ في ظلام الهم
بو ضاحي آبي و آخي و ابن العم
بو ضاحي سفينةُ دم
ترى في زرقة الأحمر
شظايا جنةٍ منزوعة القشرة
توصل ما تقطّع بين ممباسا
و بين مشاعر البصرة
و بو ضاحي
على الأيام نافذتان من بلحٍ
على جهتين
تشتعلان في صمتٍ يطلّ كغابةٍ في القلب
بو ضاحي سريرُ طفولةِ المعنى
و تاريخُ السفينةِ في تحوّلها
يسافرُ من حنانِ الشوكِ
في ليل الموانئ يركبُ الأمواج
بو ضاحي
دخانك في دمي مطرٌ
إذا غاب الندى يأتيك أولادي
على شكل السؤال و لعبة ( الصعكير )
محاصرة أغانيك الصبية بين مشنقتين
مشنقةٌ لها شكل المصارف في تصرفها
و مشنقةٌ لها طبع المتاجر في صباح السوق
محاصرةٌ خلاياك الصبية بين عاصفتين
عاصفةٌ من الذكرى و عاصفة الكلام يدور
بو ضاحي يمينك موت
بو ضاحي يسارك موت
أي رحابةٍ في جنة الموتين
تشعل في الخلايا لهجة الأجداد ؟
بو ضاحي
منامتك التي كانت
تخاصر في السحابة موجة الأسفار
يرعبها الحنين إلى صباح الماء
يرعبها الدخول إلى خروج الريح
يرعبها التحوّل من يد تسقي الغيوم
إلى يدٍ ممدودةٍ كالشمس نحو الليل
كنت مخدة المغدور
و كنت شرارة النعسان
كنت حمامة الريحان
كنت علاقة الحدي بالزلاق
كنت قصيدة الجذر المسافر من كهوف الطين للأوراق
إن جعنا من الكتفين تطعمنا
و ان ظمأتْ هياكلنا توهّجنا بماء الشوق
هل في كبرياء النخل غير صياغة أخرى
لمائدة الحواس السبع ؟
هل في كهرمان الشوق إلا رجفة المغنى
يخضّر جلجلان الروح ؟
بو ضاحي زغاريد العواصف
تنتشي من جمرة في صوت بن فارس
تطير نوارس الأشعار
من سيراف
أو دارين
أو مسقط
إلي نافورة شهباء في أقصى سما فارس
بو ضاحي
له فتوى البحار بصخرة الساحل
على الكرسي رائحة السواحل تسكن اللهجات
من نارجيلةٍ كالبحر صوتك وهّج الفتوى
و في وعد الغنائم تغمس الكسرة
حليب شرارة الدانات قلبك
آه بو ضاحي
لماذا كلما هدموا جدارا جفّت الكلمة
و إن خلعوا الفسيلة من مراياها
بكت دهرا خلايا الأرض
و إن قلعوا مشاعرنا
ضحكنا
آه بو ضاحي
على زنديك ورّقنا السواحل في مدى الأبصار
و من شفتيك علّمنا الصدى جدوى صعود النار
يسارك ينحني للربح
يمينك ينثني للربح
شربنا من كلامك زبدة الألوان
بو ضاحي
لأنك قهوة الدنيا و شاي الروح
تبقى في دمي طفلا
إذا غادرتني
سأظل امشي في دجى حلمي
بلا عنوان.
