حث المشاهد على رؤية لم يتعود عليها
صالح العزاز يقدم شعرا صامتا في معرضه الفوتوغرافي الجديد في الرياض

الرياض: "الشرق الأوسط"

عندما أقام صالح العزاز معرضه الأول في الصحراء وسط رمال الربع الخالي كانت الفكرة مثاراً للجدل في غرابتها، لكنها تركت ردود فعل اقرب منها إلى الإعجاب، حيث كانت الأعمال المعروضة ـ 70 لوحة وسط رمال الدهناء ـ أشبه بنباتات غريبة. وازدادت الصورة غرابة عندما مرَّت قطعان من الإبل وألقت نظرة سريعة على هذا الحدث النادر.
القهوة وأصوات النسوة وجلبة الحضور والضحكات المرحة كانت تقول ان معرضاً من هذا النوع أشبه بفيلم سينمائي. كان هذا معرضه الأول الذي أقيم عام 1995، واليوم يحاول الزميل العزاز الذي يبدو أنه حسمها لصالح الصورة الفوتوغرافية، معلناً طلاق الكتابة والإثارة إلى عالم صامت. يقول عن معرضه الذي يفتتح مساء الاثنين المقبل برعاية الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز أمين عام الهيئة العليا للسياحة، أنه "الشعر الصامت" وقد اختار العزاز، الذي وجه دعوات مغرية بشكلها ومضمونها تحت رعاية مجموعة من الشركات الوطنية يتقدمها البنك السعودي ـ الفرنسي، في البهو الرئيسي لمبنى برج الفيصلية في منطقة العليا القلب التجاري للعاصمة الرياض.
"الشرق الأوسط" التقت العزاز، وسألته عن مناسبته الأخيرة، فرد بالقول: اعتقد أن الإبداع عند الإنسان يحمل مناسبته معه، وأنا أقول المناسبة حيث أقِرر أو حين أكون، ولكن في الوقت نفسه فإنني استثمر الإعلان عن وجود هيئة سياحية عليا على رأسها صديق مثل الأمير سلطان بن سلمان لكي أحاول أن أقدم صورة أخرى للمملكة لم يرها أحد من قبل. وقد وجدت في حماس الأمير سلطان للفكرة والمشروع ما يستحق المغامرة على الرغم من أن مغامرة من هذا النوع تكون في الغالب باهظة الثمن.

سألناه: إذن ماذا ستعرض؟

فقال: سأعرض مجموعة من المشاهد التي اعتقد أنه لن تتاح لهم رؤيتها بدون المرور بهذا المشهد أو المعرض، أريد باختصار أن أحثهم على رؤية جديدة لم يتعودوا عليها من قبل. أريد أن أقدم ثقافة بصرية جديدة إيديولوجيتها الشفافية والجمال وهي مستمدة من ضوء الشمس والقمر.

* هل أفهم ان إصرارك هذا يعني إعلان طلاقك لدورك الصحافي؟

ــ أعتقد أنه من غير المجدي لمثلي أن يعمل بالصحافة، وخاصة في المملكة، فقد جربت ولعبت دوري بما يكفي وهناك أجيال يجب أن تأخذ دورها.. ثم أنني محظوظ، عندما أجد دائماً أن هناك أشياء تستحق أن تقدم وبنفس المستوى الأخلاقي والإبداع الإنساني المجرد.

* ما هي الأعمال التي سوف تعرضها؟

ـ كل ما تم اختياره بالنسبة لي مهم، لأنني استبعدت الكثير من الأعمال في اللحظة الأخيرة وأبقيت ما أعتقد أنه سوف يبقى في ذاكرة الناس أو على الأقل سوف يثير لديهم تساؤلاً مشروعاً، لماذا لا نحاول أن نفعل الشيء نفسه لعبة التصوير الضوئي جميلة ومغرية ثم أنها أداة جيدة للتفريج عن الهموم وإن كانت ليست بالضرورة أداة جيدة لكسب العيش.

* كنت إلى فترة قريبة تقدم أعمالاً مشتركة مع زميلك حمد العبدلي وأصدرت معه كتاباً مشتركاً هو "الجنادرية الحدث" لكنه لم يعد موجوداً معك هذه المرة ؟

ــ حمد العبدلي ربطتني به علاقة عمل انتهت عندما استنفدت أغراضها، وعلى الرغم من ذلك فإن العبدلي موجود دائماً لأنني تعلمت منه أشياء كثيرة، وهو فنان كبير ومصور محترف نادراً ما يكون هناك مثله. وأنا متأكد أنه هو الآخر سيعود وبقوة بعد أن غاب طويلاً.

