(قصائد مختارة)
ترجمة: كاظم جهاد
(العراق/فرنسا)
ولد الشاعر الفرنسي بيير جان جوف Pierre Jean Jouve عام 1887 وتوفي 1976 .
مزج في شعره معرفة عالية بالتصوف المسيحي واهتماما دؤوبا بالتحليل النفسي، وموقع صوته، الثري بكل إنجازات الشعر الحديث منذ رامبو حتى معاصريه، هو في جدل اللذة والاثم، اليأس والخلاص، الارتكاس وحاجة الروح الى علو. وضع عددا من الروايات منها" بولينا "1880" في 1925، ومن الدراسات منها " دون جوان موتسارت" ( 1942)، و"قبر بودلير" (958 1 ) ' وله كتاب هام هو بمثابة وصيته الشعرية " في المرآة ". من أهم دواوينه ، التي ألقت تأثيرها الواضح على شراء تالين عديدين ، من أهمهم إيف بونفوا، " أعراس" (1931) و"عرق الدم " ( 1933) و"مجد" ( 1942 ) ، و"عذراء باريس" (1944)
***
من مجموعة "أعراس "(1925-1931)
(فكر ، مقاطع )
وقع فكر الشاعر صدفة على المقولة القديمة من "سفر الجامعة ":
"الكل باطل وقبض ريح"
فكر قليلا بشمس شبابك
هذه التي كانت تسطع في سنيك العشر
يا للدهشة هل تتذكر شمس شبابك
لو ركزت حدقتيك
لو ضيفتهما
لرأيتها من جديد
كانت وردية
كانت تشغل نصف السماء
تقدر أن تحدق بها مواجهة
دهشة، لكن لم، كان ذلك طبيعيا
كان لها لون
كان لها رقص وكان لها رغبة
كان لها حرارة
سهولة خارقة
وكانت تحبك
هذا كله، الذي في منتصف عمرك أحيانا فيما تجتاز
بالقطار الغابات صباحا
تحسب أنك تتخيله
في ذاتك
في القلب الشموس القديمة محفوظة
لأنها لم تبرح مكانها هي ذي الشمس
أجل إنها هنا
لقد عشت لقد سدت
وأضأت بشمس جد كبيرة
إنها ماتت وا أسفاه
أبدا لم تكن
آه تلك الشمس تقول أنت
ومع ذلك فقد كان شبابك شقيا
لا حاجة لأن تكون ملك أورشليم
كل حياة تتساءل
كل حياة تستفهم
وكل حياة تترقب
وكل أمريء يعيد الرحلة كل شيء محدد
فأنى لنا أن نبصر أكثر
وقد ابتكرنا المكائن
جاءت محطمة كل شيء ثاقبة الأرض الهرمة آهلة الهواء
الأقدم
موجات أشعة محاور لماعة
وها قد أصبح سلطاني رهيبا
حصاري أيضا
قلقي
ما عدت لأثبت فى مكان
أبحث. . أصير
لم يعد لدي سني الحقيقية إني أعبث بكل شيء
لكن، يا إلهي، هي ذي الحرب العتيقة عادت بالكاد
تغيرت
ليس للدم البشري سوى شاكلة في الجريان
وليس للموت في سعيه ألي خطوته نفسها دائما
هل تغير قناعة إنه من الشمع
انكمش الفضاء هل روحي أكثر جدة
لن أقول أنني أؤثر
كلا، لن أجرؤ. . .
هذه المدينة
هذه المدينة التي نتذكر كأنها لوحة مظلمة
أترونها تدخن حيثما الأرض مستوية ؟
آه حذار أن تغادروا زهر هذه الجبال
في كل مكان آخر نسجن حتى نموت.
يرى
أشجار التفاح مزهرة
الجسد والصبح
ويسوون من الرواق المزهر طريقا لمريم
لكن لا أحد؛ صاف هو الهواء
والأرض مهيأة، لكن لا أحد يأتي.
العصر المجيد
فلنهربن الى الوطن !
حياة عارية تماما من الصباح الى العشي
وصور نبصرها في الغياب
ومن دفء الفم الى برودة الأرض !
ذلك الذي منه جئنا الى هذه الأضواء
الوطن العزيز الذي يحتضن الأب.
الكوكب
أذكر أن كوكباً كان يشع في الشتاء
عالياً فوق الضباب المنتشر وفياً،
إن نهاية كان يمكن أن تؤمل لهذه الصورة
الشريرة وأنني لم أعد لأنتظر
قبل خيام الصيف، خفيف الأثواب
وأن شيخاً عزيزاً كان قد بدأ يحتضر
وأن كاترين كراشا (1) كانت في الطرق تقتل.
[ العشب أخيرا... ، ](2)
العشب أخيرا ذلك أن العشب ينتصر ورديا وأخضر
الجبل من عشب ومعشبة هي الشطوط
السهول منذورة للعشب وفولاذ المدن
عشب أيضا؛
عشب الصديقة المرهفة للعشب أخضرين أزرقين
انظروا هذه السماء الرائعة مستقيمة وزرقاء
ربما كانت خضراء والعشب أزرق.