* * *
مدنٌ
في بحيرة قلبي تمارسُ نيرانها
كالكواكب في خلجات خريفين من الفرح
المتسكع في شارع الصمت
ينشطران على جهةٍ
يتكسّرُ في مائها غليان الغضب
مدنٌ
لشوارعها نكهة الصخب في نبض أنثى البياض
تحاولُ ترويض عاصفةٍ كالإفاقة بين روحين
تركلها بهموم السفينة في تعتعات اللهب
مدنٌ
من كلامٍ يموتُ على بيضه
كالعراقة في عرقها
تتصارعُ فيه الخلايا المريضة فوق مأدبة الضحك
أو تتدافع ُمثل عويل الرصيف بعين صغار العرب
مدنٌ
كالربيع الذي ضاع في دربه منذ خرائب مأرب
لا يسألُ الدرب عن شجر الخطوات
لا يسألُ النار عن ومضٍ يتحرّكُ بين مرايا العطب
مدن ٌمن شظايا اللعب
كيف أواجه خيبة أحلامها
و أنا وهجٌ هرمٌ يتناسلُ في كتفيه غبار التعب ؟
* * *
غربانٌ ٌ
تبتلعُ الوهجَ الغض
من الأسطورة في شهقات الأرض
تحيل الماء الشارد في عين المملوك غبارا حجريا
و تحيل الوقت الراعد في آخرة الغيم قميصا
من زعتره يتشكّل نورٌ
يتشظى
كالغيلم في أوداج الرفض
غربانٌ
تتدحرج مثل الكلمات الوحشية من قاموس
المخطوطات إلى صمتٍ وتحوّل مائدة الصمت
إلى فوضى خرساء
غربانٌ
لا تتشابه في غمز العين و لا في لغز اللون،
تمد يد الموت إلى طاولة المطعم، تفتض الدهشة
في قاع الروح و تجلس في شرفات الرأس
غربانٌ
تنطق كل لغات الأرض و تجلس في النبض و في
شكل العين تداهم طفلا يلعب في خاصرة القلب
و بالنظرة قبل وصول الشارع
تمتصُ بكارات براءة لحظتنا
غربانٌ
لا أحد يعرف من أي التنور أتت
لا أحدٌ يعرف بالضبط متى عن هذى الأرض سترحل
غربانٌ
حافيةٌ في الجامع تضرب قلب المارة بالعاهات
و تشرب أصوات السيارات و تقذفها
في وجه النهر الجائع
غربانٌ
أحيانا تمشي في الأرض على هيئة عظمين
أحيانا تحجل فوق ثلاث جهات
أحيانا بالأربع تجري
غربانٌ
لا شأن لها بعويل الضفة للأنهار
لا شأن لها بعديل العفة للأسرار
و لا شأن لها برحيل النطفة خلف الأمطار
غربانٌ
مثل جحيمٍ لآقح آخر
يقتطف الكحل من العين
و ان شاهد ما قبل غناء اللمعة
يركض كالمستقبل في الماضي
مرتعشا كسماء العصفور قبيل حريق الغابة
غربانٌ
لا تخشى حترشة الرعد و لا هراوات
مزاريب الشرطة
لا تخشى شهوات الموت و لا أحجار جلود
المارة
غربانٌ
مثل صباح اللعنة لا شكل لها
غربانٌ
من ناسل غصتها قبل زلال النار الأولى
من أطلقها تعتمر الذاهب في لحم الأسمنت
و من واقع لعنتها بين شقوق الأزهار ؟
من علمها كيف تقود عناوين الموتى قبل الموت
إلي الحفار ؟
من علمها كل لغات الأرض
غربانٌ
تتكلم بالموسيقى
بالرقص على الأطراف
و باللهجات الأولى
( 1 ) وضع الإصبع في ميناء الشفتين
( 2 ) الدق على شجر البطن
( 3 ) دعاء العقرب للأفعى
غربانٌ
حافية كصلاة الموتى
تستفرد بالذاهب في قاموس الفوضى معتمرا قبعة
الريح تلاحقه بالفضح
غربانٌ
تتدافع قبل هطول الضوء
في الطرف الأول تلبس أشكال سؤالٍ نط على
ظهر القلب و مات على قبر الشفتين
في الطرف الثاني بالعين تهش إلى الشارع مذبحة الأطفال
في الطرف الثالث قصديرٌ يمشي و يشد إلى خطوته ما
يتطاير في الأرض من الأقدام
في الطرف الرابع عين الأرملة السوداء تلاحق كسرة
خبزٍ دخلت بطن صبيٍ أعرج
( بين جحيم الغربان
بلا أين أسير على شظف الأرض
و أحبو كالمستقبل في زبد الماضي
و بلا عين ............
يا القديس العابر بين هلالين
كلامك لن يقدر ان يروي
أحلام اللوتس بالأسرار
و قلبك لن يقدر ان يجعل قافلة الغربان
تعود إلى تنور ولادتها
و تعيد الحكمة للأشجار
- الثالث ليس هنا
من هذا الثالث ؟
الاثنان يديران طواحين المعنى و يشدان حبال الممكن
في ما بعد
الاثنان غريبان يطلان من الشرفات المغزولة بالأسماء
الأولى و مرايا تعكس صوت الرعد
الاثنان هنا
أين الثالث ؟
غربانٌ كعناقيد الماء
لهم جسد الريح
لهم رائحة الجير الممزوج بعطفة الزرنيخ
و ليس لنا نحن الاثنان سوى تعتعة الحكمة
تلك المحذوفة خلف صرير النساك.
