د. فيليب سالم: قطعنا نصف الطريق للقضاء على السرطان

صالح العزاز
هيوستن

لا تزال معركة الطب مع مرض السرطان، إحدى المعارك الحيوية، مثل معركة أميركا مع الإرهاب. تنام وتصحو على المفاجآت والتوقعات، لكن حسابات الأطباء والعلماء في هذا الجانب، تبدو بكل تأكيد أكثر إنسانية وأخلاقية.
وأنا هذه المرّة، أجمع الصفتين، المريض والصحافي، أي أنني في عين العاصفة بشكل حقيقي، يثير انتباهي كل ما له علاقة بهذه المعركة الطويلة والمستمرة منذ أكثر من ثلاثين عاما. قال لي مرة في حديث مشترك البروفيسور فيليب سالم "إذا قدرنا رحلة الطب مع هذا المرض بعشر نقاط، نكون الآن بالنقطة السادسة!، لكن هذا لا يعني أن ما تبقى سوف يحتاج إلى الوقت أو الجهد نفسه".. قال لي "أنا متفائل جداً".
ولأنني عشت وما زلت أعيش هذه المعركة وهذه التجربة، وقد استفدت من الطب الحديث، وأشعر أنني في المرحلة الأخيرة من رحلة الشفاء، ومن باب الشكر للّه سبحانه وتعالى والاعتراف بفضله وكرمه، رأيت أن أقدم من هذه التجربة ما يمكن أن يُساهم في إشاعة الأمل والمعرفة لمساعدة الذين يتعرضون لهذا الألم. ولهذا الغرض انوي إجراء سلسلة حوارات حول هذا الموضوع مع الطبيب البروفيسور سالم الذي أشرف على علاجي ولا يزال، وهو الذي يعد علامة مضيئة في هذا المجال، إذ يترأس برنامج الأبحاث السرطانية، في مستشفى سانت لوقا في هيوستن، وبروفيسور في طب السرطان في جامعة تكساس، بل سأفعل أكثر من ذلك كلما كان ذلك ممكنا.
وبمناسبة مشاركة البروفيسور سالم في المؤتمر السنوي للجمعية الأميركية للأطباء المتخصصين في معالجة الأمراض السرطانية، الذي انعقد الأسبوع الماضي في اورلاندو ـ فلوريدا، طلبت من طبيبي، أن يعطيني إجازة قصيرة مثل استراحة المحارب من رحلة "الكيميوثيرابي" اليومية، لكنني طلبت منه جرعة بديلة وهي أن نجري هذا الحوار لعله يؤسس لسلسلة الحوارات التي ستشمل الجوانب العلمية والفلسفية والنفسية لهذا المرض.
وسيكون من المفيد جداً، مشاركة القرّاء بأي سؤال يعنيهم في هذا الموضوع.

* دكتور سالم: هل هناك جديد هذه السنة في المؤتمر السنوي للجمعية الاميركية للأطباء المتخصصين في معالجة الأمراض السرطانية؟

ـ الجديد هو الاهتمام الكبير الذي يوليه المؤتمر للمنحى الجديد في تطوير أدوية حديثة قادرة على التمييز بين الخلية السرطانية والخلية السليمة. إن معظم الأدوية التي نستعملها اليوم لا تميز بين الخليتين، لذلك فهي تقتل الخلية السليمة كما تقتل الخلية السرطانية في ذات الوقت. في الخمس سنوات الماضية، تمكن البحث العلمي من تحديد بعض الأسباب التي تجعل الخلية السليمة تتحول إلى خلية سرطانية، كما تمكن من تحديد الآلية التي تمكن الخلية السرطانية من النمو والتكاثر والانتشار في الجسم. ونتيجة لهذه المعرفة والأبحاث، فقد تمكنا من تطوير عدة أدوية جديدة تستهدف هذه الآلية وتشلها فتقتل الخلايا السرطانية دون أن تمسّ الخلايا السليمة بأذى. هذا المنحى الجديد من تطوير الأدوية يدعى باللغة الإنجليزية Target Therapy، أي العلاج المستهدف. إلاّ أنه قد تكون الترجمة العربية الأصح لهذا المنحى هي "العلاج المركز". إذ أن هذه الأدوية تتركز على صفات بيولوجية للخلايا السرطانية وتستهدفها بعكس العلاج الكيميائي التقليدي غير المركز، والذي لا يميز بين الخلية المريضة والخلية السليمة.

