I
أخفضُ الآن جنحيّ للصرخة
أضحكُ الآن كي أجرح الآخرينْ
وأطاردُ ما شئتُ من شجراتِ البتولا مدّججةً بالملائكِ والحاصدينْ
أعاتبُ: عودي..
أعاتبُ: ملغومةٌ شرفاتي، عودي..
فتغلقُ أغصانها وتطيرْ.
وأطاردُ ما شئتُ من حجلٍ تتقاذفهُ الجالياتُ،
أعاتب: عودي
لنسقط في شَركِ السائحينْ،
أو لنسقطَ في ثورةٍ مثلما يسقطُ الثائرونْ.
منذُ ودعتكم والسفارات تمتلئُ،
البارُ يمتلئُ،
الحربُ تمتلئُ،
الحلمُ يعلو ونارُ السفيرْ
تتهجّى مواقدَهم واحداً واحداً..
(هل أكونُ السفارة كي تطمئنَّ حقائبهم
والطرودُ التي تحتوي رأس طفلٍ؟..)
عرفتُ الجنادبَ غاديةً والغديرْ
يتخبّط كالديكِ في مائهِ.
II
وأخيراً
أشهدُ مسرى الوردةِ في حنجرة المحيظاتِ وأجرفُ ناري
وجسوري
استبدلُُ واجهة البحر بتابوتٍ
وأقيم الحفلاتِ على شرف الموجِ المدحورِ
وأعلّق نوّاساً بين الشّجرِ
وأعلّق نوّاساً بين الله وبين الناسِ: انتظِروا
لأعالي الصينِ تغيبُ،
وصاريةُ القفقاسِ وقزوينَ تغيبُ، وأدخلُ ساعاتي
تحتَ لواءِ الثلج المحلولِ ومخلوقاتِ العنفِ على ملأٍ يحلجُ أغصاناً داميةً ..
أعلنُ :
هذا مسرايَ،
مزجتُ لكمَ لبني ببيارقِ بيزنطةَ،
هذا مسرايَ ومسرى القبرِ المركوزِ الى جانبِ جذعي،
هذي مقصلتي الخضراءُ،
وتلك جسوري
تدخلُ حاملةً قبّعةَ اللهِ إلى ملكات المطرِ.
III
وأخيراً
عوّلتُ على سنبلةٍ أنشرُ فوق عوارضِ ثدييها جسدي وثيابي
وأنام إذا لزم الأمرُ، ولكنْ
كشفوا الايام معي حاشيةً وجنودا
فأغاروا من شِقِّ اليقظة يستعرون وعادوا هاوية ونجودا
تسترِ خصُها الطيرُ وتُنذرها بمضاربِ أعشاشٍ؛
كشفوا الأيامَ معي وتغاضوا عن بيرقِ سفحٍ يبكي،
وجذوعٍ تبكي..
وأنا أبكي،
أشتاقُ وأبكي،
أشتاقُ وأشتاقُ وأشتاقُ،
وأطلب من ورقِ الاجسادِ مراكب للسّفرِ.
فلتترجّل آسيا عن صهوةِ أحجاري حين تعودُ الأسرُ الملكيةُ
عبر مضيق الجرح وتشتاق وتبكي،
حين أدِّبجُها حاشيةَ لرسائلِ ميعادي وأنام على فخذِ النهر
فيسفحني النهرُ،
ويملأُ بي دورقَ أسلافي، ما خلفَ الاسلافِ وخلف البعثِ:
أنا النَّبْضُ ولا ثالثَ لي
فلتترجّلْ آسيا
باسمِ الجرثومةِ،
باسم الصّندل والحجلِ اللاهثِ، باسمِ الثمرِ
أترجَّلُ،
فلتترجّلْ آسيا عن هذا الحجرِ.
IV
أَعدْ..
أنتَ ودَّعتنا، ماسمعنا،
وكانتْ يداكَ سماويَّةً والضميرْ
مهرجاناً؛ سمعناكَ في البحرِ، قلنا اصفى جهةً.
ماسمعنا..
سمعنا..
-: جاءَ مرتعشاً واختبأنا، بكينا معاً..
-: جاءَ مرتعشاً جارحاً
أيقظَ العسكريَّ وتابوتهُ..
-: جاءً كالمستجيرْ
رافعاً وجههُ، مالئاً راحتيه
بالمياهِ وخوفِ المياهِ وريشِ الصقورْ.
V
كلُّ دمٍ يهذي.
كلُّ خليجٍ يستدرجهُ الماءُ الى الغبطةِ يهذي.
رئتي تستقبلُ أشجاراً وسواحلَ تهذي..
لو ينهضُ واحدكم ويدلُّ عليَّ متاهي
ويدلُّ الغابةَ؛ لو يتعلّقُ بي ويعلّّقُ في جفنيَّ زماناً وبلاداً
في دورقِ هذا السّعفِ القتالِ،
ولو يشهدُ واحدكم،
نصفُ الواحدِ،
ربعُ الواحدِ وامرأةٌ كي نركضَ في ثورةِ قومي من عاصمةٍ
للبحرِ
لعاصمةٍ
للبحرِ
لعاصمةٍ..
ها أنذا أركضُ،
ها: تنشقُّ مياهي،
يترنَّحُ طابورُ الجندِ وينفصلُ الذّكرُ المختومُ بأنثاهُ عن الثورةِ،
أركضُ في ثورةِ قومي.
15/7/1972