الأعمى: من لا يبصر عاطفة الأزرق تشعل عاصفة الوردة
الأخرس: من حدثنا عن سعف المعنى و تناسى الجذر
الأطرش: من لا يسمع فوضى داخله بالمكتظ بترتيل العشب
غربانٌ
توقظ صمت الليل
كعشبٍ جاهر بالطل
و صارخ: ماذا يفعل في الدنيا وجعٌ لا يملك سقف ؟
غربانٌ
تحفر في قلب العينين شظايا جملتها اليومية
تستفرد بي قبل حضور الخطوة
( تركتني الغيمة أبحثُ عن لقمة ليل )
غربانٌ
تمتد من القدمين إلى غرف الطقس
أقول لها ابتعدي عن أغصان طفولتنا
ابتعدي عن ساحل وجهي
ابتعدي
الأول و الثاني بين غيوم رعاع الشارع
فيما الثالث مشتعلٌ كالجمرة في قداس الرأس
الأول: ما آخرة الشارع ؟
الثاني: ما آخرة الغربان ؟
أجيال مرت منذ مجيء الناسك
أجيال مرت منذ صعود الملح إلى نافذة الصحوة
أجيال مرت منذ هطول نجيع الرفض من الطبقات السفلي
لا شجرات الليل تربع جوهرها في صدر الممكن
لا آهات آبي الكلمات رأت في الاشهل تاريخ المسك
أجيال مرت و مضت كربيع الوهم الأول
أجيال نفقت قبل ولادتها في نفق الكلمة
فلنتسلق لبلاب الرحمة
من شوك الأرصفة المنذورة للفحم الشاهق
نطلق شك الزهرة بالأرض
و نحرق كل يقينٍ عاش طويلا
بين الجمرة و اللهب الحالم
لا شئ هنا
يتحرّك في جغرافيات الروح
يحرّك نهر المجهول لتغيير خلايا العالم
لا شئ هناك.
* * *
قاربٌ
فوق جرح البحيرة
منطلقٌ نحو أفق الغسق
انه يقترب يقترب
يقترب
يقترب يقترب
كان ربانه
لحظةً 00يرتديها..القلق.
* * *
لهجةٌ نازفة
كشهيق السطوع وراء الليالي
هناك هناك
هناك على سلم العاطفة
رجلٌ كقميص العصا
يتعكّزُ أيامه
في رصيف الدموع
وفي آخر الصيف
سيّارةٌ تتقدمُ في شبق العاصفة.
* * *
لا خلاص لنا
لا خلاص
إذا امرأةٌ كرحيق الصدى
لا حدود لجغرافية لحن عواطفها
تسكب ألان زيت عواصفها
في دهاليز مسدودةٍ
بدخان الرصاص
مومباي صيف 2002
* * *
الطريقُ
إلى غرفة الكلمات
طويلٌ كلحن الشتات
الطريقُ
إلى غرفة الكلمات
رحيلٌ كظل الإشاعة
في قدمٍ
تكتب الخارطة
* * *
ليست نهارات أقدامنا
جثةً للنمور الصديقة
في غاب خبث السلاسة
ليست
غزالا يقود ورود الحقيقة
نحو بريد القبور
* * *
الشارعُ
تاريخُ شراعٍ،
في جثته الخضراء
تطوفُ العجلات كأحلام قرادٍ يطمح
ان يتحقق بين دماء عشيقين يرومان
مغادرة الرهبة.
الشارع.
هذا الشارعُ لا يعرفُ
ان وجود الثالث يبطل ملحمة الأضداد
* * *
يأتي إلي كأن بريد الشتاء و يذهبُ
يأتي إلى كأن صباح المساء و يذهبُ
يأتي إلى و يذهبُ
يأتي و يذهبُ
يأتي
دمائي حقول اليباس
مهيأة لافتراسك
يا كهرمان المطر
الزوالُ
رفيقُ الصبا
و مهندسُ كل الكوارث
علّم صمتي الكتابة:
كلنا
كلنا
في حقول الحياة
دعابة.