* هل هناك أمثلة على هذا العلاج المركز؟

ـ إن الدواء الجديد الذي يسمى كليفك (Gleevec)، هو أفضل مثل على هذا المنحى الجديد من العلاج. لقد أثبتت الدراسات أن الخلية السرطانية في مرض اللوكيميا المزمنة وغير الليمفاوية (Chronic Myelogenous Leukemia)، والمعروفة اختصاراً بـ CML، تحتوي على بروتين معين وغير موجود في الخلية السليمة. وقد تبين أن هذا البروتين الذي يدعى BCRABL، هو السبب الرئيسي لتكاثر الخلايا ونموها بشكل مرض. والدواء كليفك، يشل هذا البروتين ويمنعه من القيام بوظيفته، وبالتالي يتمكن هذا الدواء من السيطرة على هذا المرض.

* ما هي فعالية هذا الدواء؟

ـ حتى الأمس القريب، كان العلاج الوحيد الذي قد يشفي المريض شفاء تاماً من هذا النوع من اللوكيميا هو العلاج بواسطة زرع النخاع العظمي (Bone Marrow Transplantation, BMT)، إلا أن هذه المعالجة لم تكن ولن تكون سهلة. إذ إنها تجرى فقط في مراكز متخصصة في هذا المجال وهي عملية صعبة قد تحدث الوفاة في 10 ـ %20 من المرضى. ناهيك عن تكلفتها المالية الباهظة. أما اليوم فأهم علاج لهذا المرض هو الكليفك. ونصيحتنا اليوم، أن يخضع المريض للمعالجة بواسطة الكليفك، فور تشخيص المرض دون اللجوء إلى أية علاجات أخرى. أما في حال فشل هذا العلاج، عندها يمكننا البحث في معالجات أخرى كزرع النخاع العظمي (BMT)، أو المعالجة الكيميائية التقليدية بواسطة الانترفرون (Interferon) والـ Ara- C.
في دراسة جديدة قدّمت في هذا المؤتمر، يظهر بكل وضوح أن الكليفك هو أهم علاج لمرض الـ CML، فهو يتمكن من إزالة جميع آثار المرض، على الصعيد السريري وعلى الصعيد البيولوجي والخلوي في أكثر من %60 من المرضى. هذه نتائج إيجابية مذهلة لم نعهدها في معالجة هذا المرض من قبل، إلا أنني أريد أن أشدد على أنه لا نزال نجهل في ما إذا كانت هذه النتائج ستؤدي إلى الشفاء التام أم لا؟، للجواب عن هذا السؤال، يجب أن ننتظر عدة سنوات لنرى ماذا سيحدث لهؤلاء المرضى الذين تمكنوا من الحصول على هذه النتائج الإيجابية، هل سيشفون تماماً أم أن المرض سيعاود؟.

* وهل لهذا الدواء فعالية في أمراض غير مرض الـ CML؟

ـ نعم، هناك أمراض سرطانية تصيب الأنسجة البنيوية في الجهاز الهضمي وتدعى (Gastro - Intestinal Stromal Tumors, GIST)، وهذه الأمراض كانت تعتبر مستعصية وليس لها أي معالجة فعالة.
أما الآن، فالكليفك يحدث تحسناً ملموساً في أكثر من نصف هؤلاء المرضى، إلا أن هناك فرقا كبيرا بين فعالية هذا الدواء في الـ CML وفعاليته في الـ GIST، إذ إنه يحدث إزالة كاملة لجميع آثار المرض (Complete remission)، في أكثر من %60 من مرضى الـ CML بينما لا يعطي هذه النتيجة في أكثر من %15 من مرضى الـ GIST. في باقي المرضى الذين لا يحصلون على هذا المستوى من النتيجة العالية قد يستفيد المريض كثيراً من العلاج ويتحسن سريرياً إلا أن آثار المرض فيه لا تزول كلياً. وهناك فرق آخر بين المرضين، إذ إنه في الـ CML يكون هدف الكليفك شل البروتين الذي يدعى BCRABL، بينما في الأمراض التي تدعي GIST فالكليفك يستهدف بروتيناً آخر اسمه C- Kit.

