يشكّل الشاعر الفرنسي جاك دوبان (1927-...)، الى جانب إيف بونفوا، ميشال ديغي، أندره دو بوشيه، وفيليب جاكوتيه، الرعيل الأبرز الذي يمثل الشعر الفرنسي في النصف الثاني من القرن العشرين، بعد ممثليه الكبار المطوَّبين في النصف الاول منه. تحديداً لمساره، نرى انه متأثر برينه شار. إلا أن غموضه قد فاق غموض معلمه، مما خنق صداه، وحدّ من تذوّقه. الناقد الفرنسي جان – بيار ريشار يذهب الى أن هذه "اللامقروئيّة" في شعر دوﭙان ليست مجانية، بل هي تخزن رؤية انطولوجية، مهمّتها أن تبلبل، أن تهزّ، وأن تخرق في الأخير – بفعل هذه السلبية من السنتاكس، والمفردات، والبيان – نسيج الحقائق اليومية. القصيدة عنده هي: "البيت المفتوح، الصعب المنال، الذي تشيده النار وتصونه". وهكذا، فالدلالة الشرعية تنبعث من تعتيمها بالذات. إنها تقف على حدود التماس مع اللامعنى الذي يهدّدها ويولّدها. في هذا "البيت المشيد" يضمّ المعنى الشعري في إدغام فعلي واحد، مجموعة منفجرة من الأشياء. إنه "بيت مفتوح" يجوّف ذاته، بواسطة كشف ملحّ لقدرة جديدة على التمزيق، أو التمزّق الذاتي، أي على جمع ما يمزّقه في شكل مختلف، نحو بعد داخلي للمعنى شبه ممتنع. ان رؤية دوﭙان لا تتأكد في الواقع إلا في التحطّم. إنها تولد من انحطامها الخاص: انفساخ تعيد خلقه، وتسائله أبداً عن النموذج الأصلي للعداء. لأن قراءة أشعاره هي استسلام لمحاولة تعدٍّ. هي القبول بأن تدفع ذاتك في غموضها، وتدع ثِقْلَ هذا الغموض ينزل في ذاتك حتى يستهلك قوة تخريبه. أي بإيجاز، القبول بما يسمّيه دوﭙان "لا مقروئيتها الفائضة والقاتلة". القصيدة هنا، ليست سوى موتها الخاص، سوى ولادتها الخاصة: "ولادة صعبة ولامتناهية".
ريح عظيمة
نحن لا ننتمي إلاّ الى درب الجبل
الذي يتلوّى تحت الشمس بين القُوَيسة وبهَق الحجر
وينطلق في الليل، طريقَ قمّة،
لملاقاة كوكبة النجوم.
نحن أدنينا من الذرى
تَخْمَ الأراضي الزراعية.
تنفجر البزور في قبضاتنا.
تغلّ الشُعَل في عظامنا.
ليُحمل الزبل على ظهور الرجال إلينا!
ليُجاوب الكرْم والشيْلَم
شيخوخة البركان!
ستنضج ثمار الزهو، وثمار البَزَلْت
تحت الضربات التي تجعلنا مرئيين.
سيكابد الجسد ما آلم العين،
ما لم تحلم به الذئاب
قبل النزول الى البحر.
الكلمة
أمنيتك التي تشمئز من يُسْر حَبْكة مُنهَكة
تترجّح بين موتين.
تَضيق الهوامش حول سبيكتك الجافّة
الآن، يلتهب الملاذ الأخير، الخميلة،
سُدىً يا كلمتي،
كلمتي الشبيهة بانقباض جناحٍ أخير على البحر!
العهد المعدني
في هذا البلد، تَستَنْبت الصّاعقةُ الحجر.
على الذرى التي تُشرف على الشعاب
تنتصب أبراجٌ مدمَّرة
كمشاعل ذهنية ذاكية
تبعث في ليالي الريح العظيمة
غريزةَ الموت في دم صاحب المقلع.