الحمامة
تحت سماء الخريف الناشف بالغة النقاء
يمشون خفاقا؛ والريح تعبر
ويالها سعادة أن تسمع آنذاك
هسيس أوراق الذرة القاطع
وغناء النبات الليفي
واللازوردي :
شبيه هو بانبعاثات البحر
النائي ، أو انبعاثات المجالد
الدانية، مع ذوبانها المتوحد.
ذلك أن الحمامة في مرة أولى
حملت العلامة الإلهية: غصنا حقا
من زيتونة الأرض الحق، وبعد ذاك،
وقد اندفعت في المغامرة، لم تعد الحمامة
أبد ا.
على سماكة الشيء
على كل سماكة الشيء المؤتلق في البعيد
وعلى القلب النابض إزاء القلب في منتصف الليل
وعلى روح المياه وروح الأقمار
الجنائزية للبرك غير البعيدة عن مدافن
حبيبات كن بالأمس ممتلكات وعلى أطيافهن
وعلى الكشح الأخضر للمرج وفي شجرة الجوز
المهجور ة. . .
الأفكار
آه يا أبا الأفكار
يا من تتراءى سماكته بعيدا في الريف
وتتلألأ تحت أجفاننا بمساواة حتى تبلغ
الفكر المليء بأشباح الولادة
هذه الآلهة الضخمة
جسدها عدد، حب، وفطنة
وخواصرها الهوائية تتلألأ بمساواة، بثقة:
يعيد خلقهن الفكر والى الأب كل شيء يرجع.
دموع
دموع كثيرة تصل الى البلاد
تذرفها الغيوم الشمالية
التي تمر بالحدائق، هذا البكاء كله
تستعيده مآقي الإنسان وبدورها [تذرفه ]
على كابان وعلى آثام
متبوعة بمقاتل فظيعة لفتيات
وما يزال يحس بالحقيقة في
دمعة، هذه القطرة اليائسة التي تشع.
دمعة
ما تنشره العين لؤلؤة ظل
حارة مع نار تنطفئ في
أبدية هادئة: فوق الغبار المبهم وعلى الحجر،
والحقول، والإسفلت والهواء،
أو المنديل الفقير في أيد مرتعشة
وهي تبقى إذ يتمخض عنها الموت
الأساسي والذي من الداخل يكبر.
العالم المحسوس
الروح وحيدة فوق العالم الأزرق
للأرض الجميلة والحيوانية بلا فضاء.
ذات يوم الأرض المتحركة
مع الألوان، والنسائم، ورائحة العضو الجنسي والفصول
والضحك الذي، كالكلام، ليس يعود
والأشجار في حوافها السيدة
وتحت الحرارة الشاسعة لجهود
العابر أو المسافر،
لا تعني شيئا للروح المظلمة التي تخطو
صوب سلطان آخر ولمسة أخرى
لعبادة
داخل نابضه الأعمى؛
ولكن في أيام أخرى
كل شيء واحد، وواحد في واحد، وكل في واحد
وواحد كذلك في الله
والله حاضر في جذع الشجرة الميتة.
****
من "عرق الدم" ( 1933-1935 )
أيتها الشجرة العارية
أيتها الشجرة العارية اللهامة،
آه يا أما ويا أرضا ويا موتا !
يا ظل حكاية طويلة، يا فما داميا.
أشبعي وأديني الإنسان، هذا القلب الطويل
الصابي الى الموت داخل كفك الدبقة.
[وحول، رباط ساق]
حول رباط ساقا عمل الجسد،
الكنيسة برج سامق صوب السماء
في حديقة عمومية لا شيء سوى المأساة والجراح.
يغسل العرق أعضاء التماثيل
عندما تفكر بنفسها تحت البراقع.
رجل تطارده الحرب
ويفكر بأن الحياة إن هي إلا جرح وثغرة.
[أيها الجنس المر لم أرك عبثا]
أيها الجنس المر لم أرك عبثا. ظهر المرأة
البادي متلألئا. صمت الطيور
فوق ذلك النهار المشهود في الظلمات العذبة.
يا معجزة الصوت، آه لو دام صنيعي،
هل طلعت من هذه الشروط القفراء
التي كانت تتسبب للروح بوجع لا أكثر نقاء منه ولا أشد.
ابتسامة داعية[
كانت فوهتها ابتسامة داعية،
ملوثة غالبا لكن حمراء من جديد،
هذه الجميلة بروعة كان لها على النافذة
يدان بعشر أصابع تلوح للعربات
لاجتذاب رجل الساعة السادسة
جاعلة الموت يتمهل في الخلف.
خارج - ارضي
لا شيء سوى ليل مظلم
والموت يعرض نفسه في المرايا الخفيفة
لفجر يوم مقبل.
