مجلة دارين في عددها السابع عشرعن نادي المنطقة الشرقية الأدبي بالسعودية صدر العدد السابع عشر من مجلة دارين؛ الفصلية الثقافية. وقد جاء العدد يحمل بصمة الفنان حسين المحسن من حيث الغلاف والرسوم الداخلية ممّا أعطى بعدا جماليا بصريا للمواد المدرجة في هذا العدد والتي توزّعت على النقد والشعر والسرد والتشكيل والمسرح والسينما، بالإضافة إلى الحوار وشأن السفر والترحال. في افتتاحية العدد يكتب محمد الدميني، مدير التحرير، عن الربح بين مسالك الثقافة ومسالك المال ويؤكد على أن الثقافة بمؤسساتها وأفرادها وقد تخيّلت أنها على أبواب الخروج من قبضة الحكومات الرسمية هي الآن في برزخ منظومة جديدة من القوى العابرة للقارات والقوميات.

في باب النقد نقرأ للدكتور سعيد السريحي "الجنون.. آلية النفي" ويحفر في هذا المقال حول إحدى القصص الواردة في كتاب عقلاء المجانين التي ترتقي عن أن تكون مجرد قصة لشيخ ساخط يتحامق لكي ينجو من مأزق وجد نفسه فيه لتصبح درساً في أسلوب مواجهة المجتمع للسلطة القمعية حين تكون في ذروة استبدادها.. ويكتب الدكتور صالح زيّاد " السرد ضدّ الأليف" وفيه يتناول تاريخيا ونقديا التحوّل الذي أصاب المجال الاجتماعي في القرية والمدينة وعلاقته بالتحول الثقافي وبالحداثة القلقة المشغولة بالبحث عن المعاني واليقينيات الإنسانية والتي تهدف إلى تعميق المعنى التنويري في العقل والثقة بالعلم، بقدر المرافعة عن الإنسان أمام طغيان التقنية وطوفان رأس المال.. ويرد الدكتور حاتم الصكر في مقاله "النقد في فضاء التشكيك والإقصاء المعرفي" على من يطالبون النقد بالكشف عما يقدمه للمبدع وللقارئ وكأنه مطالب بملموسيّة ماديّة أو كشف حساب رقمي بمنجزاته على طريقة المؤسسات والدوائر الرسمية.. كما تحاول شمس المؤيد أن تتدبّر سؤال " كيف يصنع الروائي روايته " وتقرأ مريم الغامدي مفارقات ما يكتبه المقرر الدراسي والأسئلة التي تشهرها الطالبات في "حين تقرأ طالبات الثانوية قصائد جميل بثينة"، ويتقصّى الدكتور أيمن بكر مسار الرحلة/ المعرفة في روايَتي: الخيميائي لباولو كويلهو وميمونة لمحمود تراوري.

وفي السرد والشعر نقرأ في هذا العدد : مشبب الرزيقي أو وصية ثيسجر لظافر الجبيري؛ دانات رملية لعبد الحفيظ الشمري؛ ظرف لفاطمة عبد الحميد؛ إلى السيد خَلْف لخالد الصامطي؛ قصص قصيرة جداً لمنيرة الأزيمع؛ أول المغفرة لمحمد النجيمي؛ حواس في يومها الصعب لعلي العمري؛ هذيان لمحمد الماجد؛ وطأة ونصوص أخرى لإبراهيم الحسين؛ أنا الذي ترج رأسه العاصفة لمحمد الحرز؛ لا أتعثر بالجثث لعزيز أزغاي؛ سيدة الأوتار لثريا العريض؛ مساء النور للآفاق لغيداء المنفى (هيا العريني)؛ وحدك لمسفر الغامدي؛ مهب دونكيشوت لمحمد الفوز؛ حنين على الجسر لمها الجهني.

وتترجم فهيمة جعفر قراءة الكاتب الأرجنتيني بورخيس في قصيدة "أنشودة سجن ريدنغ" لأوسكار وايلد. كما ترجمَ عبد الوهاب أبو زيد مقاطع من هذه القصيدة.. ويترجم غسان الخنيزي " رسالة المفكّر الإيراني داريوش شايغون إلى جيل الألفية الجديدة.. وعن السينما نقرأ ترجمة أمين صالح لنص "حلبة مظلمة لحب مطلق" للجماعة السوريالية في رومانيا، وهو نص مستوحى من الفيلم السوريالي ،على نحو غير مقصود،"مالومبرا" للمخرج الإيطالي ماريو سولداتي

ويضم العدد حوارا مطولا مع الناقد عابد خازندار أجراه محمد الدميني وهناء حجازي والذي يتعرّض فيه لتجربته في الكتابة النقدية حيث كان تورطه في الكتابة بعد سن الأربعين وما تزال مستمرة تذهب نحو كل جديد نقدي.. ويقدّم الكاتب والناقد المسرحي عباس الحايك قراءة، في مسابقة العروض المسرحية القصيرة والتي نظمها فرع الجمعية العربية للثقافة والفنون بالدمام، تحت عنوان " نصوص مسرحية لا محركات درامية".. ويكتب خالد ربيع السيد قراءة في أعمال وسيرة الموسيقي الصيني كونغ شيانغ دونغ.

ملف التشكيل في هذا العدد توزّعتْه مادتان. الأولى دراسة سامي جريدي "مقاربة الأساطير في الفن التشكيلي.. شادية عالم نموذجا" والتي يرى فيها أن العلاقة بين التشكيلي والأسطوري يمكن النظر إليها من جهة كونها تمثّل خطابا فلسفيا له من الحرية ما لا يكون في أي فن أو أدب آخر..أما المادة الثانية في هذا الملف فهي حوار مع الفنان محمد الغامدي أجراه عيد الخميسي حول معرضه الخامس " مدن من صفيح " ويذهب الغامدي إلى أنه مجرّد مشّاء يعمل وفق حدس داخلي، ويعلي من قيمة الاحتجاج فيقول إذا لم نحتجّ على ما يجري في المكان الذي نسكنه فهل سيقوم بذلك الصامتون في مدينة أصبحت فيها الغربان تنهش البشر.

في باب أسفار تكتب الدكتور فوزية أبو خالد " مانشستر بين كمين الأمكنة وحرية الترحال" وفيه تعود إلى دفتر مذكراتها حيث سجلت فيه بعض المواقف والوقفات التي مرت بها أثناء تحضير أطروحتها لدرجة الدكتوراه بمدينة مانشستر الإنجليزية، وتصف إحساسها بالعودة إلى هذا الدفتر "أحسست بحنين وشغب طفولي لصبّ الزيت على حرائق تلك الرحلة قبل أن يذبل فتيلها إنْ كان له أن يذبل على غير شاهد قبري".

وتستعرض المجلة عددا من الكتب الصادرة مؤخرا، يكتب يحيى سبعي عن رواية قهوة أمريكية لأحمد زين؛ وعبدالله السفر عن رواية بنت الجبل لصلاح القرشي؛ وعلي عفيفي عن مدن الدخان لأحمد الدويحي؛ وزكريا الشقاق عن النصوص المحرمة من ترجمة حمد العيسى؛ وعبد الوهاب أبو زيد عن الكتاب النقدي لمحمد العباس: شعرية الحدث النثري.

وفي الصفحات الأخيرة من العدد يقرأ غسان الخنيزي تقاليد الطاقة والانتباه في ألوان الفنان حسين المحسن، ويصافح القارئ دليل الفعاليات الثقافية التي أقامها نادي المنطقة الشرقية الأدبي خلال العام 2007.