* * *
كفّوا
عن تقديم أضاح أخرى
لترابٍ لا يعرف ان ينطق نخلا
كفّوا
عن تعظيم قرابين الأعياد
لسيول الجبانة
كفّوا عن قرع الطبل الأخرس
في عرس الرعب الثالث
لن تبقى الأرض مقدسةً
و طهورا
لن تتصاعد منها أبخرة الطيب
لن يعترف الوالد بالأبناء
و لن تبقى الزوجة ملكا لنواميس الزوج
جيلٌ آخر سوف يحطُ على شقشقة الأرض
يداه فيزياء خيال عطارد
يملك موهبة الحرف الشارد من قيد النص
نفسيته رهبنة الاقيانوس
ملامحه غير ملامحكم.
جيلٌ يرتشف الضوء من الزهرة
جيلٌ كمواويل الغيم النابض في جسد الموج
يقود الجملة نحو فضاء النقطة
جيلٌ لا يعرفكم.
* * *
بالأمس
رأيتُ عيونَ الجدِ العاشرِ في عيني
تسألُ عن زعترها
و غدا
ستكونُ عيوني
باحثةٌ عن بؤبؤها
في قلبِ حفيدِ حفيدي
* * *
يا الساكن خلف تراب دمٍ مثل حمامٍ مذبوح الرغبة
في جب النور المظلم، لامستك بالعين كما لامس
خيط الليل شطوط الصبح. رأيت عيونك تنفتح لي باب
الغيب على هيئة ريحانٍ يرتشف الغبطة. شاهدت النهر
السابح في جسد الأوراق السرية طفلا يمتشق الرحم،
يزيح الضفة عن وجع النهر، فيأتي الأفق شهيا كطعام الجائع
و نظيفا كصراخ جنينٍ لم يتلوّث بنزيف حروب الأخوة.
هل قلت بأني في صحراء الروح رأيت الآه تجر الضلع
و تجري بين فمي و أحاسيس الممنوع من العزف
هل قلت باني في قبر الأطياف رأيت رحيل العطر الهارب
عن قيد الغصن إلى ذاكرة الوردة. لن تذكر صحوي
في شفتيك الشاسعتين كإيقاع غامر في خلع اللحن الأول
لن تذكر شرع خيالاتي في تفسير خطىً و خطايا لم تحدث.
* * *
على أنياب الجسد الوحش الصاعد
مثل بحار اللحظة في أفق الأبدية
الحب سماءٌ غامضة الأعصاب تطل على جسدين
يقولان قصائد لا تدخل خارطة النشر
لماذا لا تفهم يا هذا
ان البند الأول في جغرافيات قوانين الحب:
معارضة القانون
* * *
قاحلةٌ روحك
قاحلةٌ
كبساتين الطين الأول
دون غيوم المرأة
* * *
كنتُ الصحراء
فجاءت أم الحيات
و أحيتني
بمياه أنوثتها.
* * *
الحبُ
غموضٌ يتسلقُ أعمدةَ الرغبة
بين فضائين
إذا فسرتَ مشاعره
لن تلقاه.
* * *
المرأة أفقٌ
مفتوحٌ كتضاريس الفتنة
في جسد الجدول
يمنح طعم الشمس إلى شجر الزرقة
يمنح طعم الزرقة صيف الداخل
هذى المرأة
شوق الساحل للركض وراء قطيع الموج
أفق الداخل للقفز على المعنى
تمنحنا الرغبة في التجديف إلى غير الممكن
في آخر غرف الداخل امرأةٌ
كخليج الغيم
لها صدر الشمس و ساق الحرية
امرأة شاهقةٌ كلهيب الأزرق
امرأةٌ كرغيف التابو
ليست لعيون سواك
* * *
بين مملكة العشب و مملكةٍ في شطوط التهدج ألف مدينة ليلٍ
تدور كعاصفةٍ في جلود خطاها، تئن كجوع الكواكب، تهلع كالنخل في قامة الصيف. في كل هذى المدائن مليون بيتٍ يقام على صفحة الماء، في كل بيتٍ رجالٌ من الملح، نساءٌ من الكستناء،
هنا ستكون السماء ملطخةً بالربيع
كذلك قلب الطريدة
هنا
ستكون الضرورة
مفتاحنا لدخول بحار الجسد
* * *
يا أيها البارد المستقطب الضوء
في غرفة الشبكة
أنت بوصلتي
في الطريق إلى لغة الحركة
* * *
جامدٌ
و كثيفٌ هو الليل
كيف أسير إلى
كهفٍ
بين حرفي ....و....لد المساء ؟
* * *
لا أريدك
عشوائية القدمين.
في كلماتك لا يفتح النص بابا
إلى غفلة الوقت
في همساتك لا يتحرك برقٌ
يقود المجرة، في شهوة الريح،
نحو يباس العناصر،
أو يتنقل رعد المسافة في رغبة الماء.
