الشعر (باقة ضوء من حديقة القمر )

نعيم عبد مهلهل
(العراق)

(إلى س الذي له في رقبتي دين 400 $ . لقد أحرجتك ودوق وندسور في هذه المسألة . فأعذرني . لقد مرضت أمي وصرفت الدراهم كلها . جوعي وعزلة أخمانوتوفا هو كل ما بقي لدي …………… )

نعيم عبد مهلهل
  1. أرح الليل بصمتك وتأملك بعيون لاتربط أجفانها بسلك مكهرب . دع كل شئ بدائياً كمن يقدح حجر بحجر كي يصنع النار العظيمة ، وبها سيشوي قلبه الغرق بالحب كما مركب سكران . كتبه المدعو رامبو ثم أطلق العنان لراجمة الصواريخ الذكورية كي تأكل جسده . فيما عجوزنا أخمانوتوفا معتزلة كمتصوف في شقة البؤس ترثي صمت وقسوة مراسيم البرولتاريا وتذكر العندليب الأسود في الربيع السيبيري أو شتاء الأهوار المسفوح على برد مشاحيف قرانا السومرية العائدة إلى أزل الأزمنة لتدون بحروف مسمارية صلاة المندائيين وقساوسة أديرة روما ولنشد بحنجرة عذراء أناشيد أممية تتغنى بحب سعيد بن جبير وأرنستو تشي غيوفارا وغسان كنفاني .
    صمتك .. الفستقي كغسق لمساء لم يأت بعد
    مساء شعري كنايات رعاة أور
    يفيض فيه لحن روحي فتدير بطرسبورخ لي قفاها . ولكي ألتصق بها أطلب من أمي الجالسة الآن في بيت من طين فرات الله بمحلة السيف في بلدة من جنوب المقابر تسمى الناصرية ..
    خطية .. كانت تشتهي المودة بتعابير القبلات على السوباط
    فلم تمنحها الحرب سوى العياط
    لقد سرقت حبيبها
    أرملة بقيت
    فيما الجرة انفتقت
    لالبن ولاعسل
    دموع أمي غسلت الزقاق
    ودلمون استقبلت الفتى بالعناق
    في مؤخرة السفينة
    ضاجع القراصنة القساة الشاعر والمدينة
    لحظتها كانت أخمانوتوفا تصنع لفافة من التبغ الرديء وتسعل بقوة
    أرح الليل بصمتك
    وتذكر
    كم من الأشياء خسرتها ؟
    والذي ربحته ثوب أسود ترتديه أمك وحبيبتك
    فيما محافظ المدينة يرتدي تأوه العاهرات
    ويلمع رتبه بزيت أيامنا الذاهبة والقادمة من والى سرايا الحروب
    ستغني طروب { ياستي ياختياره ..يا زينة كل الحارة }
    الذي ينطره مات
    في زحمة هجوم سحقته سرفات الدبابات
    في أور يعزف الرعاة في النايات
    وتدون في الألواح أحلى السمفونيات
    فيما أمي ..
    شذرة عمري ..
    تشتري كرسي النعي لأخر الملايات
    ثم تعتكف بعدها
    تنظر إلى العندليب السيبيري
    وتشتم جوزيف ستالين في سرها

  2. أرح بصمتك ذهولي المرسوم على جدران مغارات البدء أنا الإنسان المصنوع بضوء التأريخ القمري.
    روحي ضوء شمعة ينسل إلى عاطفة الفراش كي يجعل الظلمة متعة حب لا متعة لحد…
    وأنتِ ..أيتها العجوز أمي .. تنصحين الشعر بأن يبقى معي مدة أطول ..
    ليعلمني شيئاً من إمساك اللحظة
    أو قلي البيضة ..
    أو نسيان أغاني مرآب النهضة
    وطفولة تلقيح مرض الهيضة
    وأخر من أشياء تذهب تأتي
    وتلبس معاضد فضة ..

  3. حب ..أو شئ من هذا
    حديقة لغزال أخضر
    فكرة لقصة رومانسية
    أي كان الأمر
    فروحي سابحة في الحدس
    وأنت ستمضين بعيداً إلى مشاتي المريخ
    لقد وجدوا الهواء هناك..
    وربما غدا سيجدون الوردة مزروعة في خوذة الألمنيوم
    عندها السعال سيتقاطع مع عصا جاكوفسكي
    وسيمر النغم عبر مدفئتك إلى الشارع الثلجي
    وستحرق الشمس ذاكرة أمي
    كما تصاوير الحب
    تلك التي كانت طفولتي تمرح فيها وتتزلج على جسد دمية عارية
    ضوء القمر حديقة روحي
    وأنت عشب الشعر
    سأفرش سجادتي وأتمدد مع المفردة
    أحسها كفيلة بأن تجعلك تتناولين القهوة بمتعة مع أخمانوتوفا

  4. هدهد وردي .. فرشاة عمياء .. فيل بحجم حبة اللوز .. خرطومه خواطري
    سمكة زرقاء مثل فسحة صغيرة تحت أجفان محتضر
    وأنت مع كل هذه المشاهد
    تعيدين صياغة وجود لهفتي
    تلك التي جرحتها الحروب بفقدان الصداقات واحتراق الكتب وانحسار تأمل المساءات المغايرة ..
    حين يعاكسنا القدر ونذهب ممزقين من جنون الحديد الجمر
    وكان القمر يسبح في زاوية عينيك التي تظل جهاتها الأخرى تعاني السأم والرغبة بإغفاءة على مرمر مرصوف على صدر ذكر ..
    هدهد وردي يشع تحت شفتي العجوز
    معطفها لم ترقعه إبرة الخياط
    لهذا هي خائفة من النزول إلى الشارع
    كي لاتفقد قصيدتها باغتيال مسائي
    أمي أغتالها الشمال منذ سنين
    ورغم هذا لازالت قبعتي
    أحلى ذكرى لحب تعيشه

  5. سيدهشنا القمر
    القمر الذي يشبه صوت البلبل في قفص الليل
    يدهشنا بأفكاره وثوريته وطروحاته الفنتازية
    وسيمتعنا بصوته
    ومعه سنمضي في نزهة باردة إلى أهوار قلبي
    حيث يجاملنا القصب
    والنساء يحملن على أجفانهن رغبة الوثوب إلى الماء ومضاجعة السمك
    القمر يبتسم
    وأنا أبكي ..
    من الضوء صنعت رغبتي
    وفي عتمة الحرب أطلقتها
    أيتها العجوز
    على شرفة البيت يطل الشعر
    مرتدياً معطفاً وورقة بيضاء
    لادموع تهطل من سيجارتك
    أمطار شتاء العالم تهطل جميعها من عيون أمي

  6. قشرة البصل لاتشبه الأمل
    والريح تغسل وجهها بدموع التماسيح
    الشمال ليس الوصال
    والجنوب صانع ماهر لوله القلوب
    فيما الفلفل غذاء البلبل
    وأنت جدتي
    قتلت القيصر وكتبت الشعر
    أمي قتلت الحرب
    وتوسدت رحمة الرب
    بينكما ضوء وحديقة
    ودفتر خواطر خالتي شفيقة

أور السومرية ـ 11 / ك 2 / 2005 ..