توماس سالامون
(سولفينيا)

ترجمة: اسكندر حبش
(لبنان)

أرواح أصدقائي منسوجة حول الكوكب ولد توماس سالامون العام 1941 في مدينة زغرب في كرواتيا لكنه نشأ وترعرع في مدينة »كوبر« في سلوفينيا. أصدر في شبابه مجلة »أبعاد«، وهي مجلة ثقافية وسياسية تقدمية كانت السبب في توقيفه من قبل السلطات الشيوعية. يعتبر وجها كبيرا من وجوه الحداثة الشعرية في »أوروبا الشرقية«، وهو ينتمي إلى ذلك الجيل الذي ضم جوزف برودسكي في روسيا وآدم زاغايفسكي في بولندا.
أصدر أكثر من ثلاثين ديوانا شعريا حصل عدد منها على بعض الجوائز الأدبية.
يونس
كيف تغيب الشمس؟
مثل الثلج
ما لون البحر؟
شاسع
هل اتسخت بالملح يا يونس؟
اتسخت
هل أنت راية يا يونس؟
أنا راية
تغطّ عليها جميع الحباحب

كيف هي الحجارة؟
خضراء
كيف تلعب الجراء؟
مثل الخشخاش
أأنت سمكة يا يونس؟
أنا سمكة
أأنت توتياء؟
أنا توتياء
اسمعْ هذا الحفيف

يركض غزال في الدغل، ويونس هنا
أرى الجبل يتنفس، ويونس هنا
يونس، هي البيوت كلها
أتسمع قوس القزح هذا؟
كيف هو الندى؟
أتنام؟

أندراس
يتقدم أخي عاريا، جميلا مثل نبع بتول
في الصالة وبحب يقتل الحمل:
نأكل ونحن نفكر في اللوحة.
تصدأ الزلاجات خلال الصيف، تخور السماء

وتتموضع الرطوبة، تهب الأرض ثمار الفريز.
الجنود، واقفون بين النرجس
جائعين، وليل أصفر،
واضحون، واضحون هم الحراس؛

الستائر مسدلة ومقفلة
تقودنا الإشارات نحو الجبال، إلى غابة ترنوفو،
آه يا كافن، أيها الهواء المليء بالملائكة

ائتمان الجيش، الخبز، الخبز
آه يا سيبيل، لون مكثف، مدلوق،
رغبة ثابتة، مستقرة.

شعبي
وحش هو كل شاعر حقيقي.
الصوت يدمر الناس أيضا.
يبني النشيد التقنية، التي تدمر
الأرض كي لا تلتهمنا الديدان.
يبيع السكير معطفه الواقي.
يبيع الداعر أمه.
وحده الشاعر يبيع روحه، كي
يبعدها عن جسده الذي يحب.

عشب
أرغب في أن أكون محبا لدرجة أصبح فيها إلها
وأن أكون نفسي، ضائعا ومنسيا
أكتب القوافي، لأني زهرة صبّار
الإنسان رطب تجاه الإنسان
لهذا يقبله على فمه
وحدي، لا أجيد تحضير القهوة
ومن الصعب أيضا العيش معي.
تعاني ماروسكا من ذلك، أم آنا فلا
مثل نمر أرمي الأسطوانة
وألعب به بكسل، محددا ارتفاعه.
لكن، ليس للنمر يدان وهو لا يدرك ذلك
لا يمكنه التصرف، للنمر أنياب وقلب
تجتازني أنهار وتخصبني
وكل شيء ليس سوى عشب، عشب أخضر.
حين أكون تعيسا، أنهض
وأقوم بجولة حول العالم.
لم استعد أبدا للموت
لكنّ باستطاعتي احتساءه في أي وقت
مثل الحساء الذي تعده لي مربيتي
على الموت أن يتنشق مثل شلال
على الموت أن يتنفس مثل والدتي.
لا شيء مريرا يجر نفسه خلفي
أبلغ اليوم أربع سنوات
أربع سنوات ونصف
وأنا ابن الذي أحبه
لو كنت أكثر شيخوخة، لكان عليه أن
يبلغ أكثر من اثنين وعشرين عاما
وأرغب في أن يبقى شابا للأبد
وجميلا ورهيبا، كما هو اليوم
لذلك سأبقى للأبد بهذا العمر
أنا روسي لأنه روسي.
أحضرت لي سيندي القهوة لأني مركز جدا
لدرجة أني أشع في جميع أرجاء المنزل
حتى في الحديقة، بين السناجب، التي
تلهو آنا معها، حين تصل برفقة ماروسكا بالباخرة
سنحيا وسأقول:
لا توجد أفاعي البامبا في أميركا.

حياة الشاعر
فتّت الحب جميع نظرياتي.
التهمتني النجوم.
بدون اسم، مثلما تمنيت ذلك دائما وبعنف
أنا نور، شعاع ضوء مرتب.
ساحرة حقا هي الطريقة التي تلتهمني بها الكواكب.
أيضا وأيضا، قوت لا ينفد أبدا
ومن ثم، »باف!«
ألمس خصلة شعر
باف! أكتب قصيدة لأبعد الأبدية.
كما الآن هنا: حصن يادو من أجل
تجديد العالم.
أتأمل شجرة: أرى، أحس، أعرف
أحب ماروسكا، وماروسكا تحبني.
تحط دعسوقة بصخب على كتفي.
إنها آنا.
إنها ترسم في هذه اللحظة أو تتنزه
مع والدتها
وهي تتعثر في المستنقعات الصغيرة وتقول:
»لا عيد مولد لي حتى عودة توماس«
ويرمي عصفور جميل، متعدد الألوان، بنفسه على نافذتي،
أرواح أصدقائي، منسوجة بخيط حنون حول الكوكب.
لا أحد يغار من احد
لأننا عشاق كلنا.
من ثم أرسل عشرة رسائل، رسائل حب فقط
بعضها نحو بلاد تقع خلف المحيط، بعضها الآخر
ستبقى في هذه الأرجاء.
نولد في الشعر عبر الاحتكاك الجسدي مع القراءة.
سحقا! سحقا! نغور في الشمس
يمضي المر بسرعة وفق الفلاسفة
يعتقدون أننا مختلون قليلا، بسطاء جدا
لأننا نتحدث بلغة الأطفال
إيه! أنتم، أيها الأغبياء، أيها المشاؤون البلداء!
ألن يكون العالم أجمل
لو كانت علاقتكم بأسيادكم أكثر حسية؟
بوم، بوم. تمطر قبلات الشعب فوق رأسي
يرتعد منها
آمل أن أتحمل الصدمة
أن أستطيع إعادة كل هذا الحب للأبد.

السفير
1 اغسطس 2008