* ما هو جديدك ؟

ــ قريباً سيصدر لي كتاب "المستحيل الأزرق" مع قاسم حداد، والذي هو الآن في طريقه إلى السوق سيكون هو مفاجأتي القادمة والمهمة.

* أهم من أعمال هذا المعرض؟

ــ بصورة مختلفة.. أهم بكثير،

الشرق الأوسط 1 فبراير 2001

************

العزاز يكسر الروتين ويقدم شعرا صامتا من الصور الفوتوغرافية
الأمير سلطان بن سلمان يفتتح معرض "صور بلا حدود" كتجربة غير مسبوقة

الرياض: "الشرق الأوسط"

لم يخب ظن الفنان صالح العزاز وهو يعلن طلاقه للكتابة والإشارة إلى انه سيحقق النجاح في تجربته الجديدة والمتمثلة في ان ثمة لغة جديدة غير الشعر وغير الموسيقى يمكن تقديمها، أنها ثقافة بصرية تحث المشاهد على رؤية لم يتعود عليها من قبل، إيديولوجيتها الشفافية والجمال وهي مستمدة من ضوء الشمس والقمر.
وفي معرضه الذي حرص على إقامته في أحدث ناطحة سحاب في الرياض، بعد ان نجح في إقامة معرض في وسط رمال الربع الخالي، كانت الصور التي اختارها بعناية تمثل قصائد صامتة، قرأها الحضور الكبير في يوم افتتاح المعرض كل بطريقته الخاصة، وجاءت معظم الصور فياضة وناطقة، فياضة بالحياة، وناطقة برؤية وجدانية خلاقة. كما نجح في جعل المشاهد يشعر وهو يتأمل الصور أنها هي التي تتأمله وتزوره تاركة ذلك الصدى فينا، فيتحرك الوجدان بطريقته المختلفة. في المعرض تداخلت الصور والقراءات على المشاهد فلم يعد يميز بين الصورة الفوتوغرافية وريشة الفنان، وبين ظلال طمس وجدار اسود يتسلقه طفل شقي حرمه أبواه من الخروج إلى الشارع ففضل القفز من الجدار.
وأشعر الفنان العزاز المشاهد لصور معرضه انه ليس مجرد متفرج يقف أمام مجموعة صور عابرة بقدر ما يشعر انه يحلق في السماء، فقد اتاح للمشاهد ان يرى قصر المصمك بصورة مختلفة وأطلال الدرعية شامخة في قلب الزمن، لقد كسر العزاز في معرضه قاعدة رؤية الأشياء بشكل روتيني وحول العين لكي تحدق في إبداعات التصوير الضوئي بصورة جميلة ومغرية وغير مألوفة.
العزاز نسي وهو يودع زائري معرضه بحبات من "الكليجا" والشاي المنعنع ان ثمة حضوراً كانوا ينشدون حبة "أسبرين" بعد ان صدّعتهم قراءة الشعر "الصامت" في المعرض الجديد والمدرسة الجديدة في لعبة التصوير الضوئي وكان بطلها العزاز نفسه.
ولم يملك الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز الأمين العام للهيئة العليا للسياحة ورئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال المعاقين، وهو هاوي تصوير من ان يشيد بموهبة العزاز في هذا المجال واعتبر ان حضوره وافتتاحه للمعرض هو تشجيع لهذه الموهبة السعودية، ورأى ان المعرض ابرز جوانب غنية من الجوانب التي ستكون الثروة الحقيقية للسياحة، داعيا جميع الهواة إلى انتهاج أسلوب العزاز في التقاط صور تمثل معالم سياحية وتاريخية في البلاد. وعلق على مبادرة الفنان العزاز بتخصيص جزء من ريع المعرض لصالح جمعية الأطفال المعوقين بقوله: "لا يستغرب ذلك من الأخ صالح لان جمعية الأطفال المعوقين جميعة خيرية وتقدم خدمات مكلفة كثيرا ومجانية، وهو صديق للجمعية وكان هذا احد الأسباب الأساسية التي حرصت عليها لحضور هذا المعرض".

الشرق الأوسط 29 فبراير 2001