أنى أريدك
* * *
احلمي
وردة الاندياح الخرافي
في برقة الكوكبين
بمائدة الرقص بين حدائق غيم السماء
احلمي
بجنون المراكب ترسم ميناءها في الخيال
و تصعد في غيّها المستدير كشوق السواحل
احلمي
بالنضوج على عشبتي
اخطئي كالمرايا
و خوضي خيال الخطايا
احلمي
كجذور الموسيقى
يد الشمس لا تنطر الإذن
حتى تسفّ الإضاءة
و النور ليس صبيا يبيع الخطى
لخريف الظلام.
* * *
نجمة القول
قولي لهم يا نجمة القول
إن الفضاء عريق الشكيمة
مرتعشٌ بخيال الطيور
و منتعشٌ بصراخ الأجنة
قولي لهم
إن من ذل طيرا جريحا بسلطة عين المقص
لن يظل طويلا ليحكي بغاث القصص
و من ذل طفلا له لحية الطير
في الخيالات لن يستريح
و قولي لهم
إن طفل الغيوم سينزل كالصبح
في غبش النص
كالسيل ينزل
حين تهز العواصف تاريخ ريح.
* * *
كلما سرقوا
كوكبا من سماء يديه
توجّع مثل حنان الصبا
في خلايا الطريدة
كيف له اليوم أن يشعل الحلم
قبل وصول اليباس لنهر اللغة ؟
* * *
و
ها هم
يجرون أسلاف أحلامهم
من رماد الكلام إلى الشارع المتفسخ
ها هم
كعرس الدمامل في سلم الرقبة
ينبعجون على الكلمات المضافة بالانتحال.
بعقل المقابر يمشون في جسد النص
يمشون كالسلعة الأجنبية في قلعة السوق
ها هم
يمدون كف العقارب
للساهرين على لهجة الماء
ها هم
يقودون موتى الربيع إلى ساحةٍ
ستزول قبيل وصول المواهب للاحتفال.
* * *
المتسكع
بين مواعيد الحرف
و أحلام النهر بفض الصحراء
يدور الآن على فسقيات الكلمة
معتمرا زرقته المخضرة بالأحمر
لا يطلب منكم بلح الغيمة
لا يطلب منكم فرح الطائر بالدافئ
لا يطلب غير مواصلة العزف
على إيقاع شقاوته
و معاكسة الزبد السري
لماذا
لا ُيترك هذا المتبقّعُ بالحبِ
كقلبِ رغيفِ الماءِ
يغامرُ بالعودة نحو أقاليم بداوته
قبل هطول مراسيم الجب.
* * *
جبلٌ
شاهقٌ بفحولته
عارمٌ بفحيح السكوت
يتقدم خطوته
فيموت.
* * *
الدنيا غارقةٌ
بنقيع تماثيل الآلهة البشرية
فيما
أعدل من عرفته جغرافيات الأرض
يواصلُ شربَ ربيع السم
إلى أقصى الكأسْ.
* * *
هي مسقطُ رأس الحرف
هي الوهمُ المكتظ بعاطفة الغيم
هي الشحمُ يزيّت مرآة الرمز
هي الهزمُ
هي المقبرةُ الأحلى
هم
أحفادُ عناقيد الزيف
و أبناء عماء الزمن المتخندق بالغفلة
أو برياحين ثبات السهو.
نراهم فوق كراسي الكلمة عور القلب،
حفاة الروح كقنديل الموتى
يبحث عن كفٍ لم تتطين بعد
الغيبُ امرأة
معمرةٌ كطقس الذبح
في تفاحة الأيام
تحترفُ الدماءْ.
هم
قاموس براغيث اللحظة
ينهمرون من القعر اللازب
في هيئة ما يقدر ان يكسر
قبل وضوء الصبح مخيلة الوعد
و كزيت الأكذوبة يطبخ وقتا مسلوقا
ينتشرون على زبد الكلمات
و يرتجفون
إذا سمعوا في رائحة القهوة
ما يشبه صوت الرعد.
الليلُ غلامٌ أخرس
و أنا
بين توابيت الليل
أحثُ الصمت لينطق بالمتحرّك
خلف جلود الغرفة
و أحث غزال الرجفة كي يحفر في ما لا يعرف.
