ترجمة: حسن ملهبي
بذخ
كان الصيف يغني على صخرته الأثيرة حين بدوتِ لي، كان الصيف يغني بعيدا عنا، نحن اللذين كنا صمتا وودا حرية حزينة وبحرا أكثر من البحر الذي يلهو رفشه الأزرق الطويل عند أقدامنا.
كان الصيف يغني وقلبك يسبح بعيدا عنه، كنت أقبل شجاعتك وأصغي لارتباكك. وعبر الأمواج الخالصة ثمة طريق إلى قمم الزبد العالية، حيث تشتبك الفضائل القاتلة بالأيدي التي تحمل منزلينا. لم نكن ساذجين. كنا محاطين بعناية.
مرت السنوات. ماتت العواصف. رحل العالم. وكان يؤلمني الإحساس بأن قلبك حقا لم يعد يراني. كنت أحبك. أنا الذي لا وجه لي، الفارغ من أي سعادة. كنت أحبك، متغيرا في كل شيء، وفيا لك.
***
عمال الجسر
لابد للحقيقة من ضفتين: واحدة لرحيلنا و أخرى لعودتها. إنها طرقات تشرب ضبابها. طرقات تبقي على ضحكاتنا السعيدة سليمة. ومنهوكة أيضا، تكون منقذة لصغارنا السابحين في مياه متجمدة.
يتقاسمون الذكريات...
هؤلاء الذين يتقاسمون ذكرياتهم،
تستبد بهم العزلة ثانية، كلما ساد الصمت.
والعشب الذي يداعبهم، قد نبت من وفائهم.
ماذا كنت تقولين؟ كنت تحدثينني عن حب سحيق البعد،
حتى إنه يعود إلى طفولتك.
حيل كثيرة تعتمل في الذاكرة.
هل كنا بكل هذه الهشاشة؟
لو استطعت الوعد دون أن تذهبي، أيتها الحياة الجميلة!
حان الوقت، وينبغي الوفاء !
عليك أن تتغيري أو تنطفئي إن كان كل شيء في البدء نارا ؛ أمام عيني تموت السمكة متصلبة و مقوسة ؛
قلقي، هذا الحاضر غير المكتوم، يستطيع أخيرا الركض
خارج ذاتي
أحزره متنفسا للمرة الأولى.
الفراشة الرشيقة السوداء ترتفع أمام ساقي مرفرفة ؛ و في أقاصيّ حيث لا تتيه شمس و لا ليل، أسمع ألف لحن لأغنية و هي تقضم أظافر النوم.
سهل موهوب لهؤلاء الذين يحاربون، رغبة متوترة البرق الموالي،
هذا الجسد الكسول يتوقف يهوي
ويعود إلى براعمه
على إيقاع كراهيات كبيرة.
هذا الدخان الذي كان يحملنا...
هذا الدخان الذي كان يحملنا، كان أخا للعصا التي تزعج الحجر وللغيمة التي تفتح السماء. لم يكن يزدرينا كان يقبلنا كما كنا، جداول نحيفة يغذيها الأمل والاضطراب، برتاج على الفكين وجبل في النظرة.
***
مارثا
مارثا، يا من لا تستطيع هذه الجدران القديمة احتجازها، يا ينبوعا تتملى فيه ملكيتي العزلاء نفسها، كيف بإمكاني أبدا أن أنساك مادمت لا أملك منك ذكرى: أنت الحاضر الذي يتراكم. سوف نتوحد دون حاجة لان نقترب، لأن نتأهب مثل نبتتي خشخاش تصنعان بالحب شقيقة نعمان عملاقة.
لن ألج قلبك لأحد ذاكرته. لن أمسك فمك ثانية لمنعه من الانفتاح على زرقة الهواء وظمأ الرحيل. أريد أن أكون لأجلك الحرية وريح الحياة التي تعبر عتبة الأبد قبل أن يصير الليل متعذر الوجود.
عن أيلاف
السبت 9 ديسمبر 2006