كلّ عروق الغرانيت
ستنحلّ في عينيه
لن تتخلّص النار منّا أبداً،
النار التي تتكلّم لغتنا.
الهدنة
سيقوّم الزمان أثَر نزاعاتنا،
مقدّماً سبباً، سقفاً، لنوبات حُمّاي.
لقد أَثَرته، قاومته خطوةً خطوة،
خنقته في كلّ عقدة،
وابتدعته في كلّ انشقاق.
اليوم نحن على الطريق معاً
كالنهر وسياج الحَور.
الكلاب الغافية في صوتي
دائماً مسعورة.
نسيان الذات
يا الجفون المُذعَنة لزرقة البحر المتهافتة،
يا الأجنحة المشلولة في قلب زوبعة الريح،
لن تنهضي بعد الآن، إلاّ من أجل نظرةٍ
ستطعن غراميّاتي الألفيّة،
سيكون ذلك كأوّل يومٍ من حياتي
وستنعم طيور الشتاء وحدها بانفراج الجوّ،
وسأمضي للنوم تحت هبوط
الشراع اللامجدي... ولكن هل سيولد كوكبٌ
ليغرق مكاني، ويُهدّئ البحر؟
الطريق الزاهدة
إنّه السكون، الطريق الزّاهدة،
التّعاسة البلا اسم.
إنّه عطشي المثلَّم:
الشعوذة، السذاجة.
اطردني، اتبعني،
ولكنْ متعدّداً ومشابهاً،
هذا ما سأكونه.
وسابقاً النجوم،
وسابقاً الحصى، والسيل...
كل خطوةٍ مرئيّة
عالمٌ ضائع،
شجرة محروقة.
كل خطوةٍ عمياء
تعيد بناء المدينة،
عبر دموعنا،
في الجوّ الممزّق.
إن يكنْ غيابُ الآلهة، دخانَهم،
فهذه القطعة من الصوّان تحتويه كلّه،
عليك أن تفِرّ
ولكنْ في العدد والمشابهة،
كتابةً بيضاء متوتّرةً
فوق هوّةٍ تقريبيّة.
إن تُصبك رصاصة كلمة
في الوقت المراد،
فإنّك تتّخذ جسداً،
مزيداً من العواصف،
حيث أنا اختفيت.
واللايوصَف الآليّ
يرتفع كنارٍ هشّةِ
بجسدٍ مزدوج مُنهَك
عبر الليل الخفيف
أو ذلك الحبّ الآخر.
إنّه السكون، الطريق الزاهدة،
التعاسة البلا اسم،
إنّه عطشي المثلَّم:
الشعوذة، السذاجة.
بين الحجارة المنفجرة
أيتها الأفعى، يا رفيقة الجوع، أقيس انتشار الجذام على سرعة نَبْلَتك. بدونك يا نبّالة النشيد الكمول، لكانت ظلّت الثمرة غيمة، ويأسنا شغفاً عقيماً. أنت الجواب الوحيد لرعدة الأرض حين يحفر جذر الشمس دربه في الصخر. نجمةٌ أخيرة مرتبكة بين أوراق الشجر تشاهدك تتألّمين. أردتُ أن أوكل اليك ملكيّتي الأكثر سرّيّةً وبُطلاناً، ولم تكن غير سنونوةٍ طائرةٍ على مستوى منخفض لتكون الحراثة عميقة.
بَهَق الحجر
- 1 -
حتى لو ينمحق الجبل، حتى لو يتقاتل الباقون أحياء... نمْ، أيّها الرّاعي. لا يهمّ أين. سأعثر عليك. رقادي شبه رقادك، على المنحدر المضيء ترعى قطعاننا. على المنحدر الوعر ترعى قطعاننا.
- 2 -
خارجاً، تحتلّ مدافن العظام مجاري الأنهار التائهة تحت الأرض. الصخر الذي يفتّت أخو السماء التي تتصدّع. الحدَث يسبق النذُر، والطائر يهاجم الطائر. وداخلاً، تحت الأرض، تسحق يداي ألواناً قلّما بُدئت.