هم
جلجلة الآتين
من الطمي الساكن ذاكرة النخل
يطيرون بأغنية الخفاش
إلى الوهم المستوطن خاصرة الريح
يزيحون الآن ألان الآن بقايا الفرح المتهدج في لحم الشارع
القناديلُ
تطلُّ الآن من غيهب حلمٍ
كشظايا نقطةٍ مارقةٍ في دائرة
و أياديها تدقُّ الوقتَ
كي لا يبلع الحوت مواعيد القمر
أي جدوى للتراتيل
و غصن الروح لا يذكر غابات المطرْ ؟
هم
غزلوا تاريخ القرحة بين زغاريد بيوت اللوز
و أعطوا المتدثر يوميا بحليب سذاجتنا
أن يمضي بالدوس علينا
في دهاليز القصبْ
دَخَلَ الخوفُ كقديسٍ من القشِ
تثنّى و تمنّى و من العاصي شربْ
في دهاليز الغضبْ
سارقُ النارِ الإلهيةِ
من تفاحة النارِ هربْ.
هم
فوق حرير الوقت القمري
غسلوا أسنان القطة باللحم الأبيض
مغلولةٌ لغتي
و قلبي جثةٌ
و يدي غبارٌ أحمق الساقين
يمشي في مزاريب الرصاص
مغلولةٌ روحي
و صوتي غيمةٌ في الحلق،
حلقي حجرٌ
و الأرض تبحثُ عن تعاويذ الخلاص
هم
أكلوا ضوء القلب من النصف الثاني في المقلة
هم
تاريخ القرحة في سبخ الرأس
يطلون على دمعتنا
برسائل ما يدعى بالعراف
يخفون عناقيد المرجان المتزمل
أثواب حضارات البحر
عن الفاعل في تشكيل إضاءات الأصداف
و في إيقاع شظايا المرواس
على أنغام خلايا الصوت
يسمون اللون الميت قانون الأطياف
الأطياف شظايا
صوتٍ عاش قبيل خصوبة ليل الطوفان
حاول ان يستفرد باللون
و ما زال يحاول أن يلغي
من خارطة النص ربيع الأبيضْ
هم
رائحة العار
الحامل كافور الجثث الملتحيات
على ضحك قواميس الجهل و موسوعات يقين السكين
ينادون الغابة كي تخلع أردية النهر
و تبعد عنها ورد العصفور
و لا تخفي داخلها جذر الصفصاف
ينادون الغيم
و يقتلعون القطرة
قبل تشكلها في أنسجة القولة
في شرق الليل
بغالٌ
كفحول القرش
تناطح في الشارع
رائحة الأخضر.
في غرب الليل
سماءٌ جالسة في لحية أحجارٍ
تدعو النخل إلى قطع الماء عن اللب
و تدعو الحب
ليستنكر عصفور الحلم.
هم
شهوات ثيابٍ خالية من جسد المعنى
رائحةٌ لا تعرف شيئا عن جوع الحنطة
أسنان
بيضاء الوجه
و داخلها فحمٌ حجريٌ
لو يترك سوّد بالسوء بحيرات صلاة العالم
اسكن في يأس حصاةٍ
تحلمُ أن تصبح سيدة الماء
هم
مشنقة الجمل المرفوعة فوق أداة الجر
بريئون كجيشٍ يغزو غرفة بيتٍ في جنح الهيل
نظيفون كوحل المستنقع
لا شأن لهم بعويل الكهل العاطل عن رائحة الكسرة
لا شأن لهم بمرارة عائلةٍ لا تجد الكوة في صدر العين
لا شأن لهم بمعاناة صغيرٍ يجمع في سقف الليل
بقايا علب البيرة
لا شأن لهم بمرايا قانون الأحوال الشخصية
لا شأن لهم بمريضٍ بيعت كليته
في سوق الزمن الأعور
لحن الحمامة في دياجير التحول
نحو عاصمة الضحى
يبكي على الطير الذبيح
اللحن منكسر الخطى
أنغامه جثثٌ معتقةٌ
و في الأعلى رماد الطير يبكي:
كيف لي أن أستريح ؟
هم
أحفاد سلالات القتل الأول
يرتفعون على عظم الشائخ في تشكيل
نوافير الحلم من الدمعات الأنثى
شجر الدمل
هذا المتفرّع في الشارع
مثل أحاديث السارس إلى الرئتين
يسمده الزيف
و يرويه العاطل عن تشذيب الروح
هم
محترفون بإقصاء الوعد عن الموعود
ينامون على الكنبات المغزولة من جرح الضعفاء
و يكترعون على خاصرة الليل إذا قتلوا
في الشارع حلم الآخر
سقطت خارطة الأسماء في نخلتها
سقطت في لجةٍ تبلع بالزندين تاريخ الشطوط
سقطت في خارج المعنى
كتفاح الأماني
عندما ينضج في غصن القنوط.
