عبدالله السفر
(السعودية)

مجلة دارين في ثوبها الجديدأقام نادي المنطقة الشرقية الادبي حفلاً يمناسبة تدشين الموقع الالكتروني ومجلة دارين الثقافية في ثوبها الجديد وذلك مساء يوم الاحد 8/7/1428 الموافق 22/7/2007م بحضور الدكتور عبد العزيز بن محمد السبيل وكيل وزارة الثقافة والاعلام للشؤون الثقافية في السعودية. 

 أقام نادي المنطقة الشرقية الادبي حفلاً يمناسبة تدشين الموقع الالكتروني ومجلة دارين الثقافية في ثوبها الجديد وذلك مساء يوم الاحد 8/7/1428 الموافق 22/7/2007م بحضور الدكتور عبد العزيز بن محمد السبيل وكيل وزارة الثقافة والاعلام للشؤون الثقافية في السعودية. 

ومن النظرة الاولى الى غلاف مجلة دارين الثقافي في شكلها الجديد، تتضح الحساسية البصرية العالية التي اعتمدها فريق التحرير المكون من الشعراء محمد الدميني، وعبد الله السفر، وغسان الخنيزي، وعبد الوهاب أبو زيد لتقديم لمجلة أدبية تقدم ذلك المزيج الأدبي/الثقافي الذي أصبح متعارفاً عليه من الدراسات الادبية والنصوص الابداعية والتجارب التشكيلية والفوتوغرافية ولكن في شكل جديدة يشكل خروجاً مغايراً عن المظهر التقليدي الذي يغلب على مجلات الأدبية الأخرى. فالهوية البصرية للمجلة تعكس درجة عالية من الحرفية في التعامل مع النصوص والخطوط والصور والهوامش والعناصر البصرية الأخرى التي أصبحت بطريقة أو اخرى الأثر الضروري الذي تتركه تقنيات الوسائط المتعددة، البصرية منها والشفوية وتلك المرتبطة، على الاصدارات الجديدة من المواد المقروءة التي أصبحت هي ايضاً متأثرة بتلك التقنيات شكلاً ومضموناً. والمأمول انها بذلك قد تساعد على كسر حالة العزلة النخبوية التي تجابه معظم المجلات الادبية المتخصصة.

وينوي القائمون على تحرير المجلة المداومة على إصدارها بشكل منتظم، والمقترح مبدئياً أن تصدر 4 مرات في السنة حيث تم التعاقد مع محترف للتصميم الطباعي والفني الذي استطاع أن يمنح المجلة هوية خاصة بها، تنطلق حروفياً من توقيع مبتكر يتمحور حول إسم المجلة حيث تنوي ادارة النادي سحب تلك الهوية البصرية على جميع مطبوعات النادي ومنشوراته وفاعلياته المختلفة إجمالا.ً  وتأتي المجلة يتوسطها ملف بصفحات ملونة تقدم فيها المواد التي تكون الصورة واللوحة أساسا فيها بالشكل الذي يشجع القارئ على اقتنائه ومتابعته. ويحتوي العدد على 130 صفحة بمقياس يتوسط بين الكتاب والمجلة المصورة ويأخذ من كليهما بعض صفاته. وتجدر الإشارة إلى أن المجلة تصدر بشكلها الجديد ذي الحرفية الطباعية العالية بدعم من شركة أرامكو السعودية.

في افتتاحية العدد يتساءل مدير تحريرها الشاعر محمد الدميني حول ما إذا كنا الآن أمام يقظة ثقافية أم هي واحدة من تلك الطفرات التي تراسلت في العقدين الماضيين دون أن تؤصل تراكماً ثقافياً يمكن أن نصفه بالريادة بقدر ما شكلت قسمات لحداثة شريدة ربما آن الأوان لتشخيص ما أحاط بها من استعداء واصفافات خلال بحثنا عن ما يعزز الحراك الثقافي الذي يسود سطح حياتنا الثقافية ويفيد من الانفتاح المعلوم في الوسائل الاعلامية ويتجاوب مع الاحساس المتعاظم بالحاجة لمؤسسات وبنى ثقافية ثابتة لا تتراجع او تنهار بغياب بعض نشطائها او ادارييها.

 وتأتي مواد العدد بتجاور بين المقالات والدراسات والنصوص الابداعية والتحقيقات وعروض الكتب والترجمات. 