- 3 -
ما أراه وأسكت عنه يرعبني. ما أتكلّم عليه وأجهله، ينقذني. ولا ينقذني. هل تكفي كلّ لياليّ لتحلّل ذلك البريق؟ أيّها الوجه الملموح، المتصلّب وتُطرّقه الريح العمياء والبيضاء!
- 4 -
ترفض الحُزَمُ روابطي. في هذا التنافر اللامتناهي الشامل، كل سُنبلة، كلّ قطرة دمٍ تتكلّم لغتها، وتمضي في طريقها. والمشعل الذي يضيء الهوّة ويسدّها هو نفسه هوّة.
- 5 -
ثملاً، وقالباً المحراث، خلتَ السكّة كوكباً، واعتبرَت الأرضُ أنك على صواب.
العشب حالياً جدّ مرتفع. فلا أعرف إن كنتُ أمشي، ولا أعرف إن كنتُ أحيا.
- 6 -
هل اللمبة المطفأة أخفّ؟
حقول الحجر تمتدّ على مدى النظر، كالسعادة غير المحتملة التي تربطنا، ولا تجمعنا معاً. أنا لكِ، أنتِ تفهمينني. الحرارة تُعمينا...
الليل الذي ينتظرنا ويملأنا، يجب أيضاً أن نخذل انتظاره كي يكون الليل.
- 7 -
عندما يصير السير مستحيلاً، فالقدَم هي التي تنفجر وليس الطريق. لقد خُدعتم. الضياء بسيط. والتلال قريبة. إن أصطدمْ خطأً ببابكم، لا تفتحوا. لا تفتحوا أيضاً. عدم رؤيتكم هو ظلمتي الوحيدة.
- 8 –
أرتقيك، وبعد ارتقائك – حينما الضياء لا يرتكز على الكلمات، وينهار وينزلق، - أرتقيك ثانية. ثمّة قمّة أخرى. منجمٌ آخر.
منذ أن نضج خوفي والجبل في حاجةٍ إليّ. إلى مهاويّ، إلى روابطي، إلى خطوتي.
- 9 –
ساهرةً على أنف الجبل الداخل في البحر. لا تنزل. لا تصمت أبداً. لا امتلاك ولا شغَف. مجيءٌ ورواحٌ على مرأى من الجميع. في الحيّز الضيّق، والكافي. ساهرةً على أنف الجبل حيث لا وصول لي. ولكن من أين، تغطس نظراتي، منذ الأبد. وترمي سهامها. سعادة. سعادة لا تفنى.
التّحالف
ذلك الوحد سيجفّ! في صدْع الجرَّة، في ارتعاش ألمي في غلافه، أعرف أن الريح راجعة...
الريح التي تبعثر والريح التي تجمع، المستقلة، الحيّة! لن ننام بعدُ. لن ننام بعدُ. لن نمتنع عن الرؤية. عن توفير النار.
أيّها الأفق الغامض! وحدها تشتعل حافّة كتاب – عندما التفت.
هذه الجذوة المسافة
وينتظم المشهد حول كلمةٍ مرميّة بلا تروٍّ ستعود محمّلة بالظلّ.
بعكس الحُمَم، مدادنا يتهوّى، يتقزَّح، يعي يصبح شفّانياً ومُحرقاً بقدر ما يتسلّق حدَرَ البركان.
من يتصنّع هو رشيقٌ وجامد. والقلب ليس له سوى رأس، وهو مقلوبٌ نحو الأرض. إن يكرّر صرخته يتحوّل إلى صبّار.
في معرفة النهر تتغلّب دعامة الجسر على المراكب.
إن هجمة العُري المرئيّة من الريح العظيمة، لا تتحمّل الفراغ وترقيمه القاتل.
ليس سوى امرأة تتبعني، وهي لا تفعل. ما دامت تشتعل ثيابها، شاسعٌ هو الندى.
ارتجاجات
(مقطوعات)
أَدخِلْ بعد كل حساب حصادك المحروق.