* وهل فعالية هذا الدواء مقتصرة على هذين المرضين؟

ـ في الوقت الحاضر، هذا الدواء هو العلاج الأفضل لهذين المرضين فقط، إلا أن هناك أبحاثا عديدة لتحديد مدى فعالية هذا الدواء في أمراض أخرى كسرطان الدماغ وسرطان الرئة.
لكن نتائج هذه الأبحاث لا تزال غير متوافرة ليومنا هذا. وتدل الأبحاث التي نوقشت في هذا المؤتمر ان Gleevec قد يكون فعالاً أيضاً في أمراض غير سرطانية، لكن علينا أن ننتظر لتحديد مدى فعاليته في هذه الأمراض.

* وهل لهذا الدواء مضاعفات سلبية؟

ـ ليست هناك أدوية دون مضاعفات سلبية، إلا أن أهمية الكليفك لا تنحصر فقط بفعاليته، بل تتعداها إلى أن الأعراض السلبية التي قد تنتج عنه، تكون عادة أعراضا طفيفة وغير خطرة. بعكس الأعراض السلبية التي قد تنتج عن المعالجة الكيميائية التقليدية والتي قد تحدث مضاعفات خطرة كانخفاض شديد لعدد الكريات البيضاء أو الصفيحات الدموية، مما يعرض المريض إلى إمكانية الالتهابات والنزيف. وهناك من يقول إن الـGleevec لا يحدث أعراضاً سلبية على الإطلاق، إلا أن هذا الكلام غير دقيق لأن الدراسات تشير إلى أن الـ Gleevec قد يسبب لعدد قليل من المرضى أعراضاً كوجع الرأس والخمول والآلام في العضلات والتورم في الرجلين. إلا أن هذه الأعراض كلها لا تشكل أي خطر على الصحة وهي طفيفة إذا ما قورنت بالمضاعفات التي قد تحدثها المعالجات الكيميائية التقليدية.

* وهل لهذا الدواء أي صفات أخرى؟

ـ من الجوانب الإيجابية أيضاً لهذا الدواء هو سهولة تناوله، إذ إنه كناية عن حبوب تؤخذ بالفم. فالمريض لا يضطر للذهاب إلى العيادة أو المستشفى لتناول هذا العلاج، فبإمكانه أن يأخذ هذا العلاج وهو في بيته أو عمله أو في نزهة قد يقوم بها. لذلك فالمعالجة بواسطة الـ Gleevec تحرر المريض من القيود التي تعوق المرضى الذين يأخذون العلاج بالأدوية التي تعطى عبر الوريد.

* وهل هنالك أدوية أخرى غير الـ Gleevec من العلاج المركز؟

ـ نعم، هناك أدوية أخرى تستهدف بروتينات مختلفة موجودة في الغلاف الخارجي للخلية السرطانية، وهذه البروتينات هي من الأسباب التي تمكن الخلية من النمو والتكاثر بشكل سرطاني، تدعى هذه البروتينات (Epidermal Growth Factors Receptors, EGFR)، والأمثلة على هذا النوع من المعالجة هي الثلاث: C- 225 وEressa وOSI- 774. إن C- 225 لا يزال قيد التجارب والبحث في معالجة سرطان الكولون المتقدم. وقد أثبتت التجارب في السنتين الماضيتين بأن هذا الدواء فعال في %11 من الحالات، إذا استعمل لوحده. أما إذا استعمل مع الدواء الكيميائي الذي يدعى CPT- 11 فقد ترتفع فعاليته إلى %22. إن منظمة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) لم تعط بعد الضوء الأخضر لاستعماله خارج الأبحاث والتجارب العلمية.
أما الدواء الثاني الذي يسمى Iressa فهو أيضاً لا يزال قيد البحث في معالجة سرطانات عديدة كسرطان الرئة وسرطان الرأس والرقبة، وسرطان الجهاز الهضمي. وهناك نتائج حديثة نوقشت في هذا المؤتمر تشير إلى أن هذا الدواء قد يكون فعالا في معظم حالات سرطان الرئة المتقدمة، إلا أنه لا يزيل آثار المرض كلها. لذلك فهو قد يكون دواء فعالا لسرطان الرئة، إلا أنه غير قادر على شفاء المريض كليا. وأيضاً هو كالكليفك له مضاعفات سلبية طفيفة ويؤخذ كحبوب بواسطة الفم. وبما أن سرطان الرئة هو من أكثر السرطانات انتشاراً في العالم وليس هناك علاج شاف لهذا المرض في الحالات المتقدمة فقد تضطر الـ FDA إلى إعطاء الضوء الأخضر لاستعماله في الأشهر القليلة المقبلة.
والدواء الثالث هو OSI- 774، كذلك يؤخذ كحبوب بواسطة الفم والمضاعفات السلبية له طفيفة. إلا أنه أيضاً لا يزال تحت مجهر الأبحاث، فنتائج الدراسات لا تزال في المراحل الأولى، لذلك لا يمكننا التكهن بمدى فعاليته ولأي الأمراض يمكن استعماله.