هم
زاد الجبانة
هم
لا شئ .... هنا
هم
لا شئ .... هناك .
* * *
إنه شهقة الليل
كالبحر
متصلٌ بسماء تجاربكم
أيها القادمون
على عربات الحروف.
* * *
يا أصل زيت الضوء
يا زهو الوريقة بالشجر
منكوبيا
منكوبيا
منكوبيا
- جائعةٌ في النهر
ضائعةٌ كأحلام الفريسة
في تفاصيل القمر
* * *
في ليل الليل النافر
مثل سماء الضفدع في سور الكف
أرافق نفسي
لسرير الحلم
و قبل هطول النوم
أغادرها
* * *
في عناقيد اللهب
صرخةٌ
شاهقةٌ في جوعها
تأكل ثديها أمام الشارع الوهمي
و الساطع يبكي:
غضبٌ
يأكل من صدر غضب.
* * *
و
من
انتم
دمٌ ثملا
كأن حديقةٌ في موتها
تبكي على ماءٍ تحجّر في عيون حداثة الزرنيخ.
مرتبكٌ نداها في عناصرها
كعريٍ شاسع الكتفين،
منتحبا يفتّش في حوافر غابةٍ خرساء
عن ورقٍ ليستر فصح رائحة الجريمة في خلايا الرس.
العويل القديم
يحرك أطرافه في الشوارع
يدخل قلب عجوزٍ فتطرده:
لا جديد لديك
دمٌ ثملٌ
كياء حقيقةٍ عمياء
مرتبكٌ صداها في تجمرها
على قيلولةٍ عن شمسها تسهو
تصحرها يشد حكاية الأسلاف من طاحونة الشفتين
يحذفها كقشر الماء في نهرٍ إلى جبانة الأذنين
يلهو كالبلادة في انطفاء الحس.
في الرياح التي تعبر الآن مخيلة العشب
بابٌ من الثلج، في الباب صورة وعلٍ
يخاطب ليل الخرابة عن لعبة العصر
في لحية المقبرة.
دمٌ ثملٌ
بقافلة الخواء، يطل كالغربان من روحٍ مكعبة الأصابع،
في حساسياتها حسكٌ يشرّعُ بابه الرملي للفتوى بقتل الحلم،
أو إدخاله كالدمع في روزنامة القتلى
الطيور التي تتدحرج من قرحة الحقد
في حلزون العواصم، تلبس حشدا
من العنعنات المعاقة. سوف تموت
على قشرة الأرصفة.
دمٌ ثملُ
و مرتعبٌ يسارع نبضه في مص أغصان الشكيمة
و التآكل فوق جريدةٍ أكلت مياه النفس
أي تورمٌ هذا
يدمدم كالشظايا في خلايا الشوك
يحلم ان يغير في الشوارع نمنمات الطقس
أي تورمٌ هذا
يحاول ان يكون محطةّ أخرى
لقنص كنايةٍ في غب ليل الشمس
أي تورمٌ هذا
يجادل شهوة الأنهار عن جدوى خطاها في دم الصحراء
يسأل بيضة العصفور عن مستقبلٍ يمشي برمح ألامس
يلبس التيس لحيته
و يقود عصاه إلى حيث طفلٌ
تسلّق أسئلة الأرض
يصرخ: انزل
من
انتم
أفاع ترتدي زيتون فرحتنا
تنام على الكراسي، ثم كالمعنى الذي لا يدرك المعنى
تجر الجثة الخضراء من جذر الحضارة أو خرائبها
إلى لحم الشوارع
أو
إلى فحم المواجع
أو
إلى وهم المزارع
أو
شحم المصانع في بقايا الليل
في الطريق إلى صمته الوهجي
انتهى زيته
سأل الشارع الدائري
و الرفيق المثلث في المستطيل
و قافلة السائرين إلى حجر المرحلة
لم يجبه أحد
يا أبناء من ولدوا على ريحٍ خلاياها
تقود الرعد نحو مدينةٍ لا يحتويها كهرمان النص
من
انتم
صدى جثث الهزائم
أو غرامٌ يغزل الموتى
إلى جغرافيا لا تنطق الأحياء
أو
انتم
فضا الديكور
يرفع قامة الوسخ الطري على غبار العقل
أو تاريخ سينوغرافيا الأجداث
ممتلئا
بمذبحة الطوائف في تخندقها
وراء حكايةٍ ضحكت عليها عاملات النمل ؟
جاء ليلٌ على هيئة الصبح
