(مختارات من الشعر الفارسي المعاصر)
* ترجمة: ماهر جمّو
سُهراب سپهري
انكسار الحافــَّة
بين هذا الحجر ونور الشمس
تحوَّل الذبولُ إلى أسطورةٍ.
الشجرةُ سكبت لوحةً في الأبدية.
أصابعي تداعبُ أكثر الصخور حدَّةً
وشفتاي تبتسمان لبريق الشوكران.
أولستَ أنت من كان كلُّ هبوبٍ
يسكبُ بين أحضانه هديةً غريبة؟
- والآن كلُّ هديَّةٍ هي أبدية بذاتها.
- أولستَ أنت من رسم شكل العطش على حجارة أكثر الينابيع خفاءً؟
- هاهو ذا النبعُ القريبُ، يحطمُ شكل العطش في داخله.
- قلت إنَّ الشتلة تخافُ العاصفة.
- وها قد نمت أحدثُ الشتلات، والهجومُ تلاشى.
- أفاعٍ فاحمة السواد ترقصُ
وتغسلُ أجمل الأجساد العارية،
واللدغاتُ استحالت مداعبات.
................
رسول يونان
ظهيرة
لا نسيمَ يهبُّ
ولا غناءَ يُسمعُ
ولا البطلُ في القصة التي أقرؤها
يفعلُ شيئاً.
بطيئاً يعبرُ الزَّمنُ بدونكِ،
إنَّه بحاجةٍ إلى تشحيمٍ
هذا الدولابُ القديم.
...............
بيژن جلالي
( ***)
لمَ يطرقُ الموتُ باباً
كان مشرّعاً
في وجه الرّياح الباردة
على الدّوام؟!
(***)
فُتحَ فم ُ الصّمت
مرّةً واحدةً
ثمّ أُطبق،
وأنا أتمتمُ بهدوءٍ
ما سمعته.
(***)
أحدّق ،مثل طفلٍ،
في أعوامي السبعة والسّتين
فأرى شخصاً
لا أصدّقه
ولا أعرفه.
..............................
كيومرث منشي زادة
تحليقاتٌ عاليةٌ قصيرة
بلاغة "سعدي" في ثدييكِ
و الجحيم
في معصميَّ
ها نحن واستراحة الظهيرة
(الظهيرة التي تجتازنا
تعبر فوقنا
تعبر منّا.
لو كنتُ أملك مسماراً و مطرقة
لسمّرت
الظهيرة
على السماء)
بيننا سماءٌ
يحيلها رماديةً
جناحُ لقلقٍ...
أيّ قوس قزحٍ
سينطلق من جناح طائرٍ أزرق
إلى السماء
لازوردياً
نديّاً
و لازوردياً؟
***
بعدكِ كئيبةً تعبرُ
السماء
و الظهيرة
عاديّةً تنقضي.
.......................
أحمد رضا أحمدي
في هذه المياه...
كيف لي أن أحدّق في هذه المياه الموحلة،
الموحلةِ والمكدَّرة..؟
ذاويةً وملولةً تمتدُّ نظرتي نحو أوراق الخريف،
نحو ثمار البطّيخ الأحمر،
نحو نجمةٍ بعيدةٍ توهبُ إليّ..
أحمل النجمة إلى البيت
لأخبئها بين الملاءات البيضاء..
من وراء النافذة جاري يراقبني،
أهدي النجمة جريحةً إلى الجار،
الجارُ يداوي النّجمة
ويطلقها في السَّماء..
لكنّ النجمة تسقطُ في حديقة البيت
قربَ البنفسجات الرّبيعيّة،
الجيران جميعاً يتوافدون إلى حديقة البيت،
وندفن النّجمة فيها..
* * *
كيف لي ألاّ أحدّق في هذه المياه الموحلة،
الموحلة المكدَّرة
فليس ثمة نجمةٌ في السَّماء
ولا جارٌ في البيت..
الحديقة متروكةٌ في باحة البيت
ترابها يميدُ ويضطرب،
الورود تتفتّح في الحديقة
بألوانٍ فضّيةٍ باهتة
لكن
لا الشتلات لها اسمٌ
ولا الورودُ الفضيّةُ الباهتة.
..................................
زُهرِة زاهدي
بريقُ الدمع
لستَ بعيداً جدّاً...
إنها مسافة بضعة نجومٍ وحسب
إلى ليل نومك.
الشمسُ أيضاً تبقى ساهرةً
وينشبُ بينها وبين القمر شِجار.
لا مرئيةٌ أنا؛
وسط كلّ هذا النور
أنظرُ إليك وحدك،
عسى أن تصلكَ ومضةٌ من بريقِ دموعي،
عسى أن تصلك.
-------------
*شاعر ومترجم كردي سوري