لا شيء سوى آيل يحتضر على الصخر
الروحي ويد فوق العينين الجريحتين
وسوى خصلة على العلباء، وأنت، يا يسوع الأزلي !
هذه هي في العمق، يا أيل الليل،
العنايات الإلهية التي تسخر
لتحويل القلب الفقر الى حياة
]الأيل الفاسد [
ينفق الأيل الظامئ في عويل الصخور
فوق بلد خطاياي كله. ليس لدي
أي شيء لإنعاشه، ولا لمحبته.
ولكنه عاشقي الرائع. صرخته
من قبل تنتشلني من هذه الحياة التي تذبل.
] يولد الأيل [
يولد الأيل من الفعل الأوضح
من اللا - إنسانية المعثور عليها، وكآبتها
من الحرارة المتطرفة في كشح هذه الجبال الجليدية
ومن السيل صاعدا قلب هذه الصخور.
] يظهرالايل [
و يظهر الأيل في المدن
بين البارات والجداول
غير مميز تحت قنديل الزئبق
عندما السماء، حتى السماء تهىء للحرب
] الموت [
الموت
الذي صنع من المرء الذي ترون،
عد و ورحه،
في ذاته، إذ قتل الشخص المشين،
سيرى نفسه مستخدما من لدن الروح أخيرا.
الحصار
انبعاثات الصمت
المهانة أمام الرفض
فظاظة المنع، المتكبدة
أدراك التناهي المهجور.
والحضور المبهم أمام الشيء المجهول
يتوتر ويحوم ويغوص !
حالة قاتلة تمنع الموت.
وباحثا عني وحدي، وعن موتي،
يبعد العدم العلاقة بالله.
البلور
و أريج حريق الجنينة المحروقة
للعالم البدائي الموازي للعالم
بلور العالم، أزرق وسماوي.
لكن الأيل هو العاشق المقيم عن الحديقة
وعن بحر الوجود، الرائع.
عن الإله -1
فلأعط دمي، وسأرده إليه
ولتبلغ حسرتي الأخيرة عبر هذه المفاتن
للجبال للجسد واللازورد،
التي تعرفها الشفاه،
لتبلغ حيويتك واحدة وخالدة.
وليقدر جدول من الدم
سائل على الحجر المبهور للعالم الجميل
عالمي، أن يفتديني لأنني بكيت.
عن الإله-2
" آه يا حبيبي، إني
من أجل حبك لأرضى
ألا أرى هنا عذوبة نظراتك
إلا أحس بالحمية لا توصف لقبلة
لفمك؛ لكنني
أتوسل إليك أن تحرقني بحبك. "
النور في غور الكهف
النور في غور الكهف الحي
رائع وبعيد عن موادنا الثملة
بنات البراز والجريمة؛ النور
من الكيان العاشق يأتي سحيقا ومنقذا
ويلمس شياطيننا مع أن مشهد
إله الابن والإنسان ما عاد جليا
ولا كاملا بعد ما كأنه في الكون.
في النهار المزق الكبرى
في النهار المزق الكبرى لفرح النهار
ونهر الموتى المرئي بصفاء
لكن في الليل الرد الجنائزي
ذلك أنا سنكون عما قريب كتلا بأية حال
تحت القبور المغسولة بالمطر والسخام
بنفسج وهمس. سيصمت من كان
قول: المزق الكبرى لفرح
النهار.
الصرخة هي عيناك
الصرخة عيناك والأمل مجدك
في انتفاش شعرك قوتك
قبلة جرح فمك
وسلامك انتثار خواطرك
ومزق الجسد المعبودة طويلا.
ملكة سبأ
تعتمر ملكة سبأ تاجاً خضر
أهو من الحب، أم من العار، أم من العار والحب ؟
هو من هذه العجائب التي امتلكتها
عندما ماتت
من عاصفة صور الملاك.
عرق الدم
العلبة مغلفة بورق بني جد مبتذل: من شق ورق هذه
العلبة تخرج قطرة من الدم، حمراء دائرية ومؤتلقة، شفافة
كذلك تنزل على طول العلبة تسقط تسقط ولا تتشوه؛ في
الشق يبر ز الأخدود الدامي النحيف الذي هو بطول
العلبة والذي يزداد حدة بلا انقطاع لكنه لا ينزف إلا
على السطح.
الى امرأة
كنت سأود لو سرت طويلا بين الأنقاض
اكتشف جسدها الدامي أبدا
الذي في شفافية القمر؛ ينضح
جهدا دائما للزغب وللحرارة.
- بطلة إحدى روايات الشاعر، غالبا ما تعاود الظهور في قصائده. وهي لديه تجسيد للأنثى في عديد حالاتها (المترجم ).
- جميع القصائد غير الحاملة بالأصل عناوين في هذه المختارات، نضع للإشارة إليها، وكما هو معمول به عادة، بيتها الأول بين قوسين كبيرين (المترجم ).
عن مجلة ( نزوى)