مرتديا قبضة ألامس
لون المطارق ضج من الابتسامات
صبح عريض الصدى ليس يعرف باب النهار
من
انتم
رجالٌ تشربون غشاوةً في شوكران القش
تشتعلون في نعش الوظيفة
أو تنادون القراد يلاعب القصدير في لحم الجرائد
أو
نساءٌ كالمراكب ما وصلن الرشد
اعرف
في شروق الاكتئاب حوافر السكين
تحفر في الصباح حضارة الأسلاف
عند الليل
تنهمر الكراسي باحتفال الزيف
تأكل ما تساقط من دم القتلى
و اعرف
للوظيفة طابع التسكين
يكشط في الوريد حدائق الأعراف
اعرف
للحقيقة لونها المسكوب
مثل الزئبق المقلوب فوق زجاجة الأطياف
اعرف
ليس للأيام ان تبكي على بعوضةٍ زرعت
خلاياها على ورقٍ
بتربته نما قاموس فعل الضوء
مرتعشا كأن الدمع في تجواله اليومي بين القلب
يزرع كوكبا في مهجة الأصداف
و يكون صباح المساء
و يكون مساء الصباح
و ما بين هذا و ذاك
تجئ النعوش إلينا
و تجبي من الساعدين لقاح الجراح
دمٌ ثملٌ
كوحلٍ في قميص فمٍ
يعيشُ على تورمِه
و يأكلُ ما تساقطَ من إضاءةِ سدرةٍ في القاف.
******
إصدارات الشاعر
( 1 ) الفصحى
- الرعد في مواسم القحط - البحرين - 1975
- نخلة القلب- بغداد- 1981
- هي الهجس والاحتمال - بيروت- 1983
- رؤيا الفتوح - البحرين / السعودية 1983
- تقاسيم ضاحي بن وليد الجديدة /البحرين 1982
- المزمور23( لرحيق المغنّين شين ) بيروت 1983
- للعناصر شهادتها أيضا أو المذبحة/ البحرين1986
- مشاغل النورس الصغير / البحرين 1987
- ذاكرة المواقد البحرين 1988
- مخطوطات غيث بن اليراعة /البحرين 1990
- واعرباه البحرين 1991
- مائدة القرمز- البحرين- 1994
- الوعلة بيروت 1998
- كتاب الشين البحرين 1998
- من أوراق ابن الحوبة - البحرين/ بيروت 2002
( 2 ) بالعامية
- أفا يا فلان * البحرين 1983
- الاشتراك مع الشاعرة فتحية عجلان )
- أصداف البحرين- 1994
- بر و بحر (مواويل ) البحرين 1997
- لولو ومحار_( الجزء الأول ) البحرين- 1998
- سواحل صيف- البحرين 20..
- برايح عشق - البحرين - 2001
- حوار شمس الروح - البحرين- 2001
- لولو ومحار( الجزء الثاني ) البحرين - 2001
( 3 ) مجموعات شعرية للأطفال
- أغاني العصافير-البحرين - 1983
- شجرة الأطفال-البحرين-1983
- قصائد الربيع-البحرين- 1989
- الأرجوحة-البحرين -1994
- الأصابع - البحرين- 1991
- أغاني الحكمة - البحرين- 1996
- العائلة- البحرين -20..
- أوبريت يد الغضب- البحرين- 20..
- الأمنيات - البحرين - 2002
نصوص مسرحية للأطفال
- مفتاح الخير ( شعرية ) البحرين-1984
- الفخ ( شعرية ) الإسكندرية-1989
- الأرانب الطيبة - البحرين -1990
- بطوط- البحرين-1990
نصوص مسرحية شعرية
- السمؤال- مصر-1991
- ثلاثية عذاري-البحرين-1994
- خور المدعي (عامية )- البحرين- 1995
- البرهامة ( مع آخرين ) بيروت-20..
إصدارات: مكتبة نون
الإخراج و تصميم الغلاف: الفنان خالد الرويعي
الطبعة الأولى: أغسطس 2003
ع. الإيداع في إدارة المكتبة العامة 3632 د. ع . /2003م