* هل تعتقد بروفيسور سالم أن هذا المنحى الجديد سيقضي على المنحى القديم، أي المعالجة الكيميائية التقليدية وغير المركزة؟

ـ لا اعتقد ذلك، نحن لا نزال نجهل الكثير عن الأسباب التي تجعل من الخلية السليمة خلية سرطانية، لكننا بكل تأكيد نعرف أن هناك أسبابا عديدة وليس هناك سبب واحد.
لذلك فنحن بحاجة إلى استعمال أسلحة مختلفة للقضاء على الخلية السرطانية.
والعلاج التقليدي الكيميائي لا يزال الركيزة الأساسية لعلاج معظم الأمراض السرطانية.
وأود أن أقول إنه على الأرجح سنحتاج في المستقبل القريب إلى المعالجة بواسطة الطريقتين: العلاج المركز والعلاج التقليدي غير المركز للحصول على نتائج أفضل. لقد تعلمنا من الماضي بأن القضاء على السرطان كلياً بواسطة سلاح واحد هو أمر صعب جدا.

* وهل هناك دواء جديد من العلاج المركز لسرطان الثدي الذي هو أكثر السرطانات انتشاراً عند النساء؟

ـ هناك دواء الـ Herceptin، وهو يستهدف بروتينا معينا موجودا في الغلاف الخارجي للخلية السرطانية لدى بعض مرضى سرطان الثدي. ويدعى هذا البروتين HER- 2. وعندما يكون هذا البروتين موجودا في الخلية السرطانية لسرطان الثدي، نستعمل الدواء المركز الـ Herceptin وهو عبارة عن أجسام مضادة تقضي على الخلية السرطانية من نسل معين تحتوي الخلايا فيه على الـ HER- 2 (Monoclonal antibody). هذا الدواء يشل وظيفة هذا البروتين ويحدث تراجعا في المرض، إلا أنه قلما نستعمل هذا الدواء لوحده. نحن عادة نستعمله في معظم الأحيان، بالاضافة إلى العلاج الكيميائي التقليدي مثل الـ Taxol. لذلك فأنا أنصح الأطباء الذين يعالجون مرضى سرطان الثدي بأن كل عينة من سرطان الثدي التي تؤخذ للفحص المخبري التقليدي للأنسجة يجب أن تفحص أيضا في ما إذا كان البروتين الـ HER- 2 موجوداً في الخلية السرطانية في هذه العينة أم لا. ذلك، لأن النساء اللواتي يكون عندهن الـ HER- 2 قد تكون معالجتهن فعالة أكثر إذا عولجن بواسطة الـ Herceptin، بالاضافة للعلاج الكيميائي بدل أن تكون معالجتهن محصورة بالعلاج الكيميائي فقط.

* كيف تقيم مدى التقدم في معالجة السرطان في السنة الأخيرة؟

ـ انني أشارك في هذا المؤتمر سنويا منذ عام 1968 وقد شاهدت عن كثب التطور العلمي في هذا المضمار خلال الـ 34 سنة الأخيرة. فنحن نتقدم خطوة أو خطوتين كل سنة، فالتقدم في هذا المجال هو تدريجي وبطيء نسبة إلى السرعة التي نريدها كلنا للقضاء على هذا المرض. إلا أننا من دون شك نحن سائرون إلى الأمام، وأهم نتائج هذه السنة هي تلك النتائج التي تتعلق بفعالية الـ Gleevec في معالجة اللوكيميا المزمنة وغير الليمفاوية.

* أين نحن من القضاء على السرطان؟

ـ لقد وصلنا إلى نصف الطريق، لقد أخذنا ألفي سنة للوصول إلى نصف الطريق، كم سيأخذنا للوصول إلى آخر الطريق؟، ذلك سؤال يصعب التكهن بالإجابة عنه، لكن يمكنني أن أقول بأن التقدم العلمي والتكنولوجي سيمكننا من الوصول بسرعة هائلة قد لا تتجاوز الـ 25 سنة المقبلة. هذا لا يعني أن علينا الانتظار كل هذا الوقت لمعالجة مرضانا إذ إنه لدينا اليوم علاجات فعالة تمكننا من شفاء نصف المرضى وها نحن اليوم نملك أدوية حديثة تمكننا من الشفاء الكامل والنهائي للكثير من مرضى السرطان.