وامضِ، بيدين مفتوحتين، ودمٍ جامد.
يبقى عائقٌ مجهولٌ في هذا الجسد المفصول،
طريقٌ في طريقي،
والابتهاج الأبحّ في الحيّز الجائع.
الضياء يؤثر السيولَ الجافّة،
الشفاهَ المتفتّقة...
إمضِ، البيت مرتّب،
تخرقه حربة الريح.
*
في المزرعة القديمة المبقورة
حيث سقط فانوسهما،
يجلس هو الى المائدة ويقطع الخبز،
وتبدأ هي تتألّم...
قِطَعٌ صغيرة من الحقيقة
تثقب صوتي دون أن تبذره،
ولكن بعيداً من الموت الملتفّ كالحلزون،
من أوراق الشجر الممغنطة الشرسة.
*
لسانَ الخبز الأسود والماء الصافي،
عندما يحرثك مِعزَقٌ
تنشط السماء.
ذراعانا العاشقتان تَسْودّان،
ذراعانا العاملتان تنعقدان.
ما يجب من القوّة تماماً
لأَرجحة جثّتينا المتعاقبتين
في الوادي
ومكتبتي من الحصى.
*
عنقك أخفض من الحجر،
جسدك أكثر عرياً
من هذه الطاولة من الغرانيت...
بدون صاعقة هدبٍ من أهدابكِ
هل كنتِ أصبحتِ العدوّ نفسه
الأملس واللايُدرك
في غبار الطريق
وذاكرة المجْلَدة؟
أيها الحب الوعْر، عدْ،
مَزِّق الجسد البصير.
*
الضيق ومنتجاته من السلال من زمنٍ بعيد،
وفجأةً ذلك الظل الذي يرقص على ذروة النار
كشعلةٍ أشدّ ظلمة.
ومن زمنٍ بعيد الأهوال وتنامي
روضةٍ مشتبه فيها بدلاً من سلاسلنا،
وفجأةً النحيب الساخط، المتراس الأخير،
والبيت المفتوح، الصعب المنال،
الذي تشيده النار وتصونه.
*
احتضارٌ عابثٌ، ومُدَوِّم،
امرأةٌ خائفةٌ من استعادة الشباب
تسقط فاقدة الوعي كي تثلج السماء.
أين أنتِ، يا صاعقةَ الغابة التائهة
التي يبشرونني بمجيئها،
- التي يجنّبونني لقاءها؟
المدعوّون يبتعدون تحت الأشجار.
أنا وحدي. ثمّة نجمة. نجمة ثانية.
أقرب أيضاً، وأشدّ ظلمة.
وتواطؤهما في الفتور
من أجل تسمير القلب.
*
يبقى النبضان الوحيد
لاحتضارٍ دقيق مُشتَهى
في الحدائق العليا المقفَلة.
تقطيعُ الضجّة الراعبة يحطّ من قدرك:
اختصرْ نهارك، ادفنْ أدواتك.
(من مجموعة: GRAVIR)
العدّة
الينبوع الذي غسلنا فيه أعيننا
حَمُض بدل أن يجفّ.
أحمل نَدْبته
اللمعانَ الذي يحيّر.
منذ تضطهدك كل زهرةٍ فيه،
ضياءً، ضياءً مبهماً.
أَجبْ ضغطَ الجسد المباغت، الصوت،
فلا يزال رطباً، عشبُ الوجه
الذي تتمزّق ظلمته.
قدَمي تتقوّس في بطءٍ
كالبحر
قبل أن تعود الى الطريق،
المقطعِ الألفيّ.
الشمس تتنامى.
هزّة
أعمدةٌ من الروائح الوحشيّة
ترفعني اليك،
لساناً صخرياً مُنزلاً
في شفافية بحيرةٍ بركانية.
مقلاعٌ غريم، أصفادٌ تائهة
حياةٌ سابقة
نافذة الصبر كالامواج الصاخبة،
تُسرع وتتضخّم في وجهي.