ويلقي مقال عمارة بنكهة البحر أو استعادة "دارين" بصرياً للباحث المعماري الدكتور مشاري النعيم: بظلاله على هوية المجلة حيث تنفرد عدد من الصفحات لتحتضن صور بالابيض والاسود لتلك البلدة العريقة التي اندثرت عمارتها وصارت في حيز الحنين والاستعادة البصرية، ويزاوج الباحث بين السرد والصور ليستعرض العناصر المعمارية التقليدية وما يقابلها من احتياجات اجتماعية حيث تصبح "صناعة الحدود المكانية للفريج (الحي) تمثل أحد السلوكيات الاجتماعية التي مارستها المجموعات البشرية ذات القرابة للتعريف بنفسها وبمكانتها الاجتماعية". والمزاوجة بين الصورة والكتابة نجدها ايضاً لدى الدكتور مبارك الخالدي حين يتحدث عن قصيدة "قل للمليحة" التي كانت أول إعلان حفظته الذاكرة الشعرية الثقافية العربية وصولاً الى ما نشهده حالياً من الاعلانات التجارية بالصورة والصوت والحركة.  ويأتي مقال حركة الإنترنت واتجاهات النص للكاتب أثير السادة ليلمس تلك الحالة التي تحياها من خلال اتصالنا بالشبكة العنكبوتي ليصفها بأنها  "الحياة التي تستحيل الى كولاج مفتوح على خصوبة الحرية". وفي محور أسفار يتحدث الشاعر يكتب الشاعر قاسم حداد مدونة بعنوان "عندما في برلين" عن تلك العاصمة الاوروبية  و"الطاقة الحميمة التي يحسن هذا الكائن بثّها في الروح".

وفي مجال النقد تقف الدكتور فاطمة الوهيبي مع قصيدة (طباق) لمحمود درويش لتصل الى أن "كلمة طباق لا ترد في النص ولكن مجمل النص يقص قصة الطباق في سرد شعري متماسك يتحاشى أن يبكي أو يرثى الذات الدرويشية ". أما الدكتور معجب الزهراني فيعرض للنتاج الروائي السعودي الجديد في مقالة بعنوان "من الركام إلى التراكم مقاربة للفروق بين رواية الواقع و"الرواية الواقعية" مقرراً "انه لدينا اليوم وفرة من النصوص الروائية تشبه "الطفرة " في المستوى الكمي".  وأن الزمن قد صب كثيرا من المياه في ودياننا الجافة. ويعرض الكاتب علي الشدوي لتأريخ تلقي حكايات ألف ليلة وليلة وينتقل من النظر إلى حكايات ألف ليلة وليلة من حيث هي نوع من الأسمار والخرافات لا تصلح للعقول الرصينة الى قيمتها التاريخية باعتبارها سردا يحمل الملامح النموذجية للحكاية للخرافية. وفي دراسة حول "ملامح الوعي الشعري في الكتابة الشعرية الجديدة" يعرض الشاعر محمد الحرز الى عدد من التجارب الشعرية المحلية مركزاً على علاقة النص الشعري بآليات النشر والخضوع لمعاييرها السلطوية, وما يتطلبه هذا الخضوع من تنازلات تمس في أغلب الأحيان القناعات الشعرية. 

وتستثني مجلة دارين الجديدة مادة واحدة من شرط الاحتفاظ بأسبقية النشر حيث تعيد نشر محاضرة بعنوان "نمو المفاهيم" كان قد ألقاها الشاعر والناقد الكبير الاستاذ محمد العلي في نادي المنطقة الشرقية الادبي في الربع الول من هذا العام نظراً "لأهمية الافكار والاستنتاجات التي توصل اليها الكاتب ولكي نفتح حواراً حراً حول انتاجنا الثقافي والادبي اجمالاً، والحركة الشعرية على وجه الخصوص".

ويضم العدد حواراً مطولاً مع الاستاذ الدكتور سعد البازعي "حول قضايا الترجمة وشجونها" بإعتبارها أحد أوجه الاشتغالات العديدة والمهمة لهذا الناقد الذي ساهم في إثراء الساحة بطروحاته الأدبية والثقافية، حيث يجر الحيث الى الترجمة باعتبارها مثاقفة مع الآخر ومصدر هام للإقتراب من شعرية الآخر وحقل ملي بالتحديات والاحباطات على المستوى العربي عموماً حيث يخلص البازعي الى ان الترجمة ستظل عملاً فردياً وهكذا يجب ان تكون.