* هل لك أن تقول لنا ما هي العوامل التي تحدد الشفاء من الأمراض السرطانية؟

ـ هناك ثلاثة عوامل أساسية تحدد إمكانية الشفاء التام:

  1. نوع المرض، وهنا لا يكفي أن نقول سرطان الرئة أم سرطان الثدي فقط. فهناك أنواع عديدة من الأمراض ضمن الصنف الواحد من المرض. يجب أن نعرف بدقة ما هو نوع سرطان الثدي، وما هو نوع سرطان الرئة.
  2. ـ مدى انتشار المرض في الجسم وأي الأعضاء من أعضاء الجسم انتقل إليها المرض.
    كذلك كمية أو حجم المرض الموجود في الجسم، فكلما ازدادت هذه الكمية، كلما صعب العلاج وقلت نسبة الشفاء التام.
  3. ـ جودة العلاج، وهنا أود أن أشدد أن الأمراض السرطانية يجب أن تعالج في مؤسسات متخصصة بهذه الأمراض ومن قبل فريق من الأطباء والاختصاصيين وليس من قبل طبيب واحد.

* هل لك نصيحة إلى العالم العربي بهذا الشأن؟

ـ نصيحتي أن العالم العربي يجب أن يتقدم باتجاه تأسيس مراكز متخصصة لمعالجة الأمراض السرطانية، كذلك يجب إنشاء مؤسسات للبحث العلمي وبرامج للأبحاث في المؤسسات العلمية، إذ ان البحث العلمي هو الضمانة الكبرى لجودة العلاج وزيادة نسبة الشفاء.
الشرق الأوسط 29 مايو 2002

*****

تعقيبا على العزاز: الحاضر المؤلم والمستقبل المظلم
من يوسف الزهراني ـ الباحة ـ السعودية:

خنقتني العبرة وأنا أقرأ مقالة صالح العزاز العدد 8576، شفاه الله ورده لأهله فقد وجدت نفسي أمام بركان يوشك ان ينفجر وأعني بذلك حال أمتي التي تكالب عليها أعداؤها من الخارج وتآمر عليها المتآمرون من الداخل، لقد بدأت المقالة وكدت أفقد صوابي مع آخر كلمة منها، وانفجرت باكياً، نعم نحن لا نملك سوى البكاء، عبد الله الصغير بكى مجده المضاع ونحن نبكي حاضرنا المؤلم القاسي ونبكي مستقبلنا المظلم.. هل كتب علينا أن نعيش في ظلام دائم، ألا يوجد أمل أو حتى بصيص أمل؟ إن أكثر أبناء الأمة تفاؤلاً لا يجرؤ ان يتفاءل في ظل هذه الظروف البائسة واليائسة لأمتي العظيمة. لكن ما مصدر هذا البؤس، هل هو داخلي أم خارجي، إنه الاثنان معاً فنحن إما أمام جهل مطبق بحاجات الأمة أو خيانة مع سبق الإصرار والترصد، وهذه مجتمعة في العامل الداخلي وهو أساس البلاء ومكمن الداء. لنفضح الخائنين ونأخذ على أيدي الجهلة والحمقى حتى نقوى على مواجهة أعدائنا ونحن في أتم استعدادنا وحتى يعود لأمتنا وجهها المشرق.
وحتى لا نضع أيدينا على قلوبنا كلما وقع حادث في شرق الأرض أو غربها، لتتبوأ قياداتنا الفكرية (الواعية) مكانتها حتى تأخذ بيد الأمة لطريق النجاح والفلاح وهو طويل وشاق.
نحن نملك المنهج ولكننا نفتقد التطبيق في واقعنا الحياتي، ومن هنا يتسلل أصحاب المطامع المالية والسياسية ويحققون ما يريدون من دون ان يجدوا أي رادع..
لا يا أخ صالح لا يجب ان نترك الأمة تنام فقد نامت طويلاً وآن لها ان تستيقظ وتنهض من جديد وتعدو في طريق الحضارة وتسبق غيرها، فهي الأجدر بالفوز، وأبناؤها هم المستحقون للنجاح لأنهم يملكون مقوماته.