وقطرةً قطرة، تحقن سمّها
في صفحات كتابٍ يُعتم
كي تقرأه الشعلة بطريقة أفضل.
من هذه اللقاطة من الكلمات المهدّمة
بين حيوانات الموت الكسلى، الموتِ الحصين
ستولد العشبة العَطوب.
والرّيح المعقّدة في الماوراء.
الليل المتفاقم
( مقطوعات)
مفتوحة بقليل من الكلمات،
كأنها من صنْع دُردورٍ، في أحد الجدران،
فُرجةٌ، ليست حتى نافذة
لتُمسك بطرف اليد
تلك البُقعةَ من الليل حيث يضيع الطريق،
كلمةً عارية منهكة.
*
عندما لا توجد الأزهار
تتسلّق نضارتها
جبالاً هوائيّة أخرى
ولذّة التنشّق تتصفّى
بين الأصابع التي تتأخّر في الانطباق
على أداةٍ غير وزونة
هناك هو الذي يختفي
أخدوداً سريعاً، في الفجر، قبل انجراحها
كي تُضاف الى روابط أخرى،
أزهارٌ، حتى الظلمة
هو، الآتي من البرد والعائد الى البرد
كما كلّ الدروب التي تنبثق...
*
ما دامت كلمتي غامضة، فهي تتنفّس
ذراعاها تغوصان في الماء المثلَّج
بين الطحالب نحو فرائس أخرى
مثلَّجة كما المصابيح في النهار
قليلٌ من الحقيقة يصل الى الحيّ
سواء استعمل العنف أو زرع
الصخر والمياه بجرأة
السماء ممدودة تقطيعُ مطارق
بعضُهم دخل بيننا ملتمساً
إنتاجَ غيومٍ جديدة
*
تحت الصخرة يمكث، خفياً،
الينبوع الذي يوصي
بأن يُستَبق انبجاسه.
لم يسطعْ ولا مرة، في البعيد، بشدّة،
مِعزقٌ لا مجدٍ، وحبٌّ مسوَّر
وقبل أن تتشكّل السحابة
وتنزف
تحت الصوَر المبعثرة
هرعت الأزهار مع أنّها معنَّفة
الأزهار الباردة المتفتّحة ليلاً
ذات السوق التي تثقب رزمة
حيواتِنا السابقة، المرئيّة أخيراً
حتى قطرة الماء التي يُكوِّرها
حلمٌ شحيح
حلم جبلٍ من الغرانيت والليل.
*
في الغرفة يغرز الليل
نصلاً نديّاً وقوياً
كزعنفة تمساح
الليل المفصول عن كوكبة النجوم
وبينما ينزلق الجبل
تؤجّج جذور النار
غبارَ الهضبة
والدم
الناضحَ من النصل.
*
برغم النجمة المرضّضة حديثاً
التي تتشعّب
- فإن صرامتها الوحيدة النبضانُ
في جملتي التي تغمض
وتنحلّ –
نبضانُ لا يزال قادراً على مواصلة
الهمس الوشيك.
*
الموجة الكِلْسية وبياض الريح
يخترقان صدر النائمِ
ذي الأعصاب المغمورة التي ترتعش في الأسفل
وتدعم الحدائق المنضّدة
وتزيل الأشواك وتطيل
تناغم الآلات الليليّة
نحو تفهّم الضياء
- وانكساره
شغفه المتشعّب على السندان
يتنفّس
كالصاعقة
بدون قوت ولا سمٍّ بين عَرعَر
المنحدر، والوادي الذي ينفث فيه
نغماً غامضاً
ليعوّض عن قسوة السلاسل.
*
بين نوبة القصيدة ونضوبها
عبر ثغرة مفتوحة
في منحدر جبل أَنْمَر
تنبثق، لوزة النار،
الليل الفتيّ الصائم
خلف الليل المهدّم الأسوار
كما يجب عليها تُعطي ذاتها
وتشتعل
في احتراس بارد
يتفرّع الأعصار
ويجمع وميضٌ
الليلَ الى الليل.
(من L'Embrassure)