وقد خصص ملف التشكيل لهذا العدد لاستعراض موسع قام به الفنان والناقد التشكيلي الدكتور أسعد عرابي لـ " خصائص الحداثة والمعاصرة في المحترف السعودي". وقد أفاد هذا الملف من الانتاج الطباعي بالألوان عالية الجودة الذي تتميز به مجلة دارين عبر استعراض عددٍ كبير من النماذج التشكيلية من أعمال أولئك الفنانين الذين وسموا الساحة التشكيلية السعودية بصورة متفاوتة.

ويشمل الملف الشعري على قصائد جديدة تمثل أجواء ومزاجات متنوعة يغلب عليها طابع القصيدة النثرية  لعدد من الاصوات المميزة مثل أحمد الملا، عيد الخميسي، عبدالرحمن الشهري، أحمد كتوعه، محمد الحميد، كوثر موسى، محمد خضر،  طلال الطويرقي،. وزياد عبد الكريم السالم.
كما يشمل العدد على ملف من النصوص السردية تتراوح في طولها بين القصة القصيرة والقصص القصيرة جداً ذات اللغة المكثفة والتراسل المجازي حيث تبرز اسماء ثمثل اجيال وذائقات متعددة مثل فهد العتيق ، عواض العصيمي، صلاح القرشي ، عبدالله التعزي، محمد البشير عبد العزيز عسيري ، عبدالله الوصالي، ومصلح جميل.

في مجال الترجمة يقدم الشاعر عبد الوهاب أبو زيد ترجمة لفصل من كتاب الروائي التركي الحائز على جائزة نوبل لللآداب أورهان باموك المعنون "اسطنبول: الذكريات والمدينة" حيث يبحث الروائي في هوية أورهان الآخر ليقول: ظللت أسأل نفسي ، هل هذا هو أورهان الذي يقيم في المنزل الآخر؟ شبح أورهان الآخر الذي يقطن في بيت آخر في اسطنبول لم يتركني أبدا" عائداً الى مرابع طفولته ووالدته التي " أخذتني بين ذراعيها لتريني العالم". أما الشاعر غسان الخنيزي فقد قدم ترجمة بعنوان "تشريحات مستبقة لجثة" هي عبارة خطبة مشبوية بالعاطفة والحماس كتبت لتلقى على أنغام موسيقى الجاز لتستحضر الحياة الملونة والمزاج الملتزم للفنان دوك الينغتون الذي يعتبر من أعمدة موسيقي الجاز الافرو-أمريكية في القرن العشرين، والذي ما أن تسمستمع الى موسيقاه حتى " تبدأ الآذان بالتغيّر وتبدأ الحيوات بالتبدل وأولئك الذي كانوا مقعدين موسقياً يبدءون في المشي بخطوات يملؤها الرقي والسحر".

كما تستعرض المجلة عدداً من الروايات السعودية الجديدة حيث يشير  عبدالله السفر في قرائته لرواية "جاهلية" لليلى الجهني الى أن تركيب الرواية على عصر آخر، هو الآن وهنا، لا يحمل المضاهاة وحسب، ولكنه إدانة مضاعفة وهجاء لجسد اجتماعي يُعاد إنتاجه باستمرار. ويقول الناقد عبود عطية في مقالة عن لرواية "الجنية" للدكتور غازي القصيبي ان هنالك حكاية أهدرت رواية أوحكاية ضاعت في أزقتها رواية حيث يسجَّل للقصيبي في هذا "العمل الأدبي" تسهيل الأسلوب وتبسيطه حتى حدود صياغة الحكايات للأولاد. وتتحدث الناقدة مليحة الشهاب عن تراجيديا الساكن في مواجهة المتغيّر في رواية  " فسوق " للأديب عبده خال حيث تستنتج أن كاتبها لا يكتفي برصد حركة الحجر عند سقوطه على السطح بل يتابع تموجات الدوائر واتساعاتها الناجمة عن ذلك السقوط.  بل انه  يحاول تفسير ما يراه من تصدعات عميقة في مجتمع محافظ.

التنور
23/07/2007م


إقرأ أيضاً: