يوسف المحيميد
yalmohimeed@hotmail.com
حين أسقط المرضُ صالح العزاز في مكان لا يعرفه، كان كما المكان الذي شهد ولادته دون أن يعرف أنه يحتضن فناناً لافتاً، لا يتمتع بعينين فحسب، مثل غيره، بل ثمّة عين ثالثة استطاع بها أن ينطلق من ضآلة القرى، إلى شساعة العالم الفسيح!!مساء الثلاثاء الماضي كان ثقيلاً، حيث دخل العزاز تحت سطوة المخدر، لإجراء عملية جراحية ثانية، فلم أعرف كيف تحتمل عينه الثالثة، التي تتبع الضوء دوماً، أن تخلد، لو قليلاً، في هدأة الظلمة!!في الغرفة، على سرير أبيض، يرقد ممدداً في مستشفى إم دي اندرسون، ساهماً في السقف، تطير به الذاكرة على جناحين من ريش إلى (رياض الخبراء) متفحصاً الرمل والشجر والدواب، التي خلّدتها عدسته اليقظة، إذ ترسم تجاعيد الرجال وسهو الأطفال!!في الغرفة ذاتها، ومن نافذتها التي تطل على شجر أخضر، تقف حمامة على كتف الصغيرة، ناظرة من خلف الستائر إلى رجل ممدّد، لم تكن الحمامة لحظتذاك تعرف النائم، لكنها لابد تشعر أنه لم يكن، في كل الأحوال، صياداً يجرؤ أن يسدّد فوّهة البندقية نحو ريشها الرمادي، أيضاً لا تعرف إنما يمكن لهذا النائم لو استيقظ أن يسدّد فوهة العدسة، ويرشقها بلقطة صارخة التعبير!!
جريدة الرياض
Saturday 08 September 2001